هزيمة التجارة البائرة: وما أدراك بهوية السودان..؟!
هذا النكرة الذي أباح تفجير الأبرياء وقتل المواطنين مع إصدار صك ضمان (من عنده) بأن مكانهم سيكون في عليين.. هل هو المسؤول عن الدين في السودان؟! وهل كانت الإنقاذ صاحبة (الشوالات الدولارية) هي الحافظة للدين؟! يظن هذا المرائي المخاتل أنه الشخص الوحيد في السودان الذي يقع عليه عبء إقامة الدين، واستعدال (ميزان الهوية السودانية)..! فما مدى معرفة هذا الغر بهوية السودان الجامعة وهو (محبوس) في فقه الحيض والنفاس وصلاة الجنازة و(متربس) في الخطابة الجافة (المسيخة) كل جمعة، ينتظرها بفارغ الصبر وهو رهين (جيتو مظلم) يقيم فيه بقية أيام الأسبوع.. وهو غافل عما يعتمل في صدور السودانيين، ذاهل عن مجريات الأحداث.. وعن الثورة المفاهيمية المعرفية الباذخة التي لن يجد له مكاناً في قطارها..!
ما هو تأهيله الفكري والوطني الذي يجعله يخرج الآن ليقول إنه (العضو المُنتدب) المسؤول الشخصي عن هوية البلاد؟! هذا الرجل يتباكى الآن هلعاً على زوال نظام الإنقاذ وانتهاء أيام الجهالة والضلال والاحتكار.. ولا يكذب علينا ويقول انه يتباكى على زوال الدين.. إنه يخشى على زوال (الجبّانة الهايصة) التي جعلت منه عالماً مع رفاق له قالوا إنهم "هيئة علماء السودان" ثم قفلوا عليهم الباب (تمّت وختمَت).. فما ندري علماء في ماذا؟!!
بالأمس كان يقول إن المساجد لا شأن لها بالسياسة؛ ولكنه يتجرأ الآن ويتكلم سياسة..ويخاطب الكيانات السياسية ويطلق الرجاءات والتحذيرات والتهديدات للمجلس العسكري ولشباب الميدان ويوزع (اللنّات) شمالاً وجنوبا:ً لن نسمح ولن ندع ولن نقبل ولن نرضى.. ولا ندري باسم مَن يتحدث وباسم مَنْ يسمح ويقبل أو يستنكر ويرفض؟! لكنه اليوم تنحنح وقرر أن يطلق نصائحه وتهديداته من على المنبر مباشرة، ولكن قبل أيام وعندما كانت الإنقاذ تبطش بالناس كان يقول إنه يقدّم نصحه (سراً)..! ثم ذهب إلى السلطان في قصره وتكلم همساً (وفي غاية الأدب) هو وجماعته من "هيئة العلماء".. وأمامهم صحاف الحلويات والفاكهة والبطيخ.. فهل هذه أجواء نصيحة أم (قيدومة)..!! لقد ضبطتهم الكاميرات وهم ينظرون بأطرف عيونهم خلسة إلى صحن البطيخ.. فيا لقوة الغريزة وجيشان شهوة البطن.. وسبحان الذي خلق الأنفس وأودع فيها فجورها وتقواها..!
لماذا صمت هذا الرجل على قتل الناس المسالمين في الطرقات والميادين، ودهسهم بالسيارات المجهولة وبـ(الضمير الميت) والرصاص (الحي)؟! ولماذا سكت على ضرب الفتيات والنساء وتسور البيوت وانتهاك الحرمات؟! ولماذا سكت عن قتل النفس البريئة وهي بين يدي سجانيها؟! ولماذا لم يتكلم عن الفساد الذي ضرب الحاكمين ورَتع بين بيوتهم وتمرّغ فيه أهلهم ونساباتهم وخؤولتهم وعومتهم وأبناؤهم وبناتهم.. وهو يجالس هؤلاء وهؤلاء؛ ولا ندري هل خرج منهم بأعطيات أم أنه لم يكن يحتاج إلى وساطتهم؟! لقد سمعنا له كلاماً غريباً عجيباً حول التعدي على المال العام.. فقد قال إن سارق المال العام يمكن أن يعيده سراً حتى لا يفضح نفسه، وإذا تعذّر عليه ذلك عليه أن يتصدّق به (ولا إثم عليه)!!
لماذا لاذ هذا الرجل بالصمت عن مظالم الإنقاذ التي لها أول.. ولكن ليس له آخر؟! ولا أحد يدري (وهو المُجترئ على المنابر) إن كان صمته هذا من باب الموافقة.. أم المجاراة..أم لمناصرة الحاكم الظالم وتحريم الخروج عليه والصياح في وجهه.. فالرجل مشهور بأنه (حامل مفاتيح وأختام التحريم) حتى أصبح كل شيء عنده مُحرّماً؛عدا التمرّغ في النعمة ومنافقة السلطان.. و(مسافحة الباطل)..!
murtadamore@yahoo.com