هل ينجح مصابي ثورة ديسمبر العالقين بالهند فيما عجزت عنه القوي السياسية

 


 

حامد بشري
28 November, 2023

 

تداولت وسائط التواصل الاجتماعي مجموعة صوراً عبر فديو لبعض مصابي ثورة ديسمبر المجيدة الذين وصلوا الي دولة الهند قبل أندلاع الحرب أملاً في علاج إصاباتهم التي أستعصي علاجها بالداخل . أوضحت اللقاءات التي أُجريت مع بعضهم أنهم فقدوا المقدرة المالية و كل مقومات الحياة من نقود وسكن وعلاج . وفي ظل هذه الأوضاع السيئة لجؤ الي السفارة السودانية ولكن وبكل أسف لم تُلبي طلباتهم مما اضطرّهم للاعتصام داخل السفارة لعدة ايام . بعدها تلقوا وعداً بمعالجة أوضاعهم مقابل أن يقوموا بفك الاعتصام . بالفعل تم رفع الاعتصام الذي تبعه إيجار سكن لهم من قبل السفارة لمدة أسبوع ثم جُدد لأسبوعين . بعد نهاية الأسبوعين أخطرتهم السفارة بانها لا تستطيع مساعدتهم وعليهم تدبير أوضاعهم مما أضطرّهم مُجدداً للعودة مرة أخري للسفارة . وبدلاً من تقديم العون لهم شرعت سفارة النظام في وضع إجراءات احترازية لمنعهم من دخول مبني السفارة واستعانة في ذلك بالشرطة الهندية علي الرغم من المناشدات المتعددة من جانبهم ورفع المذكرات لوزارة الخارجية والي رئيس مجلس السيادة بعد أن تم تشريدهم وأصبحوا يهيمون في الشوارع والحدائق والأزقة المتسخة وهم في أمس الحاجة للعناية الطبية والبيئة الخالية من الأمراض .
هذا الوضع المأساوي يتطلب النظر اليه من عدة زوايا . هؤلاء المصابين الشرفاء هم اللذين سطروا بشجاعتهم وعنفوان بطولاتهم ثورة ديسمبر المجيدة . لم يرعبهم الموت ولم تخيفهم أجهزة قمع النظام البائد ولا بيوت أشباحه. قادوا المظاهرات والاعتصامات بصدور مفتوحة للرصاص حملوا معها أرواحهم علي أكفهم وحناجرهم تصدح بأهازيج الثورة ( دم الشهيد ما راح لابسنوا نحنا وشاح) ، (شهداءنا ما ماتوا عايشين مع الثوار) ، (شيل معاك كفنك يا أنت يا وطنك) الي أن تُوجت هذه الملحمة بشعار الثورة الخالد " حرية ، سلام ، وعدالة ". كان الأحري بنا ان نكافئ الشهداء بتسمية الشوارع والمستشفيات والحدائق العامة وقاعات المحاضرات بأسمائهم وأن نولي المصابين وأسرهم العناية المجانية الكافية في أرقي المستشفيات مع منحهم بطاقات خاصة تسمح لهم بالسكن والتنقل المجاني والأعانة الشهرية والعيش الكريم ، وأن تنشأ وزارة تختص بشئونهم واحتياجاتهم كغيرهم من المصابين والشهداء اللذين قدموا أرواحهم فداء لأوطانهم في كل بقاع الدنيا. الأ أنه وبكل أسف بدلاً من هذه المعاملة التي تليق بكرامة الأنسان ، وجد أبطالنا وكنداكاتنا أنفسهم مشردين ومنبوذين في كل الأمكنة بدأً من الهند ومروراً بمصر، وتشاد ، وجنوب السودان وأثيوبيا إضافة الي المجموعة من النازحين داخل الوطن . يا للعار الذي لحق بنا جميعاً . هؤلاء الأبطال خرجوا من السودان بناءً علي قرار صدر من اللجنة الفنية لمصابي الثورة التابعة لمجلس الوزراء علي أيام حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك حيث تم تكليفها بمتابعة علاج هؤلاء المصابين . وقبل أن تندمل جروحهم أندلعت حرب الثيران الذين يتقاتلون ويقتلون المواطن طمعاً في الكرسي الذي صار بدون أرجل يقف عليها .
