وثائق أمريكية عن عبود (13): انقلاب شنان .. واشنطن: محمد علي صالح

 


 

 




اسبوع صراع العسكريين على حكم السودان


تمرد شنان وعبد الله لان عبود لم يدخلهما المجلس الاعلى


اعتقال عبد الوهاب، ثم الافراج عنه، ثم اعادته الى المجلس الاعلى، ثم عزله


فشلت خطة عبد الله خليل، وعزل عبود عبد الوهاب، وتمرد على المهدي


هل كان عبد الوهاب زوج بنت عبد الله خليل؟

------------------------------

واشنطن: محمد علي صالح


هذه هي الحلقة رقم 13 في هذا الجزء من الوثائق الامريكية عن السودان. وهي كألآتي:

وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.

وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.

وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، اخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.

هذه وثائق النظام العسكري الاول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.

وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. ان شاء الله.12

--------------------------------------

عناوين حلقة الاسبوع الماضي:

--هل منع عبود كبار الموظفين من زواج البريطانيات؟ او المصريات؟

-- عبد الله الطيب، زوج بريطانية، قال عبود قصد زواج المصريات

-- عبد الفتاح المغربي، زوج بريطانية، "اساء" الى ملكة بريطانيا

-- هل كان على عبد الرحمن، وزير الداخلية، عميلا لمصر؟

-- هل اشتركت السفارة الامريكية في الخرطوم في انقلاب عبود؟

------------------------------
في هذه الحلقة، انقلاب شنان. او محاولة انقلاب شنان.  خلال اسبوع، تنافس كبار الضباط على من سيحكم السودان.  حدث ذلك بعد اربعة شهور فقط من الانقلاب الذي قاده عبود. 
خلال اسبوع، رغم بيانات عبود للاذاعة والصحف ان "الوضع مستتب"، وان هناك "مجرد خلافات بسيطة بين كبار الضباط"، اهتز السودان، بينما العسكريون يتنافسون في من سيحكمه. 
خلال اسبوع، تعارك العسكريون، وهددوا بعضهم البعض، ثم تصالحوا. ولكن، لفترة قصيرة ...
----------------------------
الرتب العسكرية، قديمة وجديدة:
ملازم= ملازم.  يوزباشي= نقيب. صاغ= رائد. بكبشي= مقدم. قائمقام=عقيد. اميرالاي= عميد. لواء=لواء. فريق=فريق. مشير=مشير.
-----------------------------
اول تغيير:

6-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... حسب اعلان حكومي صدر اليوم باسم الفريق ابراهيم عبود، صار المجلس الاعلى للقوات المسلحة يتكون من الأتي:
الفريق ابراهيم عبود. اللواء احمد عبد الوهاب. اللواء محمد طلعت فريد. الاميرالاي احمد عبد الله حامد. الاميرالاي احمد رضا فريد. الاميرالاي حسن بشير نصر. الاميرالاي احمد مجذوب البحاري. الاميرالاي محي الدين احمد عبد الله. الاميرالاي محمد احمد عروة. الاميرالاي المقبول الامين الحاج. الاميرالاي عبد الرحيم محمد خير شنان ... "
(يوم 17-11، يوم انقلاب عبود،  وحسب الامر الدستوري رقم (2)، كان المجلس الاعلى للقوات المسلحة يتكون من 13 شخصا:
الفريق ابراهيم عبود. اللواء أحمد عبد الوهاب. اللواء محمد طلعت فريد. الأميرالاي أحمد عبدالله حامد. الأميرلاي أحمد رضا فريد . الأميرالاي حسن بشير نصر.  الأميرالاي أحمد مجذوب البحاري .الأميرالاي محمد نصر عثمان. الأميرالاي الخواض محمد. الأميرالاي محمد احمد التيجاني. الاميرالاي محمد أحمد عروة. القائمقام عوض عبد الرحمن صغير. القائمقام حسين على كرار).
(في وثيقة السفارة الاميركية، يتكون المجلس الجديد من 11 شخصا.  لكن، الامر الدستوري رقم (4) الذي اصدره عبود بعد انقلاب شنان وعبد الله، يوم 4-3، اعلن ان المجلس الجديد يتكون من عشرة اشخاص:
اخرج عبود ستة: الاميرالاي احمد عبد الله حامد. الاميرالاي محمد نصر عثمان. الاميرالاي الخواض محمد. الاميرالاي محمد احمد التيجاني. القائمقام عوض عبد الرحمن صغير. القائمقام حسين على كرار.
وادخل عبود ثلاثة: الاميرالاي محي الدين احمد عبد الله. الاميرالاي عبد الرحيم محمد خير شنان. الاميرلاي المقبول الامين الحاج.
بهذا، يكون السفير الامريكي اخطأ، ولم يخرج الاميرالاي احمد عبد الله حامد).

