مع نا بليون وجها لوجه !!

 


 

 

في رحلة القطار (اليورو استار) والذي كان متوجها من بروكسل إلي لندن ، وأثناء توقف القطار في مدينة ليل الفرنسية ،كنت ساهما وقد إمتد بصري خلف النافذة أستعرض تلك الوجوه والسحنات العابرة والمتعجلة ،كانت الي جانبي زوجتي وكنا علي المقعدين( 96-95 ).
فوجئت باوربي يقف امامنا بعد أن صعد إلي القطار في محطة ليل الفرنسية وهو يطلب منا مغادرة المقعدين ويشهر أمامي تذكرتي سفر، تمعنت في الرجل جيدا والي جانبه زوجته التي تبحلق في بلاهة .
كان يبدو متعجرفا في هيئة ذلك النمط الكلونيالي، وهو يقول بانجليزية ذات لكنة فرنسية موجها حديثه إلي (You take the wrong train). هكذا وببساطة أنني لم أخطأ المقعدين فقط بل القطار برمته .وأجبنه بكل برود وثقة (Do you mean the wrong seats )
وأجابني بكل ثقة (Yes).
أخرجت تذكرتي السفر وألقيت عليما نظرة فاحصة ، وتأكد لي بما لا يترك مجالا للشك ، أن هذا الشخص وزوجته التي تبدو في صورة أروستقراطية تعود إلي القرن السادس عشر وهي الاخري تزداد إلحاحا بأن نغادر المقعدين فورًا أنهما مخطئين .
هنا ثارت ثائرتي وتشكلت من (دم الزنوج الحار) ونهضت ووضعت التذكرتين خاصتنا مباشرة علي وجه الرجل ، في مواجهة مفتوحة أدري تمام آنها ستحسم لصالحي .
إزاء ذلك الموقف إنتبهت سيدة وهي تجلس علي المقعدين المجاورين هي وإبنتها ووجهت حديثها مباشرة إلي الرجل وزوجته أنها هي وابنتها من يجلسان علي مقعدي الرجل وزوجته.
هنا بدا ذلك الرجل يحملق في التذكرتين خاصتيه ، وأدرك أن حجزه فعلا علي المقعدين (97-98 )المجاورين التي تحتلهما تلك المرأة وطفلتها .
نهضت المرأة وهي تدفع بابنتها أمامها مسرعة وقد أخلت المقعدين (97-98)،
هنا بدا الانكسار والعجز في ملامح ذلك الرجل وزوجته ووجه الي عبارة (I apologize ) وصحت في وجهه منفعلا (You have to).
كان لابد أن أواجه ذلك الشخص الذي كما يبدو يعتبر أن ذوي البشرة الداكنة دائما علي خطأ. هكذا صور إلي .
وإلا فما معني أن يترك تلك الاوربية وإبنتها وهي تسترخي آمنة علي مقاعده ويتجه مباشرة الينا !
وبعد أن استقر وزوجته علي المقعدين المجاورين ،كان يحاول أن يشرد ببصره عنا ، وهو يتجاوز الموقف بالتظاهر بأنه غارق بين دفتي كتاب كان يحمله .
لاحقته قائلا ...علمونا في كتب التاريخ عبارة تقول أن (نابليون دائما على صواب ) (Napeleon is always right)ولكني الان متأكد أن نابليون دائما علي خطأ (Napeleon is always wrong).
بدا لي أن الرجل وزوجته يهربون من أي مواجهة وهما يحاولان تجاوز تلك النقطة الحادة .
وتركتهم في شأنهم .
لحظة وصولنا الي محطة (بانكراس ) في لندن ،حيث تنتهي رحلة القطار حزم الرجل وزوجته حقيبتيهما في عجلة وهما يحاولان أن يغادرا بسرعة عربة القطار .
وما كان أمامي إلا أن ألاحقهما موجها اليهما رسالتي ( تحياتي إلي (ماري لوبان) زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا .
في تلك اللحظة بدا الركاب يحملقون في دهشة نحوي وهم يلملمون أشياءهم لمغادرة القطار ، وتلفهم الدهشة لذلك الافريقي الذي لا يريد لهذه المعركة أن تنتهي .

لندن 31/08/2022

محمد موسي حريكه
‏‫‬
musahak@hotmail.com

 

آراء