مساعد الرئيس السوداني ونائب رئيس «المؤتمر الوطني»: استرداد الكرمك من متمردي الحركة الشعبية يعني نهاية التمرد في النيل الأزرق

 


 

 

د. نافع علي نافع: انتصار الجيش السوداني وتحريره للمدينة ليس انتصارا لـ«المؤتمر الوطني» بل انتصار لأهل السودان جميعا

الشرق الاوسط: إمام محمد إمام
أعلنت الحكومة السودانية، أول من أمس، أن الجيش السوداني تمكن من الدخول إلى مدينة الكرمك في ولاية النيل الأزرق، وهي المدينة التي تعتبر المعقل الرئيسي لقوات الحركة الشعبية في هذه الولاية. وقالت الحكومة إن عناصر المتمردين فرت من مدينة الكرمك الحدودية مع إثيوبيا، إلى داخل إثيوبيا وولاية أعالي النيل في دولة السودان الجنوبي. كما أكد بيان أصدرته القوات المسلحة السودانية أول من أمس أن الجيش تمكن من دخول الكرمك بعد معارك ضارية مع متمردي الجيش الشعبي بقيادة مالك عقار والي ولاية النيل الأزرق المقال، الذي فر في وقت سابق إلى السودان الجنوبي. وقال البيان إن قوات الجيش والقوات النظامية الأخرى الآن داخل المدينة. وأضاف أن الجيش يجري الآن عمليات تمشيط واسعة لجيوب المتمردين التي اختفت داخل المدينة.

وتحدث الدكتور نافع علي نافع، مساعد الرئيس السوداني ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني للشؤون الحزبية والتنظيمية، لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي أجرته معه من لندن أمس، عن انتصار الجيش السوداني في مدينة الكرمك بولاية النيل الأزرق، وعن تداعيات هذا الانتصار على المشهد السياسي السوداني، وتأثيره على مفاوضات حزب المؤتمر الوطني مع الأحزاب والقوى السياسية السودانية بشأن المشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة التي من المقرر إعلانها بعد عطلة عيد الأضحى المبارك.. فإلى الحوار..

* ماذا يعني انتصار الجيش السوداني في مدينة الكرمك؟

- إن انتصار الجيش السوداني وتحريره لمدينة الكرمك أمس (أول من أمس) من متمردي الحركة الشعبية بقيادة المتمرد مالك عقار (والي ولاية النيل الأزرق المقال)، ليس انتصارا يجير لصالح «المؤتمر الوطني» أو ينسب للحكومة السودانية، بل هو انتصار لكل القوى السياسية الوطنية، موالاة ومعارضة، ولأهل السودان جميعا. وهذا الانتصار يجيء بمثابة تحقيق لوعد الرئيس عمر البشير، القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أعلن قبل ذلك أن القوات المسلحة وقوات الدفاع الشعبي على مشارف مدينة الكرمك، مؤكدا عزم القوات المسلحة على أداء صلاة العيد بالمدينة. فحرصت القوات المسلحة على تحقيق هذا الوعد الصادق لقائدها الأعلى، وأن تهديه عيدية مباركة في عيد التضحية والفداء، عيد الأضحى المبارك، بتحقيق هذا الانتصار الذي مكنها من دخول مدينة الكرمك، بعد معارك ضارية مع متمردي الحركة الشعبية بقيادة المتمرد مالك عقار.

* هل يعني استرداد المدينة نهاية التمرد في ولاية النيل الأزرق.. وهل سيؤدي الرئيس السوداني عمر البشير صلاة عيد الأضحى المبارك غدا (الأحد) في مدينة الكرمك، حسبما وعد في خطاب جماهيري قبل يوم من دخول الجيش إلى المدينة؟

- إن استرداد مدينة الكرمك يعني نهاية التمرد في ولاية النيل الأزرق، باعتبارها آخر معاقل التمرد في الولاية، ليتفرغ الجميع من أجل تنمية ولاية النيل الأزرق، والعمل على تطويرها ونهضتها ورفعة شأن إنسانها الصابر على هذه الابتلاءات، ليخرج منتصرا بعون الله تعالى ثم ببسالة قواته المسلحة. أما بخصوص أداء الرئيس عمر البشير صلاة العيد غدا في الكرمك، فلا أستبعد أن يؤدي الرئيس عمر البشير، والفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع، وعدد من كبار المسؤولين في الدولة، صلاة عيد الأضحى المبارك في مدينة الكرمك بعد غد (غدا)، وإن كان وعد الرئيس عمر البشير بأداء صلاة العيد في الكرمك، لدى مخاطبته حشدا جماهيريا عقب افتتاحه مدينة سمراء للثقافة والفنون والرياضة في محلية أمبدة بأم درمان يوم الأربعاء الماضي، لم يقل فيه إنه شخصيا سيصلي العيد في الكرمك، بل أكد عزم القوات المسلحة على أداء صلاة العيد في المدينة، وهذا سيتحقق بإذن الله تعالى يوم الأحد (غدا)، بحضور جماهير ولاية النيل الأزرق وحكومتها.

