مولانا الأمين الحافظ الأمين الربيع.. رحمة الله عليه في عليين

 


 

 

ابلغتني زوجتي اليوم الأربعاء أثناء عملي بالخبر الحزين فادمعت عيناي ورغم عظم الواقعة لم أفاجأ، فالموت حق، كلنا له وما هذه الشهور المظلمة نهاراتها ولياليها إلا هي تثبيت لوجود الموت الكاسح الجامع ، فقد اكتفت العاصمة المثلثة كلها، ترابها وشوارعها ومبانيها ومستشفياتها التي شربت الدم وكلت من زخم الموت ومن شر مدافع وطائرات لم تخرج من أماكن تخزينها إلا بنية القتل والتدمير. لكن أخي وإبن خالي مولانا الأمين حافظ فقد مات بسلاح من نوع آخر وإن دق حجمه فإنه لجد فتاك إذا وجد فرصته وغفلة من الاستعداد لمواجهته. لقد مات ببساطة بالإلتهاب الرئوي "Pneumonia" والسبب عدم وجود رعاية صحية وتوفر علاج فهكذا المصير كان الموت. لماذا؟ الجواب معلوم فمثل هذا الحادث هو نتاج الحرب العبثية القائمة التي هي أولا واخرا السبب فى الخراب والتدهور المريع في كل شئ فمات من تداعياته وطن بأكمله. لا أكل ، لا شراب، لا أمن، لا علاج ،لا تعليم ،بل نهاية أربعين مليون لا دخل لهم بهذا الدمار. لقد تذكرته الرجل الجميل البسيط في مظهره وكلامه، وضاح الجبين المبتسم دائما في وجوه الناس لا يفرق بين لونهم أو لغتهم أو مستوى دخلهم وتعليمهم، تذكرته قبل يومين وقلت في نفسي إلي متي هذا الصمود داخل خرطوم يحترق، وياربي هل قرر الذهاب الي بربر وكيف بقي مرابطا هكذا؟. والله إنه لفقد عظيم وفقد دوحة كم كانت وارفة الظلال ستفتقدها الى الأبد حديقتنا التي صارت أشجارها تتساقط واحدة تلو الأخرى. اتذكره الآن ويوم التقينا خلال فبراير الماضي صدفة أمام منزله بكافوري . حلف علينا لازم ندخل البيت لنسلم على ألان الأسرة والأبناء ، وجاملناه دخلنا على عجل وعرفنا على ابنائه الجميلين المهذبين "نتاج الإغتراب" وأكرمنا وتوادعنا على أمل اللقاء. كانت سانحة من الصحبة رغم قصرها فقد حلقت بنا في تخوم المحبة الصادقة حتى بلغنا الثريا ولا عجب. قلنا إن شاء الله نلتقي لنستمتع أكثر بالقصص وحوارات ومدائح وذكريات الزمان والأمكنة ولكن للغيب شأنه وللأقدار شأنها ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا ولا تدري متى وبأي تموت. اللهم اغفر له واجعل الفردوس مسكنه. عزائي للأخ شقيقه تجاني وشقيقي زميله مولانا الطاهر والجميع والآل والأبناء . إنا لله وانا اليه راجعون. القلب يحزن والعين تدمع وإنا لفراقك ياالأمين لمحزونون.

تخرج مولانا محمد الحافظ الأمين في كلية القانون بجامعة الخرطوم وعمل بداية في السلك القضائي بالسودان وكحال الكثير من السودانيين إغترب في سلطنة عمان وبعدها الرياض في السعوديه مستشارا قانونيا. حباه الله بالمال والبنون والزوجة الصالحة وتمكن من بناء دار فخيمة تسترهم بحي كافوري. حباه الله بحب الناس وحباه ببياض النية والصدق والأمانة والاستقامة والتقي والورع وجمال الخلقة والأخلاق والبلاغة إذا وقف خطيبا والإمتاع إذا صدح منشدا الطيب العذب من أدب المدائح. والله إننا قد فقدنا رجلاً قامة ورجلاً صالحاً نشهد له بالاستقامة وبيض الصحائف.
اللهم تقبل عبدك الضعيف عندك محمد الحافظ الأمين فهو يرجو رحمتك ومغفرتك فاكرمه واجعل جنة الفردوس مسكنه، اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره. أعزي نفسي وأبنائه وزوجه وكل أهلي والعشيرة في داخل وخارج الوطن وخاصة في الوطن الصغير مدينة بربر والعزاء لزملاء مهنته الذين يعرفونه
لا حول ولا قوة الا بالله
عبدالمنعم

aa76@me.com

 

آراء