نظرية أنشتاين في النسبية وبرنامج التغيير الجذري لقوى الثورة

 


 

عمر الحويج
25 November, 2022

 

كبسولة :-
التزييف : ظلت الإنقاذ ثلاث عقود تُزيِّف الحقيقة عن فعلها القبيح .. وتُجمِل من الفسيخ شربات .. تابعتوها
التزييف : جاءت الآن إنقاذات عديدة تُزيِّف الحقيقةعن فعلها القبيح .. وتُجمِل من الفسيخ شربات .. تابعوها .
***
نظرية أنشتاين في النسبية وبرنامج التغيير الجذري لقوى الثورة

سيكون مدخلي لهذا المقال بمقاربة بعيدة عن السياسة ، إنما موصولة جزافاً بعلم الفيزياء ومن على البعد من خفاياه ، فقط كمحاولة مني في توصيل فكرتي السياسية ، التي سأطرحها في هذا المقال ، ولا علاقة لها مباشرة بعلم الفيزياء ، ماقد يجعل القارئ يتساءل و ما الرابط بين هذه وتلك ، أقول فقط لتقريب مواقف مترابطة رغم تباعد الأولى عن الأخرى ، فيما تشي النظرة الأولى لهذا الموضوع ، فالحياة في طبيعتها المتفاعلة ، المتناغمة إتساقاً في مسارها التقدمي التطوري الإنساني ، مترابطة في وحدة كلية ، رغم التصور العابر ، بانفصالاتها المتوهمة .

ألبرت أنشتاين ذلك العقل العبقري النادر الوجود ، والذي خدم الإنسانية ، بما لا يتصوره العقل البشري حتى الرديف لعقله في مجال الفيزياء . والإختراعات التي نعيش اليوم في نعمائها ، في حياتنا اليومية ، هي أكثرها نتاج هذا العقل الخارق ، ورغم ذلك لايعرف الكثيرون ، أنه تقدم لنيل درجة الدكتوراه ستة مرات متوالية وفشل في نيلها لمدة خمس سنوات ، لماذا ..؟؟ . لأن الكثير من علماء الفيزياء في زمانه ، والذين كان يتقدم إليهم بدراساته لمناقشتها ، ظلوا يعترضون علي إجازتها ، بدعوى إما بعدم فهمها او عدم جدواها ، بل تصريحهم علناً ، بسبب رفضها .

ولكن السبب الذي لفت نظري وجعلني أبدأ بها هذا المقال السياسي ، أن واحد من أهم أسباب الرفض ، أن النظرية التي جاء بها أنشتاين ، هي كما قرر هؤلاء العلماء ، راديكاليتها ، وتطرفها ، وعدم معقوليتها ، لأنها بعيدة عن تصور الخيال والتوقع والواقع ، وعدم لمس إمكانية الإستفادة من نتائجها ، ولكم أن تتخيلوا ، ما هي النظرية التي رفضت بهذه القسوة ، إنها نظرية النسبية "العامة والخاصة" بشقيها ، التى أتى بها أنشتاين ، والتي انبهر بها فيما بعد كل العلماء ومن بعد كل العالم ، ومن بينهم حتى الذين منعوا منتجها ومكتشفها من نيل درجته العلمية التي يستحقها عن جدارة ، وثمارها معروفة فيما أتى من بعدها من نتائج ، وما سيأتي بعدها من اكتشافات نعمت بها وستنعم بها البشرية في ماضيها الفائت ، وحاضرها الآني ، ومستقبلها الأتي ." عن سيرة أنشتاين المنتشرة في النت" .

