من أين لك هذا ..؟!
هيثم الفضل
6 April, 2023
6 April, 2023
haythamalfadl@gmail.com
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
من فرط ما عايشتهُ من تطوُّر و(إبداع) في أنماط المؤامرات السياسية التي أنتجت كوارث عديدة إضطلعت بها جماعة الإخوان المسلمين منذ بزوغ فجر الإستقلال في بلادنا ، مُستصحبين في ذلك كل (الأفرع) الإحتيالية التي صنعوها لتقوم نيابةً عنهم بأدوارأساسية بغرض حماية مصالحهم الشخصية والتنظيمية ، خصوصاً في الملَّمات والحالات الإضطرارية ، وعندما يصبح من (الخطر والمستحيل) الظهور علانيةً للزود عن مُستنقعات الفساد التي يقتاتون منها ، أصبحتْ من حينٍ إلى آخر تراودني الهواجس والشكوك حول التوجُّه المفاجيء لقائد الدعم السريع نحو الديموقراطية ، وحماسهُ (المُريب) والغريب تجاه إستئناف عملية التحوُّل الديموقراطي ، فهو وتنظيمهُ العسكري وخلفيته الثقافية لا يمٌت إلى هذا الإتجاه بصلةٍ من قريبٍ ولا بعيد ، وفي ذات الوقت فإن إنعدام وجود نمط (تدريجي) لحدوث هذا التحوُّل عبر وقائع وُمساجلات وإستقطاب داخلي وخارجي ، يدفع كل عاقل لأن يُسائل حميدتي في هذا الإطار (من أين لك هذا).
ففي نظريات الممارسة السياسية يمكن قبول مبدأ تبديل المواقف وفقاً للتغيُّرات الروتينة والطارئة ، من باب لكل فعلٍ رد فعل ولكل حادثةٍ حديث ، غير أن مسألة مُناصرة المسار الديموقراطي أو مُعادته لا يمكن إعتبارها وقائع جديدة بالنسبة لقائد الدعم السريع وهي أيضاً ليست تغيُّرات روتينة ولا طارئة ، فالإنخراط في نُصرة الديموقراطية من حيث المبدأ يحتاج إلى ثقافة مُتراكمة وإيمان عميق بالعدالة والمساوة وتقبّل الأخر وإستحالة الإعتداد بالتعنصُر القبلي والجهوي ، والرجل قام وتأسَّس وضعهُ الحالي على نقائض كل ما سبق من إشتراطات ، كما أن الصراع ما بين الشمولية والديموقراطية قد بدأ منذ وقتٍ مُبكر ، وتمايَّزت فيهِ الصفوف مجازاً منذ بدايات إندلاع الثورة ، وواقعياً فقد حدث هذا منذ اليوم الأول لوقوع إنقلاب 89 المشئوم ، هل تفاجأ محمد حمدان دقلو بعد كل هذا الزمن المديد ، وبعد ما تسربلت به ثورة ديسمبر المجيدة من دماء ومجاذر ، وبعد مكوثها في ضمائر السودانيين لأربعة سنوات على التوالي ، بأن المسار الديموقراطي يستحق أن يُتبَّع وتُقدَّم من أجلهِ كل هذه التضحيات والخوض في بحور (المخاطر) بما فيها الوقوف في وجه القوات المسلحة وحركات الكفاح المُسلَّح ومعها مُتنافسي المجتمع الدولي حول السودان وفي مقدمتهم روسيا والصين ؟.
إن تجاوزت هذه الشكوك حد التفاؤل والتعامل مع مبدأ (الله يكضِّب الشينة) ، فإن الأمر يحتمل أن يكون (خطة تآمرية) كيزانية ، يُمثِّل فيها الدعم السريع فلول المؤتمر الوطني ، عبر خروجه من صفوفهم (تكتيكياً) والتغلغُل عبر مبدأ مناصرة التحوُّل الديموقراطي في صفوف (العدو) ، والعدو طبعاً سيظل هو الشعب السوداني ومن يمثِّلونهُ من النُخبة المُجتهدة في إستعادة التحوُّل الديموقراطي من براثن إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم وفي مقدمتهم قوى الحرية والتغيير ، المؤامرة يمكن أن تكون هي (صناعة) خلاف (منطقي) وفني لا يمُت إلى السياسة بصلة واضحة ومُباشرة ، وبين مكونَّين أحدهما مُتَّهم ومُثبت عليه إنتمائه للفلول وهم أعضاء اللجنة الأمنية للبشير ، والآخر مكوِّن عسكري ينتمي إلى قوى الثورة ويدافع عن مبادئها ويمثِّلهُ قائد الدعم السريع بكل ما يملك من إمكانيات عسكرية ومادية ، والمطلوب أو المستهدف من كل هذا إيجاد (مُبرِّرات) عقلانية ومنطقية لبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه تحت ذريعة تعذُر الوصول إلى إتفاق بين فصيلين عسكريين أحدهما يتبع لقوى الثورة ولا علاقة لقادة الجيش والفلول به ، وبذلك تكون قوى الحرية والتغيير قد وقعت حين غفلة ، في الفخ المُتمثِّل في خروجها الكامل عن السيطرة على وجه إستراتيجي من أوجُه التفاوض والحصول على إتفاق ، فالدعم السريع ليس عضواً في قوى الحرية والتغيير لكنه يمتلك الآن ومعهُ قادة الإنقلاب مفاتيح الوصول إلى إتفاق ، وهو أيضاً يرفع شعارات ومطالب قوى الحرية والتغيير لكنه في ذت الوقت خارج دائرة سيطرتها وقدرتها على المعالجة وإختراق الحواجز وتجاوز العقبات ، (الله يكضِّب الشينة).
