مواكب 21 أكتوبر واستكمال مهام الفترة الانتقالية

 


 

 

1
كما كان متوقعا جاءت مواكب 21 أكتوبر هادرة شملت مدن وارياف السودان المختلفة عكست وحدة وتلاحم السودانيين غض النظر عن اللون أو العرق أو الدين أو الثقافة ، ورافضة للحكم العسكري ، ومن اجل استرداد الثورة ، وأكدت أن جذوة الثورة مازالت متقدة ، وأن ثورة ديسمبر عميقة الجذور ترجع الي نهوض الحركة الجماهيرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية من أجل الاستقلال والسيادة الوطنية والتغيير الاجتماعي والتنمية المستقلة، وامتدادا لثورتي الاستقلال وأكتوبر 1964 وانتفاضة مارس – ابريل 1985 ، ولن يهدأ لجماهير شعبنا بال مالم تنجز نهضتها الوطنية المستقلة ، واستكمال مهام الفترة الانتقالية.
كما جاءت ردا عمليا علي نشاط الفلول الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد ، وكنستهم الجماهير في ثورة ديسمبر ، وجاري استكمال تفكيك نظامهم الفاشي الدموي ، واسترداد اموال الشعب المنهوبة ، وهزيمة لمحاولاتهم الانقلابية المتكررة ، وأخرها اعتصامهم مدفوع الأجر ، كما جاءت مواكب ديسمبر رسالة موجهة للفلول ولجنة البشير الأمنية التي تماطل في تسليم السلطة للمدنيين ولحلفائها في سلام جوبا الذين أكدوا عدائهم للحكم المدني وانحيازهم للحكم العسكري ضد الشعب الذي نفذ المجازر والابادة الجماعية في دارفور والمنطقتين ، كما عبرت مليونية 21 اكتوبر عن رفضها لشراكة الدم ، وداعية للحكم المدني الديمقراطي الكامل.

2
تميزت مليونية 21 أكتوبر هذا العام في العاصمة والأقاليم، بالتحضير الجيد لها بالاستفادة من دروس التجربة السابقة ، وبعد عمل تنظيمي دؤوب في الأحزاب الثورية ، والتنظيمات والاتحادات المطلبية ، وتنظيمات الشباب والنساء ، والحركة الشعبية شمال ( الحلو)، وتجمع المهنيين ، والأجسام المهنية ، كما عبرت في بياناتها ، وتنظيم لجان المقاومة في مجالات السكن والعمل والدراسة التي شملت العاصمة واٌلاقاليم ومدن العالم المختلفة ، كما في إعلان لجان المقاومة في بيان، بعد مواكب جابت أحياء الخرطوم حضرها عشرات الآلاف، أنها ستخرج من أجل «إنهاء الشراكة مع العسكريين» مؤكدة معارضتها أجنحة «الحرية والتغيير» المختلفة، واكدت أنها ليست طرفا في صراعات شراكة الدم ، وأنها «مواكب ضد شراكة الدماء، مع إسقاطها وإقامة الدولة المدنية الوطنية الكاملة غير المنقوصة، وحددت مساراتها بعيدا عن اعتصام القصر المصنوع. كما أعلن مصابو الثورة الخروج لتضميد جراح الوطن
، في حين جاء موكب الفلول الاستباقي لمواكب 21 أكتوبر بدعم من المكون العسكري وحركات جبريل ومناوي وهجو بعد أن فتحت لهم طرق وابواب القصر، لتخريب مليونية 21 أكتوبر والدعوة للحكم العسكري مع تفاقم أزمة الشراكة، والذي فشل وكان مثار تندر وسخرية.

3
من الجانب الآخر تزداد أزمة الشراكة تفاقما ويتعمق الانقسام داخلها حول المحاصصات والكراسي والمناصب وليس حول انجاز مهام الفترة الانتقالية ، والتآمر علي الثورة بقيام الانتخابات المبكرة قبل انجاز مهام الفترة الانتقالية ، وبسط الأمن في كل ربوع بلادنا ، و جاءت الدعوات لاصلاح ما افسده الدهر في شراكة الدم مثل تكوين رئيس الوزراء " خلية من 7 " لمعالجة خلافات شراكة الدم بعد اعتصام القصر ، والدعوات للعودة للوثيقة الدستورية و تنفيذ اتفاق جوبا الجزئي الذي يهدد وحدة البلاد ،علما بأن الحل الشامل والعادل يتم في ظل الحكم المدني الديمقراطي.
هذا اضافة للتدخل كما في دعوة السفارة الأمريكية للتمسك بالعملية الديمقراطية السلمية ، وأن الادارة الأمريكية تشجّع المدنيين والعسكريين للتغلّب على الخلافات، وقد شكل حمدوك خلية من(7) لحل أزمة الشراكة وفق تلك التوجيها ت للشركاء الذين تناقضاتهم ثانوية حول السلطة والمحاصصات، والتواصل مع ترك في الشرق ، كما أعلنت الشرطة حالة الاستعداد القصوى لتأمين المرافق العامة.
مع فشل محاولة الانقلاب جاء تصريح البرهان الذي أكد حرص الجيش والمكون المدني على انجاح الفترة الانتقالية، وتراجع مناوي الذي وافق علي مشاركة قحت (ب) على المشاركة في لجنة حمدوك السباعية ، و تصريح مجمع الفقة بأن استغلال أطفال الخلاوي في الحشود حرام شرعًا ، و تصريح حزب الأمة: لاحوار مع مختطفي الملفات وللعسكر أجندة خفيّة، كما أكد محمد الفكي لـ(أكسيوس) عن ثقته بنسبة 100% في أن د. حمدوك لن يسعى إلى أي عقد صفقات سرية مع الجيش..
كما تتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية كما في الارتفاع المستمر في الأسعار وتهديد الموسم الشتوي بالفشل ،وكما عبر عنها رئيس الاتحاد المهني لاستاذة الجامعات: ميزانيات الدعم السريع تعادل كل ميزانيات الخدمات والاقتصاد، وكذلم تصريح وزيرالنقل: 60 مليون يورو خسائر إغلاق الموانئ، وتصريح الموردين: اللجوء للموانئ البديلة اقتضته الظروف الراهنة، وتصريح جبريل أبراهيم : البلاد على شفا هاوية.
كما يزور المبعوث الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الخرطوم نهاية هذا الاسبوع، مع سياسة العصا والجزرة في زيارة هي الثانية في أقل من شهر، وأشار كاميرون هدسون من مركز افريقيا التابع للمجلس الأطلسي لصحيفة ذا ناشيونال: “تعكس زيارات السيد فيلتمان المتكررة جدية الأزمة السياسية التي تواجه السودان ومستوى التزام الإدارة بضمان بقاء الانتقال على المسار الصحيح، واضاف هدسون: “يجب على الولايات المتحدة أن تبدأ في تحدي الرافضين ومواجهة المخربين، وينبغي تذكيرهم بأن الدعم المالي الأمريكي للسودان مرهون بمواصلة البلد على الطريق نحو حكم مدني ديمقراطي”.

