نحو حوار عقلاني يتجاوز الجدل الذاتي!

 


 

 

زهير عثمان حمد

ماذا يعني السجال بين المثقفين حول المواقف السياسية من منطلقات شخصية وغبن طبقي يحمل لغة تجريح حادة لا تحمل عقلانية ولا تحل قضية بل تعقد ما بين والمثقفين من شقاق وخلاف , السجال بين المثقفين حول المواقف السياسية يمكن أن يكون معقدًا ومتعدد الأبعاد. عندما ينطلق هذا السجال من منطلقات شخصية أو غبن طبقي، فإنه غالبًا ما يحمل معه لغة تجريح حادة ويفتقر إلى العقلانية. هذا النوع من النقاش لا يساهم في حل القضايا بل يمكن أن يؤدي إلى تعقيد العلاقات بين المثقفين ويزيد من الشقاق والخلاف. , المواقف السياسية يجب أن تُبنى على أساس الحجج المنطقية والنقاش البناء الذي يسعى للوصول إلى حلول وتفاهمات. عندما يتخلى المثقفون عن هذه المبادئ ويتبنون لغة الإساءة والتجريح، فإنهم يفقدون الفرصة للمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع ويصبحون جزءًا من المشكلة بدلاً من الحل. , من المهم أن يحافظ المثقفون على مستوى من الاحترام والتفاهم حتى في خضم الاختلافات السياسية، وأن يسعوا لإيجاد أرضية مشتركة يمكن من خلالها التقدم نحو مستقبل أفضل للجميع. النقاش الصحي والموضوعي يمكن أن يكون أداة قوية للتغيير الإيجابي، بينما النقاش الذي ينطوي على تجريح وإساءة يؤدي فقط إلى المزيد من الانقسام والتوتر
ليست كل السجالات السياسية تحمل طابعًا شخصيًا أو غبنًا طبقيًا. في الواقع، الكثير من النقاشات السياسية تُجرى على أساس الأفكار والمبادئ والسياسات بطريقة موضوعية ومحترمة. السجالات البناءة تركز على القضايا والحلول بدلاً من التركيز على الأشخاص أو الطبقات الاجتماعية.

ومع ذلك، في بعض الأحيان، قد تتأثر النقاشات بالمشاعر الشخصية والخلفيات الطبقية، مما يؤدي إلى تصعيد التوترات والانقسامات. هذا يمكن أن يحدث خاصةً في الأوقات التي تكون فيها الأوضاع السياسية متوترة أو عندما تكون القضايا المطروحة حساسة جدًا وتمس الهُوِيَّة الشخصية أو الجماعية.

المهم هو أن يسعى المشاركون في السجالات السياسية إلى الحفاظ على مستوى من الاحترام والتفاهم، وأن يكونوا مستعدين للاستماع والتفكير في وجهات النظر المختلفة، وأن يتجنبوا اللغة التي تحمل تجريحًا أو إساءة. فالنقاش السياسي الصحي يمكن أن يكون محركًا للتغيير الإيجابي والتقدم الاجتماعي

السجالات السياسية في السودان، هي تعكس تحديات الانتقال السياسي والتوترات التي يمر بها البلد. والسودان شهد فترات من الحكم العسكري ومحاولات للتحول نحو الديمقراطية، وقد تأثرت السجالات السياسية بالتوترات بين المدنيين والعسكريين في الآونة الأخيرة، كان هناك حديث عن ضرورة تشكيل حكومة مستقلة والحفاظ على مسار الدولة المدنية.

من المهم الإشارة إلى أن السجالات السياسية يمكن أن تكون معقدة وتحمل أبعادًا مختلفة، وقد تتأثر بالمشاعر الشخصية والخلفيات الطبقية في بعض الأحيان، لكن هناك أيضًا جهودًا تُبذل للتوصل إلى حلول وتفاهمات تساعد في تجاوز التحديات الراهنة , وهذا هو الواقع الماثل الان

في أكتوبر 2021، شهد السودان نقاشًا سياسيًا مكثفًا حول مستقبل الحكومة الانتقالية. كان هناك تقارير تفيد بأن رئيس مجلس السيادة، البرهان، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قد اتفقا على حل الحكومة. ومع ذلك، جاء نفي هذه التقارير بعد تصريحات من حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، تحدث فيها عن “توافق البرهان وحمدوك على حل المجلسين” السيادي والوزراء.

كان هذا النقاش جزءًا من تطورات سياسية أكبر تتسارع في السودان، والتي كانت تشمل تظاهرات مضادة واعتصامات أمام القصر الجمهوري. كانت هناك مطالبات بحل الحكومة برئاسة حمدوك، وكانت هذه المطالبات تأتي من مجموعة “الميثاق الوطني” التي انشقت عن قوى الحرية والتغيير. كانت هناك أيضًا مطالب بتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وإنهاء ما وُصف بـ"حالة الاختناق السياسي" في البلاد.

