هذا ما فعلت بنا الإنقاذ
عمر العمر
10 June, 2024
10 June, 2024
aloomar@gmail.com
هذا ما فعلت بنا الإنقاذ
بقلم عمر العمر
أبو النورة شاهد على ما فعلت بنا الإنقاذ. ففي المذبحة الجماعية يتساوى الجلاد والضحية. كلاهما إنتاج بؤس ثقافة الإنقاذ وطيشها.فالدولة كائن حي ينمو ويتطور كالإنسان.إبان الطفولة والصبا يميل إلى المغامرة حد التحطيم.حينما يبلغ مرحلة النضوج يتجه إلى الإنتاج حد الإبداع.الإنقاذ بلغت الثلاثين ولم تشارف الرشد، إذ حصيلة تدميرها أعلى من حصاد تعميرها. الإنسان انشغل بالموت -ولا يزال- حتى حوّله من طقس طبيعي إلى فعل ثقافي .الباحثون وصموا انشغال بعض المجتمعات بالموت حد الإسراف بـ (ثقافة الموت).لكن دولة الإنقاذ كرّست (ثقافة التقتيل).ففي قرية أبو النورة يتساوى الجلاد والضحية من حيث شهوة القتل لديهما ليس انشغالًا أو انفعالا ب (ثقافة الموت). الوعي يشكل برزخا بين الفسطاطين. فمع اليقين بحقيقة الموت ينبت دوما شعور مخيف بالرحيل من البقاء إلى الفناء بينما يفجّر فجور القتل احساس الزهو بعدد الضحايا في انتصار زائف متوهم أو ثأرلفعل سابق.
*****
بؤس الإنقاذ غيّب عمدا الوعي بين البقاء والفناء في خلطه الممنهج بين الموت والشهادة،القتل والفداء. فماكينات النظام متباينة الموديلات ،متعددة التروس، الدائرة بوقود الدين ظلت تطحن عقول الفتية طوال عقود ثلاثة حداً عطّلت عندهم حرية الاختيار. فمع أن أبانا ادموحواء اختارا شجرة المعرفة على الخلود فإن شياطين الإنقاذ لم يوفروا للشباب طوال ثلاثين عام غير خيار القتل أو الموت تحت وهم (حرب مقدسة). إبان هذه السنين الطوال تحولت كل المنابر في المساجد، المدارس و الإعلام إلى محطات للشحن و التحريض على الموت المجاني والقتل العشوائي.كما ساهمت منظومة التعليم في التنشئة على التعالي و الكراهية.ذلك جهد استهدف جعل الموت أمنية ومناسبة للفرح تحت أهازيج تلبيس كذوب خلطت عمدا بين قيْم الدين وأطماع الدنيا فسيق الشباب إلى بؤر الهلاك.
****
في ظل تكريس بؤس ثقافة التقتيل لم يتورع النظام عن استيلاد فيالق للتعذيب وجيوش الإبادة على كل المستويات.القيم المجتمعية المورثة والضوابط الأخلاقية أصبحت أول الضحايا حتى تسهل عمليات غسل الأدمغة وتجفيف الضمائر .عندما تتحول الدولة إلى ممارس وراع منظم لعمليات العنف تصير مشاهد القتل حدثا يوميا تألفه الأذن والعين. ماحدث في الجزيرة ليس سوى حصاد لهذه الثقافة البائسة حيث يتحول الشباب من رصيد لبناء المستقبل إلى حطام في محرقة يتساوى فيها القاتل والقتيل اذ كلهم معاول للهدم .كلهم ضحايا ثقافة القتل.كلهم أشلاء مجتمع متخثر. فالقتلة لا يصلحون جنودا في معارك إعادة بناء مرتجاة في وطن منتظر .ذلك مستقبل يبدأ من الكف عن دفع الشباب قتلة ومقتولين كالقطيع إلى مستنقع الحرب حيث لا يجدون خيارا غير الانغماس في لعبة التقتيل .
