نداء الى شباب السودان

 


 

 

نداء الى شباب السودان: هزيمة مكيدة قيام الدولة الدينية فى البلاد هو واجبكم الأول!!


هل يجوز عقلا أن يستمر البكاء و النواح على فقدنا لربع تراب وطننا العزيز الى ما لا نهاية؟ وهل يجوز لنا أن نصف الشعب السوداني بأوصاف لا تليق به تماما، أقلها شعب من ورق، نتيجة الإحباط الذى أصابنا جراء عجز وفشل النخب الحاكمة و المعارضة فى الحفاظ على وحدة البلاد؟ ألا يتوجب علينا جميعا الخروج من هذه ’الحالة العاطفية‘، رغم مشروعيتها، و إعمال العقل فيما حدث فى صبيحة التاسع من يوليو الجاري، و إعمال الفكر فى كيفية تجاوز هذه المحنة التى ألمت بنا؟ ألا يتوجب علينا أن لا نضيع، ولو ثانية واحدة، فى العويل، بل يتوجب علينا إستثمارها فى التفكير فى مختلف السيناريوهات المستقبلية الكفيلة بإخراجنا من هذا النفق المظلم، لأننا فى صراع مع الزمن لكسب المعركة مع هؤلاء الأبالسة الذين أوصلونا الى هذا الدرك السحيق من التخلف، و التمزق، و التفتت؟
إذا كان هؤلاء الأبالسة يفكرون بعقلانية فى أحلك اللحظات و الظروف التى تواجههم، لدرجة إلغاء إحتفالهم السنوي بذكرى إنقلابهم المشؤؤم، فما بال قوى المعارضة، التى تدعى إنها تمتلك الخطط و البرامج البديلة، تغيب عقلها وتجنح الى العواطف الجياشة فى نفس الظروف المشابهة؟ أليس من المدهش حقا أن لا يحتفل هؤلاء الأبالسة بالذكرى الثانية و العشرين لتأسيس الدولة الرسالية؟ بل إمعانا فى المكر و التضليل ذهب رئيس الدولة ونائبه فى رحلات الى خارج البلاد فى نفس أسبوع الإحتفالات المفترضة، على الرغم مما شكله ذلك من مخاطر على الرئيس؟ هل يعقل أن تمر الذكرى السنوية لدولة البدريين دون ذكر لها فى أجهزة إعلامهم، أو دون إشارة لها من قبل أبواقهم الإعلامية، أو حتى دون عطلة رسمية، كما جرت العادة دائما؟
أعتقد بأن السبب الرئيسي الذى قاد هؤلاء الأبالسة الى إلغاء إحتفالاتهم السنوية بذكرى إنقلابهم المشؤوم هو سعيهم الى التنصل من تحمل مسئولية أكبر جريمة ترتكب فى حق الشعب و الوطن، وخوفهم فى أن تترسخ هذه الإحتفالات فى وجدان الشعب السوداني، و ترتبط بمرارة إنفصال جزء عزيز من الوطن و تفتيت ترابه. إن إحتفال هذا العام، إن قدر له أن يقوم، كان سيرتبط فى أذهان ووجدان الشعب السوداني بأن "هؤلاء الناس" إنما يحتفلون بضياع 25% من تراب الوطن، وحوالي 20% من رأسماله البشري، و 80% من غطائه النباتي، و حوالي 75% من موارده النفطية. لذلك إقتصرت إحتفالاتهم على ذبح ’كبش‘ أبيض من قبل جماعة منبر السلام العنصرية البغيضة، و على حملات إعلامية ممجوجة يبجلون فيها علم السودان، الذى نكسوه، فى خيبة وطنية لم تشهد البلاد لها مثيلا منذ إستقلالها، قبل أيام قليلة، و أمام العالم أجمع! ألم أقل لكم فى مقالات سابقة بأن ’قوة العين صنعة‘!
هذا هو السبب الرئيسي الذى دعاهم الى إلغاء إحتفالات هذا العام. التهرب من تحمل مسئولية هذه الجريمة النكراء، و التى لم يجرؤ حتى الإستعمار الإنجليزى على فعلها. إن أقصى ما فعله الإستعمار فى حق جنوب الوطن من إجراء جائر هو إصداره لقانون المناطق المقفولة، و منعه للشماليين من دخوله إلا بإذن. نعم يحق للمواطن الشمالى دخول الجنوب بإذن خاص فى عهد الإستعمار، و لكن لا يحق له دخوله إلا بتأشيرة دخول رسمية فى عهد الدولة الرسالية...فتأمل!