4
في ظل هذه الظروف والأزمة المتفاقمة لأزمة الشراكة جاءت مواكب 21 أكتوبر في مواجهة شراكة الدم القائمة علي الفساد والمحاصصات والعنصرية والجهوية ، والمليشيات، والدفاع عن مصالح الرأسمالية الطفيلية العسكرية والمدنية ،ومخاطر جيوش الحركات والتهاون مع الفلول في نشر الفتنة القبلية وأغلاق الميناء، والاعتصام لعودة الحكم العسكري !!.
كما شملت المواكب أكثر من 45 مدينة مثل : الخرطوم، مدني، عطبرة ، بورتسودان ، الحصاحيصا ، القضارف ، كسلا ، كوستي ، الابيض أم روابة ، النهود ، حلفا القديمة ، حلفا الجديدة ، دنقلا ، سنار ، شندي ، الدمازين، سنجة، نيالا ، الفاشر، الجنينة ، زالنجي ، الضعين وغير ذلك من بقية المدن. كما خرجت الجماهير بالدفع الذاتي عكس مواكب واعتصام الفلول الممول. وكانت مواكب مهيبة ملأت فيها الجماهير الشوارع في العاصمة والولايات بامواج بشرية ، أعادت بصورة أقوي موكب 30 يونيو 2019 الذي كان سدا منيعا أمام انقلاب مجزرة فض اعتصام القيادة العامة الدموي ، وسجلها الثوار تسجيلا جيدا دحض أكاذيب وتشوبه قناة "الجزيرة" و"الحدث" اللتين تعبران عن تدخل قطر والامارات في شؤون البلاد الداخلية.
كما تمّ استخدام العنف الوحشي كما في استهداف موكبي أم درمان والفاشر بالغاز المسيل للدموع والرصاص الحي ، مما أدي لجرحي واصابات خطيرة جاري حصرها حسب تقارير وزارة الصحة بولاية الخرطوم ورابطة الأطباء الاشتراكيين ولجنة الأطباء المركزية التي اشارت الي : حالات اصابات بطلق ناري ، وبالبمبان ، وحالات اختناق بالبمبان ، أدت لاستنكار واسع ، ومطالبة بمحاكمة الذين أمروا باطلاق النار ، مما أكد استهداف المكون العسكري واللجنة الأمنية للثوار ، في حين عملت حماية لاعتصام الفلول الهزيل و الممول أمام القصر.

5
وأخيرا ، مواكب 21 أكتوبر تؤكد ضرورة مواصلة التصعيد الجماهيري والمزيد من التعبئة والتنظيم لللجان المقاومة في مجالات العمل والسكن والدراسة ، ولجان التسيير والنقابات لانتزاع قانون النقابات للفئة ، والقيادة الموحدة التي بدأ ت تبرز من خلال مواكب اليوم الهادرة، ومواصلة المقاومة بكل الاشكال ، حتى الاضراب السياسي العام والعصيان المدني والانتفاضة الشعبية التي تطيح بشراكة الدم وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة التي عبر عنها موكب 21 أكتوبر مثل : القصاص للشهداء في مجزرة فض الاعتصام ، تفكيك التمكين واسترداد أموال الشعب المنهوبة ، تسليم البشير ومن معه للجنائية ، والغاء القوانين المقيدة للحريات ، وعودة المفصولين العسكريين والمدنيين، واعادة النظر في الاراضي التي تم ايجارها لمدة تصل الي 99 عاما ، واستعادة الاراضي السودانية المحتلة ( حلايب ، شلانين ، الفشقة. الخ)، وحل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، وعودة شركات الأمن والجيش والدعم السريع للمالية ، ووالسيادة الوطنية بالخروج من المحاور العسكرية ، ورفض املاءات الصندوق والبنك الدوليين ، وتحسين الأوضاع المعيشية ودعم السلع الأساسية والدواء الصحة والتعليم وخدمات المياه والكهرباء، تمكين المرأة والشباب ، وقيام علاقات خارجية متوازنة ، والحل الشامل والعادل في السلام ، وغير ذلك من أهداف الثورة ، حتى قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية واقرار دستور ديمقراطي وقانون انتخابات لقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

alsirbabo@yahoo.co.uk
////////////////////////

 

آراء