مفاوضات الدوحة .. هل ضلت الطريق؟ … بقلم: جمال عنقرة
14 October, 2009
برغم أن كل الجهات ذات الصلة بقضايا السودان الداخلية والخارجية تضع كل أملها علي الجولة القادمة من مفاوضات الدوحة لسلام دارفور، وبرغم أنا بشرنا مع المبشرين بأن هذه الجولة ستكون حاسمة وفاصلة بإذن الله تعالي، إلا أن آخر تطورات الإعداد للعملية التفاوضية حملت ما يمكن أن ينطوي علي محاذير يمكن أن تنسف كل الجهود التي بذلت من أجل حسم قضية دارفور عبر منبر الدوحة الذي ترعاه جامعة الدول العربية بالتضامن مع الإتحاد الأفريقي وبمشاركة الأمم المتحدة.
ومعلوم عن منبر الدوحة أنه بدأ بحوار ثنائي بين الحكومة وحركة العدل والمساواة التي يقودها الدكتور خليل إبراهيم، وهي كانت الحركة الرئيسة في الميدان، والأبعد عن حكومة السودان، ويشاركها هذا البعد فصيل حركة التحرير الذي يقوده عبد الواحد محمد نور. وبعد أن وصلت المفاوضات بين الطرفين مرحلة متقدمة، وقعا فيها اتفاق حسن نوايا وتبادلا إطلاق سراح الأسري، ودخلا في قضايا أكثر تفصيلاً، حتي أن الجولة أوشكت أن تكون حاسمة لعملية الصراع بين الحكومة والحركة، برز إتجاه إيجابي يدعو لتجميع الحركات في هذا المنبر حتي يكون ما ينتج عنه من سلام شاملاً لكل فصائل دارفور المسلحة، وطاوياً لصفحة الإقتتال في غرب السودان. وهنا بدأ السعي لضم حركات أخري لمنبر الدوحة.
وبرغم أن تحفظ حركة العدل والمساواة علي توسيع دائرة المشاركة لم يكن مقبولاً تماماً إذ أن الحوار يكون حول قضايا اكثر منه حوار بين فصائل. وما تنادي به الحركات هي مطالب لأهل الإقليم أكثر منها طلبات لقادة الحركات، ولكن برغم ذلك فإن توسعة مظلة الدوحة يبدو أنها قد تجاوزت الهدف الرئيسي وصارت أقرب لمسعي يبحث عن كثرة. فصار الناس يسمعون ويقراون كل يوم عن حركات مسلحة توحدت لدخول مفاوضات الدوحة القادمة، وهي أصلاً لم يكن لها وجود يذكر. وظهر قادة وزعماء لم نسمع بهم من قبل، ولم يعلم أحد لهم ماض ولا كسب سياسي ولا نضالي، لافي دارفور ولافي غيرها. والأغرب من ذلك أن الحركات الرئيسة لم نسمع شيئاً عن تقدم لموقفها نحو منبر الدوحة. فالمنبر لم يتمكن بعد من استقطاب عبدالواحد محمد نور. وحتي كبير مساعدي رئيس الجمهورية رئيس حركة تحرير السودان الموقع علي اتفاق أنجمينا السيد مني أركو مناوي، لم يظهر له موقف إيجابي من الدوحة. أما الأكثر غرابة فإن حركة العدل والسماواة التي أنشأت المنبر مع الحكومة للحوار المباشر حول سلام دارفور، والتي قطعت شوطاً بعيد في التفاوض عبر منبر الدوحة، ووفق أجندته وآلياته أوشكت أن تخرج من هذا المنبر، وكل ما ظل يرشح من موقف لها حول مسار العملية الإعدادية للجولة القادمة أتي سالباً.
ولكل ذلك نجد أن منبر الدوحة، وبهذه الطريقة يوشك أن يخرج عن مساره الصحيح، ونخشي أن يكون قد ضل طريقه نحو سلام دارفور. وننبه لخطورة هذا الإتجاه لأنه لو فشلت هذه الجولة قد تعود قضية دارفور إلي محطة سابقة، كانت أسوأ بكثير عما وصل إليه الحال الآن. ولعل الناس يعلمون أن السودان وهو قد دنا من الإنتخابات الحاسمة التي لايفصل بينها وبين إستفتاء تقرير المصير كثير زمن. وهي قضايا تحتاج أن نحسم مادونها من خلافات حتي ندخلها بصف أقرب للتوحد يعيننا علي عبور أكبر جسر محنة يعترض طريق بلدنا خلال الخمسين عام الأخيرة.