هل يدعم إعلامنا المرأة أم يعوقها ؟

 


 

 


كيف لا

جاء مشروع " الإعلام يدعم النساء الرائدات " مثيراً للاهتمام في هذا التوقيت الذي تظن فيه بعض النساء أنّهن حصلن على حقوقهنّ . وتم استعراض المشروع على موقع المركز الدولي للصحفيين وفق أهداف محددة من ضمنها كسر الصورة النمطية السلبية عن المرأة في وسائل الإعلام عبر مبادرات ومشاريع تهدف إلى تحسين أداء وسائل الإعلام في تغطية قضايا المرأة . جاء على رأس هذه الأهداف، هذا المشروع والذي نظمته "جمعية نساء رائدات" برعاية وزارة الإعلام اللبنانية. كما أنّ هناك أهداف أخرى مثل تعزيز مشاركة النساء في الشأن العام وبلورة صورة إيجابية للنساء في وسائل الإعلام. ثم كسر الصورة النمطية التي تُظهر المرأة ككائن ضعيف لا حول له ولا قوة.
ليس مستحباً الإنفراد بقضية المرأة الصحفية بمعزل عن قضية الصحافة  ككل ، ولا جندرة العمل الصحفي وذلك على أمل أن يتم رفع الظلم والملاحقة والحجر على الرأي عن كل الصحفيين نساء ورجالاً . وسيكون الجميع بانتظار أن ينتهي عهد الإجحاف بالوصول إلى صيغة تحفظ حقوق كل المنتمين إلى عالم الصحافة مع مراعاة لحقوق المرأة بشكل خاص وعدم الانتقاص من حقوقها كمواطنة وشريكة في صنع القرار.
رسالة المرأة الصحفية بالإضافة إلى كونها شريكة أصيلة في هذا العمل، لها حقوق وعليها واجبات تأتي معبّرة عن مدى قصور الصحافة السودانية عن التناول الإيجابي والفعّال لقضايا المرأة. ولا ننكر أنّ القنوات الرسمية في الدولة لا تعمل على تمييز المرأة بشكل واضح لا قانونياً  ولا في طبيعة العمل ولكن هناك بعض الأصوات من هنا وهناك خاصة الأصوات داخل البرلمان تعمل على تسطيح قضايا المرأة وفي بعض الأحيان تعمد إلى تناولها بشكل استغلالي يصرفها عن التناول الجاد للتمكن من معالجة قضاياها المطروحة.
ويأتي دور المرأة الصحفية مزدوجاً، تارة كفاعلة وتارة أخرى كجزء من الجمهور المستهدف بالرسالة الإعلامية. وإزاء هذا الدور تكون المعالجة الصحفية لقضايا المرأة مبتورة ، فمثلاً في قضايا كبيرة مثل مشكلة المرأة والفقر وقضايا المرأة والتنمية تعمد وسائل الإعلام  إلى الاكتفاء بسرد  الأخبار أو التقارير الإخبارية دون معالجات تحليلية. وتعدّ الأعمدة والمقالات في هذا الموضوع على أصابع اليد الواحدة ، وهذه أيضاً لا تقوم بها إلا المرأة الصحفية في عزوف كامل من جانب الصحفيين عن هذا التناول.
مثال آخر يعكس تطوراً في الاهتمام بقضايا المرأة يتمثّل في وقوف الشيخ عبدالجليل الكاروري مع محاربة ختان الإناث بحملة سليمة " كل بنت تولد سليمة ، دعوا كل بنت تنمو سليمة". و بوصف الشيخ الكاروري أحد قيادات الرأي العام الذي يمكنه التوعية والتأثير في المجتمع ، فكان سيكون الأثر كبيراً لو تجاوب الإعلام مع هذه الحملة ، إلّا أنّ التناول لهذه القضية لم يكن في غير القوالب الإعلامية التقليدية التي ما زالت تحتفظ بجمودها القديم في تجنب للنقاش في مثل هذه القضايا الخلافية . ورغم قوة الحملة كفكرة حقوقية وإنسانية إلّا أنّ هناك فتوراً ملحوظاً في التناول الإعلامي لهذه القضية. هذا التناول العقيم الذي يعتمد على الخطوط العريضة دون تحليل أظهر كمّاً من الإشكاليات التي تكبّل الرسالة الإعلامية في هذا الخصوص. وبإعاقة أي نتائج إيجابية من الظهور أُفسح المجال للأصوات المسيئة للقضية بأن تكون هي الأعلى ، حتى أضحى الخوف رفيق المرأة ونجحت الأصوات النشاز المعتمدة على الإثارة في أن تصل  بدلاً عن صوت الحق .
(عن صحيفة الخرطوم)


moaney [moaney15@yahoo.com]

 

آراء