نحو أساس متين لوحدة قوى الثورة (2) والأخيرة

 


 

 

1
أشرنا سابقا الي ضرورة قيام اساس متين لوحدة قوى الثورة فعلا لا قولا ، لمواجهة خطورة التسوية القائمة علي الشراكة مع العسكر واتفاق جوبا الفاشل ، والتى تعيد تجربة الوثيقة الدستورية " المعيبة" ،كما في الاعلان الدستوري لقوى الحرية والتغيير،وتجربة الفترة الانتقالية المريرة التي لم يتم تنفيذ أهدافها، بسبب انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد الذي قطع الطريق امام الثورة، وتحالف جزء من قوى الحرية والتغيير مع العسكر، والتي اجهضت الثورة، بعد مجزرة فض الاعتصام ، بدعم خارجي خليجي وأمريكي واوربي وافريقي، وانقلبت علي ميثاق قوي الحرية والتغيير ، ووقعت علي "الوثيقة الدستورية" التي كرّست حكم العسكر، وقننت قوات الدعم السريع دستوريا ، وبعدها تمّ الانقلاب علي الوثيقة الدستورية نفسها، بالسير في خط "الهبوط الناعم " الذي أعاد إنتاج سياسات النظام البائد الاقتصادية والقمعية ،والتفريط في السيادة الوطنية، وأبقت علي مصالح الرأسمالية الطفيلية، وحتى قيام انقلاب 25 أكتوبر.
2
كانت حصيلة أكثر من عامين من تجربة الشراكة التي قامت علي الوثيقة الدستورية "المعيبة"علي النحو التالي:
- تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية ،وتجاهل ما جاء فيلوثيقة الدستورية التي أشارت لتحسين الأوضاع المعيشية ودعم التعليم والصحة وتحسين البيئة وتمكين المرأة والشباب، بل سارت قدما في استباق لتوصيات اللجنة الاقتصادية لقوي الحرية والتغيير ، وتوصيات المؤتمر الاقتصادي ، في سياسة النظام البائد الاقتصادية القائمة علي تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن المحروقات والتعليم والصحة والدواء، التخفيض المستمر للجنية السوداني..
- ابقت الحكومة علي القوانين المقيدة للحريات مثل : قانون النقابات 2010 " قانون المنشأة"، وعدم اجازة القانون الديمقراطي للنقابات الذي تم التوافق عليه ، و الذي يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية..
اضافة لعدم تسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، والخرق المستمر" للوثيقة الدستورية" ، وآخرها التعديل لتضمين بنود سلام جوبا الذي من حق المجلس التشريعي الذي يعدل الدستور بثلثي الأعضاء، واستباق المؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم ، بتعيين مناوي حاكما لدارفور حتى دون انتظار تكوين الأقاليم!!، والقمع في مواجهة حركة الاحتجاجات والاعتصامات والمواكب السلمية والنهوض الجماهيري الواسع لتحقيق مطالب المواطنين في زيادة الأجور وتوفير خدمات التعليم والصحة وتفكيك سيطرة رموز النظام البائد من المحليات، وتحقيق مطالب وشعارات ثورة ديسمبر كما عبرت المليونيات التي نفذتها الجماهير لتصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافها.
- تأخير تكوين المجلس التشريعي ، ورفض المحاصصات في تكوينه لمصلحة "الهبوط الناعم" وعدم إعلان نتائج التقصي في مجزرة فض الاعتصام ، والانتهاكات باطلاق النار علي المواكب والتجمعات السلمية ومحاسبة المسؤولين عنها، والخرق ل "الوثيقة الدستورية" المستمر. الخ. .
- عدم هيكلة الشرطة والجيش والأمن ، وحل الجنجويد و كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش المهني الموحد ، وعدم اصلاح القضاء والنيابة العامة وقيام المحكمة الدستورية، والبطء في تفكيك النظام واستعادة أموال الشعب المنهوبة ، وعدم تكوين التشريعي والمفوضيات.