أمهلوا الجذرية فرصتها دون الرفض المسبق لها بسبب راديكاليتها أوتطرفها فكلها إدعاءاً لا حقيقة :-
ما جعلني ألجأ لهذه المقاربة المتصور أنها بعيدة عن الموضوع الذي أنا بصدده ، هي مسألة الخلاف الحادث الآن في ساحتنا السياسية ، والمسمى بالأزمة السياسية ، وهي ليست كذلك ، إنما هي صراع بين الثورة ومناوئها ، و محاولات نفيها وإبعادها عن المشهد السياسي وحجبها من الإعتبار والأنظار ، حتى لا تكمل مشروعها الثوري . إنما الحقيقة التي يجب تأكيدها ، أن الذي يدور في الساحة الآن هو الخلاف في قبول ورفض البرنامج التسووي أو برنامج التغيير الجذري ، الذي ترفعه قوى الثورة بأطرافها الحية من لجان المقاومة وتنسيقياتها ، وكل القوى المتفقة معها في برنامجها الثوري ، وهو الخلاف الأساس الذي نعيشه اليوم في حياتنا السياسية ، فالخلاف بين النخب السياسية ، بعد ثورة الوعي الديسمبرية القرنعالمية ، التي أدهشت العالم المتحضر وغير المتحضر ، ينحصر بين موقفين لا ثالث لهما ، مهما حاول البعض اختصاره في مسببات جانبية ، لاعلاقة لها بالأسباب الحقيقية ، والمتمركزة أولاً في الذين يرغبون ، لأسباب ذاتية أو حزبية أو مصالح طبقية ، العودة إلى السودان القديم ، ونتائجه الكارثية ، في إعادة الأزمات وتدويرها ، التى عاشها السودان ، طيلة سنوات ما بعد إستقلاله ، وحتى الآن ، وثانياً بين الذين يسعون إلى التغيير الجذري ، أي فتح الباب للولوج إلى ساحة سودان آخر جديد ، يؤدي إلى سودان ، ملئ بخيرات السعادة الإنسانية في الكرامة والحرية والسلام والعدالة والتنمية والرفاهية ، والدخول بالبلاد إلى العالم الجديد الذي يرغبه الجميع ، ويبحث عنه الجميع بالفتاشة والملقاط الثوري ، يدعمها الدم ، المبذول بسخاء البسالة والنبالة من جيلنا الجديد . وقد يتساءل المرء باستغراب ، هل نظرية التغيير الجذري ، في صعوبة فهم نظرية البرت أنشتاين ؟؟ ، حتى يعاديها البعض بشتى الدعاوي والوسائل، خاصة تلك المشكوك في أسبابها ونواياها وخباياها ، وبالخصوص حين يأتي الرفض ، من قبل كتاب ومحللين ومفكرين ينتمون لقوى الثورة بدرجات متفاوتة ، وإنما يبنون رفضهم ، فقط لبعض الرواسب التي يمكن تسميتها بمتلازمة الشيوعفوبيا ، يتم تلوينها بشتى الألوان المركبة ، والتي لايسدنها عقل ولا منطق ، وخاصة حين صبغها بلون الراديكالية والتطرف ، مما يؤدي بأخذها بحذر وتردد ، إن لم نقل بخوف ، من قبل بعض قوى الثورة الحقيقية ، وبالخصوص حين يتناولها الكتاب بمعنيين ، الأولى حين النظر إليها من الناحية العامة أو بالتحديد كمطلب من مطالب الثورة ، التي يلهج بها لسان الثوار صباح مساء ، في مليونياتهم ، ويستخدمها الجميع ، ويعترفون ، بأن الثورة جاءت بغرض التغيير الجذري ، ولكنها في نفس الوقت ، وفي الأخذ بسيرة ذات المقولة ، تاتي بمعنى آخر حين يربطونها بالبرنامج الذي يدعو له الحزب الشيوعي في برنامجه التغيير الجذري ، هنا يصبح معناها أخر ، وتؤخذ بمعنى التطرف ، وكافة التصورات الذهنية الخاطئة ، التى تصل ربما إلى الإيحاء بأنها دعوة إلى التغيير بالعمل المسلح عند بعضهم ، وعند آخرين هي دعوة لنشر الفسوق والإنحلال ، وقد تصل عند آخرين ، إلى حد الإتهام بنشر الإلحاد ، وهي في فهمي المتواضع ، لا تتعدى كونها الرغبة في نهوض السودان من قديمه الذي طال إلى سودان جديد ، يلحق بعصره الذي تخلف عنه بالأزمان الممتدة . وضياعه بين العصور الجاهلية ، وعصر التكنولوجيا الرقمية حتى لو كان طلب هذا التغيير بلا حدود ولا أحد غير فاقد البصر والبصيرة يرفض التغيير إلى الأحسن ، أو يرفض الجذري بدعوى الدخول في البداية للتغيير بالتدرج ، والمطلوب العكس ، الاستمساك أولاً وبداية ، بقرن التغيير الجذري ، ومن ثم التدرج في السير فيه بتؤدة وروية ،