إذن كانت التضحية بإحتفالات هذا العام هو الثمن الذى يتوجب على قادة دولة التوجه الحضارى دفعه لكيلا يرتبط إحتفالهم هذه المرة فى وجدان الشعب السوداني بفصل الجنوب. وقد كان. ألم أقل لكم بقدرتهم الفائقة على التفكير العقلانى فى أحلك الظروف! لم يأبهوا مطلقا لردة الفعل التى لم يمكن أن تحدث من قبل الجماهير جراء إلغاء الإحتفال، ناهيك عن مؤيديهم، لأنها بكل تأكيد ستكون أخف وطأة من سيناريو الإرتباط الوجداني الذى أشرنا إليه. إنها إحدى ،عبقريات‘ الإنقاذ وهى تتجلى فى أبهى صورها!
يبقى السؤال إذن، لماذا كل هذه الخسائر المادية، والمالية، والبشرية الجسيمة التى تكبدها الوطن ككل؟ وما هي المكاسب التى سوف يجنيها سودان ما بعد التاسع من يوليو جراء كل هذه الخسائر الفادحة؟ إذا كان الثمن هو فصل الجنوب، إذن لماذا شنت الإنقاذ حربها الدينية  و أعلنت جهادها المقدس على سكانه الآمنين، مما نتج عنه أكثر من مليوني قتيل من الجانبين؟ هذا عدى المآسي التى خلفتها تلك الحرب اللعينة كالأيتام، و الأرامل، و التشرد من الديار، و اللجوء الى خارج الوطن. إنه بالفعل ثمن بخس كان يمكن التوصل إليه بين ’الشريكين‘ حتى دون إطلاق رصاصة واحدة! لكن نهج ’الإستهبال‘ السياسي لقادة الدولة الرسالية على الشعب السوداني لا يزال مستمرا.
الدليل على ذلك هو مشاعر الحزن الزائف التى أبداها قادة الدولة الرسالية على إنفصال الجنوب بعد التاسع من يوليو، بما فى ذلك بعض صقورهم، كنافع و كمال عبيد، بل حتى البشير نفسه! إنهم يعتقدون إعتقادا جازما بأن للشعب السوداني ’قنابير‘ على رؤوسه، وأنه بالفعل سوف تجوز عليه مثل هذه المسرحيات السمجة. لذلك فإنهم قد ذهبوا بعيدا فى ’إستهبالهم‘ ليعلنوا، و على رؤوس الأشهاد، بأن إنفصال الجنوب لم يكن سوى إستجابة لرغبة و إرادة المواطن الجنوبي نفسه، و التى تمثلت فى نتيجة الإستفتاء الأخير. إنه محض هراء. إن الأرقام المجردة لا تعنى شيئا إذا ما أخذت خارج سياقها التاريخي، و بعيدا عن الأسباب الموضوعية المسببة لها.
لقد أصبح الكل يدري، و أصبحت الصورة أكثر وضوحا الآن، بأن سيناريو تقسيم السودان قد أعد له بإتفاق كامل بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية، بعد إستشهاد زعيمها الوطني الوحدوي الدكتور قرنق، و بمشاركة و مباركة القوى الغربية، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، منذ سنوات قبل إجراء الإستفتاء. وقد إتضح لكل ذي بصيرة سياسية بأن فحوى ذلك الإتفاق يتمثل فى بقاء البشير رئيسا على ما سيتبقى من السودان، على أن ينفصل الجنوب ليقيم دولته تحت سيطرة الحركة الشعبية بزعامة زعيمها الإنفصالي سيلفا كير ميارديت. و ما إنتخابات الشمال و إستفتاء الجنوب سوى مسرحية على طريقة، ’إذهب الى القصر رئيسا..و سأذهب الى السجن حبيسا‘، وقد كان إجرائها على  العلن يمثل أحد شروط نجاحها. الدليل على ذلك لماذا لم يختار الإخوة الجنوبيون الإنفصال حينما كان هذا الخيار مطروحا عليهم فى العام 1947؟ أو حتى أثناء مؤتمر المائدة المستديرة؟ أو أثناء إجرائهم مداولات إتفاقية أديس أبابا فى العام 1972، على الرغم من مرارات الحرب وكثرة ضحاياها؟