رأينا (راي السفير الامريكي):

اولا: ابعد عبود مؤيدين لعبد الوهاب، ولكن ليس عبد الوهاب نفسه.
ثانيا: ادخل عبود الاميرالايين (شنان وعبد الله) اللذين قادا تحركات يوم 2-3 ، وكانا اعتقلا عبد الوهاب وبعض مؤيديه.
ثالثا: ابقي عبود قائد القيادات الذي، رغم انه لم يشترك في التمرد الانقلابي، ينتمي لطائفة الختمية (الاميرلاي حسن بشير نصر).
رابعا: صار واضحا ان حل عبود هذا حل مؤقت.  ويهدف الى تهدئة الامور، وعدم اراقة دماء. ورغم ان عبود اضعف اعضاء طائفة الانصار في القوات المسلحة، لم يتخلص منهم نهائيا.
سادسا: يبدو ان السيد عبد الرحمن المهدي، راعي الانصار، قبل تعديلات عبود على مضض. ويوجد احتمال كبير بانه سيغير رأيه ..."
-----------------------------
ثاني تغيير:

9-3-1959
من: وزارة الخارجية
الى: السفير، الخرطوم، وسفراء في المنطقة
" ... حسب معلومات وصلت الينا اليوم هنا، اعلنت اذاعة امدرمان الأتي:
اولا: كانت هناك خلافات في الراي وسط كبار الضباط العسكريين الذين يحكمون السودان حول "مواضيع داخلية بحتة." ونتيجة لذلك، استقال اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
ثانيا:  راي الفريق عبود انه "من الحكمة دعوة قادة القوات المسلحة الى اجتماع في الخرطوم." ووافق الاجتماع على تشكيل جديد للمجلس الاعلى للقوات المسلحة.
ثالثا: "بعد اداء القسم، قرر اعضاء المجلس الجديد اعفاء اللواء احمد عبد الوهاب من وظيفة عضو في المجلس الاعلى للقوات المسلحة، ووزير الداخلية والحكومة المحلية." وقرروا "احالته الى المعاش بمعاش كامل."
رابعا: قبل اللواء عبد الوهاب "القرار بروح وطنية عالية، وتضحية شخصية تستحق التسجيل للتاريخ." وايضا، "سيعود الاعضاء الجدد في المجلس الاعلى للقوات المسلحة الى وحداتهم العسكرية لتسليم مهامهم، ثم العودة الى الخرطوم ... "
----------------------
ثالث تغيير:

9-3-1959
من: وزارة الخارجية
الى: السفير، الخرطوم، وسفراء في المنطقة
" ... في تغيير جديد في قيادة حكم السودان، اعلنت اذاعة امدرمان التغييرات التالية:
اللواء احمد مجذوب البحاري: وزير للداخلية. اللواء محي الدين احمد عبد الله: وزيرا للمواصلات. اللواء عبد الرحيم محمد خير شنان: وزيرا للحكومة المحلية. اللواء المقبول الامين الحاج: وزيرا بلا وزارة ...
بهذا تاكدت نهاية الرجل القوى في حكومة عبود العسكرية: اللواء احمد عبد الوهاب، نائب القائد العام، وعضو مجلس قيادة الثورة، ووزير الداخلية والحكومة المحلية ..."
-------------------------
عبد الوهاب:

10-3-1959
من: ستيوارد و روكويل، قسم الشرق الادنى، الخارجية
الى: راونتري، مسئول الشرق الادنى، الخارجية
صورة الى: السفير، الخرطوم
" ... هذا ملخص تحليلاتنا للتغييرات في قيادة حكومة الفريق عبود في السودان:
اولا: عبد الوهاب هو "صن ان لو" (زوج بنت عبد الله خليل، او اخ زوجة عبد الله خليل). وهو من كبار مؤيدي حزب الامة والانصار في القوات السودانية المسلحة. ولا شك ان عزله يعنى انخفاض قوة هؤلاء في القوات المسلحة.
ثانيا: حسب معلوماتنا، البحاري، وربما ايضا شنان، من مؤيدي السيد على الميرغني وطائفة الختمية.
ثالثا: حتى اذا لم يكن البحاري وشنان من مؤيدي الميرغني، لابد انهما محايدان اكثر من عبد الوهاب.
رابعا: لكن، عزل ثاني اهم رجل في الحكومة يدل على ان الحكومة تواجه، او ستواجه، مشاكل اكثر.
رابعا: حتى قبل عزل عبد الوهاب، جمعنا معلومات عنه بانه قوي، ونشط، وقادر، وذكي، وحازم. لكنه غير محبوب داخل القوات المسلحة. وللموضوع صلة بالمنافسات، والمناورات والتحالفات، والحسد، وسط كبار الضباط. وقال لى السفير البريطاني في الخرطوم ان احمد خير، وزير الخارجية، قال له ان عبد الوهاب، نعم، غير محبوب داخل القوات المسلحة. ولهذا السبب، لم يتحمس السيد عبد الرحمن المهدي والانصار، للدفاع عنه ... "
(سؤال:
هل كان عبد الوهاب زوج بنت عبد الله خليل، او اخ زوجة عبد الله خليل؟ هذا ما جاء في هذا التقرير من وزارة الخارجية في واشنطن الى السفير الامريكي في الخرطوم؟
قال الاخ مهدي داؤود الخليفة، زوج نادرة عبد الله خليل، ووزير الدولة في حكومة الصادق المهدي، وعضو البرلمان في الديمقراطية الثانية، والمقيم في واشنطن، ورئيس حزب الامه في الولايات المتحدة، انه اتصل مع عديله اللواء والسفير السابق ميرغني سليمان خليل، ابن أخ عبدالله خليل، وزوج ابنته الكبري سالمة. واوضح ميرغني ان عبد الله خليل كان تزوج في بداية حياته من صفية، عمة اللواء احمد عبدالوهاب، ولم ينجبا.
وقال الاخ مهدي ان العلاقة بين "البيه" واللواء احمد عبد الوهاب كانت "متينة، وقوية، لأسيما ان احمد اشتهر بالشجاعة، والإقدام.  وهي ذات الصفات التي كان يتحلي بها البيه عبد الله خليل.")
----------------------------
القنصل الياباني:

11-3-1959
من: السفير، القاهرة
الى: وزير الخارجية
صورة الى: السفير، الخرطوم
" ... امس جاء الى السفارة سيمو تانيتاني، قنصل في سفارة اليابان في القاهرة. جاء مع اغلاق السفارة، او بعد ذلك بقليل. قال انه سيسافر الى الخرطوم، لاول مرة، ليكتب عن التطورات هناك، لان السفارة اليابانية في القاهرة تمثل اليابان في الخرطوم.
يبدو عمره خمسين سنة تقريبا.  قصير وبدين قليلا. يرتدي نظارات. يتكلم انجليزية مقبولة. قال انه يشرب الكحول نادرا. ويدخن السيجار كثيرا.
عندما قدم نفسه لموظف الاستقبال، ورغم تأخر الوقت، رحب به، واعد له مقابلة الدبلوماسي ديكمان.
وهذا ما كتب ديكمان:
"رحبت به.  وقال انه يريد ان يتحدث عن التطورات الاخيرة في السودان. واقترحت عليه ان نتقابل في شقتي في مساء نفس اليوم ...
لم اقدم له غير المعلومات المسموح بتقديمها الى الصحافيين، وهي كالأتي:
يوم 2-3، وقع انقلاب عسكري في السودان. لم يكن بتاثير خارجي، ولكن لاسباب داخلية. قلل الانقلاب نفوذ انصار الامام عبد الرحمن المهدي في القوات المسلحة.
لا نعرف الخطوة التالية للمهدي وطائفة الانصار.
في الجانب الآخر، اذا لم يؤسس العسكريون الجدد الذين دخلوا المجلس الاعلي للقوات المسلحة (شنان، عبد الله، الحاج) تاييدا قويا لهم داخل القوات المسلحة، واذا لم يؤسسوا تاييد قويا لهم وسط الشعب السوداني،  لن يدم بقائهم طويلا في المجلس العسكري الاعلى.
بالنسبة للدول الخارجية، ربما يرى المصريون والروس ان هذه التغييرات ستكون في مصلحتهم. اذا ليس لسبب آخر، لسبب تخفيض نفوذ انصار المهدي. وذلك لسببين رئيسيين:
اولا: بالنسبة للمصريين، يوجد الاختلاف التاريخي مع ال المهدي (قضى الامام محمد احمد المهدي على الاحتلال التركي المصري للسودان سنة 1885).
ثانيا: بالنسبة للروس، يقع ال المهدي في خانة "الرجعيين"، حسب مذهبهم الشيوعي.  ولهذا، لابد ان يرحبوا بهذه التغييرات في السودان ...
هذا ما قلت للدبلوماسي الياباني ...
واختتمت بالقول ان الوقت مبكر لمعرفة نتائج هذه التغييرات ..."
-----------------------------
عبود:

11-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... في اول تصريح صحافي بعد محاولة الانقلاب، قال امس الفريق عبود لصحيفة "السودان الجديد" ان الحكومة الجديدة "لن تتخلى عن السياسات الداخلية والخارجية التي اعلنتها حكومة الثورة (ثورة 17 نوفمبر)... "
وقال، امس ايضا، لصحيفة "الزمان": "الان وقد استقر الوضع، بهذا اؤكد ان نظامنا مستقر استقرارا كاملا، وانه يتمتع بتاييد الشعب السوداني الذي كان اعلن تاييده لثورة القوات المسلحة (ثورة 17 نوفمبر) ...

رأينا:

اولا: ظلت الصحف السودانية التي يسيطر عليها نظام عبود تنشر ما تريد الحكومة نشره. وخاصة بيانات من اللواء طلعت فريد، وزير العمل.
ثانيا: في تعليقات هذه الصحف دعوات لحل المشاكل حلولا سلمية. وتجنب اراقة الدماء.
ثالثا: يكفى العمل الصحفي في ظل حكومة عسكرية. لكن، عندما يختلف الحكام العسكريون، تجد هذه الصحف نفسها في وضع لا تحسد عليه ... "
----------------------------
تحليل الخارجية:

11-3-1959
من: قسم الشرق الادني، الخارجية
الى: السفير، انقره
صورة الى: السفير، الخرطوم
" ... ردا على طلب الخارجية التركية منكم عن راينا في التغييرات الاخيرة في السودان، تقدرون على ان تقولوا لهم الأتي:
اولا: انخفض كثيرا دور الامام عبد الرحمن المهدي وطائفة الانصار وحزب الامة في قيادة السودان، وربما سيستمر هذا الوضع لفترة من الزمن. وكان هؤلاء في قيادة حكم السودان منذ الاستقلال. كانت تقارير قالت ان عبد الله خليل، رئيس الوزراء الذي عزله عبود، اتفق مع عبود ليقوم عبود بالانقلاب العسكري. ثم يعلن عبود ان الامام المهدي سيكون رئيسا لجمهورية السودان. الأن، حدث العكس. وها هو عبود يبرهن على انه ليس اقل ذكاء من عبد الله خليل.  وها هو حلم عبد الله خليل يتبخر مع حرارة الخرطوم الجغرافية والسياسية.  سقط نجم حزب الامة.  وربما لسنوات كثيرة قادمة ...
ثانيا: الذين يقولون ان الحكومات العسكرية تمتاز على الحكومات الديمقراطية التي تضعف بسبب المنافسات بين الاحزاب، والسياسيين، والمناورات، والخداع، والاكاذيب، لا يقولون ان العسكريين انفسهم يمكن ان يتنافسوا، ويتناورا، ويخدعوا، ويكذبوا. وما فعل الضابطان شنان وعبد الله في السودان مثال على ذلك. دفعتهما المنافسة، والحسد، وحب الحكم. ونحن متأكدون بان هذه ليست نهاية المسرحية ...
ثالثا: بسبب وجود جمال عبد الناصر في مصر، وتحالفه مع روسيا، وزيادة قوة الشيوعيين واليساريين في المنطقة، يمكن ان يساعدهم عدم الاستقرار في السودان، وخاصة المنافسات والتقسيمات داخل القوات المسلحة. هذه نقطة هامة يجب وضع اعتبار لها في تخطيطاتنا الاستراتيجية في المنطقة ..."
---------------------------
شنان:

16-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... نشرت صحف الخرطوم اول بيان علنى من الاميرلاي شنان، بعد ان دخل المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وصار وزيرا للحكومة المحلية. وهذا ملخص ما قال:
اولا: "هدف حركتنا هو تحقيق تطلعات الشعب السوداني."
ثانيا: "لا ندعم سياسات حكومات سابقة، ولكن تطلعات الشعب السوداني."
ثالثا: "سننظر في مطلب كل سوداني، ونوليه كل العناية، حتى نكفل له العدل والمساواة."
رابعا: "لن نسال اي مواطن عن انتماءاته السابقة، الا اذا عارضت هذه الانتماءات سياسة الحكومة ... "
--------------------------
عبد الله:

20-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... في مقابلة اليوم مع صحيفة "الزمان"، قال الاميرالاي محي الدين احمد عبد الله، العضو الجديد في المجلس الاعلى للقوات المسلحة، ووزير المواصلات، ما ملخصه الأتي:
اولا: "لم يكن الهدف من حركة الرابع من مارس حماية مصالح اي دولة اجنبية، او اي حزب سياسي سوداني. لكنها حركة انبثقت من صفوف القوات المسلحة لخدمة كل السودانيين. ولاعادة تنظيم القوات المسلحة ..."
ثانيا: "تؤيد حركة الرابع من مارس مبادئ الثورة التي اعلنها سابقا الرئيس الفريق ابراهيم عبود. وهي حماية استقلال وحرية السودان. ورفع مستوى معيشة السودانيين... "
ثالثا: "اذا يقصد الرئيس ايزنهاور ان هناك ضغوطا شيوعيا تمارس على السودان، اريد ان انفى ذلك نقيا قاطعا. واريد ان اطمانه بان السودانيين لا يقبلون اي تدخل خارجي، من اي دولة. وهم مستعدون للتضحية بارواحهم لحماية استقلال وحرية السودان ... "
(قال السفير الامريكي في هذه الوثيقة ان الرئيس ايزنهاور لم يشر الى السودان مباشرة في خطابه امام الكونقرس في بداية سنة 1959. لكن ايزنهاور "اشار اشارة غير مباشرة" عندما تحدث عن زيادة النفوذ الشيوعي في المنطقة. وعن اهمية تحالف الولايات المتحدة مع الحكومات والجماعات المعادية للشيوعية. ويبدو ان الاميرلاي عبد الله اعتبر ذلك اشارة مباشرة الى السودان).
(بعد سنوات، ازيح الستار عن تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية، سي اي ايه، بتاريخ 19-3-1959، بعد اسبوعين من انقلاب شنان. فضل التقرير التعاون مع العسكريين السودانيين المؤيدين لحزب الامة.  وقال التقرير ان هؤلاء "يتمتعون باغلبية وسط الضباط المؤيدين للدول الغربية داخل المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وداخل مجلس الوزراء ... ")
----------------------------------
ملخص ما حدث:

20-3-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... بعد مرور قرابة ثلاثة اسابيع على تمرد ضباط كبار داخل القوات المسلحة، ووسط غموض وتكتم على تفاصيل ما حدث، نقدر ان نقدم هذا الملخص:

الاحد 1-3:
كان حوالي 400 جندي من القيادة الشمالية (قيادتها في شندي)، والقيادة الشرقية (قيادتها في القضارف) في طريقهم الى جنوب السودان للاشتراك في الحرب هناك. قاد الاولى الاميرالاي عبد الرحيم محمد خير شنان. وقاد الثانية الاميرلاي محي الدين احمد عبد الله. وعندما وصلوا الى الخرطوم، حاصروا قيادة القوات المسلحة، ومباني البريد والبرق، والاذاعة. واعتقلوا اللواء احمد عبد الوهاب، وعسكريين آخرين منهم: القائمقام حسين على كرار، والقائمقام عوض عبد الرحمن صغير. وعندما قابل شنان وعبد الله الفريق عبود، طلبوا منه عزل عبد الوهاب من المجلس الاعلى للقوات المسلحة، وادخالهما هما في المجلس. واشتكيا لعبود بان عبد الوهاب كان اعترض على ادخالهما المجلس في نوفمبر الماضي، عندما وقع الانقلاب العسكري ...

الاثنين: 2-3:
طلب السيد عبد الرحمن المهدي، زعيم الانصار، وعبد الله خليل، رئيس الوزراء السابق، من الفريق عبود اطلاق سراح الضباط المعتقلين، ومحاكمة شنان وعبد الله. لكن، اتفق عبود مع شنان وعبد الله على عدم محاكمتهما، مقابل اطلاق سراح المعتقلين، ومواصلة تقدم القوات الى الجنوب. واصدر عبود بيانا في الاذاعة بان القوات واصلت تقدمها الى الجنوب، بدون ان يذكر تفاصيل ما حدث ...

