ها قد أشعلتموها يا برهان … فماذا أنتم فاعلون ؟!.
عز الدين صغيرون
18 October, 2021
18 October, 2021
"ما حدس" يوم الأحد 17 أكتوبر كان لا بد أن "يحدس"، وما سيحدث بعده. فمن السهل أن تجمع الحطب وتصب البنزين عليه وتعطي عود الثقاب لطفل يشعل النار، ولكنك لن تستطيع السيطرة على النار.
لقد ظل البرهان والمكون العسكري يحاولون، منذ ما قبل فض الاعتصام، بشتى طرق التحايل والمراوغة والاستهبال السيطرة على السلطة والانفراد بالحكم دون كلل أو ملل، وبإلحاح طفولي غريب. وفي سبيل ذلك لم يتركوا باباً لم يطرقونه. كانوا، وكأن مقاعدهم في القصر "فيها موية نار" لا يطيقون الجلوس عليها ولو لساعة. فتراهم جلِّ وقتهم (طالعين نازلين) من عاصمة لعاصمة. لم يتركوا بلداً لم تطأه أقدامهم بلا داعٍ. فمن الرياض إلى اسطنبول، ومن القاهرة إلى إيطاليا، ومن أبوظبي إلى موسكو، ومن الدوحة إلى تل أبيب، علهم يعودون من هذه الهرولة المجنونة ولو بخرقة شرعية صغيرة واعتراف بسلطتهم من إحدى هذه العواصم.
(2)
أشعلوا الحرائق في كل مكان، ونصَّبوا على دارفور الملتهبة مناوي ليزيد نارها حطباً، وتغاضوا عن عصابات مدن تقطع الطرق على المارة والراكبين، تقتحم المنازل الآمنة. وتنهب وتقتل وتروّع الناس نهاراً جهاراً. ولم تقتصر الاعتداءات على المدنيين، فقد وصلت السيولة الأمنية والفوضى في العاصمة إلى أن تجرؤ إحدى عصابات تهريب المخدرات على اقتحام "مستشفى الشرطة" ذاته بسلاحهم ويقوموا بتقييد أفراد القوة التي تحرس زعيم العصابة الذي أصيب في المواجهة وتفك قيده وتأخذه إلى مكان مجهول.
أوحوا لتِرك، الذي لم ينبث بكلمة ولم يحرك ساكناً عندما سقط من أهله أكثر من (22) شهيداً وعشرات المصابين برصاص المؤتمر الوطني، الذي لم يفرق بين شاب وطفل وكهل يوم 29 يناير2005، عندما خرج المئات من شباب البجا في تظاهرة سلمية، بأحياء مدينة بورتسودان؛ للمطالبة بمفاوضات سلمية لوقف القتال على الجبهة الشرقية، أسوة بما حدث من تفاوض في نيفاشا. أوحوا إليه بصمتهم أن يتحرك ضد المكون المدني ويطالب برحيل حمدوك، مطالبين بحكم العسكر، تحت ذريعة رفض مسار الشرق، فخنق البلاد اقتصادياً بشكل تعجز عنه الدول الغازية، بينما المسار الذي بسببه قطعوا شرايين الطرق واحتلوا الميناء والمطار من صنيع العسكر.
(3)
أما وقد جمعوا شركاء الدم في سلة واحدة، ضمت سواقط الفلول وكبير مستشاري البشير أركاوي وجيشه والكوز الذي لم يخفي كوزنته جبريل، وما دفعوا لبعض شيوخ الطرق الصوفية رجالات الإدارة الأهلية، وبعض الطامحين بلا مؤهلات، واستنفروا بعض السذج من الكبار والأطفال بعربات مدفوعة الأجر من المال المنهوب، وأطلقوا يد حملة السلاح الذين ظلوا يجوبون شوارع العاصمة به بلا مأوى أو رقيب.
وها قد خرجت المظاهرات التي تنادي بإسقاط الحكومة المدنية واعطتك تفويضاً غير مشروط (شيك على بياض) لتحكم. واشتبكت قواتهم مع المواطنين في شرق النيل التي شهدت مواجهات واشتباكات في كوبري الجريف شرق، بين مواطنين من الحاج يوسف والجريف شرق وقوات تابعة لإحدى الحركات المسلحة مما أوقع عدة إصابات بين المواطنين.
وبهذا تضيفون إلى سجلات "مآثركم" تميزكم بين ديكتاتوريات العالم التاريخية، بأنكم أول من قسم الشارع الوطني إلى شارعين: أحدهما أعزل والآخر مسلح. بينما اعتاد التاريخ على حكام تكون المنازلة عندهم بين شارع أعزل، وقوة مسلحة تخص النظام تتمتع بشرعية الدولة.
(4)
أما وقد فعل البرهان ورهطه في المكون العسكري ذلك بلا وازع من ضمير أو شعور بالمسؤولية عن أرواح السودانيين، فها مسيرة دعمهم التي أرادوا تفويضاً لهم لاغتصاب السلطة تتحول إلى قنبلة تم نزع فتيل تأمينها، ونار لا يستطيعون السيطرة عليها. ناراً ستحرقهم هم قبل الآخرين
الآن وقد نفذ البرهان ولجنة البشير الأمنية مخططهم للاستيلاء على السلطة، كشفوا ظهر أمنهم للحركات المسلحة، وأصبحت من الجرأة إلى حد انتزاع أمن العاصمة ومقراتها السيادية والاستراتيجية من الشرطة والمخابرات بقوة السلاح (زندية ورجالة) ويتولون حراسة تظاهرات أتباعهم بالسلاح تحدياً للقوى الأمنية التي تحت مسؤوليته.
وماذا سيفعل في الغد حين تخرج مسيرات قوى الحرية التي تنادي بمدنية الدولة، وأمر قادة الحركات جنودهم بفضها باستخدام ذات السلاح الذي تحدوا به الشرطة والمخابرات؟. هل سيأمر جنوده بالتصدي لهم بقوة سلاح الدولة الشرعي وتغرق العاصمة في بحر من الدم؟ أم سيكتفي بإذاعة بيان انقلابه بذريعة حفظ الأمن القومي الذي يهدد بضياع الثورة والبلاد ؟؟.
izzeddin9@gmail.com
///////////////////////
لقد ظل البرهان والمكون العسكري يحاولون، منذ ما قبل فض الاعتصام، بشتى طرق التحايل والمراوغة والاستهبال السيطرة على السلطة والانفراد بالحكم دون كلل أو ملل، وبإلحاح طفولي غريب. وفي سبيل ذلك لم يتركوا باباً لم يطرقونه. كانوا، وكأن مقاعدهم في القصر "فيها موية نار" لا يطيقون الجلوس عليها ولو لساعة. فتراهم جلِّ وقتهم (طالعين نازلين) من عاصمة لعاصمة. لم يتركوا بلداً لم تطأه أقدامهم بلا داعٍ. فمن الرياض إلى اسطنبول، ومن القاهرة إلى إيطاليا، ومن أبوظبي إلى موسكو، ومن الدوحة إلى تل أبيب، علهم يعودون من هذه الهرولة المجنونة ولو بخرقة شرعية صغيرة واعتراف بسلطتهم من إحدى هذه العواصم.
(2)
أشعلوا الحرائق في كل مكان، ونصَّبوا على دارفور الملتهبة مناوي ليزيد نارها حطباً، وتغاضوا عن عصابات مدن تقطع الطرق على المارة والراكبين، تقتحم المنازل الآمنة. وتنهب وتقتل وتروّع الناس نهاراً جهاراً. ولم تقتصر الاعتداءات على المدنيين، فقد وصلت السيولة الأمنية والفوضى في العاصمة إلى أن تجرؤ إحدى عصابات تهريب المخدرات على اقتحام "مستشفى الشرطة" ذاته بسلاحهم ويقوموا بتقييد أفراد القوة التي تحرس زعيم العصابة الذي أصيب في المواجهة وتفك قيده وتأخذه إلى مكان مجهول.
أوحوا لتِرك، الذي لم ينبث بكلمة ولم يحرك ساكناً عندما سقط من أهله أكثر من (22) شهيداً وعشرات المصابين برصاص المؤتمر الوطني، الذي لم يفرق بين شاب وطفل وكهل يوم 29 يناير2005، عندما خرج المئات من شباب البجا في تظاهرة سلمية، بأحياء مدينة بورتسودان؛ للمطالبة بمفاوضات سلمية لوقف القتال على الجبهة الشرقية، أسوة بما حدث من تفاوض في نيفاشا. أوحوا إليه بصمتهم أن يتحرك ضد المكون المدني ويطالب برحيل حمدوك، مطالبين بحكم العسكر، تحت ذريعة رفض مسار الشرق، فخنق البلاد اقتصادياً بشكل تعجز عنه الدول الغازية، بينما المسار الذي بسببه قطعوا شرايين الطرق واحتلوا الميناء والمطار من صنيع العسكر.
(3)
أما وقد جمعوا شركاء الدم في سلة واحدة، ضمت سواقط الفلول وكبير مستشاري البشير أركاوي وجيشه والكوز الذي لم يخفي كوزنته جبريل، وما دفعوا لبعض شيوخ الطرق الصوفية رجالات الإدارة الأهلية، وبعض الطامحين بلا مؤهلات، واستنفروا بعض السذج من الكبار والأطفال بعربات مدفوعة الأجر من المال المنهوب، وأطلقوا يد حملة السلاح الذين ظلوا يجوبون شوارع العاصمة به بلا مأوى أو رقيب.
وها قد خرجت المظاهرات التي تنادي بإسقاط الحكومة المدنية واعطتك تفويضاً غير مشروط (شيك على بياض) لتحكم. واشتبكت قواتهم مع المواطنين في شرق النيل التي شهدت مواجهات واشتباكات في كوبري الجريف شرق، بين مواطنين من الحاج يوسف والجريف شرق وقوات تابعة لإحدى الحركات المسلحة مما أوقع عدة إصابات بين المواطنين.
وبهذا تضيفون إلى سجلات "مآثركم" تميزكم بين ديكتاتوريات العالم التاريخية، بأنكم أول من قسم الشارع الوطني إلى شارعين: أحدهما أعزل والآخر مسلح. بينما اعتاد التاريخ على حكام تكون المنازلة عندهم بين شارع أعزل، وقوة مسلحة تخص النظام تتمتع بشرعية الدولة.
(4)
أما وقد فعل البرهان ورهطه في المكون العسكري ذلك بلا وازع من ضمير أو شعور بالمسؤولية عن أرواح السودانيين، فها مسيرة دعمهم التي أرادوا تفويضاً لهم لاغتصاب السلطة تتحول إلى قنبلة تم نزع فتيل تأمينها، ونار لا يستطيعون السيطرة عليها. ناراً ستحرقهم هم قبل الآخرين
الآن وقد نفذ البرهان ولجنة البشير الأمنية مخططهم للاستيلاء على السلطة، كشفوا ظهر أمنهم للحركات المسلحة، وأصبحت من الجرأة إلى حد انتزاع أمن العاصمة ومقراتها السيادية والاستراتيجية من الشرطة والمخابرات بقوة السلاح (زندية ورجالة) ويتولون حراسة تظاهرات أتباعهم بالسلاح تحدياً للقوى الأمنية التي تحت مسؤوليته.
وماذا سيفعل في الغد حين تخرج مسيرات قوى الحرية التي تنادي بمدنية الدولة، وأمر قادة الحركات جنودهم بفضها باستخدام ذات السلاح الذي تحدوا به الشرطة والمخابرات؟. هل سيأمر جنوده بالتصدي لهم بقوة سلاح الدولة الشرعي وتغرق العاصمة في بحر من الدم؟ أم سيكتفي بإذاعة بيان انقلابه بذريعة حفظ الأمن القومي الذي يهدد بضياع الثورة والبلاد ؟؟.
izzeddin9@gmail.com
///////////////////////