نهب الذهب الدموي في السودان (4) 

 


 

 

ثالثا:  التعدين الأهلي : القوى العاملة،والمشاكل البيئية:

1- مشاكل القوي العاملة في التعدين الأهلي

   تزايد القوي العاملة في التعدين الأهلي

    أشرنا سابقا الي أن إنتاج الذهب الأقرب للدقة بين (200- 250) طنا سنويا ، مما أدي لارتفاع أعداد القوي العاملة في التعدين الأهلي التي وصلت في العام 2020 الي أكثر من  مليوني شاب.

   أما تقرير وزارة المعادن (2019) فقد أشار الي 3 ملايين يعملون في تعدين الذهب ،  منهم 2 مليون يعملون في المهن الملحقة بالتعدين " التكسير ، جلب المياه ، اعداد الوجبات .الخ".

  وتعبش هذه القوى العاملة في ظروف غير انسانية ومهددة بمخاطر التعدين مثل: انهيار المناجم ، لسعات العقارب والأفاعي ، وتقلب الجو من برودة الي حرارة عالية، اضافة للآثار الضارة للتعدين باستخدام المواد الضارة بصحة البيئة والانسان والحيوان  والنبات، اضافة للابادة الجماعية للسكان المحليين لنهب الذهب ، حنى اطلق مجلس الأمن وصف " الذهب الدموى"، كما يصنف البنك الدولي مشتريات بنك السودان من الذهب بأنها " غير معقمة" بسبب تلك الممارسات ، فقد حدث ابان سيطرة قوات الجنجويد علي منجم ذهب جبل عامر أن موسي هلال قبل أن يحل محله حميدتي أنه كان يحصل علي ما لا يقل عن 54 مليون دولار سنويا ، 28 مليون دولار تأتي من الاتاوات والرسوم والضرائب التي يفرضها علي الوسطاء والمعدنين والعاملين في مجال الخدمات في منطقة الجبل شمال دارفور ( التغيير بتاريخ الثلاثاء : 28 /11/ 2017 ، تقرير أمل هباني). هذا فضلا عن خطورة استخدام المتفجرات في التعدين علي العاملين والبيئة.

 من الآثار الضارة للتعدين الأهلي والعشوائي تدمير المناطق الأثرية علي سبيل المثال : تم تدمير موقع أثري في السودان عمره 2000 عام في المنطقة الشرقية من الصحراء الكبرى " جبل المراغنة"، اضافة لاستخدام الالات الثقيلة الذي يؤدي الي انهيار التربة ، وتؤدي الي انهيار المناجم ، زد علي ذلك الصراع القبلي الدموي بسبب التنافس علي السيطرة علي المناجم ، كما حدث في جبل عامر شمال دارفور الذي اندلع فيه قتال بين قبيلتين بسبب التنافس علي السيطرة على المنجم ( موقع بي.بي, سي العربية : 2 مايو 2013).

 كما تدخل عامل آخر في الصراع الدموى علي الذهب والصراع في دارفور حيث تريد الشركات الأجنبية طرد الأهالي والاستحواذ علي الأراضي التي يعيشون فيها المليئة بالثروات الطبيعية من ذهب ويورانيوم وماس. الخ، لكي يحدث ذلك لا بد من اخلاء السكان بالابادة الجماعية والتهجير، بالتالي دخل عامل جديد للصراع في دارفور وهو الاستحواذ علي الثروات والموارد لصالح فئات معينة، كما في الصراع الأخير الذي دار في جبل مون الذي يزخر بموارد تعدينية كبيرة علي رأسها الذهب ، أي صراع من أجل السيطرة علي الذهب ، والهدف تهجير قسري للسكان في المنطقة من قبل الشركات.

 اضافة للاشكال الأخرى لاخلاء السكان مثل : خلق الفوضي، تدمير الموسم الزراعي ، نهب مخازن الاغاثة التابعة لليوناميد من قوات الحركات بهدف تجريد سكان المعسكرات من الغذاء ، ووضع النازحين في ظروف سيئة، كما حدث أخيرا.

  من المخاطر ايضا اطلاق النار من قوات الدعم السريع علي العاملين السلميين في التعدين ، في حالات النزاع .

2- المشاكل البيئية للتعدين عن الذهب  :

-   اشرنا سابقا الي المشاكل البيئية للتعدين والظروف القاسية التي يعيش فيها العاملون في التعدين علي سبيل المثال: ولاية جنوب كردفان الأغني بالذهب في السودان ، يُوجد بها أكثر من 58 منجما للذهب، وأكثر من 3 آلاف يئر تعدين ، مما أفرز مخلفات ملوثة بالزئبق ، واستخدام مادة السيانيد لمعالجة المخلفات.

   السيانيد مادة سامة ضارة بالحيوان والانسان والبيئة والتربة والنبات ، مما أدي الي قيام لجان مقاومة لذلك قادت لمواجهات من أجل حماية البيئة وحقوق المعدنين المادية والصحية، وظروف حياة انسانية تليق بهم..

-    المعدنون التقليديون يستخدمون معدن الزئبق في استخلاص ما بين 30% من الذهب الموجود في التربة ، ويواجهون مخاطر التسمم ، مما يؤكد ضرورة الالتزام بسلامة الانسان والبيئة ، وهذا خطر يهدد معظم مناطق السودان التي ينتشر فيها تعدين الذهب

( الشرق الأوسط : 11 يناير 2020).

هذا اضافة  لمخاطر انهيار المناجم التي تؤدي لوفاة الكثيرين من المعدنين ، نتيجة لاهمال السلامة لبيئة العمل.