في رائي المتواضع ، أنه لامانع من محاربة برامج الحزب الشيوعي بأكملها ، فيما يقدمه من أفكار أياً كانت ، فقد يرى فيها البعض أنها تقود البلاد إلى إشتراكية أو شيوعية غير مرغوب فيها ولا تناسب شعبه ، وقد يرى الآخرون أن الطريق الرأسمالي أو النيوليبرالي أو غيرها من المسارات والبرامج ، بما فيها حتى المسار الديني ، هو الأنسب للسودان ، وغيرها من أوجه النقد الفكري الموضوعي ، فالحزب الشيوعي كغيره من الأحزاب ، عرضة للخطأ والصواب ، ولكن ليس الإزاحة والإبعاد ، فهو ليس معصوماً من النقد والتصويب كأي حزب ، ولكن المطلوب النقد بغير اللجوء لوسائل الضرب من تحت الحزام ، الذي يلوث الحياة السياسة ويحرم الجميع من ديمقراطية وطنية ، تؤدي إلى تداول سلمي للسلطة ، وعليه لا أرى أن مهاجمة تبني الحزب الشيوعي لبرنامجه الجذري ، لا أكثر من مزايدة سياسية ، وشخصياً أرى أنه في حقيقته تبني لأهداف الثورة لا أكثر ، وهل يعاب على حزب أي حزب تبني أهداف الثورة ، وهو لا يهدف أكثر من ذلك ، وبرنامج التغيير الجذري ممتد بامتداد أحلام هذا الجيل والأجيال التي تليه ، وقولي هذا ليس دفاعاً عن الحزب الشيوعي ، وأنا بعيد عن جسمه التنظيمي والسياسي ، لما يقارب النصف قرن ، وإنما دفاعاً عن الحقيقة ، وهو قمين بالدفاع عن نفسه ولا يحتاجني في شئ لا يستطيعه هو .

فحتى لاتشوشوا على شباب وشابات هذا الجيل الراكب رأس ، والراغب في التغيير الجذري في بلاده ، وخاصة وهم يموتون ويقدمون أجسادهم استشهاداً ، وأعضائهم تقطيعاً وتعويقاً وتشويهاً ، ومكوثهم في المعتقلات حبساً وتعذيباً وربما إغتصاباً ، كل هذا عربوناَ لطلب هذا التغيير الجذري ، الذي يسعون إليه ، وهم يرون الآن بأم أعينهم ، كيف أن أقطاب السودان القديم يتجمعون ويتناصرون ويفاصلون ، لفرض رؤيتهم الإرتدادية ، للعودة للسودان القديم ، يساندهم العسكر بكل ما لديهم من إمكانات المناورة ، واللعب في منطقة الميادين الفسيحة لمتناقضات الحركة السياسية ، يساندهم فريق الموزاب ومنظومات الإلتحاف بالقبلية ، والتجمعات الدينية المشبوهة ، وبعض أهل التصوف ، المارقين قسراً من مواقع تصوف مريديهم ، ومن لف لفهم ، من الذين سقطوا مع النظام البائد وأخرهم جعفر الميرغني ، الذي أنحاز له والده ضد ابنه الحسن إنحياز المتوافق مع الثورة المضادة دون لبس أو شك ، جعفر ذلك القادم من جفوته أو غفوته ، مشحوناً ومعبأً بتعليمات مخابراتية واضحة وصريحة ، للعمل معاً لتثبيت أقدام السودان القديم ، التابع لهذه المخابرات زماناً طويلاً ، أو الأصح في فهمهم المتأصل بأنها حديقتهم الخلفية ، وذلك للإسراع في خطف هذه الحديقة المثمرة من براثن قوى الثورة ، وضمان عدم خروجها من دائرة نفوذهم الدائم والمستقر ، وهم يهمسون له ببيت الشعر الذي يسترشدون به ، في تعاملهم الإستعماري تجاه السودان ، "لاتحملن العبء وحدك كله ، فإننا على الأعباء خير معين" .

