من قصص الحرب العبثية

 


 

 

========5======
نعم، لازال في الكأس باق
===============
د.فراج الشيخ الفزاري
========
حديقة العشاق التي قصدها شاعرنا العظيم توفيق صالح جبريل ،تعني عندي ،السودان كله...فقد كان حديقة وارفة الظلال تحتوينا كلنا ..ولازالت في الوجدان..يانعة ومخضرة ولها روعتها وعطاؤها واريجها الذي نعرفه نحن العشاق علي إمتداد الوطن وخارج حدوده الجغرافية حيث لا توجد فواصل ابدا بين الجنين والمشيمة حتي خارج الرحم...فلا زال في الكأس باق من رحيق تلك الأيام الجميلة والصفات النبيلة من الجود والكرم المروءة التراحم بين الناس حتي في أيام المحن وهذه الحرب العبثية اللعينة.
السودان الكبير..شمس الشموس ومدنه البهية .. روائع النجوم المضيئة ..العاصمة الخرطوم...شندي...كسلا..
مدني ..بارا..النهود ..ومدن أخري كثيرة وبهية..لازالت في الخاطر والوجدان،هي دنيانا التي أشرقت بها شموس وجداننا ..هي وجودنا وجنة إشراقنا.
إلي وقت قريب ،كنت اظن،أن(الغيرة)و( الحسد) هي حالات نفسية فردية تلازم إضطرابات الشخصية غير السوبة، وليس لهاعلاقة بالسلوك الجمعي ..ولكن خاب ظني..فقد ادركت ان الشعور بالغيرة يمكن أن تكون حالة انتقالية كالعدوى الجرثومية تماما..وهي متوافرة بكثرة عندنا نحن معشر العاملين بالخارج ،وزادت اشتعالا بقدوم المشردين بسبب الحرب العبثية اللعينة..فقد بدأت تنتابنا تلك الغيرة الشريرة ونحن نري من حولنا تلك الإبداعات الرائعة التي تشهدها المدن الذكية في دول المهجر..ففي كل يوم وآخر هناك إبداع ومعالم جديدةومظاهر من التحديث والتعمير والبناء..بينما تصلنا عبر الوسائط، أخبار ارضنا الحبيبة وما تشهده من خراب ودمار بيد أبنائها..
أقول كل ذلك بالحسرة والألم..ولكن سرعان ما تهب علي رياح الذكريات الجميلة وكيف كان السودان...فاكمل مع شاعرنا العظيم هذه الأبيات المختارة من قصيدته لعلها تعيد التوازن إلى دواخلنا المختلة بسبب
تلك الحرب العبثية اللعينة:
كان صبحا نديا طلق المحيا
إذ دخلنا حديقةالعشاق
نغم الباقيات حرك أشجاني...وهاج الأسي
انين السواقي.
أصبح الصبح والشهود نهود...والأباريق بتن
في إطراق.
ائتني بالصبوح يا بهجة الروح..ترحني إن كان في
الكأس باق..
نعم...لا زال في الكأس باق عظمة شموخ وكبرياء السودان..لا زال في القلب والوجدان حب ذلك الوطن العظيم..الذي كان ولا يزال هو السودان.
د.فراج الشيخ الفزاري.

 

آراء