المشهد المحزن لهؤلاء المصابين أعاد للأذهان ما كان عليه الحال قبل الثورة مع إختلاف شكلي في مسرح الجريمة الذي أصبح الآن خارج الوطن حيث يتم تشريد وأغلاق سفارات السودان في وجوه الشرفاء وأستدعاء قوات الشرطة لطردهم من محيط السفارات بدلاً من فتح الأبواب واستقبالهم بالورود . والحقيقة التي غابت عن هؤلاء اللذين يدعون تمثيلنا وتمثيل الثورة خارج الوطن أنه لولا هؤلاء الشباب والشابات لما كان البرهان يحقق حلم والده متقلداً رأس دولة تديرها اللجنة الأمنية وفلول الأخوان الغير مسلمين وكتائب ظلهم بعد أن عاسوا في الديار فساداً لما يزيد عن ثلاثة عقود ولا كان حميدتي يحلم بأن يكون نائباً له يقتل ويسرق وينتهك حقوق وأعراض الناس ويوعد بأستعادة الحكم المدني الديمقراطي الذي تسبب في الإنقلاب عليه ولما كان هؤلاء السفراء يمثلونا في الخارج . كان الأجدر بهذا السفير أن يفتح أبواب سفارته لهؤلاء الأبطال وأن يلتحف معهم الأرض لكي يكون خير مثال للدبلوماسية الحقيقية لكن فاقد الشيئ لا يعطيه . بالأهمال المتعمد للحالة الصحية لهؤلاء المرضي ومصابي فض الأعتصام يصبح السفير وطاقمه مشاركين في جريمة لا تقل عن فض الأعتصام تتلخص في عدم تقديم المساعدة لمصابي ثورة ديسمبر في الوقت الذي هم في أمس الحوجة اليها .
حقيقة وزارة الخارجية قد تكون من أسوء مراكز سلطة النظام البائد الأ أن المجال لا يسمح بسرد التفاصيل. المماطلة في تقديم المساعدات لهؤلاء المصابين لا نستثني منها وزير المالية الذي نخر الفساد في كل خلايا جسده وما فتئ يأكل أموال اليتامي والمساكين ويعيش في قصر ببورتسودان حتي صدق عليه بيت الشعر: وتموت الأسد في الغابات جوعاً ولحم الضأن تأكله الكلاب .
نستذكر علي عهد قريب كان السودان مبادراً بالتضامن مع حركات التحرر الوطني الأفريقية والعربية يجمع المال ويأوي المناضلين ويستخرج وثائق السفر للعابرين واليوم وصل بنا الحال أن نمد يدنا للآخرين لمساعدتنا حتي صدق علينا القول ( أكرموا عزيز قوم ذُل ) .
المطلوب من جميع القوي المعارضة أطاري وجذري وحمدوك بحكم علاقاته الواسعة مع المنظمات الدولية وثقتهم فيه العمل علي وجه السرعة لأنقاذ هؤلاء الضحايا، بتقديم طلبات للمساعدة من المنظمات والدول التي أشرفت علي قيام أجتماعات تسعي لوقف الحرب وتسهيل سفر وفود القوي المتحاربة وقوي الحراك المدني بأنقاذ ضحايا الثورة العالقين بالهند وأماكن أخري خاصة وأن القرار صدر من لجنة فنية إبان رئاسة الدكتور عبدالله حمدوك لمجلس الوزراء عل في هذا المجهود الجماعي ما يساعد في توحيد قوي المعارضة خاصة وأن المصابين ينتمون الي كل أطياف القوي السياسية والمدنية .
لا يفوتني أن أنوه ، فينا من عباده الصالحين من خصاهم المولي بقضاء حوائج الآخرين بدأوا في مجهودات فردية في جمع تبرعات حفاظاً علي ماء وجه هؤلاء الثوار .
حامد بشري
27 نوفمبر 2023

 

آراء