من طرف المسيد: حديث عن النخيل (4)

 


 

 

من طرف المسيد: حديث عن النخيل (4)
يرويها الاستاذ محمد سيد احمد الحسن
حررها عادل سيد احمد

السؤال عن انتاج النخيل ودخوله في الحياة الاقتصادية في الشمال.
النخلة هي العمود الاقتصادي للاسر هناك، وينتظرون موسمه ليقيموا مناسباتهم: اعراس، ختان... الخ.
والنخلة نفسها شجرة فيها شيء من الغرابة، وكما يقول الناس ان الله بعد خلقه آدم، خلق من النخل من باقي طينه، فجاءت تشبه الإنسان لحد كبير اكثر مما تشبه الشجر، ففيها ذكر وانثى، وعندها راس ان قطعته ماتت، وعندها ابناء، ولو اخذت احد ابنائها وزرعته فيطلع على شاكلتها، وتثمر في تسعة اشهر تقريبا.
والنخيل انواع، ونبدأ باعظمها: الكرش، القنديل، بت تمودة وود لقاي.
وهناك كرش مرتبط باسرة، تمرة معينة تملكها اسرة، ولا توجد الا عندهم، ولو قدم لكم بعض الناس كرشا، فانت تعرف ان هذا هو تمر ناس فلان، وتسال عن مصدره، فاما قالوا لك احضرنا منهم شتلة، او اهدونا تمرا او اشتريناه.
ويصلح كل جسم النخلة للاستخدام، من الساق الرئيسي الذي يستخدم كدعامة في الساقية وفي المباني، ويصنع منه الارنيق والمرق، وجريدها يستخدم في سقوفات البيوت والرواكيب، سعفها يستخدم في صناعة الحبال وكذا الاشميق:
- جا حسن من لا تحت شايلو اشميق
يفسخ ويمشي، مالي جيوبو دفيق
والدفيق هو التمر الاخضر، قبل ان يستوي. وهو يؤكل ومنه بعض الانواع، وهو يشبه التفاح، وهناك هرود قريب جدا جدا من التفاح، في طعمه ورائحته.
ويبدا الناس ياكلون من التمر الاخرى الى ان تاتي مراحل الصفوري والحموري، ثم تعقبها التمور الجافة.
والتمور انواع، التمور الجيدة: القنديل والتمود كما ذكرنا، بعدها ياتي التمر التجاري وهو موجود عند الشايقية، والبركاوي تمر متوسط، وليس بالتمر العزيز، ولكنه يدخر ويعبا ويباع في شكل محصول نقدي.
مثلا لو عندي قنديلة او تمودة فانا لن ابيع منها وانما احفظها في البيت لتؤكل او اهدي منها للاصدقاء والاهل. لكن البركاوي اصلا للبيع، وهو قابل للتصنيع، فتصنع منه المربى والعسل والعلف.
وتستخدم كل اجزاء التمرة في اشكال مختلفة: الحبال، وتنسج منها العناقريب، والارتيق، ويعملوا منها دعامات للساقية، وهكذا، فهي تستخدم في كل شيء.
اما صناعة الكحول فهي استخدام مهم، ومديدة التمر، والقراصة المتمرة، وتحضر بطريقة خاصة، وتنفع كزوادة للمسافرين، وعندما يكون هناك فرد من افراد البيت مسافر تجد الازدحام، والنساء يصنعن القراريص المخمرة والمشمرة والمتمرة، وهي لذيذة وجميلة جدا، وتؤكل دون الحوجة لادام معها، وهي قريبة من الكيكة.
وتصنع من التمر انواع عديدة من المشروبات الكحولية: المريسة، الدكاي، الكرافين، اشكال مختلفة من الخمور.
والخمور غير محبذة هناك، والشخص الذي يعمل فيها غير محترم، ولكن في المناسبات الاجتماعية من المسموح للناس ان يصنعوا خمورا: في الأعيادء، في حصاد القمح، الفزع او النفير، الختان او الاعراس والمناسبات السعيدة، كلها مسموح فيها للبيت المعين بموجب المناسبة المعينة ان يصنع خمورا دون ان يستنكر ذلك احد.
لكن هذا غير مسموخ بخلاف هذه المناسبات المعروفة.
هذه حكاية لها قوانينها وليست جزافا كما يظن بعض الناس.
فمن المسموح في بعض الفترات والاحداث ان تعمل مريسة، وتطحن الدقيق، ويرقصن النساء.
وهذا بالنسبة للشباب.
اما بالنسبة للمحافظين، او المتدينيين فعندهم مشروب اسمه العسلية، تصنع من التمر ايضا وبنفس طريقة الخمور فقد لا يدخلون في مرحلة معينة اسمها الولد.
والولد هي مرحلة اضافة الكنقار (خميرة بلدية) للمشروب الحلو ذي الطعم السكري، وهو يحول السكر الى كحول، والفقراء يشربوا الحلو ولا يشربون الكحول.
وكما يحتفل الناس ويرقصوا، فللفقراء ايضا احتفالاتهم.

amsidahmed@outlook.com

 

آراء