*****
وقف الحرب يتطلب الانتقال على عجل من ثقافة القتل إلى ثقافة الحياة. كما يتطلب إخراج كافة مكونات الشعب من ثنائية النصر والهزيمة. أقرب الطرق لبلوغ تلك الغاية يأتي عبر نشر الوعي ،المعرفة ، بث الحب الخير و الجمال. حب الدين والوطن ينبعان من الروح المؤمنة بالتفاني من أجل الآخر دون طمع أو مقابل. الثورة من أجل وطن أفضل عمل تراكمي -ليسرهين فرد بعينه - في سياق مشروع متكامل ليس عبر حرق المراحل ،دع عنك حرق الوطن نفسه.ثقافة الحياة لا تعني فقط محبة العيش الرغد بل أكثر من تلك وقبلها حب الحرية والعدالة. البون شاسع بين التضحية في حب الوطن والموت في سبيل النظام .
*****
كلمة الحياة ومشتقاتها وردت في القرآن ١٩٠ مرة بينما الموت ١٣٥. ذلك تغليب رباني للخير على الشر .لعبة القتل تستشري على إيقاع موت البعد الروحي في المجتمع. ليس كما يصور دعاة الحرب بتحويل الفتية قنابل موقوتة. في أصول الفقه الأولوية للحفاظ على الحياة.منطق الرسول الشريف مع الخيار الأيسر. كلاهما يرجحان السلام على الحرب، التعايش، على التناحر، التضامن على التعالي، الطهارة على الفساد.رغم الشحن المكرس لثقافة تكديس الثروة لم ينجح أنصار الإنقاذ في تجفيف ثقافة الزهد واسعة الانتشار في التربة الاجتماعية السودانية .على النقيض حوّلها المتعففون الحقيقيون إلى ضرب من مقاومة ممارسات النظام العدوانية. انغماس الانقاذيين في ترف الحياة يؤكد مثل توغلهم في ممارسات الاستعلاء والإقصاء اخفاقهم في فهم شفرة الإنسان السوداني.
هذا ما فعلت بنا الإنقاذ
بقلم عمر العمر
أبو النورة شاهد على ما فعلت بنا الإنقاذ. ففي المذبحة الجماعية يتساوى الجلاد والضحية. كلاهما إنتاج بؤس ثقافة الإنقاذ وطيشها.فالدولة كائن حي ينمو ويتطور كالإنسان.إبان الطفولة والصبا يميل إلى المغامرة حد التحطيم.حينما يبلغ مرحلة النضوج يتجه إلى الإنتاج حد الإبداع.الإنقاذ بلغت الثلاثين ولم تشارف الرشد، إذ حصيلة تدميرها أعلى من حصاد تعميرها. الإنسان انشغل بالموت -ولا يزال- حتى حوّله من طقس طبيعي إلى فعل ثقافي .الباحثون وصموا انشغال بعض المجتمعات بالموت حد الإسراف بـ (ثقافة الموت).لكن دولة الإنقاذ كرّست (ثقافة التقتيل).ففي قرية أبو النورة يتساوى الجلاد والضحية من حيث شهوة القتل لديهما ليس انشغالًا أو انفعالا ب (ثقافة الموت). الوعي يشكل برزخا بين الفسطاطين. فمع اليقين بحقيقة الموت ينبت دوما شعور مخيف بالرحيل من البقاء إلى الفناء بينما يفجّر فجور القتل احساس الزهو بعدد الضحايا في انتصار زائف متوهم أو ثأرلفعل سابق.
