....... دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتوحيد الكتل الإقتصادية الثلاث الكوميسا و سادك وشرق افريقيا كما قلنا سابقا انها معلقة بالرضا من دولة جنوب أفريقيا، لكن هذا لا يمنع الدعوة في حد ذاتها أعادت صورة "مصر جمال عبد الناصر"، وهي صورة متألقة و محفورة في وجدان النخب الأفريقية. توجد مبادرة للشراكة بين المنظمات الثلاث، ولكنها - في تقديري - مجرد موقع الكتروني لا يقدم ولا يؤخر، كل الناس يعلمون أن المستفيد الأول من الكوميسا هو مصر ﻷنها دولة صناعية ولديها سلع يمكن أن تغمر 18 دولة وهي بقية دول الكوميسا فالفائدة المتحققة أن هذه السلع المصرية بفضل الاتفاقية التفضيلية تدخل هذه البلدان بقيود جمركية أخف و تستطيع أن تنافس المحلي والمستورد في هذه البلدان. من الطبيعي إذا ألا تبحث مصر عن منافس صناعي آخر يدخل معها الكوميسا حتى تنفرد بأسواق 18 دولة ولكن سعيها للدخول مع جنوب أفريقيا في كتلة واحدة أمر يخالف التفكير التجاري الجشع والمحدود إلى إستشراف مستقبل أفريقي واعد. أيضا لو حسبناها بالمنافسة المصرية الجنوب أفريقية فإن بعض الصناعات المصرية قد تتهدد إذا كان بمقدور جنوب أفريقيا غمر السوق المصري، ولكن بالمقابل هنالك مبدأ جديد في الكتل التجارية وهو تنظيم المنافسة وفيه قوانين داخلية تحمي الشركات الأضعف في مواجهة الأقوى ... إلى حين وأجل معلوم. الطرح المصري مصدر قوته أنه من دولة صناعية ومن الخمسة الكبار في اﻹتحاد الأفريقي .. فلو جاء ذات العرض من بورندي أو جزر القمر .. أو حتى السودان سيعتبر عرضا سياسيا الغرض منه التضامن الأفريقي ﻷن العرض لن يؤثر في إقتصاديات الدولة المعنية بل ربما يفسر بأنه مخطط للخروج من الإحتكار المصري للتفوق الصناعي في الكوميسا. لو عدنا للشق السياسي من العرض، مصر مستفيدة بالتاكيد لأن الجيل الذي يحفظ لمصر وقوفها مع حركات التحرر الأفريقية على وشك الإنقراض، وهذا العرض ضمن مبادرات أخرى مثل الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية يمنح هذا الجيل من الحرس القديم مقدرة على إستعادة الصورة القديمة لمصر. لو انقرص هذا الجيل وجاءت مصر متأخرة فإنهاستبدأ من الصفر الصحيح، ولن يسعفها الحديث عن تاريخ شهوده كلهم أموات، ولكنها تستطيع أن تبني على ثقافة موجودة وتستعين بأقلام من زمان الجمعية الأفريقية القديمة في حي الزمالك بالقاهرة، وهي حقيقة المجمع الرسمي لقرابة عشرين حركة تحرر أفريقية كانت تتخذ من القاهرة منطلقا لها. يمكن للصحفي المصري الغاني جمال نيكروما أن يجوب الان للتبشير بدور مصري حقيقي في العواصم الأفريقية، و جمال هو ابن الراحل نيكروما من أم مصرية وسماه والده على الراحل جمال عبد الناصر شريكه في النضال أيام التحرر. لا ننسى السودان ... الذي جاب نيلسون مانديلا العالم بجنسيته وجواز سفره عندما أغلقت الابواب في وجهه .. فالراحل الفريق ابراهيم عبود من ذات الجيل وذات الألق والتاريخ.