إن العامل الحاسم الذى أفضى لإنفصال الجنوب هو موقف قادة دولة البدريين الساعي بشدة وبكل السبل و الوسائل الى تحقيق هذا الهدف. لقد أشرت الى هذه الحقيقة فى مقالي السابق الذى كان عنوانه كالآتي: "دولة ما بعد التاسع من يوليو 2011م: سودان جديد...ام مرحلة جديدة فى إستراتيجية الجبهة الإسلامية القومية؟!". ما أود تأكيده هنا هو أن فصل الجنوب ظل يشكل أحد محاور إستراتيجيات حركة الإسلام السياسي فى السودان عبر تاريخها الطويل وحتى وقتنا الراهن، و بمختلف أسمائها، و مسمياتها، و أجنحتها، بما فى ذلك جناح كبيرهم الذى علمهم السحر. لقد سعت هذه الحركة الى إقامة دولة دينية فى السودان منذ الإستقلال . هذا هو الهدف المحوري لدعوتها. بل هذا هو المحرك الرئيسي لجميع أنشطتها وعلى جميع المستويات. لقد شكل بالفعل المرتكز الرئيسي لجميع برامجها، و على جميع المستويات، سواء كانت السياسية أو الإقتصادية، أو الإجتماعية، أو الثقافية.
وقف جنوب السودان دوما عقبة كأداء أمام حركات الإسلام السياسي وحال دونها و تحقيق هدفها المركزي، المتمثل فى إقامة الدولة الدينية، مما يشكله من إختلاف ديني و إثني و عرقي. إذن كان لابد من التخلص من هذا الجزء العزيز من الوطن إذا كان هنالك من أمل فى إقامة الدولة الدينية فى البلاد. لذلك فقد شكل إنقلاب الإنقاذ فى الثلاثين من يونيو 1989م، و إقامة الدولة الرسالية، المرحلة الأولى فى تنفيذ إستراتيجية الجبهة الإسلامية القومية المفضية الى إقامة دولة دينية فى البلاد. كما شكل الإستفتاء على إنفصال جنوب السودان المرحلة الثانية فى تلك الإستراتيجية، و التى كللت بالنجاح التام. لذلك لم يكن مصادفة أن يلغى الرئيس البشير أثناء لقائه الجماهيري بمدينة القضارف، بعد إعلان نتيجة الإستفتاء، وبجرة قلم، التنوع الديني، و العرقى، و الثقافي فى البلاد بعد أن تأكد له إنفصال الجنوب جراء تلك النتيجة، متوهما بأن ما سيتبقى من السودان لن يضم سوى الخلص من عرب جهينة الذين لا يدينون سوى بدين الإسلام!
إن حديث البشير هذا قد مهد الطريق لدخول المرحلة الثالثة فى إستراتيجية الجبهة الإسلامية القومية و تنفيذ ما تبقى لها من أجندة. إنها بالفعل أخطر مراحل تلك الإستراتيجية. تتمحور هذه المرحلة حول بند واحد وهو قيام دولة دينية فى البلاد. إنهم يرقصون الآن طربا فى دواخلهم، ما عدى الطيب مصطفى وزمرته الذين يرقصون ’على عينك يا تاجر‘، مبتهجين بزوال أكبر عائق فى طريق إقامة دولتهم الدينية، ألا وهو بقاء الجنوب كجزء من السودان، وكأن لسان حالهم يقول،’ أها الجنوب ومشى...تاني ورونا سبب واااحد يمنعكم من تطبيق الشريعة ( الكود الرسمي للدولة الدينية)؟‘
و لتحقيق هذا الهدف كان لابد من اللجوء الى أمضى أسلحة مكرهم و خداعهم لشعب السودان، فتفتقت عبقريتهم عن مفهومين، أحدهما قديم نسبيا، و أما الثاني فهو جديد إستوجبته ظروف دخولهم المرحلة الثالثة فى تنفيذ إستراتيجيتهم.هذان المفهومان هما ’أهل القبلة‘، و ’الجمهورية الثانية‘. المفهوم الأول قد تم ’صنعه‘ خصيصا من قبل قادة الإسلام السياسي ليرهبوا به قياداتنا الدينية/السياسية، و بالأخص السيدين الميرغني و المهدي، و يجبروهم على الدخول الى ’حظيرة‘ الجبهة الإسلامية القومية بغية تأييد توجهاتهم المتطرفة،بعد أن ثبت لهم إستحالة نجاحهم فى إقامة الدولة الدينية بمفردهم، ليس بسبب عنصر جنوب الوطن وحده، و إنما، وهذا هو الأهم، لأنهم غير مؤهلين أصلا لهذه المهمة، من الناحيتين الدينية و الأخلاقية، و بالأخص بعد أن إتضح للشعب السوداني، و من واقع التجربة العملية بأن هؤلاء الأبالسة ليسوا سوي تجار دين يستغلون الدين الإسلامي الحنيف لتحقيق مآرب دنيوية رخيصة تتمثل فى تحقيق مصالحهم الشخصية فقط لا غير. لذلك لابد لهم من إشراك القيادات الدينية المعروفة، إن كان لهم أدنى حظ من النجاح، لاقدر الله، فى إقامة الدولة الدينية .
ولكن هيهات. إن الشعب السوداني ليس قطيعا من الأغنام. و أنكم لن تنجحوا هذه المرة، لأن الشعب لن يحسن بكم الظن مرة أخرى، كما كان يفعل دوما، خاصة بعد أن إكتوى بنيران شعاراتكم الديماجوجية فارغة المحتوى من قبيل، ’هي لله هي لله‘، ليتضح له لاحقا بأنها ،’هي للسلطة..هي للجاه‘، عكس ما كنتم تزعمون و تمكرون!
أما مفهوم الجمهورية الثانية فقد تمت ’نجارته‘ داخل ’الورش الفكرية‘ لدولة البدريين لوصف سودان ما بعد التاسع من يوليو. لا يرمي قادة الدولة الرسالية من وراء صكهم لهذا المفهوم سوى ذر الرماد فى عيون جماهير الشعب السوداني، و إيهامها بأن البلاد تدخل مرحلة جمهورية جديدة أسموها بالثانية. لكن هذا الإدعاء لا يعدو أن يكون هو نبيذ الإنقاذ المعتق نفسه، يودون بيعه فى زجاجات جديدة، بعد أن ثبت لهم بواره فى زجاجاته القديمة. بمعنى آخر فهي الدولة الرسالية نفسها مغلفة بأغلفة جديدة! بربكم هل هنالك مكر وخداع أكثر من هذا؟
إن قدر لقادة الدولة الرسالية، لا سمح الله، النجاح فى إقامة الدولة الدينية فسوف يعني هذا، ودون أدنى شك، نهاية دولة سودان ما بعد التاسع من يوليو. إن إقامة دولة دينية فى السودان سوف تعني، أول ما تعني، دعوة صريحة لقيام حرب أهلية من نوع آخر، هي الحرب الدينية التى سو ف لن تبقى ولا تذر. و إنني أربأ بالسيدين الميرغني و المهدي التحالف مع قادة دولة البدريين بهدف إقامة مثل هذه الدولة المسخ. إنها سوف تبدأ بالأسلوب الناعم المتمثل فى حملتهم الدعائية المضللة التى تزعم إقامة الجمهورية الثانية، وسوف تنتهى دون أدنى شك بتعليقكم على أعواد المشانق، كما حدث حتى لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين لم يتوفى سوى واحد منهم على فراش الموت. فقد قتل ثلاثة منهم، أحدهم كان يؤم المصلين داخل المسجد، ألا وهو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
هل إغتيال الخلفاء الراشدين، رضوان الله عليهم أجمعين، تم لأسباب أو إختلافات فقهية أودينية؟ كلا..ثم كلا.. إنها خلافات سياسية ودنيوية بحتة. إذا كان الحال كذلك على أيام الخلفاء الراشدين، الذين عاشوا مع الرسول الكريم، وتشربوا منه قيم الإسلام وخلقه السمحة، فكيف يا ترى سيكون الحال على عهد الأنبياء الكذبة و أصحاب ’زعيط ومعيط‘ هؤلاء؟ هنالك نتيجة واحدة منطقية، لا لبس فيها و لا غموض،حال قيام الدولة الدينية فى السودان، وهي سيل أنهار من الدماء ستجعل من الحرب الأهلية فى جنوب الوطن مجرد نزهة.