هذا المثال يظهر كيف يمكن للنقاشات السياسية أن تكون معقدة ومتشابكة مع الأحداث الجارية في البلاد، وكيف يمكن للمواقف السياسية أن تتغير بسرعة في ظل الظروف المتقلبة.

نعم، يمكن للسجالات السياسية الحادة والمشحونة بالتوترات الشخصية والطبقية أن تكون لها تأثيرات سلبية على الحياة السياسية وعلى عملية الانتقال الديمقراطي. النقاشات التي تتسم بالحدة والتجريح يمكن أن تؤدي إلى تعميق الانقسامات وتقويض الثقة بين الأطراف المختلفة، مما يعيق الحوار البناء ويصعب من إيجاد حلول توافقية.

عندما تكون السجالات السياسية محملة بالمشاعر الشخصية والغبن الطبقي، فإنها قد تفقد التركيز على المصلحة العامة وتصبح أكثر تركيزًا على الصراعات الفردية أو الجماعية2. هذا يمكن أن يؤدي إلى تشتيت الجهود عن القضايا الأساسية ويعرقل التقدم نحو تحقيق الديمقراطية والاستقرار السياسي.

لذلك، من المهم أن تُجرى السجالات السياسية بطريقة تحافظ على الاحترام المتبادل وتسعى للوصول إلى تفاهمات وحلول تخدم الصالح العام، وأن تكون مبنية على الحجج المنطقية والأدلة بدلاً من الهجوم الشخصي والتجريح

السجالات السياسية في الدول الأخرى يمكن أن تحمل طابعًا شخصيًا، خاصةً عندما تتداخل السياسة مع الشخصيات القوية والمؤثرة. في بعض الأحيان، يمكن أن تكون السياسة مرتبطة بصورة الزعيم السياسي وتأثيره الشخصي على الجماهير , و كما يمكن أن تتأثر السجالات السياسية بالآمال والتوقعات الاجتماعية، وقد تتحول إلى حقل للسجالات السياسية التي تعكس الخيارات السياسية والإملاءات.

ومع ذلك، ليست كل السجالات السياسية تحمل هذا الطابع. هناك العديد من النقاشات التي تُجرى بناءً على الأفكار والمبادئ والسياسات بطريقة موضوعية ومحترمة. السجالات البناءة تركز على القضايا والحلول بدلاً من التركيز على الأشخاص أو الطبقات الاجتماعية.

وقد يعتمد طابع السجالات السياسية على السياق الثقافي والاجتماعي والتاريخي لكل دولة، وكذلك على الأشخاص المشاركين في النقاش وطريقة تعاملهم مع القضايا السياسية. ، و يمكن للسجالات السياسية الحادة والمشحونة بالتوترات الشخصية والطبقية أن تكون لها تأثيرات سلبية على الحياة السياسية وعلى عملية الانتقال الديمقراطي. النقاشات التي تتسم بالحدة والتجريح يمكن أن تؤدي إلى تعميق الانقسامات وتقويض الثقة بين الأطراف المختلفة، مما يعيق الحوار البناء ويصعب من إيجاد حلول توافقية.

عندما تكون السجالات السياسية محملة بالمشاعر الشخصية والغبن الطبقي، فإنها قد تفقد التركيز على المصلحة العامة وتصبح أكثر تركيزًا على الصراعات الفردية أو الجماعية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تشتيت الجهود عن القضايا الأساسية ويعرقل التقدم نحو تحقيق الديمقراطية والاستقرار السياسي.

لذلك، من المهم أن تُجرى السجالات السياسية بطريقة تحافظ على الاحترام المتبادل وتسعى للوصول إلى تفاهمات وحلول تخدم الصالح العام، وأن تكون مبنية على الحجج المنطقية والأدلة بدلًا من الهجوم الشخصي والتجريح ويجب أن نؤكد على أهمية الحُوَار البنّاء الذي يتجاوز الخلافات السطحية ويتعمق في جذور المشكلات لإيجاد حلول جذرية تضمن مستقبلًا أفضل للجميع. إن الوقت قد حان لنتحدى الأفكار القديمة ونتبنى نهجًا جديدًا يحترم التنوع ويقدر الحوار الهادف. لنكن جميعًا جزءًا من الحل، وليس جزءًا من المشكلة، ولنعمل معًا من أجل تحقيق السلام والازدهار لوطننا العزيز. فلنتذكر دائمًا أن العقلانية والتجارب الإنسانية العظيمة هي منارات تضيء طريقنا نحو مستقبل مشرق يسوده العدل والمساواة والاحترام المتبادل.

zuhair.osman@aol.com

 

آراء