موكب ٣٠ يونيو وذكري الانقلاب المشؤوم

 


 

 

١
يصادف ذكرى موكب الصمود في ٣٠ يونيو ٢٠١٩ مضى ثلاثة وثلاثون عاما علي ذكرى انقلاب الانقاذ في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ المشؤوم الذي دبرته الجبهة الإسلامية ، وكان كارثة بحق حلت بالبلاد وشعب السودان، جاء الانقلاب ضد نظام ديمقراطي منتخب، وبعد أن توصلت الحركة السياسية السودانية بعد حوار طويل وشاق مع الحركة الشعبية إلي اتفاق لحل مشكلة الجنوب " اتفاق الميرغني – قرنق" لوقف الحرب والسلام في إطار وحدة البلاد، وعقد المؤتمر الدستوري . لكن الانقلاب قطع الطريق أمام ذلك ، واشعل نيران الحرب الجهادية في الجنوب التي أدت إلي استشهاد حوالي مليون ونزوح 4 مليون مواطن جنوبي ، وكانت النتيجة النهائية كارثة فصل الجنوب. كما اتسعب الحرب لتشمل جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، ودارفور، مما أدي لأكبر مأساة انسانية. ومارس النظام أقصي درجات المراوغة في الحوار ونقض العهود والمواثيق ، والاتفاقات مع الحركات والأحزاب، التي كانت يمكن أن تفضي لحلول لأزمة البلاد ، مما أعاد إنتاج الحرب والأزمة بطريقة أعنف من السابق.
٢
كما صادر النظام الحقوق والحريات الأساسية ، ومارس أبشع أساليب الاقصاء من تشريد حوالي 400 ألف من الخدمة المدنية والنظامية ، واعتقال وتعذيب الالاف ، واتخاذ سياسة التحرير الاقتصادي ورفع الدعم عن السلع الأساسية ، والتعليم والصحة، والخصخصة وتشريد العاملين ، مما أدي لافقار شعب السودان، ونهب ممتلكات الدولة : سكة حديد ، نقل نهري ، خطوط جوية وبحرية ، ومؤسسات وشركات رابحة، وتم بيعها بأثمان بخسة لمحاسيب الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية. وتمت مصادرة حرية الأحزاب والعمل النقابي ، وتزوير الانتخابات العامة والنقابية ، وتكوين تنظيمات فوقية وقوات الجنجويد علي حساب الدولة، والتفريط في سيادة البلاد " احتلال حلايب – شلاتين – الفشقة. الخ"
٣
وجد الانقلاب مقاومة كبيرة بدأت باضراب الأطباء في ديسمبر 1989 ، واضرابات العمال وانتفاضات الطلاب والمدن ، والحركات المسلحة ، ومقاومة المزارعين ومتضرري نهب الأراضي والسدود، وتأجير الموانئ ، كما حدث في الميناء الجنوبي لبورتسودان ، وتأجير ميناء سواكن ، واستشهاد أبناء البجا وكجبار والطلاب في الهبات الجماهيرية ضد النظام ، وارتكب النظام مجازر مثل : اعدام مجدي وجرجس بسبب حيازتهم دولارات !!، ومجزرة شهداء 28 رمضان ، ومجزرة العيلفون، واستهداف طلاب دارفور..الخ ، وهبة سبتمبر 2013 التي هزت أركان النظام ، ويناير 2018 ، حتي تم تتويج ذلك التراكم بثورة ديسمبر 2018 التي انفجرت في 13 ديسمبر من الدمازين ، وبشكل أعمق في 19 ديسمبر في عطبرة ، وارتفع سقف المطالب من استنكار للزيادات في الأسعار إلي اسقاط النظام ، كما رفع تجمع المهنيين سقف مطالبه من زياد الأجور إلي اسقاط النظام في مذكرة 25 ديسمبر2018 للقصر، وبعد ذلك تكونت " قوى الحرية والتغيير" ، التي قادت المعركة والمظاهرات بجداول محددة ، ورغم القمع الذي أدي لاستشهاد أكثر من 60 مواطنا وجرح أكثر من 500 ، واعتقال الالاف ، الا أن المقاومة استمرت بقوة حتى موكب 6 أبريل الذي أفضي للاعتصام في محيط القيادة العامة في العاصمة والحاميات العسكرية في الأقاليم ، وانحياز أقسام من الجيش للثورة ، مما أدى لانقلاب "اللجنة الأمنية" للنظام في 11 أبريل الذي أزاح البشير ، وجاء الفريق ابنعوف الذي رفضه الثوار ، وبعده جاء المجلس العسكري بقيادة الفريق البرهان ونائبه قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي".
٤
جاء الانقلاب ليقطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها وامتدادا للنظام الفاسد ، كما وضح من مجزرة فض الاعتصام والإنقلاب على الوثيقة الدستورية.. واختطاف ملف السلام من حمدوك والتوقيع على اتفاق جوبا لاستكمال تصفية الثورة وحتى انقلاب ٢٥ أكتوبر الذي أعاد التمكين والأموال المنهوبة الفاسدين والقمع الوحشي للثوار والتفريط في السيادة الوطنية بمحاولة قيام ميناء للامارات على البحر الاحمر.. إضافة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والامنية واستمرار المجازر في دارفور وشمال وجنوب كردفان وكسلا وبورتسودان. الخ والمقاومة الواسعة الذي وجدها.. إضافة للرفض الواسع للتسوية مع الانقلابيين التي تعيد إنتاج الأزمة.. ورفع الشارع لشعار لا شراكة ولا تفاوض ولا مساومة ولا تسوية مع الانقلاب العسكري.. وضرورة مواصلة المقاومة الجماهيرية بمختلف الأشكال حتى إسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني..
٥
واخيرا أوسع مشاركة جماهيرية في ذكرى موكب ٣٠ يونيو.. ومواصلة المقاومة حتى إسقاط الانقلاب و التفكيك الكامل والشامل للتمكين الذي اقامه انقلاب ٣٠ يونيو واستعادة كل اموال وممتلكات الشعب المنهوبة.. وعودة شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة لوزارة المالية.. والترتيبات الأمنية لحل مليشيات الدعم السريع ومليشيات الكيزان وقوات الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد والغاء القوانين المقيدة للحريات.. والقصاص للشهداء في مجزرة فض الاعتصام ومجازر مابعد انقلاب ٢٥ أكتوبر.. والحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشاكل بعد الغاء اتفاق جوبا.. والسيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم.. وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية..
المجد والخلود للشهداء وعاجل الشفاء للجرحي وعودا حميدا للمفقودين والنازحين الي قراهم والحرية لكل المعتقلين السياسيين..

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء