مندوب السودان بالأمم المتحدة جانبه الصواب

 


 

 

في سابقة خطيرة تعتبر الأولى من نوعها، خرج مندوب السودان (مندوب جيش الإخوان المسلمين) بالأمم المتحدة، بجملة من العبارات المجافية للعرف الدبلوماسي، وصب جام غضبه وغلوائه على دولة الإمارات العربية المتحدة ومندوبها محمد أبو شهاب، متهماً إياها بدعم أحد طرفي النزاع في الحرب الدائرة الآن في السودان، الأمر الذي وصفه أبو شهاب بالسخيف، ونصح على إثره (مندوب السودان) بأن يذهب إلى منبر جدة، حيث المكان الفعلي للتوصل لسلام حقيقي ينهي الحرب، لقد قدم مندوب الإمارات نموذجاً فريداً في هدوء الأعصاب، وسلامة الخطاب الدبلوماسي الخالي من شوائب الحمق والهتر والابتذال، وعلى عكسه تماماً فقد أساء (مندوب الجيش السوداني المختطف من قبل تنظيم الاخوان المسلمين)، للبلدين الشقيقين اللذين يعيش شعباهما في تعاون مشترك وعلاقات أخوية صادقة منذ انبلاج فجر اتحاد الإمارات السبع، وما يحمد لأبي شهاب أنه لم يجاري هتر الحارث إدريس الحارث، الذي حاول يائساً أن يحوّل منصة مجلس الأمن الدولي إلى محاكمة فوضوية وصبيانية تفصل في مزاعم مزاجية، أدلى بها (مندوب السودان) حديث العهد بأروقة مؤسسة دولية كبيرة من مؤسسات الأمم المتحدة، لكن المتتبع لمسلك دبلوماسية الإخوان المسلمين المختطفين لقرار مؤسسات الحكم في السودان، لا يستغرب هذا الاتجاه السلوكي البعيد عن الاتساق والغريب على إرث هذه المؤسسات الأممية، وكما هو معلوم أن لممثلي جماعة التطرف والهوس الديني سيرة ومسيرة غير حميدة في المنابر العالمية، وهم يمثلون الدولة التي قهروا شعبها وأورثوه الحرب، فعلى سبيل المثال لا الحصر قد ثبت ضلوع موظفين كبيرين من بعثة السودان بواشنطن بالماضي القريب، في مخالفات أقل ما يمكن أن توصف به أنها غير أخلاقية، فهذا ديدن الإرهاب والغلو والأصولية والتطرف، عندما تفسح لها الشعوب الطريق لكي تتصدر المشهد السيادي للدولة، وليس مدهشاً أن ينفجر (الحارس) داخل بهو المؤسسة الدولية الكبرى، غير مبالٍ بالأعراف والقيم والنظم، فالدولة التي يقود دبلوماسيتها أمثال (علي كرتي) زعيم مليشيا الدفاع الشعبي الإرهابية، التي أحرقت أرض وشعب جنوب السودان في يوم من الأيام الغافلات من عمر الشعب والدولة، لا يجب علينا انتظار فيلها لكي يلد لنا غير الفأر الصغير.
السودان لم يكن محظوظاً البتة في حصول أبنائه الأكفاء على فرصة التمثيل الدبلوماسي، في ظل منظومة حكم الرئيس المخلوع عمر حسن أحمد البشير، حامي حمى جماعة الإسلام السياسي في السودان، الجماعة التي أرجعت هذا البلد الجميل إلى ما قبل العصور الحجرية القديمة، وذلك بإدخاله في أتون حرب دموية استهدفت المواطن السوداني، فطردته خارج أرض أجداده وأصبح لاجئاً تائهاً لا يدري متى تنتهي فصول هذه الحرب اللعينة حتى يعود لموطنه، وهذه النتائج الكارثية التي دفع ثمنها هذا الإنسان البسيط ما هي إلّا محصّلة حتمية لمخرجات أفكار الكتب الصفراء، المعشعشة في رؤوس الأصوليين الذين حكموا هذه البلاد بسيف الحديد والنار، ونشروا الرعب بالبلدان المجاورة الصديقة والأجنبية البعيدة، بارتكابهم لجرائم الإرهاب الدولي التي ما زال الناس يدفعون ثمن ديونها المتراكمة، وما بدر من سلوك بربري من (مندوب الجيش السوداني المُختطف)، هو ترجمة حرفية لذهنية العقل الهتافي المهووس، الذي رعى عصابات الجريمة المتدثرة برداء الدين في جميع أصقاع الدنيا، فأشعل المتفجرات بالمدمرة الأمريكية كول، وحاول اغتيال رئيس جمهورية جارة وشقيقة، وآوى أكبر رمز من رموز الإرهاب الدولي - كارلوس، هذا غير ملفات التعاون مع الأنظمة السياسية الداعمة للإرهاب، وفتح الأبواب على مصاريعها لزعيم تنظيم القاعدة – أسامة بن لادن، فالتخريب الذي طال جهاز العمل القنصلي وسفارات السودان المنتشرة حول العالم، أداره التنظيم الإخواني السوداني بكل دراية ومقصد، لأن العقل الأصولي لا يؤمن بالتعايش السلمي بين الشعوب، ولا يحتكم للمعاير الإنسانية العالمية المتوافق عليها، لذلك رأينا تطرف (مندوب السودان) وشاهدنا رفعه لساعده الأيمن والسبابة، مهدداً ومتوعداً ومدّعياً مزاعم لا تمت للواقع بصلة، وليس أدل على رغبة المختطفين للشرعية في إسالة وإراقة المزيد من دماء الشعب السوداني، غير رفض قيادة الجيش المختطف للسلطة الذهاب لمنبر السلام، ورأس جبل جليد التعنت الإخواني والإصرار على السقوط في وحل الدماء والأشلاء، مثّله بكل جدارة (مندوب السودان) بردهات مجلس الأمن.
ومهما حاول الإرهابيون جر دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها المضياف لحضيضهم، لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا وسيخيب فألهم، فشعبا الدولتين تربطهما علاقات أزلية لا تتأثر بالأنظمة السياسية، وما بدر من مندوب الجيش الإخواني المختطف لقرار الدولة السودانية من سلوك لا يرقى لأقل مستويات الأداء الدبلوماسي، ما هو إلّا ظاهرة عابرة مثلها مثل كثير من الظواهر الطارئة على المشهد العام، بعد استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة عبر انقلاباتهم العسكرية المتتالية على سلطة الشعب، التي سوف تزول بزوال النظرة الأحادية لحكم البلاد، وخروج دكتاتورية الرأي الواحد من أضابير مؤسسات الدولة، بعد استكمال مشروع التغيير الحقيقي الذي يقوده السودانيون الرافضون لاستمرار منظومة الحكم الثيوقراطي البائد.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

 

 

آراء