منبر أيوا للسلام و التفكير خارج الصندوق

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن
حضرت اليوم الباكر بتوقيت استراليا و الثانية ظهرا بتوقت الساحل الشرقي، حوارا سياسيا في منبر "ملتقى أيوا للديمقراطية و السلام" استضاف فيها باشمهندس إمام الحلو رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة القومي و حضره اللقاء عددا من قيادات الحزب بالخارج، و أمريكا على وجه الخصوص. و اشكر الأخوة في حزب الأمة على الدعوة لحضور النقاش، رغم أنهم في إفتتاحية الحوار أشاروا أن هناك أقوال تعتبر أسرارا لا يريدون خروجها، و هناك أيضا موضوعات سوف تطرح بشفافية عالية و منتهي الصراحة و الوضوح لمصلحة الحوار، و أشاروا الإلتزام بعدم إخراجها حتى يتحين الوقت للحزب لخروجها بما يخدم عملية وقف الحرب و السلام في البلاد، و في هذا المقال سوف أتناول فقط الملفات المفتوحة في محاولة لإلقاء الضوء عليها بالصورة التي تخدم عملية السلام و الاستقرار في البلاد، و في نفس الوقت تعزز فرص السلام الاجتماعي و السياسي في البلاد.
تحدث إمام الحلو في عدد من النقاط التي حددها المتقى كمحور للحوار، و تنقسم إلي شقين الأول القضية الوطنية و تتعلق بالبرنامج المعد لوقف الحرب عبر تفاوض بين الجيش و ميليشيا الدعم السريع باعتباره الخيار الأفضل في وجهة نظر حزب الأمة، و رؤية حزب الأمة لكيفية إدارة الفترة الانتقالية , القضية الأخرى أين يلتقي حزب الأمة مع تنظيم " تقدم " و أين يفترق معها.. الشق الثاني هو مشروع حزب الأمة السياسي لفترة ما بعد الفترة الانتقالية، و قدم الحلو شرحا وافيا لكي يفتح منافذ للحوار، و طرح التساؤلات حول المشروعين العملية المتعلقة بوقف الحرب و الثانية مشروع حزب الأمة السياسي.. و أن كان المشروعان يتداخلان و يفترقان وفقا للفترة الزمنية التي تتقاطع فيها الفاعلية السياسية.
أن خطوة ملتقى أيوا للديمقراطية و السلام لفتح حوارات مع كل الفعاليات السياسية على مختلف تياراتها الفكرية، تعتبر مجهودات مقدرة، و تساعد على إحداث أختراقات جيدة في جدارة أزمة العقل السياسي السودان، و المحاولة للخروج من شرنقة الثقافة الشمولية، حيث تحاول العديد من القيادات السياسية الاحتفاظ بها، حتى لا يقعوا في الحرج الذي يكشف قدراتهم المتواضعةن و عجزهم الإسهام في الحوارات الفكرية التي تساعد على تقديم أفكار و مبادرات تساعد على الخروج من حالة الجمود العقلي التي تصيب الأغلبية، و التي قادت للحرب الدائرة الآن.. هناك قضايا ربما تتحرج قيادات الأحزاب لفتح ملفاتها و لكن مثل هذه الملتقيات هلى التي تتولى فتح هذه الملفات و الحوار حول مع كل القيادات السياسية و الفكرية و جماعة المثقفين و بالتالي تقلل كمية الحرج.. فمثلا الحوار الذي أجراه منبر جنوب كالفورنيا الثقافي مع الدكتور إبراهيم غندور القيادي في المؤتمر الوطني لمعرفة كيف تفكر قيادة المؤتمر الوطني في العديد من القضايا ذات الجدل السياسي.. مثالا تصورهم لوقف الحرب و تصورهم للتحول الديمقراطي، مشاركتهم في الفترة الانتقالية، كلها قضايا حوارية يجب إثارتها الأحزاب ربما تتحرج عن فتح ملفاتها لكن المنابر السياسية و الثقافية مهمتها أن تفتح هذه الملفات لكي تساعد على فتح منافذ الحوار السياسي. و اعتقد هو نفس الطريق الذي يسير علي ملتقى أيوا للديمقراطية و السلام.. فالتحول الديمقراطي لا يؤسس بالشعارات فارغة المضامين، و التي تعجز الأحزاب على تنزيلها على الأرض و لكن يؤسس عبر الفكر و تقديم المبادرات الوطنية التي تثير الحوار بين التيارات الفكرية المختلفة لكي تقارب بين هذه الكتل.
