هواجس ملكية الأرض في السودان
24 September, 2009
أكثر ما يسأل عنه الراغبون في الإستثمار في السودان هو قانون تمليك الأراضي. ويتركز السؤال بصورة أكثف علي الأراضي الزراعية إذ أن أكثر التموجهين للإستثمار في السودان يقصدون الزراعة، لاسيما من جانب الإخوة المصريين. وينبع هذا السؤال من اختلاف القوانين في السودان عن رصيفاتها في مصر. ففي السودان الأرض مملوكة للحكومة وتكون علاقة المواطنين بالأراضي علاقة منفعة إيجارية تسمي في السودان (قانون الحكر) وهذا الأمر ينطبق علي الأراضي الزراعية والسكنية والتجارية. لذلك فإن الحكومة تمنح المواطن ــ سوداني أوغير سوداني ــ الأرض وفق عقد إيجار. وينص هذا العقد علي أن هذه الأرض لاتنزع إلا لمصلحة عامة ووفق قانون، وبتعويض مقبول. هذا النزع الذي يشير إليه القانون هو الذي يزعج المستثمرين الذين يخشون أن يأتي هذا النزع بعد أن يكونوا قد صرفوا مبالغ طائلة في استصلاح الأراضي وإقامة بنيات أساسية عليها، والقانون لايوضح هذه المسألة بشكل قاطع.
ونقول أن الأعراف في السودان في هذا الموضوع مستقرة تماماً. فلم يتم نزع لأرض زراعية أوغيرها لسبب غير مقنع. والحالات التي تم فيها نزع لأراض في اليسودان محدودة ومعلومة، ولعل أشهرها أراضي الجموعية بريف ام درمان الجنوبي التي يقوم عليها مطار الخرطوم الجديد. وأراضي المناصير وما حولها والتي أقيم عليها سد مروي. وهذه لم يختلف إثنان علي منطقية النزع، وإنما أتي الخلاف حول التعويض. ولم تجبر الحكومة المواطنين علي استلام تعويض لم يقبلوه وإنما أدارت معهم حواراً طويلاً حتي توصلوا إلي تسوية مرضية لجميع الأطراف. هذا من الناحية العملية، أما من الناحية النظرية والمنطقية، فإن الحكومة تحتفظ بحق ملكية الأرض لنفسها لتمنح المواطنين حق أجل استغلالها الإستغلال الأمثل وتظل هي ضابطة لإيقاع هذا الإستغلال باحتفاظها بحق الملكية الأصيل. ولعله الإستناد علي القانون الإنجليزي هو الذي جعل حكومة السودان تبقي علي حق الملكية للدولة وتنظم حيازة المواطنين له. ثم أن الحكومة السودانية ــ أية حكومة ــ وبصورة أخص هذه الحكومة القائمة يهمها أن تجذب مستثمرين لأراضيها. ولئن كانت حكومة السودان تحرص علي جلب المستثمرين من كل حدب وصوب فإنها أكثر حرصاً علي جذب أشقاء وادي النيل في مصر الكنانة. والسودان يسعي لأن تكون الزراعة هي رأس الرمح في موارد دخله القومي ومصادرها. ويعلم السودانيون أن الزراعة لاتنهض في جنوب الوادي بغير الإستعانة بخبرات وإمكانات أشقاء الشمال. ويعلم أن المستثمرين من الشمال لن يأتوا ما لم تكن الأوضاع مستقرة والقوانين مشجعة. ولن يتشجع أحد علي الإستثمار لوأن الأمر انطوي علي أي جانب من المخاطرة.
والذين ذهبوا إلي السودان من الإخوة المصريين ووقفوا علي الواقع علي الطبيعة أدركوا أن هذه الملكية الإيجارية لاتقل عن الملكية الحرة في شيء. وأنه لايوجد ما يهدد ملكيتهم للأراضي التي حازوها في السودان وفق قانون الحيازة السوداني(قانون الحكر) ولذلك استثمر البعض ملايين الدولارات في السودان في كافة المجالات، ودعوا أصحابهم وأهلهم وعشيرتهم للإستثمار في السودان، لأنهم وثقوا واستوثقوا من أمن أملاكهم وأراضيهم في السودان الآمن من كل تعد وسوء.
gamal mohamed [gamalangara1@yahoo.com]