* طالبت بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وأحزاب وقوى سياسية داخلية بضرورة إجراء مفاوضات بين «المؤتمر الوطني» (الحزب الحاكم) والحركة الشعبية في الشمال، لوقف القتال الدائر في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والوصول إلى اتفاق حول قضايا الخلاف.. فما مدى استجابتكم لمثل هذه المطالبات؟

- لا حوار مع هذه المجموعة المتمردة، سواء طالبت بذلك جهات خارجية أو داخلية، لأنه لا توجد الآن حركة شعبية في الشمال، إذ إن هناك ثلاث مجموعات من منسوبي الحركة الشعبية سابقا تقدمت بطلبات للتسجيل لدى هيئة الأحزاب والتنظيمات السياسية في السودان التي تشرف على تسجيل الأحزاب السياسية، المستوفية للشروط، وفقا للقوانين المنظمة لقانونية وضعية هذه الأحزاب والتنظيمات السياسية. فقد تقدمت المجموعة الأولى للتسجيل تحت مسمى الحركة الشعبية، والثانية باسم الحركة القومية للتنمية، بينما احتفظت الثالثة بمسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان، لكن كل هذه المجموعات الثلاث لمنسوبي الحركة الشعبية سابقا، لم تضمن في كشوفات عضويتها المتمردين مالك عقار وعبد العزيز الحلو وياسر عرمان. فهذه المجموعات تجاوزت هؤلاء الأشخاص المتمردين، مما يعني إدانة تمردهم غير المبرر، حتى من وجهة نظر عضوية منسوبي الحركة الشعبية سابقا. وإن القوات المسلحة لن يهدأ لها بال إن لم تنظف مناطق التمرد من المتمردين، وتلقنهم درسا لن ينسوه، وتجعل كل من يفكر أو تسول له نفسه ارتكاب حماقة بالتمرد والخيانة للوطن، يعمل لها ألف حساب مستقبلا. وإننا نعدهم باللقاء على نفس النهج الذي ابتدرته قوى التمرد والخيانة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، بالوقوف ضد القوات المسلحة، وأن الحوار معها قد ولى وأفل، وأنه سيكون بالطريقة ذاتها التي تفهمها. وإذا كان المتمردون قد سعوا لهذا الحوار في تلودي والحمرة، فها نحن نستجيب لدعوتهم لنا (في إشارة للمعارك التي دارت يوم الأربعاء الماضي في بلدتي تلودي والحمرة في جنوب كردفان، والمعارك التي دارت أول من أمس في مدينة الكرمك بولاية النيل الأزرق). وأود أن يفهم هؤلاء المتمردون أن كادوقلي ستظل عصية، ولن تحقق أحلامهم في أن تصبح بنغازي السودان كنقطة انطلاق لإسقاط النظام (في إشارة إلى اندلاع شرارة الثورة الليبية في بنغازي في 17 فبراير/ شباط الماضي، لتنتهي بمقتل العقيد معمر القذافي في سرت في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث بعدها أعلن سقوط نظام القذافي).

* هل «المؤتمر الوطني» يعتبر الحركة الشعبية في الشمال قد انتهت، ويصرفها من حساباته السياسية مستقبلا، أم سيدخل معها في حوار إذا تهيأت الظروف لذلك؟

- بعد دحر قوات المتمردين من مدينة الكرمك في ولاية النيل الأزرق لم يصبح لهم وجود في أي منطقة من مناطق الولاية، فقد هربوا من أمام القوات المسلحة ودخلوا إلى إثيوبيا، وبعضهم هرب إلى ولاية أعالي النيل في دولة جنوب السودان. فالحركة الشعبية التي تمردت في ولاية النيل الأزرق انتهت بالنسبة لـ«المؤتمر الوطني»، عسكريا وسياسيا. أما أعضاء الحركة الشعبية سابقا الذين بدأوا يؤسسون لهم تنظيمات جديدة فليست هناك أي مشكلة في أن يدخلوا في حوار مع الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، بما فيها حزب المؤتمر الوطني. و«المؤتمر الوطني» يرحب بعضوية منسوبي الحركة الشعبية سابقا الذين انتظموا في تنظيمات سياسية مسجلة تسجيلا قانونيا، والدخول معهم في حوار حول كل قضايا الوطن مثلهم مثل الحوار مع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، ولكنهم سيأخذون وضعا مميزا في هذا الحوار، لوقوفهم ضد التمرد، وإدانتهم لتمرد كل من عبد العزيز الحلو ومالك عقار.

* ماذا عن المشورة الشعبية للإيفاء بما تبقى من اتفاقية نيفاشا للسلام؟

- إن المشورة الشعبية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق سوف تستكمل إيفاء لما جاء في اتفاقية نيفاشا للسلام، من خلال التعاون الكامل مع عضوية الحركة الشعبية سابقا في تنظيماتها الجديدة، بوصفهم أصحاب المصلحة الحقيقية لاتفاقية السلام. وأود أن أشيد هنا بالأحزاب والقوى السياسية المعارضة التي أدانت التمرد. وإنه من الضروري أيضا أن أشيد بمواقف هذه الأحزاب في هذا الخصوص، حتى إن بعض قوى كاودا في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق أدانت تمرد عبد العزيز الحلو ومالك عقار، ووقفت صفا وطنيا واحدا مع القوات المسلحة. لذلك فإن انتصار الكرمك لن يجعل «المؤتمر الوطني» يزهد في السعي لإشراك القوى السياسية المعارضة في الحكومة المقبلة. وإن «المؤتمر الوطني» ما زال على قناعة بضرورة مشاركة الأحزاب والقوى السياسية المعارضة في حكومة ذات قاعدة عريضة لمواجهة التحديات الوطنية المقبلة. كما أنهم ما زالوا يبذلون الجهد من خلال المفاوضات مع كثير من الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة في الحكومة المقبلة، وأنهم ما زالوا يواصلون التفاوض مع الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بغرض التوصل إلى اتفاق يفضي إلى توافق وطني يمكن «الاتحادي الديمقراطي» وغيره من الأحزاب والقوى السياسية من المشاركة في الحكم.

 

آراء