هن النساء.. لسن بسوائم!
بثينة تروس
19 June, 2021
19 June, 2021
هل حقا ما كتبته الصحفية المتميزة امل هباني، في تصورها ان حل مشكلة التعدد، في اختيار المرأة (لصديق) يساندها في ظلمها! وهو قول هي مسئولة عنه، هل ذاك الرأي يستحق الخطاب الديني المغلظ، واصطفاف رجال الدين والفقهاء، لحماية المرأة من الانحراف والرذيلة؟! لقد شغلت اليوم منابر المساجد في خطب الجمعة في موجة عراك اخرى، فتلك المؤسسات تعتبر شأن المرأة مادة اثيره لديهم، فالنساء محور الفقه والتحليل والتحريم، والشيوخ يستبطنون انهن مخلوقات من اعوجاج اضلعهم! (ناقصات عقل ودين) يستنكرون عليهن أي محاولة لمعالجات مشاكلهن، من حياض الدين، او من خارجه، يستندون على فهم النص الديني الذي يخول لهم القوامة والوصاية، وبموجبه نصيبهن السمع والطاعة، بحجة الانفاق وقوة العضل (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم) في عصر فيه هن المنفقات، وفي مجتمع يحميه القانون، ولا سيف الرجل ولا عصاه بمطلوب!
لابد من الاعتراف بان الحرية قوامها حسن التصرف فيها، كما أنها تقوم علي حق الخطأ.. والانسان تميز بكرامة هذه الممارسة، التي تستنهض قيام الفكر، وتحمل المسئولية الفردية.. لذلك كان من الاجدى لرجال الدين في خطبهم المطالبة بالأخلاق، حسن التصرف باختيار الوسائل السليمة، بدلا عن سيء القول ونابئة والقذف في حق الكاتبة هباني، بإسكاتها وتوزيع التهم المجانية والاثارة الرخيصة.. على اقل تقدير كان أجدى ان يمارسوا ما خصصوه لأنفسهم بالاحتكار من وظائف (هداية الخلق)، بهدايتها بخير الكلم، وعدم تكفيرها، وتطمينها بل وجميع النساء، بان لديهم الحل من داخل الدين الذي لا يحوجهن لصديق او عدو! عوضا عن الترهات كخطبة الشيخ عبد الحفيظ العدسي وإضاعة ثمين وقت المصلين في التعريض بنسائهم، واحراجهم بالتناقض، حيث نعت الكاتبة (يا سفيهة) مقارناً باخري (عفيفة) يناصحها كشيخ منذ ان كانت طالبة يعرفها (بصوتها) حتى صارت طبيبة! مع العلم ان بعض الشيوخ يدلل بالأحاديث ان (صوت المرأة عورة)!! يقول العدسي (انها تستفتي في امر رسالة جاءتها من الشباب المسلم الذي يعمل في حقل الدعوة، قالوا لها في رسالة - بارك الله في مجهوداتك – فسالته هل تكتب إليهم - بجزاك الله خيراً - ونصحها ان لا تكتب وتكتفي بالدعاء باللسان حتى لا يتم تبادل جزاك الله، وأحسن اليك، ومتي اراك) انتهي - من تسجيل يوتيوب بتاريخ اليوم.. هذا المهووس في برنامجه التخويني للأنفس، نسي ان خطبته نفسها نتاج الحداثة، بتعقبه لما كتب في الاسافير، اذن لماذا يتعاطى المكروه عمداً؟ أحلال عليه ومحرم على نصف المجتمع؟ بفهم العفة، وأي عفة هذه التي لابد من حراستها بمقاطعة العولمة؟ وفي أي كهوف ينصح الشيخ النساء باللجوء اليها لتعصمهن من الخطيئة؟ الم يسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أقرب الخلق لله الخطائين (إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم)؟ علي التحقيق، ان جعبة رجال الدين والفقهاء خاوية من الفهم الديني لمواجه معضلات ومشاكل المرأة المعاصرة، وحل التعارض ما بين ما عليه واقعها اليوم، وما تنادي به النصوص الدينية التي يختلف حولها الفقهاء فيما بينهم، في جميع الدول الإسلامية، وهذا ما يدفع بالنساء للتفكير في كل الاتجاهات لإيجاد حلول!!
