نموذج آخر من التخذيل: ثورة باسلة أم (حالة استقطاب)..؟!

 


 

 

 

 

نقل لي احد الأصدقاء أن أحد الإعلاميين الذي لا يحبون كشف عورات الإنقاذ ودماملها (ذات القيح والصديد) قال عن كلام كتبته حول جرائم الإنقاذ ومخازي مؤيديها إن هذا الكلام لا يشبه صاحبك.. "يقصد العبد الضعيف".. ومع شكري له على (حسن ظنه بي) أقول له إن هذا الكلام يشبهني (الخالق الناطق) ..!

من المحاولات الالتفافية للدفاع عن الإنقاذ أن يقول لك أحد محبيها عندما تهاجم رموزها المجرمين: هذا الكلام لا يشبهك بمعنى انك (رجل عاقل) حتى يثير لديك عاطفة حب الذات وميل البشر للثناء .. وهو يريد أن (يمدحك بالمقلوب) حتى تمتنع عن ذم الإنقاذ.. وهذا فخ لا ينطلي على أحد..وسنظل نلعن الإنقاذ والمنتفعين من مالها الحرام ومناصبها الملوثة بالدم والمُتحرشين بالثورة ما وسعنا ذلك.. ومن أمثلة هذه المنغصات و(التحرشات الإنقاذية) أن الإذاعة السودانية القومية..إذاعة الثورة.. إغاظتنا بالأمس وهي تنقل في صدر نشرتها تصريحاً لرجل صفته أنه رئيس حزب التحرير والعدالة المُشارك في الإنقاذ حتى سقوطها يقول فيه إن السودان يعيش حالياً حالة استقطاب حادة (طبعاً لا يستطيع أن يقول إن السودان يعيش حالة ثورة باذخة) ويقول لا بد من التوافق (يعني معه ومع جماعة الإنقاذ) ثم يقول نحن لا نريد المشاركة في مناصب الفترة الانتقالية..( الله ..الله).. !
الغريب أنه كان يوصف بأنه "رئيس تحالف نهضة السودان" والله أعلم أي نهضة؟ وأي سودان يعنون..؟!!
أخيراً يخرج من مكمنه ليلتقي برئيس مجلس السيادة ويتحدث عن مستقبل السودان.... وتعجب في هذه الهرولة للعسكريين من رجل "أممي" وسياسي ومسالم وصاحب حزب مدني.. بدلاً من أن يلتقي بالقوى السياسية في الحرية والتغيير وغيرها ما دام يقول انه رئيس حزب سياسي مدني..؟! ثم لماذا تنقل لنا الإذاعة هذه التصريحات الميتة المُغرضة فاقدة القيمة والصلاحية..هل البلد تعيش حالة استقطاب حاد أم حالة ثورة شعبية باسلة..؟! وكيف يريد هذا الرجل أن يشارك أو لا يشارك في الفترة الانتقالية الثورية وهو الذي كان يقف خلف المخلوع (مقطوع الطاري) في اللقاءات (مدفوعة الثمن) التي يلقي عليها المخلوع خطبه التهريجية ثم يعقبه هذا الرجل المتوالي "داعية التحرير والعدالة" في الخطابة من ذات المنصة ليؤكد أن دارفور "تنعم بالسلام" وأن "كل شيء على ما يرام" وهو من سيارة فاخرة إلى (فيللا هوليوودية) ومن حفلات الزيجات إلى رحلات الدوحة وهو يعلم أن هناك مليوني مشرّد دارفوري وآلاف الأسر المكلومة على قتلاها وأن أهلها خارج ديارهم ومساكنهم يعيشون في هجير المعسكرات وأن أجيال من الأطفال يشبون ويكبرون وتمر عليهم مراحل الصبا والمراهقة والفتوة والشباب والاكتهال وهم في ذل المعسكرات بلا ماء ولا كهرباء ولا كتاب ولا روضة ولا مدرسة ولا مهنة ولا حرفة ولا مستقبل..؟! ما بال المتعلمين هؤلاء الذين عرفوا العدالة وحقوق الإنسانية في منظمات العالم و"أروقة الأمم المتحدة" يتنكّرون لأبناء وطنهم ويقلبون حقائق الواقع ويتماهون مع الطغيان ويسيرون في ركبه من أجل المناصب ومن أجل الرقاب الغليظة.. ما بالهم يرتكسون هكذا ....هل هذا معقول؟!
