وأقولُ لَهُم أنّ تَخَيُّرَ الأسوأ بين عبارات الشتم والذّم لن يزيدَهُم إلّا سُقوطاً، فليذهبوا عنّا فنحنُ قادرون على ثورَتِنا   

 


 

 

ما زالت الحيرة ترتسم على سماءِ بلادنا عن قادة اجهزتنا الأمنيه الذين تصادفت قيادتَهُم مع المعاناة التي يعيشها الوطن وذهابه ، الوطن ، بخُطاً وئيدةٍ الى العدم. أنا أعجَبُ لقاده يفتقرون الى الحدّ الأدنى من الإحساس بالمخاطر التي تقِفُ شاخصةً وتُرى بالعين المجرّده حتّى لأُناسٍ لم يذهبوا إلى معاهد شرطيه أو أمنيه أو عسكريه. إنّهُم بِناء الإنقاذ وصنيعَتُهُ على مدى ثلاثينَ عاماً. وإنّهُم دعم مدنيينا لذلك البناء على مدى أعوام الإنتقال وإنّهُ لَغُصّةٌ في الحلق تأبى أن تفوت.


كرينك تُغرِقُ في مَوتِها الأبدي. طفلةٌ وحيده تضعُ يدها على مقدّمة رأسها وهي تنظر إلى اللاشيئ ومن خلفها يظهرُ الحريق. سيّدةٌ تقفُ بحذر وسط الدخان المتصاعد وحيدةً أيضا ، يناديها احد المعتدين ويأمرها بالحضور إليه تذهبُ إليه وهي تعرف انها تسعى لحتفها وليسَ بينَها والحياه إلّا مسافة الخطواتِ إليه. نفس بصمة الصوت لجنجويد انتفاضة سبتمبر وبدايات ديسمبر وفضّ الإعتصام. كميات من المواتر وحولها جرحى. يبدأ المعتدون اطلاق زخّات الرُصاص على الجرحى فردا فرداً. يتحوّل الجريح إلى كومٍ ممزقٍ من اللحم والعظم والتراب. المهاجمون كأنّهُم قُدّوا من الصخر وكرينك يُحاطُ بها احاطة السوار بالمعصم.



عندما كتبنا عن جوبا والترتيبات الأمنيه وترك جمل التفاوض بما حمل لآل دقلو والعسكر والمليشيات واحتفالات دخول القوات الى الخرطوم وقلنا فيما غير لبس كيف أن زعماء الحركات الموقّعَه قد وضعوا أيديهم في أيدي قتلة أهلِهم الذين قتلوا واغتصبوا اهلهم ونساءهم وسبوهُنّ وحرّقوا قُراهُم واستباحوا أعراضهُم. قلنا أنّ كل ذلك مما يُخالف الرجولَه في حَدِّها الأدنى أي رجولة رجل الشارع العادي بعيداً عن القياده والتي هيَ في شأنِها ( قولاً ثقيلا ).


قلنا أنّ هؤلاء ( القاده ) معنيّون فقط بهُندامِهِم والسيارات الوهيطه ومنازل الحكومه ومال الدوله الذي يصُبُّ في جيوبِهِم. عندما سيطر أبناؤنا على الشوارع وأقاموا المحارق لنظام الإنقاذ ودحروه وحدهم ، تداعى قادة المليشيات العاطله من ليبيا وشاد ..الخ وفرضوا شروطهم بل وتخلّوا بعدَها عن الوطن والشعب والثوره وتخلوا عن أهلهم وأمنهم ومعسكرات نزوحهم .. إنبَطحوا ( تحت ) قاتليهم بلا مروّه وبلا رجوله وآلةُ القتل تمضي لمنتهاها بلا رحمه.


رأينا كثيراً من القتل في احداث كرينك لم تكن لها علاقه بالإنسانية. سمعنا الكثير من التعليقات التي تتحدث عن الجنجويد ومشاركة الدعم السريع الذي يتربع على عرش الوطن. سمعنا عن قوة الشرطه التي أُبيدت هنالك ولكن لم يتحدث القاده . لم تتحدث الشرطه عمّن قتل منتسبيها ومن أباد أهلنا في كرينك وفي الجنينه ومن حرق ومن مارس ذلك القتل الفظيع رغم احتفالها بتعيين ناطق جديد ( حامت ) سيرته الأسافير قبل يومين. لم يتحدث السيادي بشقيه العسكري والمليشياوي ثمّ مدنييه. هذا الصمت يُحَدّثُ بأن هذه سياسة الدوله ويُحَدّثُ بأن كل هذه القوات لا تملكُ من أمرِ نفسِها شيئاً ويُحَدّثُ بأنّ مصيبتها ومصيبتنا في هؤلاء القاده الذين يخشَون الدعم السريع ويُمَجّدونَهُ وهو يُمَثّل بضباطِهِم ويُحَقّرُهُم واللهُ أحقُّ أن يخشَوهُ .. قتلوا شعبهم في عاصِمَتِهِ وأقاليمِه و آثروا الصمت وثروات بلادهم تُنهَب لمصالح الأجانب.


في وحدات عسكريه نظاميه عمرها بعمر استقلال السودان رأينا قيادات الجيش تقفُ لحميدتي كأطفال الروضه تحت بصر عدسات التصوير وأيضاً رأينا تلك القيادات جيش وشرطه يقف أفرادها خلف الرجل كالياور وهو يُلقي خطاباتهُ أمام مواطنينا.. و رأينا الرجل تنصبُ له السُرادِقات بوزارة الداخليه ووحدات الجيش وقد جَفّت حلوق منتسبيهِما من ( الضباط ) من الصِراخ والتّغنّي بإسمِهِ وأيديهم مرفوعه بعلامات النصر.. بكينا على وطننا وسنظلّ نبكي فمن يا تُرى لوّثَ هذا الوطن ؟


الفرسنه لا يجلبها الكاكي ولا الوظيفه الى الرجل. أ ب ت ث الرجوله لا يُعَلّمُها الكاكي للمُجنّد ولكنها أساسٌ فيه تأتي معه من المنزل والجيش والشرطه يبنيان على تلك الخميره. والله لم أرَ قاده جيش ولا شرطه .. لم أرَ مدنيين ممن تسنموا رئاسة الوزاره او صاروا وزراء او حواضن سياسيه أو خدمه مدنيه مثلما رأيت ما بين ٢٠١٩ / حتى الآن على مرّ السنين التي عشتها في هذه الزائله ... كل هؤلاء وبتفاوت نسبة المسؤوليه ( شركاااااء ) فيما يحدث ( الان ) للوطن وأهلِهِ واللهُ على ما أقولُ شهيد. أرجو من بعضهم ان يتركوا الإساءات ( الخارجه ) عن الأدب واللياقه في حقّ الراكزين من أبناءِ هذا الشعب الذين ما غيرتهم الظروف .. فهؤلاءِ هُم الّذينَ يتَحَلّق حولَهُم الشعب الذي أغلَقوا دونَهُ أبواب مكاتبهم الوثيره وأقولُ لهُم ان تَخَيُّر الأسوأ من بين عبارات الذّم والشتم لن يزيدهُم إلّا سقوطاً. فليذهبوا عنّا فنحنُ قادرون على ثورتنا.


melsayigh@gmail.com

 

آراء