- السير في سياسات النظام البائد في السلام الجزئي القائم علي المحاصصات الذي يعيد إنتاج الحرب ويفتت وحدة البلاد، بدلا من الحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة ويخلق السلام المستدام والديمقراطية والعدالة والتنمية المتوازنة، اضافة لهيمنة المكون العسكري علي ملف السلام الذي من مهام مجلس الوزراء، وتكوين مجلس السلام بدلا من مفوضية السلام المنصوص عليها في "الوثيقة الدستورية"، ووقع اتفاقا مع الجبهة الثورية عطل بموجبه تكوين التشريعي ، وهذا خرق آخر "للوثيقة الدستورية"، اضافة للتدخل الدولي الكثيف في عملية السلام، بدلا من المؤتمر الجامع للسلام في الخرطوم الذي يشترك فيه اصحاب المصلحة والحركات والمتضررون في المعسكرات وكل القوي السياسية والمدنية في مناطق الحروب، رغم اتفاق جوبا استمرت الحرب في دارفور كما حدث في الجنينة.
كانت النتيجة التوقيع غلي اتفاق جوبا الذي فشل في تحقيق السلام وتحول الي مناصب محاصصات وفساد يزكم الأنوف، اضافة للانقلاب علي الوثيقة الدستورية الذى بجعل بنود اتفاق جوبا تعلو عليها، وتكوين مجلس الشركاء ، واستباق المؤتمر الدستوري في تكوين الأقاليم وغير ذلك، حنى مشاركة قادة حركات جوبا في اعتصام " الموز" ، و في انقلاب 25 أكتوبر 2021 الدموي الذي تدهورت في ظله الاوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية بشكل غير مسبوق..
- التفريط في السيادة الوطنية وربط البلاد بالاحلاف العسكرية الخارجية، لنهب اراضي ومياه وثروات البلاد الزراعية والمعدنية، والسيطرة علي الموانئ، والاتفاقيات لقيام قواعد عسكرية بحرية لروسيا وأمريكا، والتفريط في أراضي البلاد المحتلة ( الفشقة، حلايب، شلاتين، ابورماد . الخ)، وزج السودان في الحروب الخارجية ( اليمن ،.الخ)، مما يهدد أمن البلاد، بدلا من التوازن في علاقاتنا الخارجية لمصلحة شعب السودان، والخضوع للابتزاز الأمريكي بالرفع من قائمة الدول الراعية للارهاب مقابل التطبيع مع اسرائيل الذي من مهام الحكومة المنتخبة القادمة، وإلغاء قانون مقاطعة اسرائيل 1958 الذي أجازه برلمان منتخب، ودفع مبلغ 335 مليون دولار عن جرائم إرهابية ارتكبها النظام البائد شعب السودان غير مسؤول عنها، وهو يعاني المعيشة الضنكا جراء الارتفاع المستمر في الأسعار ، والنقص في الوقود والخبز والدواء والعجز عن طباعة الكتاب المدرسي. الخ، فضلا عن المراوغة وعدم الشفافية في التطبيع، باعتبار ذلك استمرار في اسلوب النظام البائد القائم علي الأكاذيب وخرق العهود والمواثيق، والخضوع للاملاءات الخارجية، مثل فصل البشير للجنوب مقابل وعد برفع السودان من قائمة الإرهاب، .الخ، تم فصل الجنوب وظل السودان في قائمة الإرهاب.
3
كل ما سبق يتطلب اساسا متينا لتحالف ثوري يستند علي المواثيق السابقة وتطويرها مثل: البديل الديمقراطي 2012، إعادة هيكلة الدولة السودانية 2016 ، إعلان الحرية والتغيير 2019 ، في ميثاق تقدمه قوي الثورة من جملة المواثيق المطروحة لكل القوي الجادة في اسقاط الانقلاب، واقامة البديل المدني الديمقراطي الهادف للتغيير الجذري ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ، استنادا علي الوجود الجماهيري المتعدد الأشكال والمستويات في الشارع باعتباره العامل الحاسم واستمرار التراكم النضالي الجماهيري الجاري من مليونيات واعتصامات ووقفات احتجاجية ، واضرابات ، ومذكرات.الخ، وتمتين اصطفاف قوي الثورة ،حتى الانفجار الشعبي الشامل ، والاضراب السياسي والعصيان المدني الذي يطيح بالانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي.الذي يحقق الأهداف التالية:
أ – تجسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية ، وتركيز الأسعار مع زيادة الأجور التي تآكلت، وتحقيق مجانية التعليم والصحة ودعم الدواء المحروقات والكهرباء ، وتغيير العملة ، وتخفيض منصرفات الأمن والدفاع والقطاعين السيادي والحكومي، وضم كل شركات الذهب والبترول والمحاصيل النقدية والماشية والاتصالات وشركات الجيش والأمن والدعم السريع لولاية وزارة المالية، وزيادة الصادر وتقليل الوارد الا للضروري، وتقوية الدور القيادي للقطاع العام والتعاوني اضافة للمختلط والخاص، ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي والنقل لتوفير فرص العمل للعاطلين، وتقوية الجنية السوداني، سيطرة بنك السودان علي العملات الأجنبية . الخ، والغاء قوانين الاستثمار 2021 وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص 2021 ، وقانون التعدين الهادفة لنهب ثروات البلاد وأراضيها الزراعية.
