من الفاشر إلي واشنطن، الحب السلبي

 


 

 

—————————
عُلّقتها عَرَضاً، وعُلِّقت رجلاً غيري - وعُلّق أخري غيرها الرجلُ
وعُلّقَته فتاةٌ ما يحاولها - ومن بني عمّها ميّتٌ بها وَهِلُ
وعُلّقتني أخَيرَي ما تلائمني - فإجتمع الحبّ، حبّاً كُلُّه تَبِلُ
فكلّنا مُغرَمٌ يَهذَي بصاحبه - ناءٍ ودانٍ ومحبولٌ ومُحتَبَلُ
،،، الأعشي قيس ،،،،،

✍️روَي أسطورة الإعلام الأمريكي ومقدم البرامج المشهور علي قناة السي إن إن CNN لاري كينغ - الذي رحل عن دنيانا العام الماضي 2021,
قال : "عندما كنّا شباباً بالمرحلة الثانوية أهدتني فتاة تعشقني بجنون خاتماً فاخراً، فذهبتُ وأهديته لفتاةٍ أخري أنا مغرمٌ بها. وتلك الفتاة أخذت الخاتم وأهدته لشابٍ آخر متيمةٌ به! ذلك الشاب أخذ الخاتم وأهداه لفتاة أخري مغرمٌ بها والمفاجأة إنها صاحبتي التي أهدتني الخاتم!! وختم حديثه قائلاً: فلا أدري مَنْ منّا هو الخائن الحقيقي؟ تبَّاً لنا جميعاً" إه
من المحتمل جداً بأن لاري كينغ ربما لم يعرف أي شيء عن الشاعر الجاهلي الأعشي بن قيس ولم يطلع علي معلقته أو شعره، لكنهما إشتركا في نفس المشاعر والعواطف الإنسانية لما يُسمي ب (الحب من طرف واحد أو الحب السلبي) وسماه بعضهم الصداع النصفي!! وهو مشاعر مهدورة من طرف واحد لطرف آخر لا يستحق لأنه مشغول عنك بشخص آخر غيرك! والأسوأ إن كل الأطراف هاربون إلي الأمام من أجل اللحاق بآخرين وكأنهم جميعاً في متاهة للأشباح! وكلهم "جاري وجارين وراه…… " أو كما يقول الإنجليز : "العُشب أكثر إخضراراً في الجانب الآخر the grasses is greener in the other side .
فالطبيعة البشرية المحيرة، دائما ما يهرب الإنسان ممن يحبه بصدق إلي من يذله عن قصد!! … حدِ يشعر بالسعادة يمشي يختار البعاد!!!

?إذا نظرنا إلي الأحداث منذ سلام جوبا وإنتهاءاً بإنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر نستخلص نفس الدروس والعبر التي عاناها العاشقان المتيمان الشاعر الجاهلي الأعشي والإعلامي المعاصر لاري كينغ!! وتطابقا في وصف الحالة - كلّ حسب أسلوبه - لكن المعني واحد!!إن قادة سلام جوبا وقعوا مع أحبابهم الإنقلابيين (إتفاقية تحت الطاولة) والتي تعني حرفياً "إجهاض الثورة" ومن يومها قدّم قادة السلام كل ما يطلبه الإنقلابيون من خطوات وخطط ومؤامرات خبيثة للإطاحة بحكومة حمدوك! إبتداءً من كذبة ما سمي بأربع طويلة ثم صناعة "منصة الخوازيق" بقاعة الصداقة إلي "إعتصام الموز" بميدان القصر وصولاً للإنقلاب الإنتحاري في إكتوبر ومع ذلك لم يجدوا أي تقدير لهذا التذلل و"الحب السلبي الآحادي" لأن الإنقلابيين قلوبهم معلقة بإرضاء الكفيل الخليجي! وهو بدوره قلبه مغرم بمعشوقه الأمريكي في البيت الأبيض! يعني بالمختصر (الفاشرابي أهدي الخاتم إلي حبيبه الخرطومي والذي بدوره أهداه لحبيبه الخليجي وذلك أهداه لحبيبه الأمريكي وبالطبع الأمريكي "الكاو بوي" Cow Boy يتعامل معهم كالأبقار يحلبهم جميعاً وفي الأخير قلبه معلّقٌ بإبنه المدلل في تل أبيب)!!
مناضلي دار فور، لا سلاماً جلبوا ولا أمناً فرضوا ولا تنميةً عملوا وتركوها للذئاب وسكنوا هم في الخرطوم (مكان الرئيس بنوم والطيارة بتقوم! والخرطومي الهارب من ذاته بالطبع، هو بدوره ترك السودان ومشاكله مهرولاً صباح مساء للكفيل وهو "الكفيل" مشغول عنه بمكالماته مع البيت الأبيض فقط! وجميعهم "مضحوك عليهم"!!
ونحن لا ندري من هو الذليل؟! تبّاً لكم جميعاً .

☀️إن أهم شروط الحب أن يتبادل الطرفان نفس المشاعر والعواطف والإهتمامات تحت قاعدة (خذ وهات)، أما عندما تختل هذه الموازنة وتكون العلاقة من طرف واحد متيّمٌ ولهان وآخرٌ متجاهلٌ سرحان فهنا يصبح المُحِب هو الطرف الأضعف والمُستَغَل- بضم الميم وفتح الغين) ويجب أن يحكّم عقله وينهي هذه العلاقة المعتلّة إحتراماً لكرامته وتوفيراً لمشاعره وجهده وإلا سوف يجد نفسه "زول التوم هجو ساي"!!
قبل الختام:
كل مشاكل السودان بدأت وتناسلت بسبب الهوية المزورة الزائفة، وهي نتاج للحب الآحادي السالب بين السودان والدول العربية …. متي نحترم أنفسنا وكرامتنا وننهي هذه الشراكة المعتلة لننتعايش في سلام ونبني وطناً إنتظر أبناءه طويلاً؟؟؟ إنّا منتظرون.

m_elrabea@yahoo.com

 

آراء