محاصرة الانقلاب على طريقة (زرة كلب في طاحونة)

 


 

 

بشفافية -
أن تكون هناك مثلاً مشكلة ما تقتضي معالجتها أن تفتح لها كوة أو منفذاً ومخرجاً، ولكن بدلاً من ذلك تسد عليها كل المنافذ والمخارج، المؤكد أن تلك المشكلة ستزداد تعقيدا وربما جرت معها مضاعفات أخرى، ومثل هذه المشكلة مسدودة الأفق يقول عنها المثل الشعبي (زرة كلب في طاحونة) أو (كديس جوة شوال)، فالكلب عندما يضيق عليه الخناق وتتم محاصرته في مساحة ضيقة،لا حل له من هذا المأزق و(الأمر الضيق) غير التأسي بشعار (موت موت حياة حياة) ويصبح أكثر ضراوة وشراسة يستمدها من ارادة الحياة وغريزة البقاء ان لم يفتح له ممر للخروج، وكذا يفعل القط حين يجد نفسه محشوراً داخل جوال بلا منفذ للخروج ، فانه يظل يفرفر ويخربش ليتخارج من الكتمة، وظني أن هذه الوضعية تنطبق على حال الانقلابيين في تعاملهم الموتور مع مليونيات الثوار الشباب، فالانقلابيون من جانبهم يتخذون بالاضافة الى القمع والقتل والسحل من التكتيكات وألاعيب الثلاث ورقات ما يمكنهم من احكام التضييق على الثوار لدرجة يتمنون معها أن يصحو يوما فلا يجدون ثائرا في الشارع، ومن تلك التكتيكات الخبيثة للانقلابيين محاولاتهم اليائسة لنفي السلمية عن التظاهرات وابعاد تهمة القتل والتعذيب عن أنفسهم والصاقها بطرف ثالث مجهول، بل بلغ بهم الحال ان اوعزوا لسيدة فلولية من الفلول السائرين في ركبهم وتدعي زوراً انتمائها للثورة، ان تخرج في مؤتمر صحفي وهي تخفي ملامح وجهها لتطلق تهمة سخيفة ومضحكة على احزاب البعث والمؤتمر السوداني والشيوعي، بأنهم وراء عمليات قتل الثوار.. وبالنسبة للثوار وجموع الشعب السوداني فقد بات واضحاً أن غاية آمالهم أن يأتي اليوم الذي يطوف فيه طائف على الانقلاب والانقلابيين ويتركهما أثرا بعد عين، ففي تقديري ان الانقلابيين صاروا بعد الحصار المحكم والمثابر المطبق عليهم بواسطة الشارع، قد اصبحوا في حاجة ملحة وعاجلة للمخارجة من الورطة الكبيرة التي ادخلوا فيها أنفسهم ومن قبلهم السودان، وتذكرني ورطة الانقلابيين هذه وحاجتهم للمخارجة منها بحكاية العالم إينشتاين صاحب نظرية النسبية مع قطته، يقال ان إينشتاين كان مولعاً بتربية الحيوانات الأليفة، وكانت لديه قطة تزعجه جداً بكثرة دخولها وخروجها من الباب، تظل تموء أمام الباب حتى يفتح لها لتخرج، وبعد لحظة تعاود المواء ليفتح لها لتدخل، وفي كل مرة كانت تقطع عليه حبل أفكاره وانشغاله بأبحاثه، فكر في وضع حد لمعاناته مع القطة، فهداه تفكيره إلى ما اعتبره فكرة عبقرية، كانت الفكرة من إينشتاين هي عمل فتحة في أسفل الباب تسمح للقطة بالدخول والخروج كما تشاء دون أن تزعجه، نجحت الفكرة الجهنمية، وارتاح اينشتاين من ازعاج القطة، ولكن هذه الراحة لم تدم إلا قليلاً حيث وضعت القطة التي كانت حاملاً ثلاث قطط صغيرة، وأول ما لاحظ العالم الكبير هؤلاء القادمين الجدد سارع الى عمل ثلاث فتحات صغيرة الى جانب الفتحة التي سبق أن حفرها لأمهم، بمظنة انه بذلك يستبق ازعاجهم المتوقع وفات عليه أن الفتحة الأولى كانت تكفي ولم يكن هناك داع يجعله يحول الباب الى ما يشبه الغربال.. صحيح أن انشتاين قد أضر بالباب حيث كانت فتحة واحدة عليه تكفي بدلا من الثلاث التي أضافها وشوهته، ولكن تخيلوا مقدار ما كان سيعانيه من ازعاج لو أنه لم يفتح أي منفذ لهذه القطط..فهل من منفذ يا ترى أومنقذ للانقلابيين من ورطتهم ولو على طريقة اينشتاين..
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة

 

آراء