مطلوبات التغيير الجذري … ومسرحية ذهاب البرهان..!!

 


 

 

الثورة التي لا تُحدث تغييراً جذرياً ليست بثورة. بحسب التسريبات هنالك سيناريو متوقع الحدوث إثر الضغط الثوري الذي مارسه الثوار في يوم الثلاثين من يونيو والأيام التالية، هذا السيناريو يقول بذهاب قائد الانقلاب وبعض زمرته، وبقاء الهيكل الحكومي الذي أعاد تسكينه بعد ارتكابه لجرم الانقلاب، إن حدث هذا سيكون أبو زيد الثورة السودانية لا راح ولا غزا، فثورة ديسمبر لم تندلع من أجل تبديل الوجوه، وإلّا، لما استمر الناس في رفض طاقم اللجنة الأمنية التابعة للرئيس المعزول، فاذا لم يتم اقتلاع الحرس القديم المتواري (تُقيةً) خلف جهاز الدولة، والذي أحبط عمل لجنة التفكيك وأفشل مسعاها وأرسل رموزها للسجون، لن تكون الثورة قد حققت مبتغاها وهدفها الأول ألا وهو تفكيك منظومة الفساد التي أرسى دعائمها النظام (البائد)، فالتغلل السرطاني للرأسمال الطفيلي الذي لم يخدم مشاريع التنمية المجتمعية هو الأولى بالتفكيك والإزالة، ولن يهنأ الثائرون إذا لم تستكمل الأهداف المعلنة للثورة، وسوف تتوالى الاعتصامات وترتفع وتيرة التصعيد إلى أن تتولّى مقاليد الأمور حكومة وطنية، من الرجال النزهاء الذين ما ولغوا في مال السحت، فانجاز المطلوبات الثورية لن يحققه الذين اشتركوا في جرائم الاعتداء الكبير على المال العام، الذي نفّذته شبكات وشركات منتمية للحزب (البائد)، تواطئت معها بعض بقايا الرأسمالية الطفيلية التي ورثت الرضاعة من ضرع الوطن الحلوب منذ زمان بعيد.
من مطلوبات التغيير الجذري المفضي للحكم المدني الراشد، حصر دور المؤسسة العسكرية في إطار الذود عن حياض الوطن، بعد أن تقرر منظومة الحكم المدني الدخول في الحرب من عدمه، وليس أن تكون هذه المؤسسة رهينة لدى القوى الإقليمية والدولية تفعل بها ما تشاء، وتستخدمها في تمرير أجنداتها التي لا علاقة لها برفاهية الشعب السوداني، كما لا يجب أن تتحول هذه المؤسسة إلى تاجر يبيع ويشتري سلعة المواطن، هنالك وزارة أمينة على المال العام هي التي من واجبها أن يكون لها الولاية على هذا المال، فما حدث وما ظل يحدث منذ سطو مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو على آخر سلطة شرعية جاءت عبر صندوق الاقتراع الحر، هو تعطيل دور وزارة المالية وإنشاء منظمات كرتونية ومؤسسات موازية، شرعنت للفساد المالي والإداري وشجعت رموز الحزب (البائد)، على إزكام الأنوف بالروائح النتنة لجرائم الإعتداء على المال العام، ودونكم سلسلة حلقات برنامج الأسرار الكبرى الذي بثته قناة العربية، وما ورد فيها من اعترافات وتسجيلات مباشرة من أشخاص معروفين بأصواتهم وصورهم المميزة ينتمون لهيئة شورى الحزب (البائد)، هذه الوثائق كفيلة بإرسال الرقاب إلى المقاصل والأبدان إلى السجون، وكما أخبرنا جهابذة القانون أن الاعتراف سيد الأدلة، وليس أدل على فساد المنظومة (البائدة) مما أدلى به الراحل الترابي لقناة الجزيرة عندما قال:(لقد أكلوا الأموال أكلاً عجيباً).
من سوء طالع رموز الجماعة (البائدة) أن ابناء هذا الشعب الكريم وبرغم البطش والتنكيل الذي تلقوه طيلة الثلاثين عاماً، إلّا أنهم حفظوا أرشيف جرائم النظام (البائد) ووثّقوا لكل فرد وجماعة من هؤلاء المفسدين، ومن حسن حظ الشعب أيضاً أن الجماعة انقسمت واختلفت فيما بينها بعد مرور العشرية الأولى لبداية ملكها الأموي العضود، الشرخ الذي أحدثه تكالبهم على أموال البترول، والقشة التي قصمت العمود الفقري لبعيرهم الذي وصل إلى ديسمبر منهكاً وهو في أسوأ حالاته، حتى نحره الثوار أمام بوابة الجيش في الحادي عشر من العام التالي لانطلاق الثورة، فهذه الجماعة التي يراها البعض قوية متماسكة في حقيقة أمرها أهون من بيت العنكبوت، للصراعات التي ضربت وحدتها منذ أن عقّت والدها الذي ربّاها ولم يحسن تربيتها، وكما تعلمون سوء المنقلب والمصير المحتوم لمن عق أحد الوالدين أو كلاهما، فهكذا تكون النهاية غير السعيدة لمن ألمت به هذه الخصيصة المنافية لشرائع السماء وقوانين الأرض، ومورد من موارد الهلاك والوقوع في البئر السحيقة للحساب الأليم، فثورة ديسمبر لم يسندها (المخروشون) كما ظل يروّج لذلك من اتخمت بطونهم بمال السحت، وإنّما هي رغبة جماهيرية عارمة لن تهدأ هائجتها بالترهيب والترغيب والتضليل والاستخفاف والإزدراء، ولن يعترض موجها الذين تلقوا أفضال الدكتاتور، ولا تحدها حدود المتقاصرين عن هامتها العليا التي لا ترضى بموقع دون مواقع النجوم.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
4 يوليو 2022
////////////////////////

 

آراء