مع (التحفُّظ) !!

 


 

هيثم الفضل
7 November, 2022

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
الفنان (مع التحفُّظ) محمد النصري وفي لقاء تم بثهُ عبر قنوات إسفيرية ، يرُد على سؤال حول رأيهُ في عودة الهارب صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق بما يلي : (لا أفهم ما المشكلة في عودته ، وهو رجل أكنُ له كل إحترام وتقدير وسأكون أول المٌشاركين في إحتفالات إستقباله) ، طبعاً لن نحجُر على أحد في أن يُصرِّح برأيهِ على المستوى السياسي والفكري و(الجهوي) ، ولا يحق لنا لومه ُعلى ذلك مهما كانت حدود الإختلاف ، أما الرأي (الأخلاقي) فيما إتَّفقت حولهُ (الإنسانية) ، من قيَّم ومُثل ومباديئ من شأن مُناهضتها وعدم الإعتراف والإيمان بها (فناء) الإنسان وضياع حقوقه وتصنيفهُ (مُجرماً) لمُجرَّد معارضتهُ النظام الحاكم ، فذاك ما لا يمكن تجاوزهُ والتعامُل معهُ بعفوية ومُجاملة وتسويف ، ليس من حق محمد النصري أن يبُث رأياً عبر الملأ يُعلن فيه تضامنهُ بل محبتهُ وإحترامه لقاتل مسئول عن إهدار أرواح آلاف الضحايا من الذين لمن تكن لهم جريرة سوى فقط (إختلافهم) السياسي مع صلاح قوش وزمرتهِ الفاسدة ، نعم هكذا وبلا حرج ولا وجل نقولها : لا يستحق الإحترام والتقدير و(الإعجاب) بل و(الإلتفات) ، ومهما إمتلك من مواهب ومميِّزات مًنْ لا يكترث لأرواح ضحايا قوش من الشهداء والمُصابين بالعاهات المُستديمة والذين قضوا ثُلثي أعمارهم في بيوت الأشباح ، هذا فضلاً عن (المُغتصبين) والمفقودين والمُشرَّدين في |أصقاع الأرض بعد أن طُردوا جوراً وإجباراً وقهراً من أوطانهم بقانون الصالح العام ، ومن ثم الإفقار والإذلال والإيقاع في مُستنقع ضبابية المستقبل.
هذا من المنظور (العام) الذي يمكن (يُقٌيَّم) به أيي شخص (عادي) يُصرِّح بمثل ما صرح به النصري ، أما المنظور (الخاص) للنصري كفنان فإن في ما يقول ويُصرِّح معانٍ ومضامين أخرى أكثر (ظلامية) ، إذا ما نظرنا إلى تاريخ روُّاد الفن السوداني في مجالات دعهمم للشعب السوداني ووقوفهم (قولاً) و( مبدءاً ) و(إبداعاً) إلى جانب قضاياه المصيرية ، هذا فضلاً عن (إمتزاجهم) الفطري روحاً وجسداً في بوتقة ما تؤمن به الإنسانية والشعب السوداني من أخلاقيات وقيَّم ومُثُل تجاوز العالم الإختلاف حولها منذ قرون ، ما قالهُ النصري كـ (فنان) يبعث على العجب والإندهاش وهو (يرتقي) بُرجهِ الغنائي العالي على هامات الأغلبية من أبناء هذا الجيل الذي صنع الثورة بالتضحيات الجِسام في مواجهة عمر البشير وصلاح قوش و بقية عصابة الإنقاذ الفاسدة البائدة ، أما آخرين فقد أنهكهُم الإستغراب للحد الذي دفعهم إلى الشك في كون النصري (مٌجبرٌ) على ذلك ربما بالتهديد أو المساومة على دفع فواتير سرية قديمة لا يعلمها أحد ، على كٌلٍ وجب على النصري أن يعي ويفهم أن (الفن والإبداع بلا مباديء ، ليس أمراً إعتيادي) ، وأن مُجمل ما قالهُ في حق السَّفاح صلاح قوش الذي تطلبهً العدالة في الكثير من المحاكم السودنية ، لا يستوي مع رقة الفن وقدرته على تليين القلوب والأفئدة والهدي إلى (السراط المُستقيم) ، فالفظاظة وعدم الإكتراث لأوجاع الآخرين ومعاناتهم ومظالمهم آخر ما يتوقَّعهُ (المُعجبين) من فنان ، ومع الإعتذار لإنعدام مستوى المقارنة و إنعدام هيبة (توازيها) مع الحقيقة المحضة ، أختم هذا المقال بقولهِ تعالى ( فبما رحمة من الله لنت لهم ، ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك ) آل عمران - 159.

haythamalfadl@gmail.com
///////////////////////

 

آراء