هل يتفق السودانيون في جدة لحقن الدماء السودانية ؟!!

 


 

 

الرجال البلهاء.. من الإسكندرية حتي الخرطوم.. يجمعهم الطبل وتفرقهم العصا !!
اولا : بعد خراب سوبا الثاني.. سوف تشتغل السفارة الامريكية الجديدة لإنتاج كادر بشري ليبرالي جديد خلفًا للاسلام السياس الذي صمموه لمحاربة الشيوعية الدولية !

(١) هل يتفق السودانيون في جدة لحقن الدماء السودانية ؟!!

تسالني: هل يتفق السودانيون عبر الوساطة السعودية الامريكية في جدة ويصلون الى اتفاق يحقن الدماء السودانية ويوقف خراب سوبا الثاني الجارى الآن في العاصمة المثلثة ؟ اقول لك (لا) ! لماذا ؟ لانه (نحن كده ! لازم الأجنبي هو الذي يفكر لنا ويحلحل مشاكلنا عبر سياسة الجزرة والعصا )!! .
ويكفينا بؤسا فكريا ان الدولة السودانية الحالية ليست من ابتكار السودانيين ! صحيح كانت توجد سلطنات : (السلطنة الزرقاء/ وتعني السوداء - وهي الأقرب الى اسم السودان الحالي ، ومملكة تقلي ، وسلطنة دارفور) .. الا ان محمد علي باشا هو الذي أسس الدولة السودانية الحديثة عام ١٨٢١ .
وعلي صلة باثبات تواضع القدرات الفكرية للنخبة النيلية السودانية ، فقد حكمت هذه النخبة الدولة السودانية منذ عام ١٩٥٤ حتي١٩٥٨ منفردين.. وقد نال الحزب الاتحادي (السيد علي الميرغني و إسماعيل الازهري ) أغلبية برلمانية مريحة وذلك بغض النظر عن طريقة تقسيم الدوائر الانتخابية التي مكنتهم لهذه الأغلبية.. وطوال مدة حكم الاتحاديين المشار اليها كانوا لا يتفقون على شيء الا حينما يكونون في مصر (يوحدهم الكفيل جمال عبدالناصر) .. وحين اتفق الاتحاديون في مصر تحت (وعد ووعيد عبدالناصر) .. ووصلت الأنباء لحزب الامة في الخرطوم عن سفيرهم في القاهرة يوسف التني بادر عبدالله خليل /رئيس الوزراء آنذاك/ حزب امة - بادر بتسليم السلطة للجيش.. وهذه قصة معلومة.. شاهدنا اننا ابناء النخبة النيلية.. من حلفا حتي سوبا (الخرطوم) التي يجري فيها الخراب للمرة الثانية هذه الايام بسلاح الطيران السوداني البغيض .. اننا لا (نملك القدرة العقلية والنفسية لحلحلة خلافاتنا انفسنا ) ! وسوف اوافي القارئ بمزيد من الأدلة في الفقرات القادمة بحول الله .

(٢) لماذا فشل مؤتمر المائدة المستديرة ؟

ثورة أكتوبر المجيدة ١٩٦٤ كانت ثمرة مباشرة للمقاومة المسلحة لشعب جنوب السودان لمظالم النخبة النيلية ،( القسمة غير العادلة لوظائف السودنة و التنكر لوعد الفيدرالية.. وفرض الأسلمة والتعريب..الخ .. ) .. وبعد نجاح ثورة أكتوبر لم يملك الشماليون الجرأة لتعيين رئيس وزراء جنوبي (وليتهم فعلوا ) .. ولكنهم اختاروا سر الختم الخلفية المقرب للجنوبيين.. واختاروا لأول مرة وزير داخلية جنوبي.. لقد اجتهد سر الختم الخليفة في انجاح مؤتمر المائدة المستديرة.. ولكن النخب السياسية الشمالية في فترة ثورة أكتوبر(فشلت كعادتها) في الإتفاق على تلبية مطالب الجنوبيين (البسيطة آنذاك) مقارنة بمطالب نيفاشا ٢٠٠٥ والتي بدات بتنازلات مشاكوس المؤلمة . فشلت مباحثات مؤتمر المائدة المستديرة.. لانه (نحن كدة ! ما نعرف نتفق !) .. فشلنا رغم ان الساحة السياسية كانت مليئة بأعظم قادة الفكر والسياسة السودانية.. لا تجود حواء السودانية بمثلهم كما نقول في تبجيلهم .. الشهيد محمود محمد طه.. الشهيد عبدالخالق محجوب والازهري ومبارك زروق وموسي المبارك .. الخ .

(٣) لماذا فشلت النخبة النيلية في قبول إتفاق الميرغني/غرنق ١٩٨٨ ؟

بعد مظاهرات السيول والامطار عام ١٩٨٨ في عهد الديمقراطية الثالثة ، فض الحزب الاتحادي الديمقراطي الائتلاف مع حزب الأمة.. وحلت الجبهة الاسلامية محل الاتحاديين.. ولم يجد الاتحاديون حليفًا للنكاية يغرمائهم (حزب الامة والجبهة الاسلامية) الا الحركة الشعبية بقيادة د جون غرانق.. فتوجه السيد محمد عثمان الميرغني إلي اديس ابابا لملاقاة د جون وفي ١٨ نوفمبر ١٩٨٨ وقع الطرفان (إتفاقية الميرغني/غرنق) التي تضمنت (تجميد قوانين سبتمبر ١٩٨٣ التي اتي بها النميري نكاية في القضاة المدنيين. شاهدنا: لقد فشل السودانيون في التصديق على إتفاقية الميرغني/غرنق عبر الجمعية التأسيسية.. حتي نفذت الجبهة الإسلامية انقلابها المشؤوم في ٣٠/ يونيو ١٩٨٩ .. ويتحمل السودانيون عمومًا وحزب الامة والامام الصادق المهدي مسؤولية هذا الفشل!

(٤) فشلت قوي قوي الحرية والتغيير (المركزي) في الوفاق مع نظيرتها (الحرية والتغيير الديموقراطي ) تحسبًا من (الاغراق) .. واستمرت المماحكات بين الطرفين حتي جاءت الطامة الكبرى في يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٣ . الخلاصة: نحن كدة .. لا نتفق من عند انفسنا .. الا ان يوحدنا الأجنبي! حتي القدر اليسير من الإتفاق داخل قحت المركزي صنعه الأجنبي فولكر واخوانه .. دستور نقابة المحامين (صنعه الأجنبي بالكامل) .. لأننا لا نحسن صناعة شيء.. هذا ليس جلداً للذات .. وانما هو وعي بالذات ومواجهة النفس .. ولا ابريء نفسي من قومي !!

(٥) لماذا شيدت امريكا اضخم وافخم سفارة لها في افريقيا في الخرطوم ؟

شيدت آمريكا اضخم سفارة في الخرطوم ليس لموقع السودان الجغرافي الهام ..الخ ومثل هذا الكلام الفارغ .. الحقيقة هي لجلب الاعداد الضخمة من رجال المخابرات والمدربين لتأهيل السودانيين لمهام الوكالة/الوكالات الجديدة التي تنوي امريكا تكليف السودانيين بها . واذكر في هذا المقام بإن امريكا قد كلفت تنظيم الإسلام السياسي (الوهابية والأخوان المسلمين بمحاربة الشيوعية الدولية) علي مستوي الشرق الاوسط ، وفي السودان بصورة خاصة حيث يوجد اكبر حزب شيوعي في الشرق الاوسط.. وفي فترة سبعينات القرن العشرين المنصرم تم تهجير معظم قيادات الحركة الاسلامية السودانية الي امريكا لتاهيلهم لهذه المهمة وغيرها.
باختصار.. شيدت امريكا اكبر سفارة لها في الخرطوم لانها تعرف قدرات السودانيين المتواضعة.. ليس بيننا (مجموعة حل وعقد ) .. نحتاج للأجنبي ليقوم بهذه المهمة نيابة عنا كما سبق البيان.. والانسان (عاجز الرأي) يسهل انقياده .. فطبيعته هي طبيعة انسان وادي النيل (من الاسكندرية حتي سوبا/الخرطوم) هي طبيعة العوام الواردة في سايكلوجية الجماهير (جوستاف لوبون ) .. حتيوان تخرج من الجامعة !

(٦) ليس مصادفة ان يكون انتاجنا الفكري قاصرًا على (كتاب الطبقات) الذي وصفه النقاد بالبائس!

تاييدا لادعائنا بالبؤس الفكري لانسان وادي النيل اشير الي الكتاب (اليتيم) الذي انتجه العقل النيلي وهو كتاب (طبقات ود ضيفالله) لمؤلفه: محمد نور بن ضيف الله. . والذي وصفه النقاد بالبائس .. وهو دليل شارح لنفسه ولا يحتاج الي بيان!! يكفي بياننا انهالكتاب الوحيد.. بئس الحال !

(ثانيًا) البؤس الفكري وعدم القدرة على تقرير المصير سمة انسان وادي النيل من الإسكندرية حتي سوبا/الخرطوم حاليا!!

(أ) ولتخفيف الصدمة على انسان وادي النيل المغرور (هذه سمة الجاهل ) .. نوسع دائرة الأزمة لتشمل كل إمتداد وادي النيل شمالا.. هبوطا حتي الإسكندرية .. ويمكن كذلك صعودا جنوبا حتى بحيرة فكتوريا ! بالقطع لا اريد ان اوسع دائرة بحثي .. ولكن يمكن ان اقول عن مصر انها (مستلبة مثلنا ) في وادي النيل الاعلي مباشرة / في مصر.. والدليل على استلابها انها محكومة بالأجنبي لمدة (3000 سنة) حتى انقلاب ٢٣ يوليو الذي يطلقون عليه زيفا (بالثورة ) .. خلال هذه الفترة حكم مصر (البطالمة/ والرومان / والفرس /وعرب الجزيرة العربية) .. ثم الموالي (لمدة ٨٠٠ سنة) ومنهم كافور الاخشيدي الذي هجاه المتنبي بقصيدته الشهيرة التي يقول فيها :
لا تشتري العبد الا والعصي معه. ان العبيد لانجاس مناكيد
ولا يدري المخلوع عمر البشير ان هذا الوصف (العبد) في مخيلة المتنبي ينطبق على انسان وادي النيل من الإسكندرية الي ما بعد الشلال السابع.. اي حتي بلاد الشلك.. وهي البلاد المعروفة والمكتشفة في ذلك الوقت. ومن قلة عقل انسان وادي النيل عدم اكتشافه لمنابع النيل الأبيض رغم ان مصر هي (هبة النيل) !!الي ان اتي الاجنبي ليقوم بانجاز هذه المهمة (اكتشاف منابع النيل) !
(ب) وعلي صلة.. فان مصر ليست أفضل حالا في البؤس الفكري من السودان.. لعلم القارئ فان جل الكتاب والمبدعين والممثلين المصريين من أصول غير مصرية .. ويكفي ان تعلم ان (امير الشعراء احمد شوقي - شركسي - وان شاعر النيل حافظ إبراهيم كردي.. والعقاد كردي .. وقس علي ذلك.. فهذا الموضوع (البؤس الفكري المصري) ليس من ابتكار كاتب هذا المقال.. وانما مبحوث سلفا.

(ثالثا ) اذن ما هي توقعاتنا عن مخرجات الوساطة السعودية / الامريكية ؟!
باختصار .. وبدون اي مطاولات: لا يدري السودانيون في جدة بالضبط ماذا يريدون.. وليس بمقدورهم الوصول الى شيءٍ.. فالامر متروك للأجنبي كالعادة!! والقراءة تقول ان (السعودية الريالية/ الدولارية سوف تدبر الجزرة.. وربما توفر مأوى للبرهان في المدينة المنورة ليصلي ويكفر عن ذنوبه .. مع ضمانة من امريكا بعدم ملاحقته في السعودية مثلًا . وامريكا عصاتها جاهزة بمفردها او عن طريق مجلس الامن (وهو الأجراء الأمثل).. تحت الفصل السابع.. المسالة لن تطول لان خراب الخرطوم مستمر بشكل تقشعر منه الأبدان! والأجنبي يعرف طبيعة السودانيين .. وعجزهم الفكري.. لذلك لن يتوانى في فرض الحلول وذلك طبقًا لقوانين الطبيعة التي لاتعرف الفراغ.
ابوبكر القاضي
كاردف/ويلز/UK
١٨ مايو ٢٠٢٣

Sent from my iPad
aboubakrelgadi@hotmail.com

 

آراء