محاكمة الأفكار تحت برلمانات الواتس أب بين مؤيد ورافض!

 


 

 

بقلم/ موسى بشرى محمود

يعد الواتس أب من أكثر تطبيقات التواصل الإجتماعي تفاعلا" بين مثيلاتها الأخرى وطبيعه التواصل فيه قد تكون بين شخص وآخر أو بين أكثر من فرد داخل غرفة دردشة إسفيرية واحده تسمى بالمجموعة أو ال«Group».
تتنوع وتختلف طبيعة أغراض هذه القروبات ما بين ال« الأسري ذات الطابع الإجتماعي،السياسي،التجاري،متعددة الأغراض.....الخ» حيث يلاحظ عدم حصرية الأغراض في هذا التطبيق.
يلعب قروب الواتساب دور البرلمان الذي يقبع تحت قبته المشرعين والمراقبين لدولاب عمل الدولة بإعتبار أن السلطة التشريعية أحد ركائز الحكم الأربعة لإدارة الدول أو الحكومات كما هو متعارف عليه.
طبيعة العصف الذهني المتنوع الموجود في القروبات لاسيما السياسية قد تكون مخرجاتها بمثابة قرارات تعتمد على مستوى الدولة والعالم أجمع بفضل وجود المختصين الذين يهيمون في وديان شتى حسب تخصصاتهم الأكاديمية والتراكم الخبراتي والأبعاد الفكرية بتبايناتها المختلفة بين عضويته.
تطبيق الواتساب سلاح ذو حدين يعمل إيجابا" إذا تم توظيفه وفق هدفه المنشود وسلبا" إذا قصد به التهديم والخراب مع سبق الإصرار والترصد.
المراقب لأنشطه قروبات الواتساب وخاصة الذي يتمتع بعضوية أكثر من قروب واتس يلاحظ دخول أدوات جديدة داخل برلمانات الواتساب بعد إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 23 بين«الجيش والدعم السريع» التي قسمت السودانيين ما بين«مساند للجيش،واخر مساند للدعم،محايد،متحفظ ورافض للحرب من أساسه» كل حسب قناعاته التي يؤمن بها ولكن المؤسف والمخجل حقا" ظهور أجسام غريبة من معسكرات الحرب وأعني بالتحديد هنا «الجيش والحركات المسلحة التي تناصر الجيش ومن يدور في فلكهم» تستخدم هذه العناصر المدربة والموجهة بتعليمات من تجار ووكلاء الحرب أدوات «التخوين،الشيطنة،التخويف،التهديد والوعيد ووصف كل من يرفض الحرب بأنه مساند للدعم السريع بغرض تشويه صور رافضي الحرب وإشانة سمعتهم للنيل منهم» وهو أسلوب سياسي رخيص يستخدم لإبتزاز العقلاء والمستنيرين الذين يقرأون الأحداث بعقولهم لا بعواطفهم وإنتماءاتهم السياسية الضيقة ذات المنافع الذاتية المبنية على المحاصاصات،المحسوبية،العلاقات القربى ذات الصبغة العشائرية،علاقات النسب والمصاهرة،الوعود بالتعيينات المرتقبة،تقاسم إمتيازات وفوائد أرباح الحرب،الفردوس الموعود من الإستوزار على حساب دماء الأبرياء الذين قتلتهم الحرب اللعينة التي يمارسها كلا طرفي الحرب.
تستخدم تلك العناصر المتخصصة من الذين يقتاتون قوت يومهم من وراء عمل تصنيف الأعضاء وقراءه أفكارهم لإجراء محاكمات صورية إسفيرية رخيصة مدفوعة الثمن البخس أساليب التهديد والوعيد على شاكلة «إن لم تكن معنا فأنت ضدنا» وهو تجسيد حي لتهديدات فرعون التي كان يمارسها ضد قومه الرافضين لسياساته الجبروتية لإتباعه بالقوه القهرية «قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)»-غافر.
أصبحت القروبات منفرة وغير جاذبة للبعض بسبب المؤامرات التي تحاك داخلها حيث إنفلت عقد الدسائس وسط القروبات السياسية ووصل حد التخوين والشيطنة حتى القروبات الأسرية وقروبات الكيانات الإجتماعية حيث أصبح «السب،الشتم،الإساءة،المزايدة الرخيصة،الإتهامات الباطلة،محاكمة الأفكار ومصادرتها،تصفية الحسابات والخصومات السياسية،الإساءات الأسرية وهدم البيوت،التقوقع خلف ستار العشائرية الضيقة/خشوم البيوت وغيرها من الأدوات الهدامة والفتاكة» سيده الموقف في القروبات وأصبح كل يكيل بمكيالين ويزايد ضد أخيه الآخر لحاجه في نفس يعقوب من أجل نيل إستحسان رضا سيده الإ من رحم ربه!
