محمد المكي ابراهيم وعبير الامكنة
محمد صالح عبد الله يس
16 November, 2024
16 November, 2024
محمد صالح عبدالله يس
كان احد رواد الجيل الذين شغلوا الناس وملاؤا الدنيا بنصوصهم ومفرداتهم الجزلي يكتب القصيدة في الخرطوم فيطالعها قراء القاهرة وبيروت والدوحة فرغم بؤس وسائل الاتصال وانعدام الانترنت الا ان النخب كانت تتواصل وتنقل الي مراكز الاستنارة احدث ما انتجته عقول الادباء والكتاب فتنتشر كتاباتهم في سرعة قياسية
كان احد صناع الجمال في وطن النجوم اعتاش الشعر طعاما وشرابا سافر وحلق في سماوات الابداع وخط حروفا منمقة ومموسقة متناهية في الجمال وباذخة في الوضاءة فردد الشعب اهازيجه ورجز بها في محافله ومنتدياته
قليلون هم من المتادبة والمشتغلين بصنعة من جمعوا بين الدبلوماسية والسياسة والادب فهو سفيرا في بلاط الدبلوماسية ومجالسها يعالج ازمة السياسة ومنعرجاتها ببيت شعر مثل سجس العبير فكم ادهش محاوروه من رواد الصحافه وافحمهم بردوده الصاعقة في امهات قضايا الراهن السياسي فقد ذكر الاستاذ محجوب محمد صالح عميد الصحافة السودانية في مقدمة لحوار اجراه معه ان الصحفي الذي يريد ان يجري حوارا مع محمد المكي لابد ان يكون مثقفا حاضر البديهية ملما بفنون اللغة بيانها وبديعها وقد حضرت وشاهدت حوارات كثيرة لود المكي فقد كان يفخخ الاجابات للمذيعين القليلي التجربة فيجعلهم يثاثؤن ويفأفؤن امام الكمرة والتلفزيون وان كان المذيع من شاكلة المسطحين الذين تنقصهم الخبرة والدراية ستنفلت مضابط الحوار من بين ايدهم وتتسرب وتضيع معالم الحوار
محمد المكي دخل بلاط الدبلوماسية في عهد مايو ايام كانت بها فسحة تقبل التنقراط واهل الدولة والتاهيل جايل منصور خالد وجمال محمد احمد وعبد الهادي صديق وابراهيم دقش وصلاح احمد ابراهيم لم تكن وظيفته سياسية بل تدرج لها بمقدراته ومؤهلاته الرفيعة وشهرته التي ضربت الافاق وسار بها الركبان حتي وصل ذروة سنامها
كنت قد طالعت حوارا له مع المرحوم كمال الجزولي نشر جزءً منه في عمود رزنامته المشهورة عقب احتفال اقامته له الجالية السودانية بمناسبة تقاعده للمعاش تحدث فيه عن الخيبات التي اصابتهم كمثقفين وادباء في ان يصنعوا وطنا معافي من الجراحات والفتن موضحا فيه مساجلات النصر والهزيمة التي بددت طاقات المبدعين السودانيون الذي فشلوا في تقديم اجابات واضحة للاسئلة الكبري التي ظهرت بعيد استقلال السودان وان تجربة مدرسة الغابة والصحراء قدمت افادات قيمة تصلح لوضع مداميك صلبة في تاسيس هوية سودانية متصالحة مع ذاتها ولكن الانظمة المتعاقبة التي حكمت البلاد كانت مشغولة بتوطيد اركان حكمها جعلت من الهوية ديكورا تجمل بها جدران الوزارات وتلهي بها الجماهير في المواسم الثقافية وتجعل منها ديكورات تزين بها مجالسها فتحولت قضية الهوية الي تمثال مشوه اجتمع حوله لصوص الثقافة وسماسرة الافكار الانتهازية
كتب ود المكي عن فضايا الهوية والوجود كتابا قيما شرح فيه مقومات الهوية ومطلوباتها وتحدياتها وقد سخر قلمه واشعاره للمسكوت عنه في الثقافة السودانية وظل يمني نفسه ببناء لحمة وسداة سودانية تعانق فيها تربة وجودها الافريقية بدماء العروبة لخلق وجدان سوداني متصالح مع نفسة وذاته تكالبت استطاع بتالقه ان ينقل الشعر السوداني من الهاتفية الي رحاب الفضاء الانساني
رحمه الله فقد كان يقول وقد نقشت تكويني وتقاطيعي في الصخر وفي الرمل بين النراجيين واني صرت في لوح الهوي تذكار
يا الله ياله من فقد رحمة ربي تغشاه في برزخه
