مَنْ أغلق أبواب السماء !!

 


 

هيثم الفضل
16 October, 2022

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
بعد إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم بخمسة أيام تقريباً ، قال العلَّامة و(مولانا) ذو البصيرة المُمتدة جبريل إبراهيم مُعبِّراً عن رؤيته للإنهيار الإقتصادي المُتوقَّع عقب الإنقلاب بعد تجميد المجتمع الدولي لعملية إعفاء الديون ، وتأجيل سداد المساعدات الدولية الخاصة بمُساندة عملية التحوُّل الديموقراطي ، تلك الرؤية الجبريلية التي ربما ظنها تفوقَّت على مُجمل رؤى المؤتمرالإقتصادي الذي عقدته حكومة حمدوك الأولى والذي أمَّهُ خِيرة الخُبراء والأكاديميين السودانيين في القطاع الإقتصادي والتنموي ، وعلى رأسهم فخامة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك نفسهُ بإعتباره خبير ومتخصِّص في المُشكلات الإقتصادية والتنموية للدول الإفريقية ، قال (العلَّامة) جبريل يومها في إطار مقابلة أجرتها معهُ قناة فرانس 24 نصاً ما يلي ( هذا أمرٌ مؤسف ، لكن على الشعب السوداني أن يعتمد على نفسه ، وعلى موارده قبل أن يعتمد على الآخرين ، بالتأكيد ستكون الأوضاع صعبة وسنكون في وضع سيئ ، ولكن أبواب السماء مفتوحة ، وسنعتمد على أنفسنا ولو جاءتنا مساعدات خير وبركة).
أما تصريح مولانا جبريل اليوم من الولايات المتحدة الأمريكية التي يزورها بوفد عرمرم من وزارة المالية وبنك السودان لحضور الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين فهو كما يلي : (نحاول إحداث إختراق عبر إقناع المؤسسات المالية الدولية بالعودة إلى دعم الحكومة السودانية ، لكن هناك صعوبة في ذلك ، لأن تلك المؤسسات مرتبطة بجهات دولية مهمة تشترط تحقيق تسوية سياسية بالبلاد لمواصلة التمويل ) ، وطبعاً التسوية السياسية يعلمها جبريل جيدأً فهي بأية حال من الأحوال لن يقبلها المجتمع الدولي إذا لم تخرج من رحم مطالب الشارع الثوري ومُتوَّجه بحكم مدني خالص يُبعد إنقلابيي 25 أكتوبر (عسكر ومدنيين) من المشهد السياسي ، ليبقى السؤال الذي يؤرِّق المضاجع : كيف لرجلٍ في خبرة جبريل السياسية أن تأخذه (شهوة) السلطة ونشوة إشتهاء النفوذ يومها ، بالقدر الذي يجعلهُ يعتقد أن التنمية الإقتصادية في السودان (إعتماداً على الذات) يُمكن أن تقوم لها قائمة دون (مساندات) دولية أبسطها الحصول على التمويل والسماح بإستجلاب مٌستحدثات تكنولوجيا الإنتاج الزراعي والصناعي ؟ ! ، هل كان جبريل جاداً يومها في أن إنهيار القطاع الزراعي والصناعي في السودان كان سُيعالج ويُعاد بناءهُ بالطواري والكدنكات والمناجل وسواعد الإنسان السوداني الذي أقعدهُ الجوع والفقر والمرض والجهل والإحباط المُتجدِّد ؟.
لا أعتقد أن (العلَّامة) جبريل يومها كان غافلاً عن أن إنقلابهُ المشئوم سيؤدي إلى دمار إقتصادي غير مسبوق ، وما يتبع ذلك من كوارث ستطال كل شيء وفي مقدمتها المواطن البسيط ، الذي هو في الحقيقة عماد (التنمية الذاتية) التي يتشدَّق بها جبريل وأمثالهُ ، جبريل إبراهيم ومعهُ كل الذين إنحازوا للإنقلاب وأصبحوا خصوماً للشعب السوداني ، كان آخر همهم الإقتصاد السوداني ، وبالتالي كانت آخر مآربهم إنتشال المواطن السوداني من وهدته التي لن تطول بإذن الله ، والدلائل على ذلك توالت فيما أصاب البلاد من غلاء طاحن وغير مسبوق ، عبر ما إبتلى به جبريل الشعب السوداني من ضرائب وجبايات وأتاوات وصلت حداً جعل حتى التجار يضربون ويغلقون محالهم في محاولة لإنقاذ تجارتهم من الكساد الذي يسببهُ إرتفاع قيمة الضريبة وتعدُّد مواعينها ، التجار يعلمون أن الزيادات المهولة في الضريبة سيدفعها في نهاية الأمر المواطن عندما تنعكس على أسعار السلع ، ولا مجال حينذاك إلا الإستعداد لمواجهة غول الكساد وإنكماش حركة المبيعات وربما إنعدامها كُلياً ، وفق ما يتوالى من ضعف مُزري للقُدرة الشرائية للمواطن السوداني المغلوب على أمره ، أقول (للعلَّامة) جبريل لقد دمَّرتُم البلاد بإنتهازيتكم ، وهتكتُم كرامة العباد بأطماعكم ، وإن غداً لناظرهِ قريب.

haythamalfadl@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء