نحن والغربة

 


 

 

ونحن لا اقصد بها الكل وانما اقصد بها امثالى الذين جاوزوا سن المعاش بعد ان امتصت منهم الغربه شبابهم ومازالوا تائهين يبحثون عن الوطن البديل بعد ان سطى الاخوان المسلمين على وطننا الجميل الرائع وشوهوا هذا الوطن الذى كان جميل طبيعه وجميل شعب ولا يوجد له مثيل عشنا فيه احلى سنين العمر وتجولنا فيه شرقه وغربه وشماله وكلما غادرنا مكان وجدنا مكاناً اجمل منه حياه حلوه ونفوس طيبه والكل مبتسم ومتفائل وليس هناك هم يؤرقنا وتملكنى الحزن وانا أتجول بين المدن الخارجيه لاختار احدهما لتكون مكان استقرار حتى نسترد الوطن المسلوب وشطبنا السودان من قائمة المرشحين بعد البرهان و٩ طويله وعودة اخوان الشيطان للسلطه .
وامريكا والغرب عموماً لا يصلحوا للمعاشيين من العالم الثالث وتحس فيه بالملل الشديد فالاغلبيه تعمل والعمل فى الغرب ليس ونسات وفطور جماعى ثم خروج ثم عوده وفلان لديه وفاه ويركب الجميع بما فيهم المدير نفسه فى حافله الى مكان الوفاه للعزاء ثم يعود البعض وآخرون لا يعودون فالعمل هنا يستهلك طاقتك كلها وتعود وانت عباره عن جثمان . وانت معاشى لا تجد من هو فاضى ليتونس معك بما فيهم أبناءك فالجميع ياتى من العمل وقد استهلكه العمل تماماً خاصه ونحن فى الاغتراب نبحث عن الأوفر تايم والدخل الكبير وماذا فى الغربه غير الدخل وحلمنا ان نعود بما جمعنا للوطن لنبنى المنزل ذلك الحلم الجميل حلم اى مغترب ولنقضى باقى ايامنا فى الوطن وسط الاهل وقد كنا نظن ان زمن الغربه محدود فلابد من استثماره حتى الآخر فاستهلكنا نفسنا للآخر وكان الواحد فينا يعمل فى اليوم ١٨ ساعه وعملين احياناً . وكنا نظن ان الوطن سيحتضننا فى أواخر العمر الشقى فى حنيه ولكنا وجدنا الوطن قد ضاع منا ومشغول بنفسه فقد ذهبنا اليه وكتبنا على بابه حضرنا ولم نجدك فقد وجدنا وطن آخر مختلف تماماً فى مكانه وجدنا دعم سريع وحركات مسلحه و٩ طويله وخليل وكوم سلاح وغياب امن وضاعت كل المعانى الجميله فأخذنا نبحث عن الوطن البديل والاغلبيه جاءت لمصر للتشابه بيننا وبين المصريين فى اشياء عديده منها اللغه والعادات والتقاليد ويحب السودانيون خفة دم المصريين وقبولهم للسودانى وهى تخفف عنهم مع ان مصر تغيرت هى الاخرى وليست هى مصر التى عرفناها فى السبعينات والثمانيات واصبح حى الفيصل حى من احياء امبده او الثوره انتشرت فيه الدكاكين والقهاوى وحتى الجزارات وظهر اولاد امدرمان بلحومهم المميزه وتجد فيه حتى النبق والدوم واللالوب وقد ذهب البعض لتركيا التى لا اطيقها لاحتضانها للكيزان . وكم يلفنى الحزن وقد ضاع منى ذلك الحلم الجميل بان أقضى ايامى الاخير مع اسرتى وانا اتونس مع اصدقائى وجيرانى المعاشيين ونحن جلوس على كراسى القماش المريحه امام منزلى وياولد جيب القهوه ويابت جيبى المويه وبدلاً من ذلك اصبح الواحد منا فى بلد واولاده فى بلد آخر تشتت الاسره بعد ان شردنا الكيزان فى اصقاع العالم حيارى بعد ان نهبوا وطننا الثرى وشوهوه لعنة الله عليهم فاصبحنا ضيوفاً على اوطان اخرى فى أواخر العمر وياللحزن

محمد الحسن محمد عثمان
‏omdurman13@msn.com
/////////////////////////////

 

آراء