*****
بؤس الإنقاذ غيّب عمدا الوعي بين البقاء والفناء في خلطه الممنهج بين الموت والشهادة،القتل والفداء. فماكينات النظام متباينة الموديلات ،متعددة التروس، الدائرة بوقود الدين ظلت تطحن عقول الفتية طوال عقود ثلاثة حداً عطّلت عندهم حرية الاختيار. فمع أن أبانا ادموحواء اختارا شجرة المعرفة على الخلود فإن شياطين الإنقاذ لم يوفروا للشباب طوال ثلاثين عام غير خيار القتل أو الموت تحت وهم (حرب مقدسة). إبان هذه السنين الطوال تحولت كل المنابر في المساجد، المدارس و الإعلام إلى محطات للشحن و التحريض على الموت المجاني والقتل العشوائي.كما ساهمت منظومة التعليم في التنشئة على التعالي و الكراهية.ذلك جهد استهدف جعل الموت أمنية ومناسبة للفرح تحت أهازيج تلبيس كذوب خلطت عمدا بين قيْم الدين وأطماع الدنيا فسيق الشباب إلى بؤر الهلاك.
****
في ظل تكريس بؤس ثقافة التقتيل لم يتورع النظام عن استيلاد فيالق للتعذيب وجيوش الإبادة على كل المستويات.القيم المجتمعية المورثة والضوابط الأخلاقية أصبحت أول الضحايا حتى تسهل عمليات غسل الأدمغة وتجفيف الضمائر .عندما تتحول الدولة إلى ممارس وراع منظم لعمليات العنف تصير مشاهد القتل حدثا يوميا تألفه الأذن والعين. ماحدث في الجزيرة ليس سوى حصاد لهذه الثقافة البائسة حيث يتحول الشباب من رصيد لبناء المستقبل إلى حطام في محرقة يتساوى فيها القاتل والقتيل اذ كلهم معاول للهدم .كلهم ضحايا ثقافة القتل.كلهم أشلاء مجتمع متخثر. فالقتلة لا يصلحون جنودا في معارك إعادة بناء مرتجاة في وطن منتظر .ذلك مستقبل يبدأ من الكف عن دفع الشباب قتلة ومقتولين كالقطيع إلى مستنقع الحرب حيث لا يجدون خيارا غير الانغماس في لعبة التقتيل .
*****
وقف الحرب يتطلب الانتقال على عجل من ثقافة القتل إلى ثقافة الحياة. كما يتطلب إخراج كافة مكونات الشعب من ثنائية النصر والهزيمة. أقرب الطرق لبلوغ تلك الغاية يأتي عبر نشر الوعي ،المعرفة ، بث الحب الخير و الجمال. حب الدين والوطن ينبعان من الروح المؤمنة بالتفاني من أجل الآخر دون طمع أو مقابل. الثورة من أجل وطن أفضل عمل تراكمي -ليسرهين فرد بعينه - في سياق مشروع متكامل ليس عبر حرق المراحل ،دع عنك حرق الوطن نفسه.ثقافة الحياة لا تعني فقط محبة العيش الرغد بل أكثر من تلك وقبلها حب الحرية والعدالة. البون شاسع بين التضحية في حب الوطن والموت في سبيل النظام .
*****
كلمة الحياة ومشتقاتها وردت في القرآن ١٩٠ مرة بينما الموت ١٣٥. ذلك تغليب رباني للخير على الشر .لعبة القتل تستشري على إيقاع موت البعد الروحي في المجتمع. ليس كما يصور دعاة الحرب بتحويل الفتية قنابل موقوتة. في أصول الفقه الأولوية للحفاظ على الحياة.منطق الرسول الشريف مع الخيار الأيسر. كلاهما يرجحان السلام على الحرب، التعايش، على التناحر، التضامن على التعالي، الطهارة على الفساد.رغم الشحن المكرس لثقافة تكديس الثروة لم ينجح أنصار الإنقاذ في تجفيف ثقافة الزهد واسعة الانتشار في التربة الاجتماعية السودانية .على النقيض حوّلها المتعففون الحقيقيون إلى ضرب من مقاومة ممارسات النظام العدوانية. انغماس الانقاذيين في ترف الحياة يؤكد مثل توغلهم في ممارسات الاستعلاء والإقصاء اخفاقهم في فهم شفرة الإنسان السوداني.