 من الأمثلة لانهيار المناجم :

جاء في تقرير لموقع بي. بي. سي بتاريخ: 28 ديسمبر 2021  عن انهيار منجم للذهب في السودان  ما يلي:

" أعلن مسؤولون سودانيون مقتل أكثر من ثلاثين من عمال المناجم في انهيار منجم بدائي للذهب، فيما لا يزال ثمانية أشخاص آخرين في عداد المفقودين.

وقع الانهيار قرب بلدة النهود في ولاية غرب كردفان، جنوب غربي العاصمة الخرطوم.

وقال رئيس شركة الموارد المعدنية التي تديرها الدولة في غرب كردفان، خالد الدهوة، لوكالة فرانس برس: "قتل 31 عاملا بسبب انهيار منجم بدائي"، مضيفا أن شخصا نجا وثمانية آخرين في عداد المفقودين.

 وجاء ايضا في خبر عن بي.بي. سي بتاريخ : 2 / مايو / 2013 : انهيار منجم جبل أمير في شمال دارفور أدي لمقتل 60 سودانيا علي الأقل، ومن اسباب الانهيار استخدام الالات التي تؤدي لانهيار التربة.


مثال ثاني لانهيار منجم

 جاء  في خبر عن راديو دبنقا : 2 أبريل 2019، وفاة(8) نساء وجرح (11) في انهيار منجم ذهب بمحلية الليرى بجنوب كردفان،ما يلي:

      "توفى (8) نساء وجرح (11) اخريات فى انهيار منجم  للتنقيب عن الذهب بمحلية الليرى بولاية جنوب كردفان يوم الاحد. وقال شهود لراديو دبنقا ان منجما للتعدين الاهلى شرق جبل الليرى انهار على العشرات من النساء كن يعملن داخله ما ادي لوفاة 8 نساء فى الحال واصابة 11 اخريات باصابات متفاوتة جرى نقلهن الى مستشفى الليرى لتلقى العلاج. والمتوفيات هن أم الحسين بشير ،كله جبريل بادى الرمالة،دار النعيم الفكي ،السيدة احمد ،سعاد حسن مزمل ،ماريا جعفر منصور،رانيا محمد وثريا عبدالرحمن والجرحى هن شهرذاد ،حبوبة الفكي،سعدية الفكي ،فردوس محمد دود،سجلات يعقوب،عرفة ادم،حواء ازهري عياد،جهاد محمد،زهراء الشيخ،نورة حماد والبشر الشيخ".


مثال ثالث: للخطر علي حياة العاملين في المناجم

كما جاء في خبر آخر عن راديو دبنقا بتاريخ : 10 مايو 2019  ، مقتل (2) مواطنين وجرح (4) آخرين في اطلاق نار من الدعم السريع على عمال المناجم بجنوب كردفان

قتل ابكر عثمان أبكر  رميا بالرصاص وجرح (4) آخرين في اطلاق نار من قوات من  الدعم السريع على العاملين بمنجم التقولة لتعدين  عن الذهب  بمحليىة  تالودي بولاية جنوب كردفان  يوم 3 مايو الجاري  . وادى إطلاق النار العشوائي على العمال من قبل الدعم السريع ، وجرح  كل من عبدالرؤوف التوم ، حسن مكي ، حسن إسماعيل وسعيد عبدالمنعم وجميععهم من ابناء ابوجبيهة.

  وفي حادث منفصل اخر بمنجم التقولة  قتل نورالدين آدم حماد رمياً بالرصاص من قبل جندي  تابع لقوات السريع بسبب خلاف شخصي بينهما داخل منجم الذهب يوم 2 مايو الجاري بمحلية تلودي. وقالت منظمة هودو المعنية بحقوق الانسان في بيان  حول مقتل ابكر عثمان  وجرح (4) اخرين ان مجموعة من المعدنيين ذهبوا بعد الحادث لقائد الدعم السريع لاعطائهم احدي عربات الدعم السريع لاسعهاف الجرحي  لكن قائد الدعدم السريع رفض طلبهم مما إستدعي المواطنين بأن يستأجروا سيارة لترحيل المصابين لمستشفي أبوجبيهه نسبة لأن مستشفي تالودي ليس بها طبيب.

ونقلت منظمة هودو عن شهود عيان بأن هذا الهجوم يبدو مدبراً ومقصوداً بواسطة قوات الدعم السريع، كما درجت هذه القوة لتخويف وإرهاب المواطنين. واشارت المنظمة في بيانها  في هذا الخصوص لحدوث مجموعة من الأحداث سابقاً مما يوحي قوات الدعم السريع تريد إخلاء هذا المنجم من المواطنين الذين يعملون فيه.

واعربت المنظمة في بيانها عن أسفها وقلقها الشديد علي حياة المدنيين بمناطق الصراع في ظل إنتهاكات قوات الدعم السريع. يذكر ان منجم "التقولة" لتعدين الذهب هو أحد المناجم الستة بمنطقة تالودي والتي يمارس فيها التنقيب التقليدي، ومنذ العام المنصرم أعطي الإمتياز لشركة الجنيد وهي شركة مملوكة لقائد الدعم السريع/ محمد حمدان دقلو (حميدتي) حيث قام بوضع قوة كبيرة من الدعم السريع بالموقع  حيث درجت  هذه القوة علي إنتهاك حقوق المدنيين بشكل يومي.

وأخيرا،كل ذلك كما اشرنا سابقا يتطلب ضرورة التنظيم النقابي للعاملين في التعدين والذين يتعرضون لاستغلال بشع من الشركات التي تحقق اقصي قدر من الأرباح وتهربها للخارج ، من أجل شروط خدمة وعمل افضل وظروف بيئية صالحة للعمل وحماية من مخاطر التعدين، وممارسة كل اشكال انتزاع المطالب من مذكرات واضرابات واعتصامات ووقفات احتجاجية، وتوفير ظروف عمل انسانية.


alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء