نلوم حميدتي واللوم فينا

 


 

 

وهل كان هولاكو أو عمر المختار او صدام حسين من خريجي الكليات العسكرية؟
================
أقول ذلك بمناسبة الحديث الذي أدلي به قائد الدعم السريع ،حميدتي، الذي ذكر فيه إنه والبرهان ( رأس الدوله ونائبه) قررا ترك أمر الحكم إلي المدنيين ،وأن القوات النظامية ستتفرغ لأداء مهامها وفق الدستور والقانون..
وزاد علي ذلك مناداته بدمج قواته بالكامل في القوات المسلحة السودانية ،وفي ذلك رسالة واضحة لبقية الميليشيات والحركات المسلحة بأن دورها ،خارج إطار الشرعية قد انتهي.
ورغم هذا الوضوع في الطرح الذي ادلي به حميدتي، خرجت تعليقات وتصريحات، بعضها سياسي من شخصيات فاعلة، تشكك في مصداقية الرجل ،واعتبروا ما قاله ،بأنه خديجة واكذوبة وذر للرماد...ثم يعيدون من جديد تلك الأوصاف السالبة في حق الرجل وعدم أهليته بأن يكون قائدا عسكريا يحمل تلك الرتب والنياشين وهو ( المتمرد ) السابق ضد الدولة وهو في ذات الوقت ليس من خريجي الكليات العسكرية !!
حميدتي...في تقديري ، ليس بالرجل الساهل او الهين الذي يمكن أطفأ شمعته...ولا بالضعيف الذي يمكن كسر شوكته...ورغم اختلافاتنا الكبيرة مع ( الجانجويد ) وما فعلته بالشعب السوداني، إلا أن حميدتي سيظل هو القائد العسكري المعترف به وقد تبوأ هذه المكانة العالية بقدراته القتالية وذكائه الفطري..
والذكاء الفطري ،هبة بيولوجية من الله تعالي ،تولد مع الإنسان الذي يعمل علي ترقيتها بما يملك من إمكانيات اخري مساعدة يأتي الطموح في مقدمتها...والرجل كان طموحا ،استطاع في فترة قصيرة بالانتقال من المحارب الخارج علي السلطة إلى المسؤول الثاني المدافع عن السلطة.
والذي يلومون ،حميدتي،بل ويحسدونه علي هذا الطموح،وعلي قيادته ورتبه ونياشينه العسكرية،بدعوي انه لم يدخل الكلية الحربية، يتجاهلون القادة العظام في التأريخ العالمي..ممن قادوا الجيوش وخاضوا الحروب وانتصروا ولم يكونوا أبدا من خريجي الكليات العسكرية..ويحفظ لنا التأريخ اسماء العشرات منهم ،لعل من أبرزهم ؛ الإسكندر الأكبر،أحد ملوك مقدونيا وأشهر الفاتحين عبر التأريخ..لم تكن الجندية حرفته...بل كان تلميذا لأرسطو حتي يكون فيلسوفا..فترك الفلسفة عندما بلغ الرابعة عشرة سنه من عمره وأصبح قائدا لجيش بلاده.
ومنهم،جنكزخان ،من القادة الأكثر قوة في التأريخ، وهو مؤسس الإمبراطورية المغولية ،وقد اكتسب الجندية خلال المعارك التي خاضها تحت قيادة والده.
ومنهم القائد القاهر ببيرس وما قام به من فتوحات وانتصارات..أذهلت العالم وبثت الرعب في قلوب أعدائه، وهو مؤسس الدولة المملوكية بعد أن حقق انتصاراته علي الصلبيين والمغرب..
وهناك نابليون بونابرت...والسلطان العثماني محمد الخامس ،وخالد بن الوليد،وغيرهم من القادة العظماء وإبرزهم في تاريخنا الحديث صدام حسين . فمعظم هؤلاء القادة العسكريين ،لم يكونوا( عسكريين ) بمعني أن العسكرية لم تكن حرفتهم الأولي..ولم يتخرجوا من الأكاديميات العسكرية ، إما انها لم تكن موجودة في زمانهم، مما يدل علي إمكانية تجاوزها والتعويض عنها باستعدادات وإمكانيات ووسائل أخري، أبرزها القدرة علي القيادة ،أو أنها موجودة ولكن إمكانيات وقدرات القادة الفطرية والمكتسبة في الميدان ،هي البديل ( الموضوعي) للكليات العسكرية.
أعود واقول...أن ما طرحه قائد الدعم السريع ،حميدتي،من مبادرات، يجب وضعها في إطارها الصحيح من المسؤولية الوطنية والتعامل معها بالجدية خاصة القوي الوطنية ولجان المقاومة...ولعلها تكون الفرصة الأخيرة الصادقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لما تبقي من كيان وهيبة الوطن..
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail

 

ومات طفلي الذي لم يكن من صلبي.. ولم تراه عينايا حتي وفاته .. بقلم: د. فراج الشيخ الفزاري
===========
اليوم ، انعي لكم طفلا لا تعرفونه..لا إسما ولارسما.. ولم آراءه ،أنا،ايضا ،لا حسبا ولا نسبا ،ولم أراه في حياتي..ورغم كل ذلك كنت أحس بانه ابني الذي لم الده من صلبي..ولكنه يمثل جزءا من شعوري وفرحي بالابوة المتعدية ذات النسق الإنساني المتسامي علي كل الأنساب.
هذا الطفل من سكان مدينة أمدرمان...كان مريضا بالفشل الكلوي منذ عمره في السابعة..وتعرفت علي مآساته ومعاناته عن طريق الأهل في السودان،حيث أسرته الفقيرة التي كانت تجد المشقة في علاجه والتنقل به بين المستشفيات في بدايات المرض ثم الي مراكز غسيل الكلى بعد تشخيص حالته فضلا عن بقية العلاجات وضرورة انتظامه في الدراسة...فكان قرارنا بين الأهل في الدوحة والخرطوم ،أن نتبني علاجه ومد يد المساعدة له من ما جعلنا الله مستخلفين فيه من المال..فبدأت رحلتنا معه منذ ذلك التأريخ...فأصبح جزء من اهتمامنا وطفلنا المدلل..
كنا نشعر بالفرح والسرور والسعادة عندما نعرف بأنه قد استلم تحويلاتنا المالية وانه لازال منتظما في برنامجه العلاجي وان حالته الصحية آخذة في التحسن.
ورغم قساوة المرض ،وحرمانه بأن يعيش طفولته كما يعيشها بقية أطفال أهله في فرح وسرور، إلا أنه كان راضيا بقدر الله..وكان موهوبا في دراسته...ومحبوبا من جميع الطاقم الطبي الذي يتولي علاجه..فقد كانت الضحكة والبسمة البريئة لا تفارق محياه ،كما وصفوه لنا.
كنا سعداء وفرحين بهذا التواصل مع طفل ،هو في بلد ونحن في بلد آخر، لا نعرف هويته ولا قبيلته ولا حتي اسمه...نعم فأنا حتي الآن لا أعرف اسمه..ولكنني احسه ككيان وشعور صادق ينقله لي الآخرون عن حقيقة هذا الطفل..وهذا يكفيني علي الصعيد الإنساني.
وبالأمس ،جاءنا خبر وفاته...ورحيله المفاجئ..مات وقد بلغه عمره الآن الخامسة عشر سنة قضي منها ثمان سنوات مع المرض..رحل في صمت فانتابنا حزن عميق ، وأسف شديد ، فرغم قساوة مرضه العضال.. وتألمنا معه...ثم فاجعة موته التي هزت مكامن الصبر فينا..رغم كل ذلك فإن مصيبتنا كانت أكبر وفقدنا أكبر ،فقد انسدت أمامنا نافذة من نوافذ الخير والأجر كان يهبنا لنا الفقيد دون أن يدري..من خلال هذه النافذة كانت تتدفق علينا ينابيع الخير والرحمة والبركة..
لقد مات طفلنا العزيز ،فانقطع رزقه في الدنيا، فانقطع مع ذلك ثوابنا نحن في الدنيا والآخرة...
نسأل الله له الرحمة. وانا لله وانا اليه راجعون.
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@ hotmail.com
/////////////////////////

 

آراء