إذن ما هو الغرض الأساسي من السعي الحثيث لهؤلاء الأبالسة لقيام دولة دينية فى السودان؟ الإجابة المباشرة على هذا السؤال تتمثل فى جملة واحدة: المحافظة على كراسي السلطة فقط. تلك السلطة التى حولت معظم قادة دولة البدريين من الفقر المدقع الى الثراء الفاحش، ليس نتيجة سعيم و إجتهادهم، و إنما نتيجة إستغلال آليات تلك السلطة للتمكين، و تقنين الفساد ليتمكنوا من خلاله من نهب ثروات البلاد و مقدراتها، و تحويلها الى خدمة مصالحهم الخاصة، و أكل أموال الناس بالباطل، و أكل مال السحت، حتي إنتفخت به جيوبهم و كروشهم. وبعد كل هذا فقد أصموا آذاننا بشعارهم الفارغ الذى يقول، ’لا لدنيا قد عملنا‘، محاولين بذلك إقناع بعض الغافلين من أفراد الشعب بأنهم من فئة العبد الزاهدين فى نعيم الدنيا، بإعتباره عرض زائل، ليتضح لهم بعد كل هذه السنوات الطويلة من الإستغفال، و الإستهبال السياسي، و التخدير الديني، بأن هؤلاء الأبالسة آخر من يلتزم بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف و قيمه و أخلاقه.
إذن فأسلوب ’الكنكشة‘ على كراسي الحكم لأطول فترة ممكنة يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة لقادة دولة البدريين. وفى سبيل ذلك فإنهم على إستعداد تام لإبادة معظم أفراد الشعب السوداني، وبالأخص سكان أطرافه خارج ’مثلث حمدي‘ الشهير، حتى يتسنى لهم الإستمرار فى إستغلال موارد البلاد وثرواتها، دون رقيب أو حسيب، و التقلب بين جنبات نعيم الدنيا الزائل.
لذلك فإنني أتوجه بهذا النداء الى شباب السودان بمختلف آيديولوجياته، ومشاربه الفكرية، و إنتماءاته الحزبية، و أيا كانت مواقعهم الجغرافية، أن يوحدوا جهودهم، و أن يقفوا صفا واحدا لإلحاق الهزيمة الماحقة بمشروع الجبهة الإسلامية القومية، أو مكيدتها السياسية، والتى أسمتها الجمهورية الثانية، و التى لا تهدف من ورائها سوى إقامة دولة دينية فيما تبقى من البلاد. و أن يوحدوا جهودهم، وكذلك أن يقفوا كالبنيان المرصوص حتى يفشلوا مساعى قيادات الدولة الرسالية الرامية الى جر قادة أحزابنا الوطنية، وبالأخص السيدين الميرغني و المهدي، لإقامة تحالف سياسي أسموه ب’أهل القبلة‘، و الذي لا يهدفون من ورائه سوى إتخاذهم مطية لإقامة الدولة الدينية فيما تبقى من السودان.
كما أود أن أؤكد لهم بأن فشلهم فى هذه المعركة، لا قدر الله، سيعني بالضرورة نهاية مأساوية لمستقبلهم، وكذلك مستقبل أبنائهم، حيث ستطال الحرب جميع أنحاء السودان، و ستكون نتيجتها الحتمية تمزيق البلاد، ليس الى دويلات و كانتونات فقط، و إنما الى أحياء وحلال، تضم بين جنباتها أفخاذ قبائل، و ليس حتى قبائل بأكملها. إذن ما عليكم سوى أن تتأملوا هذا المشهد جيدا، واضعين نصب أعينكم تجارب بلاد كالصومال، لم تواجه خلافات، أو إختلافات، إثنية كانت أو دينية قط، كما هو الحال فى السودان،ومع ذلك إنحدرت الى أسفل سافلين بفضل الحروب الأهلية التى إندلعت داخل أراضيها، حتى كادت أن تتلاشى تماما من على وجه هذه البسيطة.
إني أربأ بكم السير فى هذا الطريق البائس، كما أطمح فى أن أراكم تقفون سدا منيعا فى وجه قيادات أحزابكم، إن هي حاولت السير نحو هذا المنزلق الخطير، وهو التحالف مع قادة دولة الفساد و الإستبداد، وتحت أي مسمى كان. إن فعلتم ذلك فإنكم ستلحقون الهزيمة الماحقة بمشرع مكيدة الدولة الدينية فيما تبقى من السودان، و الذى أسمته هذه الفئة الباغية ب’الجمهورية الثانية‘، وسو ف تعيشون حياة حرة كريمة أنتم أهل لها، بدلا من حياة الذل و الهوان التى عاشها أهلكم طيلة سنوات هذا الحكم المستبد الظالم!

14/7/2011م

Ibrahim Kursany [sheeba82@hotmail.com]

 

آراء