الشاهد ان طرح حل مشكلة التعدد، بان يتزوج الرجل الواحد المرأة الواحدة، تخيف المجتمع الذكوري برجال دينه، لأنها تسحب البساط من تحت ارجلهم، وتعري الفراغ الفكري العريض لفهم النص الديني، اذ القول بان التعدد ليس أصل في الإسلام، وانه ليس بكلمة الله الأخيرة في موضوع حق المرأة في الزواج، منصوص عليه في القران.. إذ ورد فيها قوله عز وجل ان ممارسته ليس فيها أي مقدار من العدل، قوله تعالي (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى، وثلاث، ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، أو ما ملكت أيمانكم.. ذلك أدنى ألا تعولوا)، ولأن للنص حكمة وقت معلومة تشرع لحوجة البشرية، في الماضي بحسب طاقة مجتمع نساء القرن السابع، وبإقامة الحجة ان هذا الإسلام صالح لكل زمان ومكان، لابد من الانتقال لمستوى فكري يوكد علي العدل الإنساني الذي لا تمييز فيه بين المرأة والرجل، ويتناسب والحاضر المجتمعي بجميع معطياته ويدعم عدم التعدد (ولـن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)
لكن جعجعة رجال الدين، اظهرت عجزهم، بإضافة الاعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، في التعرض لأصل المسالة، في ان قضية نقاش التعدد في الزواج ليس حكرا على الرجال دون النساء، فهن صاحبات الحق المباشر إذ تقع عليهن تبعات ظلم التعدد.. والصدق يقتضي الاعتراف بآثار التعدد وانعكاساته النفسية والاجتماعية، والاقتصادية والاسرية، على المرأة.. لكن المعترضون استعاضوا عن ذلك على بالهجوم على أمل هباني واستخدام اللغة الهاتفية التي تدعي حماية النساء من الانحراف، كأنما هن سوائم، قاصرات، مسلوبات الإرادة، يمكن سوقهن في أي وادي، أو أنهن (قوارير) يسهل كسر صمودهن، وهتك عفتهن ان اطلعن على فكرة او قول او منشور.. ان فكرة التسارع لحمايتهن من الانزلاق في مهاوي الشهوات، فكرة سمجة فيها سلب لحقوق ومكتسبات النساء، ولا تقر بأنهن صينات، عفيفات، وحريصات علي معتقداتهن، واديانهن، واعرافهن، واسرهن، وفي عهدتهن تربية وتنشئة الرجال انفسهم، حافظات للغيب بما حفظ الله، بأكثر من عديد الرجال في مجتمعاتنا الإسلامية ممن يظهرون في معارك الغيرة علي الاعراض، ثم لا يراعون امانه الغياب، ولا يجدون حرجا من الزنا، والتحرش الجنسي، والعنف والاغتصاب.
ان معالجة قضايا المرأة ليست حكرا علي جهة او فكر او دين او منظمات او جهات دون سواها، انها قضية عامة تخص الرجل والمرأة، حيث وجدا، لذلك لابد من الانعتاق من لغة الإرهاب والقوامة والوصاية والاسترداف، فهي تحتاج الشجاعة الفكرية، ومراعاة مقتضيات الحداثة وحقوق الانسان، واستصحاب نقد الأفكار الدينية وتصحيح الأعراف المجتمعية والتقاليد البالية ورفع حجب القداسة من حواشيها، برفع الوعي في ان الانتصاف لحقوق المرأة ليس خصماً علي الرجل الحر، او المجتمع السليم المعافي، وانما العكس، وتوظيف الوسائل لبلوغ تلك الغاية ما اليه من سبيل غير تعديل قوانين الأحوال الشخصية ورفع التحفظات عن بنود اتفاقية (سيداو) وليعلمن النساء ان الطريق وعر لتخلف مجتمعاتنا الحالية ولكن الطريق يصنعه المشي.
tina.terwis@gmail.com
لابد من الاعتراف بان الحرية قوامها حسن التصرف فيها، كما أنها تقوم علي حق الخطأ.. والانسان تميز بكرامة هذه الممارسة، التي تستنهض قيام الفكر، وتحمل المسئولية الفردية.. لذلك كان من الاجدى لرجال الدين في خطبهم المطالبة بالأخلاق، حسن التصرف باختيار الوسائل السليمة، بدلا عن سيء القول ونابئة والقذف في حق الكاتبة هباني، بإسكاتها وتوزيع التهم المجانية والاثارة الرخيصة.. على اقل تقدير كان أجدى ان يمارسوا ما خصصوه لأنفسهم بالاحتكار من وظائف (هداية الخلق)، بهدايتها بخير الكلم، وعدم تكفيرها، وتطمينها بل وجميع النساء، بان لديهم الحل من داخل الدين الذي لا يحوجهن لصديق او عدو! عوضا عن الترهات كخطبة الشيخ عبد الحفيظ العدسي وإضاعة ثمين وقت المصلين في التعريض بنسائهم، واحراجهم بالتناقض، حيث نعت الكاتبة (يا سفيهة) مقارناً باخري (عفيفة) يناصحها كشيخ منذ ان كانت طالبة يعرفها (بصوتها) حتى صارت طبيبة! مع العلم ان بعض الشيوخ يدلل بالأحاديث ان (صوت المرأة عورة)!! يقول العدسي (انها تستفتي في امر رسالة جاءتها من الشباب المسلم الذي يعمل في حقل الدعوة، قالوا لها في رسالة - بارك الله في مجهوداتك – فسالته هل تكتب إليهم - بجزاك الله خيراً - ونصحها ان لا تكتب وتكتفي بالدعاء باللسان حتى لا يتم تبادل جزاك الله، وأحسن اليك، ومتي اراك) انتهي - من تسجيل يوتيوب بتاريخ اليوم.. هذا المهووس في برنامجه التخويني للأنفس، نسي ان خطبته نفسها نتاج الحداثة، بتعقبه لما كتب في الاسافير، اذن لماذا يتعاطى المكروه عمداً؟ أحلال عليه ومحرم على نصف المجتمع؟ بفهم العفة، وأي عفة هذه التي لابد من حراستها بمقاطعة العولمة؟ وفي أي كهوف ينصح الشيخ النساء باللجوء اليها لتعصمهن من الخطيئة؟ الم يسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أقرب الخلق لله الخطائين (إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم)؟ علي التحقيق، ان جعبة رجال الدين والفقهاء خاوية من الفهم الديني لمواجه معضلات ومشاكل المرأة المعاصرة، وحل التعارض ما بين ما عليه واقعها اليوم، وما تنادي به النصوص الدينية التي يختلف حولها الفقهاء فيما بينهم، في جميع الدول الإسلامية، وهذا ما يدفع بالنساء للتفكير في كل الاتجاهات لإيجاد حلول!!
الشاهد ان طرح حل مشكلة التعدد، بان يتزوج الرجل الواحد المرأة الواحدة، تخيف المجتمع الذكوري برجال دينه، لأنها تسحب البساط من تحت ارجلهم، وتعري الفراغ الفكري العريض لفهم النص الديني، اذ القول بان التعدد ليس أصل في الإسلام، وانه ليس بكلمة الله الأخيرة في موضوع حق المرأة في الزواج، منصوص عليه في القران.. إذ ورد فيها قوله عز وجل ان ممارسته ليس فيها أي مقدار من العدل، قوله تعالي (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى، وثلاث، ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، أو ما ملكت أيمانكم.. ذلك أدنى ألا تعولوا)، ولأن للنص حكمة وقت معلومة تشرع لحوجة البشرية، في الماضي بحسب طاقة مجتمع نساء القرن السابع، وبإقامة الحجة ان هذا الإسلام صالح لكل زمان ومكان، لابد من الانتقال لمستوى فكري يوكد علي العدل الإنساني الذي لا تمييز فيه بين المرأة والرجل، ويتناسب والحاضر المجتمعي بجميع معطياته ويدعم عدم التعدد (ولـن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)
لكن جعجعة رجال الدين، اظهرت عجزهم، بإضافة الاعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، في التعرض لأصل المسالة، في ان قضية نقاش التعدد في الزواج ليس حكرا على الرجال دون النساء، فهن صاحبات الحق المباشر إذ تقع عليهن تبعات ظلم التعدد.. والصدق يقتضي الاعتراف بآثار التعدد وانعكاساته النفسية والاجتماعية، والاقتصادية والاسرية، على المرأة.. لكن المعترضون استعاضوا عن ذلك على بالهجوم على أمل هباني واستخدام اللغة الهاتفية التي تدعي حماية النساء من الانحراف، كأنما هن سوائم، قاصرات، مسلوبات الإرادة، يمكن سوقهن في أي وادي، أو أنهن (قوارير) يسهل كسر صمودهن، وهتك عفتهن ان اطلعن على فكرة او قول او منشور.. ان فكرة التسارع لحمايتهن من الانزلاق في مهاوي الشهوات، فكرة سمجة فيها سلب لحقوق ومكتسبات النساء، ولا تقر بأنهن صينات، عفيفات، وحريصات علي معتقداتهن، واديانهن، واعرافهن، واسرهن، وفي عهدتهن تربية وتنشئة الرجال انفسهم، حافظات للغيب بما حفظ الله، بأكثر من عديد الرجال في مجتمعاتنا الإسلامية ممن يظهرون في معارك الغيرة علي الاعراض، ثم لا يراعون امانه الغياب، ولا يجدون حرجا من الزنا، والتحرش الجنسي، والعنف والاغتصاب.
ان معالجة قضايا المرأة ليست حكرا علي جهة او فكر او دين او منظمات او جهات دون سواها، انها قضية عامة تخص الرجل والمرأة، حيث وجدا، لذلك لابد من الانعتاق من لغة الإرهاب والقوامة والوصاية والاسترداف، فهي تحتاج الشجاعة الفكرية، ومراعاة مقتضيات الحداثة وحقوق الانسان، واستصحاب نقد الأفكار الدينية وتصحيح الأعراف المجتمعية والتقاليد البالية ورفع حجب القداسة من حواشيها، برفع الوعي في ان الانتصاف لحقوق المرأة ليس خصماً علي الرجل الحر، او المجتمع السليم المعافي، وانما العكس، وتوظيف الوسائل لبلوغ تلك الغاية ما اليه من سبيل غير تعديل قوانين الأحوال الشخصية ورفع التحفظات عن بنود اتفاقية (سيداو) وليعلمن النساء ان الطريق وعر لتخلف مجتمعاتنا الحالية ولكن الطريق يصنعه المشي.
tina.terwis@gmail.com