ود المكي كويكب ذاتي التوهج واللمعان
ms.yaseen5@gmail.com
كان احد رواد الجيل الذين شغلوا الناس وملاؤا الدنيا بنصوصهم ومفرداتهم الجزلي يكتب القصيدة في الخرطوم فيطالعها قراء القاهرة وبيروت والدوحة فرغم بؤس وسائل الاتصال وانعدام الانترنت الا ان النخب كانت تتواصل وتنقل الي مراكز الاستنارة احدث ما انتجته عقول الادباء والكتاب فتنتشر كتاباتهم في سرعة قياسية
كان احد صناع الجمال في وطن النجوم اعتاش الشعر طعاما وشرابا سافر وحلق في سماوات الابداع وخط حروفا منمقة ومموسقة متناهية في الجمال وباذخة في الوضاءة فردد الشعب اهازيجه ورجز بها في محافله ومنتدياته
قليلون هم من المتادبة والمشتغلين بصنعة من جمعوا بين الدبلوماسية والسياسة والادب فهو سفيرا في بلاط الدبلوماسية ومجالسها يعالج ازمة السياسة ومنعرجاتها ببيت شعر مثل سجس العبير فكم ادهش محاوروه من رواد الصحافه وافحمهم بردوده الصاعقة في امهات قضايا الراهن السياسي فقد ذكر الاستاذ محجوب محمد صالح عميد الصحافة السودانية في مقدمة لحوار اجراه معه ان الصحفي الذي يريد ان يجري حوارا مع محمد المكي لابد ان يكون مثقفا حاضر البديهية ملما بفنون اللغة بيانها وبديعها وقد حضرت وشاهدت حوارات كثيرة لود المكي فقد كان يفخخ الاجابات للمذيعين القليلي التجربة فيجعلهم يثاثؤن ويفأفؤن امام الكمرة والتلفزيون وان كان المذيع من شاكلة المسطحين الذين تنقصهم الخبرة والدراية ستنفلت مضابط الحوار من بين ايدهم وتتسرب وتضيع معالم الحوار
محمد المكي دخل بلاط الدبلوماسية في عهد مايو ايام كانت بها فسحة تقبل التنقراط واهل الدولة والتاهيل جايل منصور خالد وجمال محمد احمد وعبد الهادي صديق وابراهيم دقش وصلاح احمد ابراهيم لم تكن وظيفته سياسية بل تدرج لها بمقدراته ومؤهلاته الرفيعة وشهرته التي ضربت الافاق وسار بها الركبان حتي وصل ذروة سنامها
كنت قد طالعت حوارا له مع المرحوم كمال الجزولي نشر جزءً منه في عمود رزنامته المشهورة عقب احتفال اقامته له الجالية السودانية بمناسبة تقاعده للمعاش تحدث فيه عن الخيبات التي اصابتهم كمثقفين وادباء في ان يصنعوا وطنا معافي من الجراحات والفتن موضحا فيه مساجلات النصر والهزيمة التي بددت طاقات المبدعين السودانيون الذي فشلوا في تقديم اجابات واضحة للاسئلة الكبري التي ظهرت بعيد استقلال السودان وان تجربة مدرسة الغابة والصحراء قدمت افادات قيمة تصلح لوضع مداميك صلبة في تاسيس هوية سودانية متصالحة مع ذاتها ولكن الانظمة المتعاقبة التي حكمت البلاد كانت مشغولة بتوطيد اركان حكمها جعلت من الهوية ديكورا تجمل بها جدران الوزارات وتلهي بها الجماهير في المواسم الثقافية وتجعل منها ديكورات تزين بها مجالسها فتحولت قضية الهوية الي تمثال مشوه اجتمع حوله لصوص الثقافة وسماسرة الافكار الانتهازية
كتب ود المكي عن فضايا الهوية والوجود كتابا قيما شرح فيه مقومات الهوية ومطلوباتها وتحدياتها وقد سخر قلمه واشعاره للمسكوت عنه في الثقافة السودانية وظل يمني نفسه ببناء لحمة وسداة سودانية تعانق فيها تربة وجودها الافريقية بدماء العروبة لخلق وجدان سوداني متصالح مع نفسة وذاته تكالبت استطاع بتالقه ان ينقل الشعر السوداني من الهاتفية الي رحاب الفضاء الانساني
رحمه الله فقد كان يقول وقد نقشت تكويني وتقاطيعي في الصخر وفي الرمل بين النراجيين واني صرت في لوح الهوي تذكار
يا الله ياله من فقد رحمة ربي تغشاه في برزخه
ود المكي كويكب ذاتي التوهج واللمعان
ms.yaseen5@gmail.com