الثلاثاء: 3-3:
بعد اطلاق سراحه، طلب عبد الوهاب، بتاييد من الامام عبد الرحمن المهدي وعبد الله خليل، من عبود محاكمة شنان وعبد الله. ومرة اخرى، رفض عبود. وقال ان المشكلة انتهت، وان شنان وعبد الله واصلا التحرك مع قواتهما الى جنوب السودان ...

الاربعاء 4-3:
عندما اقترب شنان وعبد الله، وقواتهما، من كوستي في طريقها الى جنوب السودان، علما ان عددا كبيرا من اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة يصرون على محاكمتهما. وفي الحال، امرا قواتهما بالعودة الى الخرطوم. ومرة اخرى، حاصرت هذه القوات قيادة القوات المسلحة، ومباني البريد والبرق والاذاعة. وفي الظهر، اصدر عبود بيانا في الاذاعة، قال فيه ان كل اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة استقالوا. وان مشاورات تجري لتشكيل مجلس جديد. وطمأن المواطنين بان البلاد مستقرة، وان الامن مستتب ...

الخميس: 5-3:
ارسل السيد عبد الرحمن المهدي عبد الله خليل، وارسل السيد على الميرغني خلف الله خالد (كان وزير الدفاع) الى عبود في قيادة القوات المسلحة. وكان الهدف هو تجنب اراقة الدماء وسط القوات المسلحة. وقال خليل ان المهدي لا يرفض ادخال شنان وحامد في المجلس الاعلى للقوات المسلحة على شرط الا يخرج منه عبد الوهاب. وفي المساء، اصدر عبود بيانا في الاذاعة اعلن فيه ادخال شنان وحامد في المجلس الاعلى. وايضا، الاميرلاي المقبول الامين الحاج.  ولم يخرج اللواء احمد عبد الوهاب.
واخراج الاميرالاي محمد نصر عثمان، والاميرالاي الخواض محمد، والاميرالاي محمد احمد التيجاني، والقائمقام عوض عبد الرحمن صغير، والقائمقام حسين على كرار ...

الجمعة: 6-3:
هدا التوتر، وظل الوضع في العاصمة هادئا. ويبدو ان السودانيين قرروا، بطريقتهم الخاصة، ان يحلوا مشاكلهم بتنازلات وحلول وسط، وليس بالقوة ...

السبت: 7-3:
قال بيان اصدره عبود في الاذاعة ان القوات "التي كانت وصلت الخرطوم، عادت الى قواعدها بعد فترة استجمام في الخرطوم. وكانت هذه القوات تحركت حسب برنامج عادي لاستبدال القوات التي في الجنوب" ...

الاحد: 8-3:
كررت الاذاعة والصحف ان الوضع هادئ، وان الحكومة تسيطر على الموقف، وان "البلاد تستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك (يوم 10-3)...

الاثنين: 9-3:
في الصباح دخل كل اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة القصر الجمهوري لاداء القسم. لكن، لم يكن معهم اللواء احمد عبد الوهاب. وبعد قليل، نقلت الاذاعة بيانا من عبود بان اعضاء المجلس، بعد اداء القسم، "قرروا اعفاء اللواء احمد عبد الوهاب من عضوية المجلس، ومن عضوية مجلس الوزراء." في وقت لاحق، اعلن عبود بيانا ثانيا قال فيه انه عين البحاري، وزير المواصلات، وزيرا للداخلية (وزارة عبد الوهاب سابقا). وشنان وزيرا للحكومة المحلية (وزارة عبد الوهاب سابقا). وعبد الله وزيرا للمواصلات (وزارة البحاري سابقا). والمقبول الامين الحاج وزيرا بدون اعباء وزارية ...

الثلاثاء: 10-3:
اصدر عبود بيانا في الاذاعة قال فيه ان ما حدث "كان مجرد خلافات في الراي وسط ضباط في القوات المسلحة. وكانت خلافات بسيطة. مثل التي تحدث داخل العائلة الواحدة."
وهنأ السودانيين ببداية شهر رمضان ... "
--------------------------------
الاسبوع القادم: عزل ضباط موالين لمصر
-------------------------------
MohammadAliSalih@yahoo.com

 

آراء