هل توجد ديمقراطية داخل أي حزب شيوعي على نطاق العالم؟ (4 – 7)
صديق الزيلعي
4 December, 2024
4 December, 2024
صديق الزيلعي
تشكل قضية الديمقراطية كعب أخيل الحركة الشيوعية العالمية. وكانت مثار حوارات تاريخية متواصلة وعميقة، وزادت حدة تلك المناقشات بعد انهيار الدولة السوفيتية. التنظير لرفض الديمقراطية البرجوازية، التي اعتبرها ماركس، نفسه، تطور ثوري، تطور ليصبح دكتاتورية باسم الطبقة العاملة. أما دكتاتورية الطبقة العاملة، نفسها، فتحولت لدكتاتورية الحزب الواحد، وتقلصت دكتاتورية الحزب الواحد لدكتاتورية اللجنة المركزية، وانتهت للسلطات المطلقة للسكرتير العام. هذا ليس تجنيا أو عداءا فالأمثلة عديدة. الم يغير ستالين كل شيء لصالح حكمه الدكتاتوري، وألم يفرض خروتشوف الإصلاح، من فوق، بعد موت ستالين. وتكر حبات المسبحة لنري قادة الحزب يكرسون الجمود والتكلس. ويتم تصعيد غورباتشوف ليبتدر البروستويكا والغلاسونت، كإصلاح من فوق، وتنتهي حملة الإصلاح بتفكك الدولة. ويمضي لآخر الشوط ليحل حزب لينين بقرار فردي. هل يختلف هذا عما فعله ماو في الصين، خلال الثورة الثقافية، وبول بوت في كمبوديا، الذي أعدم الملايين. بل أبدع كيم ايل سونج، الزعيم المحبوب من أربعين مليون كوري، كما يسمى، ليورث ابنه، ومن شابه اباه فما ظلم، ليورث الابن بدوره ابنه على قيادة الحزب والدولة.
قرأنا عشرات الكتب، التي صدرت من دار التقدم. وتجد، مهما كان تنوع الموضوعات، أو تخصصها العلمي، ينتهي أي فصل بمقتطف من كلام السكرتير العام. وهذه جزء من، ابداعات ستالين، التي سار بها الركبان، من بعده. وواكب ذلك قمع كل الأفكار والآراء والاجتهادات، داخل الحزب أو الدولة. وصار الحزب الواحد هو المهيمن على كل شيء، وبقبضة حديدية.
المقدمة أعلاه هي ضرورية كمدخل لمناقشة هذه الفقرة من مقال الزميل هشام:
" مقال الزيلعي يعكس أزمة فكرية أكثر من كونه نقدًا موضوعيًا. كان من الأفضل للزيلعي أن يطرح اعتراضاته داخل الأطر التنظيمية للحزب بدلًا من التشهير العلني الذي لا يخدم إلا أعداء الحركة التقدمية. الحزب الشيوعي السوداني يتبنى نهجًا ديمقراطيًا يسمح بالنقاشات الفكرية، لكنه لا يقبل تحويل هذه النقاشات إلى معاول هدم للوحدة التنظيمية."
• أبدأ ب: المقال يعكس أزمة فكرية أكثر من كونه نقدا موضوعيا. ازمة فكرية عند من يطالبون بالحوار الصحي في الهواء الطلق. ام ازمة فكرية عند من يقمعون الرأي الآخر ويكممون الافواه؟
• كتب الزميل هشام " كان الأفضل للزيلعي أن يطرح اعتراضاته داخل الأطر التنظيمية بدلا من التشهير العلني الذي لا يخدم الا أعداء الحركة التقدمية". المدهش انني لم ألجأ للتشهير العلني، بل أوضحت ان مقالاتي حول تجارب الحزب في التحالفات، ونقلا من وثائق الحزب نفسه، قوبلت بالعداء والتخوين والسباب. رغم ان تلك المقالات تصب في مصلحة الحزب، لعرضها جزء من تاريخه المضيء. أما ما سماه الزميل باعتراضات، هي مجرد دعوة صادقة لإدخال الهواء الصحي لجسد الحزب، والتعلم في سماع الرأي الآخر.
• أما المطالبة بالكتابة داخل الأطر والقنوات والمواعين التنظيمية، فهذا مطلوب حول قضايا محددة. فالمقترحات لتطوير عمل الحزب الداخلي او تحسين تحصيل ماليته، أو تكريب تأمينه من أجهزة الامن والقمع، هي ما يتم تقديم المقترحات حولها داخل الأطر. لأن طرحها في الخارج هو الذي يضر بالعمل الحزبي ويعرضه للخطر. اما طرح أفكار وآراء ذات سمة عامة فمكانها الهواء الطلق.
• كتب الزميل هشام: الحزب الشيوعي يتبني نهجا ديمقراطيا يسمح بالنقاشات الفكرية، هذا موضوع مهم، يتعلق بالمركزية الديمقراطية، سأفرد له مقالا كاملا بعد الفراغ من الرد. ولكن لدي استفسار أولي، منذ انتهاء المناقشة العامة هل تمت أي مناقشات فكرية داخل الحزب؟
• أضاف الزميل هشام: لكن لا يقبل الحزب تحويل هذه المناقشات الى معاول هدم للوحدة التنظيمية. قال النازي جوبلز كلما سمعت كلمة الثقافة تحسست مسدسي. هل هناك اختلاف بين هذا وطرح هشام. وهل الحزب الذي صمد في وجه القوانين الاستعمارية (قوانين النشاط الهدام)، وأربعة دكتاتوريات عسكرية، وكل الاستهداف الذي استخدم عنف الدولة، سيتعرض للهدم بسبب الحوار الفكري. وهل كل المشانق والتعذيب والاعتقالات والتشريد لم تهدم الوحدة التنظيمية، ولكن تهدمها مقالات تكتب بموضوعية، ولا تكشف اسرار الحزب.
• لقد نشرت كتاب هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ قبل ثمانية أعوام ثم أصدرت كتاب وثائق تحكي تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، وكتاب آخر في مئوية الثورة الروسية بعنوان اليسار السوداني والثورة الروسية. الآن بعد قرابة العشر سنوات، منذ اصدار الكتاب الأول (480 صفحة) لم تنهدم الوحدة التنظيمية للحزب، بسبب ما طرح في هذه الكتب من آراء.
siddigelzailaee@gmail.com
تشكل قضية الديمقراطية كعب أخيل الحركة الشيوعية العالمية. وكانت مثار حوارات تاريخية متواصلة وعميقة، وزادت حدة تلك المناقشات بعد انهيار الدولة السوفيتية. التنظير لرفض الديمقراطية البرجوازية، التي اعتبرها ماركس، نفسه، تطور ثوري، تطور ليصبح دكتاتورية باسم الطبقة العاملة. أما دكتاتورية الطبقة العاملة، نفسها، فتحولت لدكتاتورية الحزب الواحد، وتقلصت دكتاتورية الحزب الواحد لدكتاتورية اللجنة المركزية، وانتهت للسلطات المطلقة للسكرتير العام. هذا ليس تجنيا أو عداءا فالأمثلة عديدة. الم يغير ستالين كل شيء لصالح حكمه الدكتاتوري، وألم يفرض خروتشوف الإصلاح، من فوق، بعد موت ستالين. وتكر حبات المسبحة لنري قادة الحزب يكرسون الجمود والتكلس. ويتم تصعيد غورباتشوف ليبتدر البروستويكا والغلاسونت، كإصلاح من فوق، وتنتهي حملة الإصلاح بتفكك الدولة. ويمضي لآخر الشوط ليحل حزب لينين بقرار فردي. هل يختلف هذا عما فعله ماو في الصين، خلال الثورة الثقافية، وبول بوت في كمبوديا، الذي أعدم الملايين. بل أبدع كيم ايل سونج، الزعيم المحبوب من أربعين مليون كوري، كما يسمى، ليورث ابنه، ومن شابه اباه فما ظلم، ليورث الابن بدوره ابنه على قيادة الحزب والدولة.
قرأنا عشرات الكتب، التي صدرت من دار التقدم. وتجد، مهما كان تنوع الموضوعات، أو تخصصها العلمي، ينتهي أي فصل بمقتطف من كلام السكرتير العام. وهذه جزء من، ابداعات ستالين، التي سار بها الركبان، من بعده. وواكب ذلك قمع كل الأفكار والآراء والاجتهادات، داخل الحزب أو الدولة. وصار الحزب الواحد هو المهيمن على كل شيء، وبقبضة حديدية.
المقدمة أعلاه هي ضرورية كمدخل لمناقشة هذه الفقرة من مقال الزميل هشام:
" مقال الزيلعي يعكس أزمة فكرية أكثر من كونه نقدًا موضوعيًا. كان من الأفضل للزيلعي أن يطرح اعتراضاته داخل الأطر التنظيمية للحزب بدلًا من التشهير العلني الذي لا يخدم إلا أعداء الحركة التقدمية. الحزب الشيوعي السوداني يتبنى نهجًا ديمقراطيًا يسمح بالنقاشات الفكرية، لكنه لا يقبل تحويل هذه النقاشات إلى معاول هدم للوحدة التنظيمية."
• أبدأ ب: المقال يعكس أزمة فكرية أكثر من كونه نقدا موضوعيا. ازمة فكرية عند من يطالبون بالحوار الصحي في الهواء الطلق. ام ازمة فكرية عند من يقمعون الرأي الآخر ويكممون الافواه؟
• كتب الزميل هشام " كان الأفضل للزيلعي أن يطرح اعتراضاته داخل الأطر التنظيمية بدلا من التشهير العلني الذي لا يخدم الا أعداء الحركة التقدمية". المدهش انني لم ألجأ للتشهير العلني، بل أوضحت ان مقالاتي حول تجارب الحزب في التحالفات، ونقلا من وثائق الحزب نفسه، قوبلت بالعداء والتخوين والسباب. رغم ان تلك المقالات تصب في مصلحة الحزب، لعرضها جزء من تاريخه المضيء. أما ما سماه الزميل باعتراضات، هي مجرد دعوة صادقة لإدخال الهواء الصحي لجسد الحزب، والتعلم في سماع الرأي الآخر.
• أما المطالبة بالكتابة داخل الأطر والقنوات والمواعين التنظيمية، فهذا مطلوب حول قضايا محددة. فالمقترحات لتطوير عمل الحزب الداخلي او تحسين تحصيل ماليته، أو تكريب تأمينه من أجهزة الامن والقمع، هي ما يتم تقديم المقترحات حولها داخل الأطر. لأن طرحها في الخارج هو الذي يضر بالعمل الحزبي ويعرضه للخطر. اما طرح أفكار وآراء ذات سمة عامة فمكانها الهواء الطلق.
• كتب الزميل هشام: الحزب الشيوعي يتبني نهجا ديمقراطيا يسمح بالنقاشات الفكرية، هذا موضوع مهم، يتعلق بالمركزية الديمقراطية، سأفرد له مقالا كاملا بعد الفراغ من الرد. ولكن لدي استفسار أولي، منذ انتهاء المناقشة العامة هل تمت أي مناقشات فكرية داخل الحزب؟
• أضاف الزميل هشام: لكن لا يقبل الحزب تحويل هذه المناقشات الى معاول هدم للوحدة التنظيمية. قال النازي جوبلز كلما سمعت كلمة الثقافة تحسست مسدسي. هل هناك اختلاف بين هذا وطرح هشام. وهل الحزب الذي صمد في وجه القوانين الاستعمارية (قوانين النشاط الهدام)، وأربعة دكتاتوريات عسكرية، وكل الاستهداف الذي استخدم عنف الدولة، سيتعرض للهدم بسبب الحوار الفكري. وهل كل المشانق والتعذيب والاعتقالات والتشريد لم تهدم الوحدة التنظيمية، ولكن تهدمها مقالات تكتب بموضوعية، ولا تكشف اسرار الحزب.
• لقد نشرت كتاب هل يمكن تجديد الحزب الشيوعي السوداني؟ قبل ثمانية أعوام ثم أصدرت كتاب وثائق تحكي تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، وكتاب آخر في مئوية الثورة الروسية بعنوان اليسار السوداني والثورة الروسية. الآن بعد قرابة العشر سنوات، منذ اصدار الكتاب الأول (480 صفحة) لم تنهدم الوحدة التنظيمية للحزب، بسبب ما طرح في هذه الكتب من آراء.
siddigelzailaee@gmail.com