هذه الحرب قادها الإخوان ضد السريع !! … بقلم: إسماعيل عبدالله

 


 

 

مهما بالغ إعلام فلول النظام البائد في إزكاء نار الدعاية الكاذبة التي روجت لها آلتهم الإعلامية الشرهة والشرسة، والتي اعتمدت على الأسانيد الباطلة في سبيل إظهار أن هذه الحرب المشتعلة الآن، وكما يدّعون زيفاً أنها (حرب من أجل الكرامة الوطنية)، هذا النظام الآفل النجم الذي حكم البلاد بقوة الحديد والنار وبطش جهاز مخابرات تعسفي أذاق المواطنين الأمرين، قد افتضح أمره بعد إطلاق أنصاره للحملات البكائية جراء ما فقدوه من (جهاديين) ينتمون لقواتهم الاخوانية (الجهادية) المتطرفة على أرض ميدان معارك المدرعات بمنطقة الشجرة العسكرية، وما رشح بين جنبات المنصات الإعلامية من نعي أليم ومرثيات تمجد (مآثر) آخر بقايا هؤلاء الإرهابيين، الذين رفدوا تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام بشباب مغرر بهم من السودان، وفتيات لم يرع فيهن النظام البائد إلّاً ولا ذمة بعدما زج بهن في أتون الجريمة الأخلاقية المسماة بجهاد النكاح، والتي أرسلت بخصوصها أعداد من الطالبات اليافعات من الجامعات السودانية إلى سوريا وأرض الفرات، إرضاءً للشهوات المنحرفة لجند الدويلة الداعشية المزعومة، ومن هذا المنطلق قد حسمت قوات السريع خيارها الذي هو خيار الشعب السوداني، بالوقوف مع الأجندة الوطنية المطالبة بتفكيك المنظومة البائدة، والمساندة للتحول المدني، والمؤيدة لإرساء دعائم المسار الديمقراطي، وذلك تزامناً مع الحراك الثوري لديسمبر المجيدة، منذ ذلك الخطاب المعلوم الذي ألقاه قائد السريع بمنطقة طيبة وجهده المبذول من أجل السلام وإيقاف الحرب.
مع تأثير دعاية الفلول على بعض البسطاء إلّا أن هنالك أجزاء مقدرة من المكونات الاجتماعية والجهوية، مازالت تؤمن بمشروع تجاوز محطة النظام الذي أحرق الوطن وأباد المواطن، لذلك رأينا فشل دبلوماسية هؤلاء الانقلابيين في إقناع الجوار الإفريقي والأُخوّة العربية والنفوذ الدولي بحجتهم الباطلة، فالمجتمع الدولي يعلم خطل تجربة إخوان السودان، الذين أتوا بما لم يأت به الأولون والآخرون من النخب والطبقات السياسية، فالعزلة الدولية التي أدخلوا فيها البلاد لعقدين من الزمان لن تتسامح معها الشعوب والقوى المحبة للسلام والتعاون الدولي، كما أنه لن تعمل هذه القوى على التساهل مع من أرهق هذا المجتمع الدولي بمناصرته لجميع منظمات الإرهاب العابرة للقارات، فالوفد المناصر لقائد الجيش المنحدر من تنظيم الاخوان والذي يفاوض في جدة للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتمهيد الأرضية للوصول لاتفاق بين القوتين العسكريتين، هو امتداد لأكثر التيارات تشدداً داخل المنظومة الإخوانية المنضوية تحت وعاء حزب المؤتمر الوطني المحلول، صاحب الامتياز الأوحد لحكم البلاد طيلة الثلاثين عاماً العاقبة لانقلاب يونيو، هذه الأقلية الفلولية المتطرفة وبرغم تكبدها للهزائم والخسائر على أرض المعارك الدائرة بينها وبين السريع، إلّا أنها تصر وفي عناد غبي لتقنع جموع غفيرة وواعية من جماهير الشعب السوداني بأنها حريصة على مصالحهم الوطنية والسيادية، دون أن تقدم اعتذاراً لما ارتكبته من جرم بحق الوطن والسيادة الوطنية.
إذا كانت المليشيات الفلولية البائدة قد تلبست زيفاً وصف (الكرامة) بينما هي تزج بالداعشيين من منتسبيها في المعارك المندلعة بينها وبين أشاوس السريع، وتصف هزائمها المتكررة والمتتالية بأنها فوز ونصر، وجب على هذه المليشيات الاخوانية الداعشية أن تعلم بأنّ المعركة التي قدم فيها هؤلاء الأبطال الصغار دروساً في الشجاعة والإقدام والاستبسال الذي لم يتلقاه الأسرى من الرتب العسكرية العليا للضباط الاخوانيين في محاضرات المعاهد والكليات الحربية (كلية القادة والأركان وأكاديمية نميري العسكرية)، بأن هذه المعارك الحاسمة في حقيقتها هي ملاحم لتوجهات شعبية مصيرية راسمة للخارطة الجديدة للوطن الذي هرب منه دعاة الزيف والبهتان، وبقي فيه أسراب الضحايا الكادحون العائدون من المصانع والحقول، الذين ملئوا الطريق وعيونهم مجروحة الأغوار ذابلة البريق، يتهامسون، بينما سياط الجلادين - قوش ونافع وعطا - تسوق خطاهم للمجهول، إنّهم الملايين الحفاة العراة المشردين، الذين انتفض شباب السريع لانتشالهم من قاع المستنقع الآسن الذي قذفت بهم فيه الجماعة المتطرفة، التي وثّقت في سجل الوطن المسالم أول شروع في ارتكاب جريمة اغتيال رئيس دولة جارة، وختمت مسيرتها السياسية بأكبر خيانة وطنية بأن طلب رأس الدولة فيها الحماية من قطب دولي له سطوته النووية الرادعة، وعلى رؤوس الأشهاد، وفي بادرة غريبة لرأس من رؤوس الدولة السودانية، منذ الأزهري وحتى أحمد الميرغني، لكن، ليس لنا إلّا أن نقول ما يرضي الله، وأن نردد مع العطبراوي (إنّه القدر اللعين).

إسماعيل عبدالله
19 يونيو 2023

ismeel1@hotmail.com

 

آراء