هل سيفصل الجنوب ام سينفصل؟ -5-

 


 

 

amindabo@hotmail.com

خامس عشر:

رغم محدودية فرص توحد السودان (والتى يفضلها الغالبية من السودانيين ولكن باسس جديدة ) فى خلال الستة اشهر القادمة المتبقية من ميعاد ممارسة الجنوبيين لحق تقرير المصير فى يناير 2011م، الا ان المتابع لتصريحات بعض منسوبى المؤتمر الوطنى حول عدم التفريط فى وحدة السودان، وانهم سوف سيسلموا السودان موحدا كما استلموه من اجدادهم بالاضافة الى الذهاب أكثر من ذلك بالتفسير المغاير لنصوص اتفاق نيفاشا حول ان الانفصال لم يكن خيارا وان الوحدة الجاذبة هى اساس ما تم الاتفاق عليه، بل الذهاب الى اكثر من ذلك بوضع خيارات بديلة للاتفاقية كالكنفدرالية ، و المحاولات غير المنطقية فى الزمن الضايع لانشاء مشاريع مياه و صحة و تعليم وجامعات و كهرباء و انشاء الطرق ..الخ فى فى خلال 6 شهور معظمها موسما لامطار غزيرة فى جنوب السودان، و كل ذلك يؤكد ان المشهد السياسى سينبأ بازمة حقيقيه ان لم يتنبه لها من هم على زمام السلطة فى السودان، كما يؤكد ان الخطة ألف (أ) لافشال اتفاقية السلام الشامل و تحويلها لاتفاقيات شبيهه لاتفاقية الخرطوم للسلام فى التسيعنيات قد فشلت رغم محاولات الاغراء الوظيفى و شق صفوف الحركة و رحيل د. جون قرنق المبكر و الانتخابات ..الخ ، و لو سعى المؤتمر الوطنى منذ البداية لتنفيذ اتفاقية السلام بكل تفاصيلها و بنودها و جداولها الزمنية، لساهم ذلك فى بناء ثقة واقعية تساهم فى بناء سودان جديد و لما احتاج المؤتمر الوطنى الى اى مجهود لجعل خيار الوحدة جاذبا و كما يقول االمثل:

Foundations must be created in the beginning

فذاكرة الجنوبيين لا تزال حبلى بنقض العهود منذ اكثر من ستين عاما و يرون ان نيفاشا اتاحت فرصة ذهبية للانفكاك من تلك السياسات المركزية التاريخية السيئة، و لم يكن جنوبيى الاربعينات و الخمسينيات من القرن الماضى هم نفس جنوبيي اليوم، فالجنوبى الذى كان يخدعه بعض الشماليين بشراء دجاجته بقرش او اقل و من ثم تلوين ريش دجاجته و بيع الريشة الواحدة بقرشين لنفس صاحب الدجاجة ولى دون رجعة، و جيل اليوم هو جيل الدوت كوم (الانترنت و التكنولوجيا وثورة المعلومات) لذلك حقق خيبة امل كبيرة للمؤتمر الوطنى فى جنوب السودان فى الانتخابات السابقة، فالرئيس الذى تم استقباله بحفاوة كبيرة فى كل المناطق التى زارها بالجنوب متوشحا كل اشكال الملبس الجنوبى الشعبى من لاو و درقه وحربه و سكسك وريش و لبس افريقى تعامل معها مجتمع الجنوب على انه تضليل ترميزى ( مصطلح سياسى يعنى الظهور التمثيلى بمساندة شعب او الانحياز اليه لتمرير اجندة محددة )، لذلك كانت تلك اول رسالة ارسلها الجنوبيين ان الوعى السياسي وصل مرحلة يمكن عبرها تحقيق مكاسبهم متضمنا الاساليب التكتيكية و الاستراتيجية، التى عبرها تم تمرير الانتخابات كاحد متطلبات اتفاقية السلام التى تقود الى ممارسة حق تقرير المصير عبر الاستفتاء، و فى حالة مماطلة الحكومة المركزية فقد يتم اعلان الدولة الجديدة من داخل برلمان جنوب السودان المنتخب كما اشارت الى ذلك قيادات نافذة بجنوب السودان.

سادس عشر:

سيعيش المؤتمر الوطنى خلال الاشهر القادمة فى حالة ازمة حقيقية تتمثل فى مأزق تفتيت السودان او العودة الى مربع الحرب و كل المؤشرات تؤكد خسارتهما الاثنين اذا لم يحكم صوت العقل و تقديم تنازلات كبيرة ليس لجنوب السودان و حده بل لجنوب كردفان و النيل الازرق و دارفور و شرق السودان وغيرها من مناطق السودان الاخرى، ورغم ان بعض الاقلام الاعلامية و الصحفية المسترزقة من تطبيلها للمؤتمر الوطنى تحاول ان تبرر ان حق تقرير المصير تتحمله كل القوى السياسية التى وقعت على اعلان اسمرا للقضايا المصيرية، الا ان العبره فى النهايات و واقع الفعل السياسى يقول ان المعاهدات و الاتفاقيات التى تتم عبر الدولة و بشهادة المجتمع الدولى و الافريقى و العربى تختلف تماما عن تحالفات الضغط و المكايدة السياسية التى قد تتفكك قبل ان تحقق اهدافها و هو ما تم فعلا داخل التجمع الوطنى اليمقراطى الذى خرج منه حزب الامة و دخل فى تفلحون وتتراضون التى لم تفلح و لم ترضى المؤتمر الوطنى، كما ان واقع المشهد السياسى الحالى للحزب الاتحادى اليمقراطى الذى كان رئيسه و ما زال رئيسا للتجمع الوطنى الديمقراطى يرفض انفصال الجنوب علنا و يعتبره خطا احمر، بمعنى ان الاحزاب الشمالية التى ايدت حق تقرير المصير فى اسمرا كان نكاية بالمؤتمر الوطنى الذى استولى على سطتها الديمقراطية و سجن قيادتها و صادر ممتلكاتها وشردها، بالاضافة الى ان تصريحات المؤتمر الوطنى بانه جاء بالسلاح و من اراد ان يغيره فعليه بقوة السلاح، ولافتقادهم للسلاح و عدد المقاتلين الذين بامكانهم ازاحة المؤتمر الوطنى، رأى الكثيرين الاستفادة من قدرات الحركة الشعبية العسكرية و علاقاتها الدولية، لذلك وقفوا مع حق تقرير المصير لتحقيق اغراض اخرى و الا ما هو محاولة نفض معظم او كل الاحزاب الشمالية ايديهم من حق تقرير المصير الذى اعترفوا به قبل 15 عاما. و لكننا نقول هى سياسة فن الممكن على الرغم من الكثير من العناصر السياسية فى الاحزاب الشمالية تنظر لحق تقرير المصير كحق انسانى و متعارف عليه دوليا فى حالات الدول التى تخفق فى انصاف و عدالة شعوبها، ولكن هؤلاء الساسة ليس هم صناع القرار داخل تنظيماتهم و بالتالى تضيع مجهوداتهم كما تضيع كل امكانيات و قدرات و افكار المثقف و الباحث و الاديب و الفنان و الاكاديمى السودانى هباءا منثورا فى ظل الانظمة الشمولية و الديمقراطية المتوشحة بثوب الدكتاتورية فعلا و قولا

4/7/2010

 

آراء