من فرعنك؟

 


 

 





عندما بلغ الأمر بفرعون ما بلغ من علو نسي حتى بداياته وما قدمه له هامان من مشورة في حبك الألوهية. وتُروى تلك اللحظة التي صدَّق فيها فرعون نفسه ونسي عرابه الأول فقال لهامان:  عندما كنت أخلق الناس  مكثت زمنًا طويلاً في رأسك هذا وقد أتعبني، فما كان من هامان إلا أن رد عليه الرد الذي أصبح مثلاً: على هامان يا فرعون؟ أي أنا عراب اللعبة كلها وتريد أن تمررها عليَّ أنا؟  
شاهدت جزءًا من مسرحية كويتية تسخر من صدام حسين وتصور صلفه وقهره لمن حوله وكيف يعاملهم وكيف يضحكون لكل حركة يتحركها وكل نكتة بايخة يرويها والطاعة العمياء للأوامر. لم أجد زمنا لأكمل المسرحية ولكن هذه فكرتها الأساسية.
يبدو أن الأمر ليس حكرًا على فرعون ولا صدام ولا القذافي ولكن متى دجن الزعيم من حوله وصاروا لا يستطيعون نصحًا ولا مشورة ولا تقديم رأي وكلٌّ يخاف أن تفقده كلمة حق إما كرسيه او رقبته فعلى المملكة السلام والطوفان قادم لا محالة، إذ أن نفس الفرعون مهما طال فهو إلى نهاية، وعندها يضرب كل الكومبارس كفاً بكف ويقولوا ليتنا قلنا المشورة في وقتها. ماذا لو قالت حاشية صدام لا داعي لاجتياح الكويت فالبلاد غنية ومكتفية من كل خيرات الدنيا ولا تنقصها إلا الحرية وتداول الرأي والمشورة؟ وبعض من غبن وتسلط من حولك باسمك يا أيها القائد المهيب.
ماذا لوكان هناك رجال حول القذافي وقالوا له ما أنت إلا واحد منا تأكل كما نأكل وتمارس فسيولوجيا مثلنا فالرأي لنا جميعًا ومتى ما أتممت أربع سنوات عليك أن تتنحى ويجلس غيرك على هذا الكرسي، ولكن المستفيدين هم الذين يلعبون دور الكدايس في حضرة السلطان ويتفرعنون على من هم دونهم. وكلما كثرت الكدايس صال القائد الأممي وجال وقال أنا ربكم الأعلى.
متى ما أدار الفراعنة الدولة بالأمثلة أعلاها ولم يجدوا هاماناً بشجاعة هامان فرعون الذي رده من علاه الفوق وأضحك سنه بعبارته التي أصبحت مثلاً: على هامان يا فرعون؟ سيندمون جميعاً.
وزيادة البشر تستدعي زيادة الفراعنة وكأنما لكل عدد من الملايين فرعونًا. الأمر ليس مقصورًا على حكام الدول غير الديمقراطية يمكن أن ننزل بذلك حتى الصمد «وهي وظيفة زراعية لكل عدد من المزارعين صمد أي مسؤول عنهم ويكون حلقة وصل بينهم والموظف الإداري الذي يسمى المفتش وهي درجات مفتش أول وثاني وثالث وهذا موضوع آخر قد نقف عنده يومًا ما» حتى الصمد إن لم يجد من يقول له هذا خطأ وهذا صحيح فسيتفرعن ويركب مكنة مفتش.
إذًا الفرعنة سليلة الكنكشة وكل فرعون ذاهب لا  محالة وكل كمبارس سيعض أصبع الندم لما ضيع من فرص، بالمناسبة هذا الكمبارس لا يشترط فيه أي عمر يمكن أن يمارس دور الكمبارس كبير العمر ومن هو في عمر الشباب.
وعلاج مثل هذه المسائل الشفافية وبسط الشورى ولو في دائرة قوامها عشرة أشخاص.
ahmedalmustafa ibrahim [istifhamat@yahoo.com]
/////////////

 

آراء