أن حزب الأمة حسب قول الحلو أن إرتباطه و التزامه بالتحالف مع " تقدم" لا يتعارض مع موقفه كحزب يمكن أن يقدم فيه مشروعا متكاملا لوقف الحرب، و أيضا مشروع لفترة ما بعد الحرب.. و الآن حزب الأمة واقع في حرج أن "تقدم" ارتبطت مع الميليشيا بميثاق سياسي وقعت عليه هو " الإعلان السياسي لإديس أبابا" و هذا انحياز كامل للميليشيا.. القضية الأخرى حزب الأمة يعتقد أن وقف الحرب تتم بعمل شعبي كبير في كل ولايات السودان يمارس فيها الشعب ضغطا على الجانبين.. هذه الإمكانية غير متوفرة الآن باعتبار أن أغلبية الشعب في الولايات المختلفة قد انحازت إلي جانب الجيش، و أن قيادات حزب الأمة في ذهن الجماهير تعمل في جانب واحد من المشهد السياسي، القضية الأخرى أن حزب الأمة يعتقد أن يلعب المجتمع الدولي و المنظمات دورا في حل المشكلة و هذه الفكرة محاولة لإلزام البلاد أن تقبل الأجندة الأجنبية و ترضخ لمطالبها. كما يقترح حزب الأمة مؤتمر قيام " مائدة مستديرة" بعد اتفاق الجانبين الجيش و الميليشيا بوقف الحرب أن تضم المائدة المستديرة كل القوى السياسية ما عدا حزب " المؤتمر الوطني" الغريب في الأمر: أن حزب الأمة يريد أن يتحاور مع القوى غير المختلفة معها، و القوى السياسية المتهمة إنها وراء فشل الفترة الانتقالية و انقلاب 25 أكتوبر و التي اشعلت الحرب حسب قول الحزب و حلفائه يريد أن يبعدها عن الحوار، فكيف تضمن إنها لا تخلق تحديا مرة أخرى؟.. اعتقد أن قيادة حزب الأمة لم تستطيع أن تفكر في هذه المسألة بواقعية.. فالقوى السياسي منطقيا تتحاور مع القوى المختلفة معها و ليس المتفق معها.. و الحوار لا يعني أن تتبنى شعاراتهم و برنامجهم لكن كيفية تأمين مسيرة عملية التحول الديمقراطي، و تضمن إيجابية الفعل عند هذه القوى. إذا أردت أن توصد الباب أمام قوى سياسية لا يعني أنهم لا يستطيعون فتح أبواب أخرى مكلفة.
لا أريد أن أتحدث عن المشروع السياسي لحزب الأمة لما بعد وقف الحرب حقيقة يعد مشروعا طموحا، يحمل في أحشائه العديد من التصورات في قضايا الاقتصاد و الصناعة و الزراعة و الثقافة و البيئة، و الفنوان بأنواعها المختلفة و الإعلام و الصحافة، و هي موضوعات تفتح منافذ جيدة للحوار بعقلانية. و أيضا الحزب يطرح العديدة من التساؤلات التي يعتقد إنها تشغل النخب السياسية و قبائل المثقفين مثل التنوع و الهوية و التعليم و العلاقة بين الدين و الدولة و علاقة السودان بدول الجوار و العالم و غيرها من الموضوعات.. و أيضا موضوع الحكم الفدرالية و الكنفدرالية و النظام الديمقراطي البرلماني و الرئاسي و غيرها.. و هي القضايا التي كان منتظرا أن تفتح ملفاتها القوى السياسية التي قبضت على مفاصل السلطة في الفترة الانتقالية و من ضمنها حزب الأمة القومي الذي كان يشغل " 60%" من السلطة التنفيذية في حكومة حمدوك الثانية. لكنها فشلت بسبب قصور نظرها بالوقوف فقط أمام بوابات السلطة، و عجزها عن التفكير خارج الصندوق.. أن ملتقى "أيوا للديمقراطية و السلام" يأمل فيه الكثير؛ أن يستطيع بالفعل أن يحدث أختراقات في الأزمة السياسية من خلال جراءة الحوار و فتح الملفات التي تعجز القوى السياسية فتحها مع خالص تقديري للمنظمين له. نسأل الله حسن البصير’

zainsalih@hotmail.com

 

آراء