ب - إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، القصاص لشهداء مجزرة فض الاعتصام وبقية الشهداء، وجازر ما بعد 25 أكتوبر ومجاز الابادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق، بهدف نهب الاراضي وثروات الذهب والمعادن، ، وإجازة القانون الديمقراطي للنقابات، واصلاح النظام القانوني والعدلي وتكريس حكم القانون، وإعادة هيكلة الشرطة وجهاز الأمن، وتحقيق قومية ومهنية الخدمة المدنية والقوات النظامية ، وحل كل المليشيات وجمع السلاح وفق الترتيبات الأمنية، وعودة المفصولين من العمل مدنيين وعسكريين، وتسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، ورفض المحاصصة في تكوين التشريعي.
اضافة لتحقيق أوسع تحالف للدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية، ومراجعة كل الاتفاقات السابقة حول الأراضي التي تصل مدة ايجارها الي 99 عاما!!، وإلغاء القانون الجنائي للعام 1991 ، والعودة لقوانين 1974 مع تطويرها، وقومية ومهنية الخدمة المدنية ورفض التدخل الأمريكي فيها، والمجالس الاستشارية للوزرارات التي تخدم المصالح الأجنبية، وتنفيذ تمثيل المرأة بنسبة 50% في كل المواقع الحكومية والتشريعية ، ومساواتها الفعلية مع الرجل.
قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية ، وسن قانون ديمقراطي لانتخابات يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية ، ودستور ديمقراطي يؤكد قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الثقافة أو العرق.
ج – تحقيق السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة وينجز التحول الديمقراطي ، ودولة المواطنة التي تسع الجميع، وتفكيك التمكين ، والتنمية المتوازنة، وتحديد نصيب المجتمعات المحلية من عائدات الذهب والبترول.الخ لتنمية مناطقها، والعدالة والمحاسبة علي جرائم الحرب والابادة الجماعية وتسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتفالية الذي يحدد شكل الحكم في البلاد، وهوّية البلاد وعلاقة الدين بالدولة.الخ، والتوافق علي دستور ديمقراطي قانون انتخابات ديمقراطي ، يتم علي أساسه انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وعودة النازحين لقراهم وتوفير الخدمات لهم " تعليم ، صحة، مياه، كهرباء، خدمات بيطرية.الخ"، حل كل المليشيات وجمع السلاح ، وقيام المؤتمر الجامع الذي يشارك فيه الجميع من حركات وقوي سياسية ومنظمات مدنية وجماهير المعسكرات، للوصول للحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة، ووقف التدخل الخارجي..
د- – تحقيق السيادة الوطنية والعلاقات الخارجية المتوازنة بالغاء كل الاتفاقات العسكرية الخارجية التي تمس السيادة الوطنية، والخروج من محور حرب اليمن وسحب قواتنا منها، وقوات الأفريكوم ، واستعادة كل الأراضي السودانية المحتلة ( الفشقة ، حلايب ، شلاتين . الخ ) ، الغاء الاتفاقيات لقيام القواعد العسكرية البحرية لروسيا وأمريكا، والحلف العسكري مع مصر ، الغاء التطبيع مع اسرائيل ، والابفاء علي قانون مقاطعة اسرائيل 1958 الذي أجازه برلمان منتخب، وحماية منشآت السودان المائية واراضيه من خطر سد النهضة، واتفاق ملزم لمد السودان بالكهرباء والمياه الكافية لمشاريع السودان الزراعية والعمرانية، ووقف المخطط لقيام الميناء الاماراني الجديد في غياب المؤسسات التشريعية ، وفي ظل السلطة الانقلابية غير الشرعية الراهنة.
وقيام علاقاتنا الخارجية علي أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الدول الأخري..

alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء