نحن بنحب الكورة..!!

 


 

كمال الهدي
19 December, 2022

 

تأمُلات
. بدأت أشك في مقولة ترددت كثيراً مفادها أن الشعب السوداني محب لكرة القدم.

. فالمتابع لوسائل التواصل الاجتماعي لابد أنه يتأكد كل يوم أننا لا نحب شيئاً سوى الجدل وإهدار الوقت في النقاش العقيم.

. في الوقت الذي يعكف فيه غيرنا على التعلم من الدروس التي قُدمت من بعض مدربي ولاعبي كرة القدم العالميين، ومن إداريي ومشجعي الكرة في بلدان أخرى لا نزال نحن نشغل أنفسنا بالجدل العقيم والكراهية والبحث عن كل ما يوسع شقة الخلافات بيننا.

. ردود أفعال غالبيتنا أكدت لي بما لا يدع مجالاً للشك أن جمهور الكرة في السودان أحد أهم عوامل تدهورها.

. وصدقوني بهذه العقليات ( ما حا تقوم لينا قايمة) ، فليس هناك أي نشاط بشري يمكن أن ينتعش بالأمنيات.

. فكفاكم بحثاً عن الأعذار والمبررات وتعليقاً للأخطاء على الصحافة الرياضية وإداريي الكرة واللاعبين.

. فوراء كل صحفي متخلف الفكرة و(مصلحنجي) مشجع يبتاع صحيفته ويقرأ مادته.

. ووراء كل إداري عديم الفكر مشجعين يهللون ويطبلون له.

. ولا يمكن للاعبنا أن يتطور في مثل هذه البيئة غير الصالحة لأي عمل مفيد.

. أنتم كجماهير كرة تؤكدون كل يوم أننا نستمتع بالكراهية ونغوص في عدم الموضوعية والجهل الكروي ولا نعرف كيف نستمتع بكل جميل.

. فلا يعقل أن يفوز ميسي بكأس العالم ليجد التهاني القلبية الحارة ممن نافسوه على أرض الملعب بما فيهم صديقه البرازيلي نيمار الحزين على فقدان اللقب، بينما لا يجد بعضنا طريقة للتعبير عن كراهيتهم للإبداع سوى بالاحتفال بثلاثة أهداف سجلها إمبابي في اللقاء وكأن ذلك سينقص على الأرجنتينيين فرحتهم بلقب طال انتظارهم له، أو سيعيد الكأس للفرنسيين.

. وقفت أمام العداء التاريخي بين البرازيل والأرجنتين وقلت لنفسي ماذا لو كان نيمار سودانياً وكتب تغريدته تلك مهنئاً ميسي، هل كان بعضنا سيطلقون عليه رصاصة أم ماذا!

. هذه هي الكرة لمن يفهمونها ويحبونها حقيقة.

. المهزوم فيها يهنئ الفائز ليروح كل في حال سبيله ويفكر في مقبل الأيام وما يترتب القيام به.

. إلا نحن في هذا البلد الموبوء لا نعرف شيئاً اسمه التحرك للأمام وكل همنا هو الانشغال بما مضى لنهدر المزيد من الوقت والطاقات في الجدل العقيم.

. الصراع المصنوع سودانياً بين ميسي ورونالدو وامبابي يؤكد على تخلفنا حقيقة.

. الثلاثي أنفسهم لا يكرهون بعضهم، فما دخلنا نحن ولماذا نشجع الكرة بكل هذه الكراهية وعدم الموضوعية في أحكامنا لو كنا نحبها حقيقة!

. ما يجري يوضح بجلاء أين تكمن المشكلة، ويؤكد أنه من رابع المستحيلات أن يسود الوئام بين جمهور الهلال والمريخ، أو نفهم في يوم الكرة حقيقة ونتمتع بروح الرياضة.

. لا توجد مقارنة اطلاقاً بين هذا الثلاثي والأرقام، ومنو فيهم سجل كم قون في كم مشاركة لن يفش ليكم غبينة ولا حا يعكس قدر شنو انتو (كورنجية) يا جماعة الخير.

. فكل موهبة منهم مختلفة عن الأخرى وكل يُمتع بطريقته، فإما أن نمتع أنفسنا بالمشاهدة أو ننصرف لأمور أخرى.

. ميسي اجتهد من أجل تحقيق إنجاز توج به.

. وامبابي لم (يعذب) أو يقصد أن يعذب أحداً، بل سعى لأن تكون الكأس من نصيب بلده لكنه لم يوفق في ذلك.

. هذه كل القصة، وأي كلام غير كده حا يكون (خطل) وعدم موضوعية مننا لا أكثر.

. ولمن يفهمون كرة القدم وظروفها كان من الممكن ألا تسجل فرنسا ولا هدف واحد لو لا خطأ كبير وقع فيه اسكالوني كان من الممكن أن يبكيه حقيقة.

. فخلال الشوط الأول غاب منتخب فرنسا تماماً ولم يسدد إمبابي سوى مرة واحدة قبل انتهاء الشوط بدقائق معدودة.

. وتغيير ديشامب لجيرو وديمبلي لا أظنه كان عملاً مخططاً، بل نظرت له كتصرف يائس وحيرة من المدرب.

. َحتى تغييرات ديشامب في الشوط الثاني ما كان لها أن تحقق شيئاً لو تريث اسكالوني قليلاً وانتظر هدفاً ثالثاً قبل أن يخرج دي ماريا الذي حرر خروجه الشق اليسار كاملاً في المنتخب الفرنسي.

. والسيء في الأمر أن بديل دي ماريا نفسه لم يكن بالخيار المناسب.

. فالوقت كان مبكراً على التفكير في الدفاع.

. أضف لخطأ سكالوني الهفوة التي وقع فيها أوتاميندي في كرة كان بالإمكان تشتيتها بسهولة، ومعلوم في ظروف مثل هذه المباريات ما يمكن أن يحدث خلال دقائق معدودة.

. فلا تجهدوا أنفسكم كثيراً بفيديوهات ولقطات إمبابي وأهدافه الثلاثة لأنه هو نفسه غير منشغل بها وحتى جائزة الهداف لم تسعده كثيراَ لأنه كان يمني نفسه بالبطولة، والبطولة صارت ارجنتينية.

. وعموما لا ميسي ولا رونالدو ولا امبابي من بني جلدتنا وعلاقتنا بكل واحد منهم تنتهي مع انتهاء فواصل المتعة التي يقدمونها.

. تحب هذا أو تكره ذاك ده حقك وهو أمر طبيعي، لكنك كسوداني متخلف الفكر (كروياَ) لن تنقص أو تزيد أي واحد منهم شيئاً.

. أكره كما تشاء بس المبررات الواهية ما (حبابا).

. "ميسي يدعم الصهاينة" ده ما مبرر كما قلت غير مرة، وقد طالبت مشجعي المنتخبات العربية بأن يثبتوا لنا مثلاً أن ملوك المغرب لم يدعموا الصهاينة، لكن لا أحد يجيب بالطبع.

. " ميسي عامل وشم" ده برضو مبرر واهي فأنت ما حا تحاكم لاعب لا من دينك ولا ثقافتك بدينك وثقافتك وتقاليدك، وكان عندكم فلاحة حاكموا لعيبتنا المسلمين المرتبطين بثقافتنا وتقاليدنا وشوفوا طرائق قصهم للشعر ولبسهم للسلاسل وغيرها من المظاهر التي تلومون عليها ميسي او غيره.

. ميسي مغرور"! لن أجادل في ذلك بالرغم من أنني أرى غير ذاك وهناك أشياء قليلة جداً استجدت في سلوكه لا تعجبني، لكن فقط أذكركم بلاعبين سودانيين مغرورين ورغماً عن ذلك تدافعون عنهم وتقاتلون نيابة عنهم.

. انتهى المهرجان وطار كل طائر بصيده ففضوها سيرة رجاءً.

kamalalhidai@hotmail.com

 

آراء