من شيراتون الدوحة
30 January, 2010
أقاصي الدنيا
أقصر مسافة طرتها ليس بأجنحتي التي تقطعت عظاما وريشا حتى كادت تكف عن التحليق ، طرتها بجناحي الأماراتية التي ما أن ربطت الحزام وفتحت الخيال حتى أمرني قائدها بربط الحزام من جديد استعدادا للهبوط بمطار الدوحة ، لقد كانت هنيهة لمسافة اكتملت.
لم تستغرق إجراءات التأشيرةواستلام العفش أكثر من دقائق ولم يأخذني الإجهاد وأنا أعانق من كانوا في استقبالي دكتور الشوش والسفير درار والأستاذ مجدي خلف الله ، ثم انطلقت العربة بنا لمقرالمفاوضات .
شيراتون الدوحة بناء يقع بهدوء على جانبي الخليج يزدحم بالنظافة والأناقة وفيه فيوض من التقوى وكل الأزياء العربية والأفرنجية وأول ما يقابلك هو البخور العسلي برائحته التي ترسم أجواء السلام .
بهو كبير ومتسع ، مصاعد ضوئية يتطاير منها البريق وهي تحلق نحو صعد الفندق المكون من عشرة طوابق.
ضيوف الفندق هم ضيوف الحكومة القطرية التي تقف حافية الأقدام لضيوفها ، هم المشاركون من وفدي الحكومة والحركات ، وفي الجانب الآخر ضيوف حكومة قطر من مفكرين وأدباء وكتاب جاؤوا لتدشين ضربة البداية للدوحة عاصمة للثقافة العربية للعام 2010 .
العربات التي تقل الضيوف من الفندق لحيث يريدون (على قفا من يشيل ) طوابير من الكامري تنادي الضيوف وتحثهم لركوبها وهي مقسمة (بعدل ومساواة ) بين المفكرين والأدياء وبين الحكومة والمتمردين !!
يسألك السائق حين تهم بالركوب ثقافة أم دارفور ؟ حين وجه لي هذا السؤال أجبته بسليقية دارفور ونسيت تماما أن لي آصرة تربطني بالثقافة !!
عربات تقل الأدباء والمفكرين وأخرى من نصيبنا تقل الفرقاء من الوطن الواحد !
هيأت قطر طقسا استثنائيا لحل هذه الأزمة العنقودية التي ملأت أرجاء الكون ولم تبخل بشيئ وترى الهمة القطرية بائنة لا تحتاج إلى جلو كي تبصرها بوضوح ، جهود فوق طاقة البشر يقوم بها وزير الدولة بالخارجية سعادة السيد أحمد بن عبدالله آل محمود وتسهيلات في المسكن والإقامة وكافة المستلزمات تبذلها دولة قطر بلا من ولا أذى بدرجة تصيبك بالخوف المزعج إذا فشلت المفاوضات.
من السابق للأوان أن تقيم مسارات التفاوض لأنه لم يبدأ ومن الصعوبة التكهن بالمآلات لأنها لم تتضح ، ولكن من السهولة أن تقول أن أكثر الأطراف جدية هو الوسيط القطري.
حتى كتابة هذا العمود لم يكتمل وصول الفرقاء فهناك مجموعة في أديس أبابا تسعى لعقد مؤتمر طار إليه غرايشن من واشنطن ليسهل انعقاده ويسهم في بعض أجندته لكن مجموعة طرابلس وصلت واتخذت مواقعها في هذا البهو الفخيم وكذلك مجموعة العدل والمساواة بكامل أركانها وتلوح في الأفق إشارات من أنجمينا فيما وصل ناشطون دارفوريون من باريس ولندن واستكهولم وسدني وبلفاست وغلاسكو ولم أتأكد عما إذا كانت مجموعات نابولي وهملتون وتل أبيب وكوالالمبور قد وصلت أم لا ؟ أنا معجب جدا بكوالالمبور وأتمناها مقرا للبطل بدلا عن طوكيو !!
الجديد في هذه الجولة أنها تجمع بين قوى عسكرية لها هوامش من الوجود العسكري بدارفور وبين أخرى لها علاقات إقليمية ترشح في الأزمة وقوى اسفيرية لها وجود دائم في الانترنت ، لذا أرجو أن يرعي المفاوضون الفرق التكنيكي بين فتح الحوار وفتح الــ (بوست) وارجو أن يقاوموا شهوة الكيبورد فهي شهوة لا تستهدي بالعقلانية ولا تراعي التوازنات ولا تضع حسابا للشركاء والوسطاء ، إنها شهوة التحليق المطلق في الفضاء اللانهائي الذي لا تأسرة قيود ولا تحده من جموحه اللغة.
نقلا عن آخر لحظة
Abdalrahman Abushaiba [yasabanajd11@yahoo.com]