هناك من يترصد ويتجسس على التسجيلات الصوتية،الفيديوهات،الكتابات،التعقيبات وكافة المواد المشاركه من قبل الأعضاء ومشاركتها مع أشخاص وقروبات أخرى من دون إذن صاحبه بغرض التشفي وتخوين الآخر وشيطنته وسحب البساط من تحت أرجله ووضعه في خانة الإتهام مساندا" للدعم السريع.
يحدث أحيانا" يقوم أحد رافضي الحرب رفد القروب بمنشور عقلاني يرفض الحرب أو مادة تحتوي على دليل دامغ لجريمة حرب موثقة يرتكبها طيران الجيش ضد مواطنين أبرياء في منطقة ما مع أن نفس العضو يدين إنتهاكات الدعم السريع ضد الأبرياء ولكن سرعان ما تجد أحدهم يهرول لتنميطه أي «وضعه في قالب الخائن/التخوين مع وجود صورة ذهنية سابقه تجاهه» من ثم يتمرحل لشيطنته ليصرف له صكوك الوطنية والكرامة والمواطنة!
الدافع وراء الشيطنة يكمن في قوة المسؤولية الأخلاقية والأدبية التي يتمتع بها العضو الذي تم تخوينه وشيطنته وراء إدانته للجيش لقصفه وقتله للأبرياء العزل وإدانة الدعم السريع كذلك بنفس القدر على السواء لإرتكابهم جرائم تكاد السماوات يتفطرن منه وتخر الجبال هدا!
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن من أعطى الحق لمن كي يطلب من الناس أن يصطفوا خلف معسكر الجيش أو الدعم السريع؟
-من قال أن قناعات السودانيين في الحرب تنحصر فقط بين أن تساند الجيش أو الدعم أو محايد؟
-ما هى معايير الوطنية التي يستندون عليها في تصنيفهم أن تكون مناصر للمعسكر «A» أو «B»؟
-من قال أن السودان ملك لل«الجيش والدعم السريع»؟
-أليس الكل شريك في الوطن؟
-من أحق بالوطن،الوطنية والمواطنة من أخيه السوداني؟
-لمصلحة من تقام محاكمة الأفكار ومصادرتها؟
-من قال أن الإستبيانات البحثية كلها مغلقة إجاباتها من قبيل«نعم أو لا»؟
-ألا توجد إستبيانات بحثية مفتوحة للتعبير عن أراء المبحوثين/المبحوث عنهم بحرية؟
إذا كان الله يبعث عباده يوم القيامة في ثلاث صفوف أو قوائم «وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)»-الواقعة.
جاء كذلك في تفسير معنى أهل الأعراف أنهم أناس تساوت سيئاتهم وحسناتهم وعند الحساب يكونون في حجاب ما بين الجنة والنار «وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)»-الأعراف.
إذا" من أعطى التفويض لهؤلاء القوم ليصادروا أفكار الناس ويحاكمونهم وفق أمزجتهم وأهواء من يحركونهم ويرفعوا عنهم حرج التفكير خارج الصندوق حتى يكونوا كالكلاب التي تتبع صاحبها عندما تجوع؟
-ألا يستحق الإنسان أن يؤمن بقناعاته دون أن ينقاد كالبهيمة أو يتبع لغيره؟
-متى يتحرر الإنسان من قيود الأغلال؟
-متى يصل عقول هؤلاء مستوى الإحترام والإيمان بمبدأ التحرر العقلي الكامل «Mind decolonization»؟
-أليس من حق الآخر الإستقلال بذاته غير أن يتبع لأحد؟
-من بيده ملكوت الغيب ليطلع على قلوب البشر ليصنفهم وفق ما يخيل إليه من سحره أنه كذلك؟
-أليس هذا ظلم وإجحاف ضد الاخر؟
-كيف تكون حجتهم يوم يقول الله فيهم «وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)»-الصافات؟
-يا ترى من يحاجج عنهم هل قادتهم وكبرائهم الذين أضلوهم السبيل ليسألوا الله أن يضاعف لهم العذاب ويلعنهم لعنا" كبيرا «وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)»-الأحزاب,أم لديهم حججهم الذاتية للدفاع عن أنفسهم؟
لا نعلم كيف يترافعون وبأي السبل ولكن ربما تكمن الإجابة على السؤال عند بداية إفتتاح أعمال القيامة!

قديما" قال أحد الثوار ذات يوم «هناك من يريد التحرر من العبودية وهناك من يطالب بتحسين شروط العبودية»

وقال آخر في ما معناه «كان هناك عبدا" مملوكا" عند سيده وذات يوم سجنه سيده وبعد أن إنقضت مدته وجاء الفرج بخروجه من السجن وقد صدقوا له بتعويض مالي مجزي فسألوهو لو أطلقنا سراحك وأعطيناك مليون دولار ماذا أنت فاعل بها أجابهم بأنه سيشتري بها سيدا" آخر ليحسن له ظروف عبوديته!»

«لنا لقاء»

musabushmusa@yahoo.com

 

 

آراء