مسرحية الدمج وحلاوة ديمقراطية!

 


 

 

manazzeer@yahoo.com

* لا ادري كيف تثق قوى الحرية والتغيير في الانقلابيين كل هذه الثقة لدرجة انها تخرج علينا بجدول زمني لتوقيع الاتفاق النهائي والدستور وتشكيل الحكومة في فترة زمنية أقصاها 11 ابريل القادم (أى أقل من ثلاثة أسابيع إعتبارا من اليوم (22 مارس، 2023)، رغم كل الجرائم والمؤامرات والمسرحيات والألاعيب التي مارسها العسكر منذ سقوط النظام البائد في 11 ابريل 2019 وحتى هذه اللحظة
* دعونا فقط نعود قليلا الى الوراء منذ تحالفهم مع الحاضنة الموزية المسماة الجبهة الثورية التي خانت الثورة والوطن والشعب، بل خانت حتى من تزعم أنها تمثلهم ومهدت لانقلاب العسكر باعتصامها الهزلي أمام القصر الجمهوري، ثم تولت إدارة كل شؤون الدولة مكافأة لها على خيانتها، وعاثت فيها فسادا وتخريبا وفشلا، وكيف لا تفشل وهى لا تملك أقل المؤهلات اللازمة لادارة (كنتين) صغير دعك من دولة بحالها، بل انها فشلت حتى في تحقيق السلام الذي تسلقت به الى السلطة عبر اتفاقية جوبا العبثية التي لم تجلب لاهل دارفور سوى القتل والخراب والدمار وديمومة البقاء في معسكرات النزوح واللجوء والهوان!
* وجاءت بعد ذلك تمثيلية الحوار الوطني التي شاركت فيها وقادتها الآلية الثلاثية المكونة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي ومنظمة الإيقاد، غير انهم سرعان ما أُسقط في يدهم عندما رفضت كل القوى الثورية المشاركة فيها، فاعلن العسكر انسحابهم من الحوار والحياة السياسية في مسرحية جديدة من مسرحياتهم فضحت نفسها بنفسها قبل أن يفضحها أحد باستمرار سيطرتهم على القرار السياسي، وممارستهم لمجموعة من الألاعيب بغرض إحكام قبضتهم على السلطة منها التسيب الامني المتعمد واشعال الفتنة العنصرية والصراعات القبلية بالخطابات العنصرية الساذجة ومنها (خطاب البرهان) امام مجموعة من اقاربه في عطلة عيد الاضحى الماضي كان محل سخرية الناس طيلة ايام العيد!
* ثم جاءت فتنة النيل الازرق التي سرعان ما أطفأها الحس الوطني وترك الانقلابيين والمتآمرين وحلفاءهم الفلول غائصين في أوحالهم وفضلاتهم، ثم ما لبثوا أن خرجوا بعد حين بلعبة المشايخ والشيوخ وظنوا ان النصر سيكون حليفهم بالمتاجرة بالدين وما يسمى (نداء اهل السودان للوفاق الوطني)، ولكن هيهات فلقد نسوا ان ما ذاقه الشعب السوداني من جرائمهم وألاعيبهم وفسادهم والظلم والقتل والهوان والتدمير الذي تعرضت له البلاد على ايديهم، لن تجعله مرة اخرى فريسة للخداع والمتاجرة بعقيدته وايمانه العميق !
* كما إنهم من فرط غبائهم فضحوا (لعبة) الشيوخ بأنفسهم منذ لحظة ولادتها الاولى، باختيار اللجنة المشرفة عليها، والتي تكونت من مناصري العسكر وحاضنتهم الموزية والنظام الساقط وفلوله وقائدهم (على كرتة) الذي عاد للظهور مرة أخرى هذه الايام في مؤامرة جديدة لتعطيل الاتفاق الاطاري والابقاء على العسكر قابضين على السلطة، بينما تتوهم قوى الحرية والتغيير انهم سيتنازلون عنها خلال ثلاثة اسابيع من اليوم!
* ولم تقتصر المؤامرات والمسرحيات على ذلك فقط، بل أخذت أشكالا متنوعة ومتعددة تحت إشراف حلفائهم الإقليمين وعلى رأسهم (مصر)، منها على سبيل المثال تحريض بعض المكونات القبلية والحركات العسكرية الموقعة على اتفاقية جوبا العبثية واحد اجنحة الحزب الاتحادي وبعض الشخصيات الهزلية التي ظهرت على المسرح السياسي السوداني في العامين الأخيرين ــ من ايام اعتصام الموز ــ لإعاقة الاتفاق الاطاري الذي وقعته قوى الحرية والتغيير مع العسكر .. واتساءل: هل يعقل ان تعارض الحركات العسكرية الاتفاق الاطاري من تلقاء نفسها بدون تحريض من العسكر وهل تجرؤ على ذلك؟!
* بل إن الاتفاق الاطاري نفسه كان بالنسبة للعسكر وسيلة جديدة للمراوغة والمماحكة وخداع الشعب والعالم الخارجي بانهم جادون في التنازل عن السلطة، بينما انهم ينتوون في حقيقة الامر البقاء، والدليل على ذلك التمثيلية الهزلية الاخيرة التي ظلوا يكررونها بضرورة دمج قوات الدعم السريع في الجيش كأحد إشتراطات نقل السلطة الى المدنيين، يقابلها من الجانب الآخر تمثيلية (حلاوة ديمقراطية) التي يلوكها قائد الدعم السريع في صراعه على السلطه مع حلفائه السابقين أو مع حليفه السابق (عبدالفتاح البرهان) عضو اللجنة الامنية للنظام البائد ورأس الحية في تنفيذ مخططات الفلول وتجار الدين تحت اشراف المدعو (على كرتة)!
* مع كل هذه الالاعيب والمؤامرات والمسرحيات والقتل المتعمد للمتظاهرين السلميين والعنف الشديد المستمر في مواجهتهم حتى هذه اللحظة .. هل تثق قوى الحرية والتغيير في أن الانقلابيين سيتنازلون عن السلطة بكل سهولة ويقدمونها لهم في طبق من ذهب أو حتى من صفيح، فيخرج بعض قادتها للتبشير بتوقيع الاتفاق النهائي وصياغة الدستور وتشكيل الحكومة بعد ثلاثة اسابيع، أم انهم يريدون مرة أخرى إختراع عجلة الفشل وتوقيع اتفاق هزيل وتكوين حكومة شكلية هزلية تبرر وجود العسكر في السلطة وتكون لعبة في ايديهم يوجهونها كما يريدون أو يضعون في طريقها العقبات ليسموها بالفشل ويمهدون الطريق لحكم الفلول؟!

 

 

آراء