ما دام هناك عرق ينبض يا صديقي فلن نتوقف عن كشف جرائم الإنقاذ وأحاديث المُخذلين وكارهي الشعب وثورته ومناصري الطغيان والقتلة.. ونحنا لسنا في خصومة مع أحد ولكن لا مجاملة في الوطن وما نرى انه حق.. والإنقاذ دمّرت بلادنا موطن أولادنا وبناتنا وقتلت وسحلت وسرقت وشرّدت.. وقد لا يشعر الذين تقلبوا في مناصبها من غير تأهيل (أو بتأهيل من غير ذمة)...! قد لا يشعرون ولا يعرفون معنى حرمان مئات الآلاف من عملهم ومن حقوقهم، وقد لا يعرفون معنى أن يطردك متسلط ظلماً من وظيفتك ويدفعك أنت وأولادك ومَنْ تعول إلي الشارع والفاقة والمهانة وينزع عنك مهنتك وشخصيتك المعنوية ومصدر رزقك الحلال و(يفرمل) حياتك وعطاءك ويرمي بك في قارعة الطريق أو في سلال القمامة من غير ذنب غير انك مواطن شريف النفس لا تحب السرقة والدهنسة (قد أعزك الله بعدم الانتماء للمؤتمر الوطني)..! وتريد أن تخدم وطنك وتحقق ذاتك وتأكل حلالاً من عرق جبينك وتبيت كالاً من عملك.. سعيداً مرتاح البال..!
نحن نخاصم ونصالح في الوطن والحق وليس في السفاسف والترّهات وأهواء النفوس..ونحن غاضبون على الإنقاذ وسنظل نلعنها ونلعن (خاشها وسنسفيلها) ما وسعت قواميس اللعنة.. والله تعالى يدعونا إلى إحقاق الحق ودمغ الباطل وامتداح المعالي و(لعنة الأسافل)...الأمر الإلهي أن تلعن الخبث والخبائث والأشرار.. والحق جل وعلا بعد أن يصف المُجرمين الجاحدين (أشباه الإنقاذ) يقول في حقهم (عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).. شو رائكم...؟! وهل تستكثرون ذم الإنقاذ؟! وتطلبون الرأفة للقتلة والحرامية الذين قتلوا عشرات الآلاف باعترافهم ومن غير جريرة.. والذين شرّدوا العاملين ومنهم محامي المخلوع الذي يواجه الآن اتهامات تشريده لمئات وآلاف العاملين في السكة حديد وغيرها وفصلهم من العمل (بجرة قلم صدئ مرتجف) ودفعهم للعطالة و(قلة القيمة) بإحساس بارد وكأنه (يلحس قالباً من الإسكريم) ثم يريد أن يدافع عن رئيس السرقات وناهب مال الدولة وحامي الفساد و(مُمرمط سمعة البلاد)...! ليذهب الآن إلى عطبرة ليواجه من حكم عليهم بالفصل والتشريد عندما كان يظن - ويا للهوان- أنه بالفعل "حاكم ولاية" يريد إقامة الدين وما هي إلا (سخريات التمكين)..ولم يأبه حينها كم من الأسر ضاعت في غياهب المجهول وكم من الأطفال قطع عليهم الطريق إلي مدارسهم وكم من شباب حرمهم من التطلع للحياة والنبوغ وكم عائلة القي بها في مستنقع الانكسارات الاجتماعية... ثم يأتي في (طيلسان المحاماة) ومعه صاحبه (ثاني الأثافي) ومعهما جوقة من "النظائر والأشباه" يدافعون عن رئيس أقر بعضمه لسانه أنه يرتشي و(يغسل) الأموال و(يشرّها) في غرف بيته..! دعك من جرائم الدماء وهتك القوانين وخيانة الدستور..!
(القطار دوّر حديدو).. وعطبره الباسلة على الموعد..وستجني كل يدٍ ما كسبت إن لم يكن بالعقاب العاجل والمحاسبة الناجزة والسجن والتجريد من الثروات الحرام.. فباللعنة المُستحقة.. لعنة الناس والملائكة أجمعين.. ودعاء الأمهات والمظلومين..ووصمة الحقوق المُضاعة.. والعار الذي سيجلل هؤلاء البشر إلى أبد الآبدين......الله لا كسب الإنقاذ...!

murtadamore@gmail.com

 

آراء