فيا أيها الثوريين في كل موقع وإتجاه ، لاتحبطوا هذا الجيل الثائر المقدام ، بالوساوس التي زرعها النازيواسلامويين وتابعيهم ، ضد اليسار عموماً والشيوعي خصوصاً ، وضد رغبة السودانيين عامة في التغيير الجذري "بالمعنى الواحد الحميد وليس ذلك المعنى الخبيث " سوى كان أتى من لجان المقاومة ، أو من الشيوعي ، ولكم محاربة الحزب الشيوعي بما عَنَّ لكم من أشكال الحرب ، فقط بعيداً عن رغبة شعب السودان في التغيير الجذري من أي جهة أتى ، وقد رأيتم قوى الثورة المضادة وفي مقدمتهم الإسلامويين بمسمياتهم المختلفة والمختلقة ، كيف استقبلوا الزعيم الديني الختمي الطائفي الميرغني ، الذي يكرهونه عياناً بياناً عمياناً ، حتى غلبوا وفاقوا مريديه ومحبيه عدداً وكثرة ، في يوم استقباله ، نفاقاً وتودداً ليس إلا ، فلا تجعلوا من نظرية أو برنامج التغيير الجذري ، مثل نظرية أنشتاين الموصوفة يومها ، بالراديكالية المتطرفة والمرفوضة من جانب العلماء الذين قالوا أنهم لم يفهموها ولا نتائج مثمرة لها . وفي النهاية انتصرت نظريته بتطرفها وراديكاليتها ، وسوف تنتصر جذرية الثورة السودانية أيضاً ، دون أن تُتَهم بتطرفها وراديكاليتها أو عدم فهمها .

يا أيها الثوريين من كل الإتجاهات دعونا جميعاً أن نفهم
الجذرية ، في معناها الواحد الطبيعي الواقعي ، دون محمولاتها التي تغذيها المكايدات الحزبية ، والأهواء الشخصية ، حتى لا يقول أحد عنها كما قال الأولون عناداً ، مع الفارق ، (لن نقبلها حتى لو جاءت مبرأة من كل جذرية) ، دعوها تثمر نظرية أو برنامج التغيير الجذري ، دون تعقيدات ، حتى ولو فقط بطلب توضيحاتها ، لكي يتمكن السودان عن طريقها اللحاق ، ببقية دول العالم المتقدم ، وبلادنا قادرة فهي ، غنية بامكاناتها البشرية والتنموية .. أنصروها ، لأجل أجيالنا الحاضرة والقادمة ، وكفاهم ما رأوا ونظروا وعايشوا ، "دردرة" أجيال آبائهم وأجدادهم السابقين ، بسبب مثل هذه المكايدات النخبوية والحزبية والشخصية .

أخيراً أقول شجعوا أطراف الحرية والتغيير ، المجلس المركزي ، وبمطلوباتها التي تعلنها بضغط الثوار او بقناعتها ، وهي المقبولة كبرنامج من قوى الثورة ، وعليها أن لا تتصرف في الغرف المغلقة بغيرها ، حيث تؤشر يساراً وتتجه يميناً ، قولوا لهم أن هذه المطلوبات ، إذا كنتم صادقين فيها . وليست فقط للعرض امام الفضائيات والمجتمع الإقليمي والدولي ومعهم الشارع لخداعه وتهدئته ، فهذا لن يجيب ليكم مريسة تام زينو ، ولن تتحقق بهذه التسوية المسمومة . "المجوبكة منكم" "والمسبوكة منهم" والمخلوطة بما يشبه الدسم ، وهي ليست بدسم وإنما هي إلا مناورات اللجنة الأمنية ومن ورائهم إسلامييهم وجوقة فلول النظام البائد ، وأذنابهم ، ولن تتحقق هذه المطلوبات إلا بالسير في خط الثورة ، وبداية النجاعة و السير السليم ، هو التوقيع دون تردد وفوقية ، على الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب ، والسير الصادق خلف مسار الثورة ، وإلا قبض الريح في أيديكم ، وحرق التسوية المزعومة لكم ، مع إحتراق مدبريها معكم ، فالثورة ماضية في طريقها حتى نهاياتها المرسومة لها فلا مناص ولا مهرب لكم .
والردة مستحيلة
والثورة مستمرة
والنصر آتِِ آتِ
حتى لو طال السفر
والسير والمصير والخطر

omeralhiwaig441@gmail.com

 

آراء