نظرة حائرة بين الجريمة والعقاب !!

 


 

 

 

 

(في أفواهنا ماء) تحرّجاً من التعليق على ما يصدر من أحكام القضاة ضد لصوص الإنقاذ..! وما أكثر ما كان القضاء السوداني مضرباً للمثل في قصة تأسيسه وتاريخه الناصع الناصح ولكن (نضب الزيت ومصباحي انطفأ)..! فقد جاء إعصار الإنقاذ وريحها العقيم فجفّت أزاهير القضاء واحطوطبت حديقته في عهدها الأغبر ودخل إلى أسواحه الوقورة كل (خوّان كفور) وكل حلّاف مهين..همّاز مشاءٍ بنميم..منّاع للخير معتدٍ أثيم..ليس ذلك فقط بل (عُتّلٌ بعد ذلك زنيم)..وفيهم أرباع مؤهلين وعديمو تأهيل وأصحاب سوابق وجندُرمة إرهاب وشذاذ آفاق (فكان ما كان)..! والآن لا بد أن نلفظ الماء من أفواهنا للإشارة إلى الفيروسات التي نقلتها الإنقاذ إلى أجهزة العدالة والضبطية بأسرها من قضاء ونيابة وشرطة..ولا تنسى منزوعي الذمة الذين تسللوا إلى سلك المحاماة وتجلببوا (أرواب العدالة) وهم ليسوا من أهلها إنما هم (متغولون مصاقيع) وقد رأينا منهم العديد من الفاسدين الممسوسين وأصحاب البلَه والعتَه.. وقد جرى كل ذلك ضمن خطة (إحلال العملة الرديئة محل العملة الجيدة) في عملية واسعة حاولت الإنقاذ نشرها على كل الأصعدة في السوق و(البزنس) وفي الخدمة المدنية والقوات النظامية والطرق الصوفية والفرق الفنية والأندية الرياضية وتنظيمات الاجتماعية والمدنية ومؤسسات التعليم وداخل بيوتات الأسر والعشائر حتى تؤمن نفسها من المحاسبة.. وتلك بديهة لا تحتاج إلى شرح..! فهل يمكن يا صديقي أن يطالب اللص باستقلال القضاء..ويسعى إلى خراب بيته بظلفه..؟!!

(السمكة تفسد من رأسها) كما يقول الإخوة الصينيون؛ والذين مرّوا على رئاسة القضاء في الإنقاذ كانوا من هذه (الأصناف المضروبة).. ولا تقل لي أن الإنقاذ بكل إجرامها وتمرّسها في التآمر وتمرّغها في الباطل يمكن أن تأتي برأس قضاء نظيف يقف في وجهها ويعاكس (مسيرتها القاصدة) باتجاه النهب والسرقة وسلب الحقوق والإجرام..فقد كان عهدها عهد تمكين الجهلاء المرتشين على حساب الأخيار المؤهلين… ومناسبة هذا الكلام هو ما مرّ برؤوسنا خلال سماعنا بالحكم على شخص منهم اسمه “عبد الباسط حمزة” بحكم (خفيف لطيف) هو السجن 10 سنوات فقط مع غرامة طفيفة (ربما يحملها في جيبه الخلفي) لا تتناسب حتى مع صفقة سهمية واحدة بقيمة 200 مليون دولار قال إنه حصل عليها من شركة اتصالات (عالمها جميل)..!! وقلنا من الدهشة: معقول..؟! أما كانت مائة عام من السجن والعزلة والأعمال الشاقة (في صحراء بيوضة) تُعد حكماً مخففاً عليه بالنظر إلى قائمة جرائمه وأقلها ثراء حرام وصلة بالإرهاب ونقد أجنبي ومال مشبوه وسطو ثم (غسل أموال وكيّها) ..؟! وظل الأمر هاجساً سكتنا عنه إلى أن سمعنا من قانونيين وحقوقيين (يعرفون البير وغطاها) أن هذه الأحكام المخففة لا تناسب الجرائم التي تستهدف تخريب الاقتصاد الوطني وتدمير مرافق الدولة ومواردها وامتهان القوانين وبعض هؤلاء الحقوقيين قالوا إن جريمة واحدة من جرائم هذا الرجل تكفي للحكم عليه بالمؤبد (10 مرات) حتى يكون في ذلك رادعاً لغيره.. ولكيلا يتجرأ آخرون بالضحك على كل ما تمثله الدولة وحقوق شعبها وقوانينها وتلويث صحائف الاستثمار والأعمال والاستيلاء على الملكيات العامة وتشويه سمعة البلاد والتأسيس للفساد ونشر (ثقافة الفهلوة والنهبوت) ..وقد قال عبد الباسط نفسه إنه لا يستطيع معرفة كل ممتلكاته من شركات ومحطات كهرباء وأراضٍ وفنادق وقصور وأساطيل سيارات وعقارات وأسهم وأرصدة وسندات وحسابات مصرفية وسفوح بجبال المرخيات و(تصنيع حربي) وشركات وبنايات في بلاد الخليج وجزر البحر المتوسط..الخ…هل أرضى هذا الحكم النائب العام يا ترى أم استأنف عليه ..؟!! مثل هذه الأحكام (مع الاحترام) دعوة صريحة لاتباع نهج (السرقة المأمونة) واللصوصية التي تستحق (بعض التضحية)…!!

 

آراء