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
من فرط ما عايشتهُ من تطوُّر و(إبداع) في أنماط المؤامرات السياسية التي أنتجت كوارث عديدة إضطلعت بها جماعة الإخوان المسلمين منذ بزوغ فجر الإستقلال في بلادنا ، مُستصحبين في ذلك كل (الأفرع) الإحتيالية التي صنعوها لتقوم نيابةً عنهم بأدوارأساسية بغرض حماية مصالحهم الشخصية والتنظيمية ، خصوصاً في الملَّمات والحالات الإضطرارية ، وعندما يصبح من (الخطر والمستحيل) الظهور علانيةً للزود عن مُستنقعات الفساد التي يقتاتون منها ، أصبحتْ من حينٍ إلى آخر تراودني الهواجس والشكوك حول التوجُّه المفاجيء لقائد الدعم السريع نحو الديموقراطية ، وحماسهُ (المُريب) والغريب تجاه إستئناف عملية التحوُّل الديموقراطي ، فهو وتنظيمهُ العسكري وخلفيته الثقافية لا يمٌت إلى هذا الإتجاه بصلةٍ من قريبٍ ولا بعيد ، وفي ذات الوقت فإن إنعدام وجود نمط (تدريجي) لحدوث هذا التحوُّل عبر وقائع وُمساجلات وإستقطاب داخلي وخارجي ، يدفع كل عاقل لأن يُسائل حميدتي في هذا الإطار (من أين لك هذا).
ففي نظريات الممارسة السياسية يمكن قبول مبدأ تبديل المواقف وفقاً للتغيُّرات الروتينة والطارئة ، من باب لكل فعلٍ رد فعل ولكل حادثةٍ حديث ، غير أن مسألة مُناصرة المسار الديموقراطي أو مُعادته لا يمكن إعتبارها وقائع جديدة بالنسبة لقائد الدعم السريع وهي أيضاً ليست تغيُّرات روتينة ولا طارئة ، فالإنخراط في نُصرة الديموقراطية من حيث المبدأ يحتاج إلى ثقافة مُتراكمة وإيمان عميق بالعدالة والمساوة وتقبّل الأخر وإستحالة الإعتداد بالتعنصُر القبلي والجهوي ، والرجل قام وتأسَّس وضعهُ الحالي على نقائض كل ما سبق من إشتراطات ، كما أن الصراع ما بين الشمولية والديموقراطية قد بدأ منذ وقتٍ مُبكر ، وتمايَّزت فيهِ الصفوف مجازاً منذ بدايات إندلاع الثورة ، وواقعياً فقد حدث هذا منذ اليوم الأول لوقوع إنقلاب 89 المشئوم ، هل تفاجأ محمد حمدان دقلو بعد كل هذا الزمن المديد ، وبعد ما تسربلت به ثورة ديسمبر المجيدة من دماء ومجاذر ، وبعد مكوثها في ضمائر السودانيين لأربعة سنوات على التوالي ، بأن المسار الديموقراطي يستحق أن يُتبَّع وتُقدَّم من أجلهِ كل هذه التضحيات والخوض في بحور (المخاطر) بما فيها الوقوف في وجه القوات المسلحة وحركات الكفاح المُسلَّح ومعها مُتنافسي المجتمع الدولي حول السودان وفي مقدمتهم روسيا والصين ؟.
إن تجاوزت هذه الشكوك حد التفاؤل والتعامل مع مبدأ (الله يكضِّب الشينة) ، فإن الأمر يحتمل أن يكون (خطة تآمرية) كيزانية ، يُمثِّل فيها الدعم السريع فلول المؤتمر الوطني ، عبر خروجه من صفوفهم (تكتيكياً) والتغلغُل عبر مبدأ مناصرة التحوُّل الديموقراطي في صفوف (العدو) ، والعدو طبعاً سيظل هو الشعب السوداني ومن يمثِّلونهُ من النُخبة المُجتهدة في إستعادة التحوُّل الديموقراطي من براثن إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم وفي مقدمتهم قوى الحرية والتغيير ، المؤامرة يمكن أن تكون هي (صناعة) خلاف (منطقي) وفني لا يمُت إلى السياسة بصلة واضحة ومُباشرة ، وبين مكونَّين أحدهما مُتَّهم ومُثبت عليه إنتمائه للفلول وهم أعضاء اللجنة الأمنية للبشير ، والآخر مكوِّن عسكري ينتمي إلى قوى الثورة ويدافع عن مبادئها ويمثِّلهُ قائد الدعم السريع بكل ما يملك من إمكانيات عسكرية ومادية ، والمطلوب أو المستهدف من كل هذا إيجاد (مُبرِّرات) عقلانية ومنطقية لبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه تحت ذريعة تعذُر الوصول إلى إتفاق بين فصيلين عسكريين أحدهما يتبع لقوى الثورة ولا علاقة لقادة الجيش والفلول به ، وبذلك تكون قوى الحرية والتغيير قد وقعت حين غفلة ، في الفخ المُتمثِّل في خروجها الكامل عن السيطرة على وجه إستراتيجي من أوجُه التفاوض والحصول على إتفاق ، فالدعم السريع ليس عضواً في قوى الحرية والتغيير لكنه يمتلك الآن ومعهُ قادة الإنقلاب مفاتيح الوصول إلى إتفاق ، وهو أيضاً يرفع شعارات ومطالب قوى الحرية والتغيير لكنه في ذت الوقت خارج دائرة سيطرتها وقدرتها على المعالجة وإختراق الحواجز وتجاوز العقبات ، (الله يكضِّب الشينة).