هل ينجح إتفاق الدوحة ( 2 ) … بقلم: سلمى التيجاني

 


 

سلمى التجاني
16 February, 2009

 

salma_122@hotmail.com

    ورقة تشاد 

  «تدخل حركة العدل والمساواة» بورقة إضافية رابحة تعتبر من العوامل الإستراتيجية في استقرار دارفور هي تحسين العلاقات مع تشاد كأساس للسلام بالمنطقة . وعندما تحدث رئيس «حركة العدل» خليل ابراهيم في لقائه بقناة الجزيرة الجمعة الماضي لم يضع السلام مع تشاد شرطاً من شروط الإتفاق لكنه تحدث عنه كضرورة لإنجاح أية محاولة لتحقيق السلام بدارفور. فتشاد في منتصف عمر الأزمة بدارفور تحولت من حليف وفي للحكومة في تحجيم العمل المسلح بالمنطقة ، لحاضن وداعم لبعض حركات دارفور خاصةً «حركة العدل» ، ولم يأتِ هذه التغير فجأة ، فقد ظل الرئيس التشادي في صراع مع مقربين منه في حكومته متورطين في دعم «حركة العدل» بحكم صلات القربى ، وبدلاً من أن تعينه الحكومة في السيطرة على هذه التفلتات اتجهت لاتهامه بدعم الحركات فأراحته من عبء محاربة أولي القربى ، ليعلن بعدها الدعم الرسمي والمعلن للمتمردين ، ولم تنجح إتفاقات تصاعد عددها بتصاعد الأزمة وتعددت رعايتها بين السنغال وليبيا والسعودية . إذن «حركة العدل والمساواة» كانت هي السبب الرئيس في تعكير صفو العلاقات السودانية التشادية ، لذلك وضمانا لأنجاح أي إتفاق مع الحكومة عليها إصلاح ما أفسدته ، وتسديد ما تبقى من فواتير الدعم التشادي المسلح لها ، نعم هي سددت بعض الفواتير العسكرية بالقتال جنباً إلى جنب مع الحكومة التشادية لصد هجوم المعارضة التشادية على إنجمينا ، والآن هي بصدد الجانب السياسي من السداد . ورد في الباب الأول من الإتفاق الإطاري الذي قدمه الوسيط المشترك للطريفين وتجري مناقشته بالدوحة الآن ( وقف العدائيات وتحسين الوضع الأمني في دارفور ) جاء في جزئية وقف الأعمال العسكرية ( تلتزم كل الأطراف بالوقف والكف عن كافة أشكال العداء ذات طبيعة عسكرية كانت أم مدمرة ) وواصلت الجزئية ( لتحقيق ذلك تؤكد التكوينات العسكرية للأطراف باحترام الوقف الكامل والشامل للعدائيات ) ، في كل كلمة من هذه العبارات توجد تشاد ، فهي الدولة الراعية والداعمة عسكريا وماديا لحركة العدل ، وعلى أراضيها توجد القواعد العسكرية للحركة ، ومن مخازن أسلحتها يصل الحركة أسلحة تمكنها من دخول حرب عالمية ثالثة ، وبها أماكن آمنة لقادتها ، ووحدات لتدريب جيشها وتموينه . وفوق كل ذلك تنطلق هجمات الحركة على الأراضي السودانية من داخل تشاد ، وعندما يُحكم على قادتها الحصار وتشتد الملاحقة يلوذون بأراضي تشاد . لذلك من غير المنطقي الحديث عن سلام مع «العدل والمساواة» من دون الحديث عن العلاقات السودانية التشادية ، ويتجاوز الأمر «العدل والمساواة» لكل الحركات والإقليم بأكمله ، فتشاد التي دعمت فصيل لاشئ يمنعها من دعم آخر إن وقعت العدل على سلام . بالمقابل إن أفلح الوسطاء في التعامل مع أهمية دور تشاد وتوصلوا لخطوات فاعلة تجاه التطبيع الحقيقي معها فإن خارطة العمل المسلح بدارفور تتغير كلياً ، إذ يتوقف الدعم الرسمي التشادي لحركات دارفور ، وبمراقبة الحدود يمكن التقليل من نشاط تجار السلاح والمهربين بين البلدين فيتحقق هدوء مقدر على الأرض ما يعطي الحركات التي لا زالت تحمل السلاح فرصة للإستماع لصوت السلام ، ويمنح العناصر المحبة للسلام داخلها وقتاً للتفاكر حول ضرورة البحث عن خيار غير الحرب وحياةً غير حياة الصحراء القاسية والدماء والموت . لكن هناك مقابلٌ على السودان دفعه ، فإن كانت الحكومة السودانية تدعم المعارضة التشادية فعلاً فعليها التوقف عن ذلك إن أرادت هدوءاً في حدودها الغربية وسلاماً بدارفور ، هي ليست مطالبة بالطبع أن تفعل كما فعلت مع المعارضة الأرترية بعد إتفاق الشرق ، فقد سلمت بعض المعارضين للحكومة الأرترية وسمحت لها بمهاجمة مقارهم ، الحكومة مطالبة فقط بوقف الدعم للمعارضين التشاديين - ان كانت تقدم لهم دعما- وأن تطلب منهم مغادرة أراضيها إن كانوا موجودين بالسودان . ودعونا نتساءل : هل طبَعنا علاقاتنا مع الأريتريين بعد إتفاق الشرق ؟ هل أمِنا هجمات حركات دارفور المنطلقة من الأراضي الأريترية صوب شرق السودان ؟ هل تجاوبت إرتريا مع الجهود السودانية للسلام فأغلقت معسكرات حركات دارفور بأراضيها ؟ وهل كفت عن احتضان بعض قادة الحركات ؟ هل تقف إرتريا داعمة لكل جهود الإستقرار الآن ؟ إن كانت الإجابة بنعم فقد فعلت تشاد ذلك وأكثر . بناءً عليه يمكننا القول إن التطبيع مع تشاد يمر عبر بوابة «العدل والمساواة» ، وتنجح مفاوضات الدوحة وما يسفر عنها من إتفاق - إن تمَ - إذا نجحت في طي هذه الملفات مجتمعة وفي ذات الوقت . في الجزء الثالث نناقش خيارات حركات دارفور المسلحة صحيفة الصحافة 

 

آراء