وثائق امريكية عن نميرى (43): منقستو الشيوعي .. واشنطن: محمد علي صالح

 


 

 



منقستو: صار نميرى حليفا للدول "الامبريالية والرجعية"
المصريون يريدون ان يحلوا محل السودانيين في الامارات
الشيوعيون والروس يخططون، مرة اخرى، للقضاء على نميري
هل فكر نميرى في التنحى؟
-------------------------------
واشنطن: محمد علي صالح

تستمر هذه الحلقات عن وثائق امريكية عن السودان. وهي كالاتي:
-- الديمقراطية الاولى (25 حلقة): رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956)
-- الديمقراطية الاولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958)
-- النظام العسكرى الاول (19 حلقة): الفريق ابراهيم عبود (1958-1964)
-- الديمقراطية الثانية (29 حلقة): رؤساء وزارات: سر الختم الخليفة، محمد احمد محجوب، الصادق المهدي، محمد احمد محجوب (1964-1969).
-- النظام العسكري الثاني: المشير جعفر نميري (1969-1979، اخر سنة كشفت وثقائها):
-----------------------------
امكانيات السودان الكبيرة:

التاريخ: 21-9-1976
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: علاقتنا مع نميرى بعد محاولة عزله
" ... في الوقت الحاضر، يوالينا السودان، وايضا، يعادي روسيا. لهذا، نرى ان الوقت مناسب لاستغلال هذا الوضع. مع افتراض انه يناسب سياستنا الخارجية. طبعا، يجب ان تطابق سياستنا في المنطقة مصالحنا هناك ...
نرى ان مصالحنا هنا، وزيادة اهمية السودان الجيوسياسية والاقتصادية، ستنمو كثيرا خلال ما بين السنوات 1980 و1990.
منذ مايو الماضي، عندما عادت العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، تحركت الاحداث سريعا: زار نميرى الولايات المتحدة، وتحسنت العلاقات بيننا، وزادت معرفتنا باهمية السودان. ولم تؤثر محاولة الانقلاب (الغزو الليبي) على هذا الوضع ... في نفس الوقت، زادت دول عربية واروبية استثماراتها في السودان. ويريد نميرى منا ان نحذو حذوهم. بالاضافة الى احلام وطموحات السودانيين نحو دور رئيسي من جانبنا ...
يريدنا نميرى لسببين:
اولا: مساعدته في تنمية وتطوير وطنه.
ثانيأ: تقوية حكمه، عندما تدعمه دولة كبيرة مثلنا ...
نعرف انكم (رئاسة الخارجية) تناقشون هذا الموضوع، وجزء منه حساس ...
(تعليق: شطبت اجزاء سرية هنا. ربما عن تحويل نميرى ليكون صديقا حقيقا، ويخدم المصالح الامريكية في المنطقة).
ليس سرا ان السودان فيه امكانيات ومصادر طبيعية كبيرة. خاصة في مجال الزراعة وتوفير الطعام. وسيكون، ربما يوما ما، مصدرا كبيرا للطعام. وايضا للمواد الخام، مثل: الحديد، والنحاس، والذهب، واليورانيوم، والبترول ... وفعلا، بدات شركات اميركية اجراءات استطلاعية في مجال المعادن.
لكن، حتى اذا لم يتحقق ما نتمنى، سيكون السودان، مع بداية عام 1980، قد تطور كثيرا، خاصة في المجال الاقتصادى. واذا تاكدنا ان في السودان كميات معقولة من البترول، يمكن اضافة هذه الثروة الجديدة الى امكانياته الزراعية ...
اذا وثقنا علاقتنا مع السودان، اقتصاديا وسياسيا، نقدر، بعد 5 او 10 سنوات، على الاعتماد عليه، والاستفادة منه، ربما مثل الحال اليوم مع السعودية ... "
(تعليق:
في وثيقة في نفس اليوم، فازت شركة "هاريس" الامريكية بعطاء تشييد شبكة فضائيات في عواصم المديريات، تبلغ قيمتها 18 مليون دولار. وقالت الوثيقة ان مصطفى عوض علام، مدير الاتصالات، ابلغ الملحق الاقتصادي في السفارة الامريكية في الخرطوم بفوز الشركة الاميركية على شركتين يابانيتين: "متسوبيشى" و "ان اي سى").
-------------------------
نميرى ليس مستقرا:

التاريخ: 7-12-1976
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
الموضوع: تقييم نظام نميرى
" ... بعد 6 شهور من محاولة اخرى لعزل نميرى (الغزو الليبي)، عاد استقرار نسبى الى حكومة نميرى. وبدا نميرى يضع خطة 5 سنوات للتنمية والتطور. وانهمرت على الخرطوم وفود بنوك، وشركات، ومؤسسات استثمار. وصارت الهيئة العربية للاستثمار والتنمية الزراعية قائدة في هذا المجال.
وقال لنا نميرى ان زيارة الملك السعودى خالد بن عبد العزيز للسودان كانت دليلا على دخول السودان مرحلة هامة للنمو والتطور. قال لنا هذا في نهاية اكتوبر. وفي بداية اكتوبر كان قضى ساعتين مع الملك في مكة المكرمة ...
لكن، يظل نميرى قلقا على استمراره في الحكم. وظهرت، مؤخرا، حراسة مشددة، واضواء كاشفة، واكوام تحصينات حول قيادة القوات المسلحة، حيث يسكن نميرى. ويصادف هذا مشاكل في جنوب السودان:
اولا: تفشى امراض معدية.
ثانيا: تقصير حكومة الخرطوم في تقديم مساعدات كافية.
ثالثا: زيادة غضب الجنوبيين على المسئولين هناك، وعلى المسئولين في الخرطوم.
لهذا، يستمر عدم استقرار نميرى، ويستمر قلقنا ...
حسب مصادرنا، تنتشر اخبار واشاعات عن:
اولا: محاولة انقلاب اخرى، واحتمال تحالف جديد بين الشيوعيين السودانيين وروسيا، للانتقام من نميرى لما فعله بهم.
ثانيا: تدخل السعوديين الى جانب نميرى، واتصالاتهم مع نميرى، ومع الرئيس المصرى انور السادات، لدعم نميرى.
ثالثا: زيارة رئيس الوزراء الرشيد الطاهر الى القاهرة لكسب مزيد من دعم المصريين.
رابعا: زيادة التوتر في الدول المجاورة للسودان، مثل: تشاد، ويوغندا، وافريقيا الوسطى، مع زيادة نفوذ الرئيس الليبي معمر القذافي الذي يبدو انه يريد تقليص دور السودان في المنطقة (اذا ليس القضاء على نميرى) ...
مع هذه التطورات، نتوقع حدثين هامين:
الاول: المؤتمر العام للاتحاد الاشتراكي السوداني.
الثاني: اعادة انتخاب نميرى رئيسا ...
لكن، رغم جهود نميرى لتقوية حكمه، تستمر قاعدته الشعبية هشة... وتستمر اكثر من جهة تنتظر فرصة الانقضاض عليه، بعد 7 سنوات في الحكم ..."
---------------------------
نميرى يهاجم الخليجيين:

التاريخ: 13-12-1976
من: السفير، ابو ظبى
الى: وزير الخارجية
الموضوع: نميرى يهاجم
" ... ثارت ضجة، وتوترت العلاقات بين نميرى وحكام الخليج بعد تصريحات نميرى لمجلة "اكتوبر" المصرية.
حصلنا هنا على نسخة من المجلة، وترجمنا المقابلة التى اجراها انيس منصور. وهذا جزء منها:
منصور:
يقول بعض الناس ان الدول الخليجية تبالغ في تقدير حجمها وقوتها، وتريد السيطرة على الاوضاع في المنطقة العربية. هل تعتقد ان هذا ليس سهلا؟
نميرى:
تريد الدول الخليجية تجنيد جيوش عملاقة، وهذا شئ غريب، ومكلف . ستزيد الهوة بين الاغنياء والفقراء هناك، وستزيد الشكاوى والمظالم. اتذكر في اخر زيارة الى هناك، سالت جنودا وشرطة عن ما يفعلون. قال واحد: "اعمل في بيت الامير". وقال ثاني: "اعمل في بيت الشيخ." وعرفت انهم يعملون كافراد في منازل كبار المسئولين. لهذا، لا افهم لماذا يركز الحكام الخليجيون على تاسيس جيوش عملاقة؟ هل يعتقدون انهم قادرون على مواجهة ايران؟ ستقضى ايران عليهم كلهم في دقيقة واحدة. هذه من الاشياء الغريبة التي لاحظتها. ولاحظت، ايضا، كثرة الاجانب، خاصة الهنود، والباكستانيين، وحتى الايرانيين. ربما ليس هؤلاء خطرا. لكن، يوجد خطر الفلسطينيين. وهم يساريون، وليست لهم علاقة مع سكان البلاد الاصليين ..." (انتهى كلام نميرى).
حسب معلومات مصادرنا، في نفس يوم صدور المجلة وفيها تصريحات نميرى، امرت وزارة خارجية الامارات سفارتها في الخرطوم بوقف اصدار تاشيرات دخول للسودانيين.
وقال لنا مصدر في السفارة السودانية هنا (في ابوظبى) ان حكومة الامارات ربما ستلغى طلب 400 ضابط عسكرى سوداني لتدريب الاماراتيين. وربما ستطلب من منتدبين سودانيين كبار العودة الى السودان ...
لكن، حسب مؤشرات جديدة، يبدو ان الاماراتيين غفروا لنميرى الخطأ الذي ارتكبه في حقهم. وذلك لان صحف الامارات نشرت امس برقية تهنئة نميرى الى الشيخ زايد بمناسبة اعادة انتخابه رئيسا لدولة الامارات ...
رأينا:
اولا: رغم ان نميرى تجاوز الحدود الدبلوماسية، ليس سهلا انكار ما قال. وحتى الشيخ زايد لا يقدر على انكار ما قال نميرى.
ثانيا: ربما للمصريين دور، وذلك بسبب اخبار بان الصحافي المصرى بالغ في تصوير تصريحات نميرى، او تعمد ابرازها، بهدف تخريب علاقات السودانيين بالاماراتيين.
ثالثا: ليس سرا ان المصريين، حكومة، واعلاما، وشعبا، يريدون زيادة نفوذهم في الامارات. وربما، لهذا، يريدون التخلص من السودانيين الذين يعملون هناك، او تخفيض عددهم ..."
----------------------
خوف نميرى من اثيوبيا:

التاريخ: 6-1-1977
من: وزارة الخارجية: اهم احداث اليوم
الى: السفير في الخرطوم، السفير في اديس ابابا، الخ ...
الموضوع: تصريحات نميرى
" ... قالت سفارتنا في اديس ابابا ان كبار المسئولين الاثيوبيين استغربوا لتصريحات نميرى الاخيرة، وهجومه الشديد على اثيوبيا، واستدعاء سفيره في اديس ابابا.
لكن، قالت سفارتنا في الخرطوم ان هناك اسبابا معينة:
اولا: انتشرت اخبار بان القذافي، الذي ساند في السنة الماضية محاولة فاشلة لاسقاط نميرى (الغزو الليبي)، ارسل اسلحة الى الانصار المسلحين (من حزب الامة) في اثيوبيا، في محاولة اخرى لاسقاط نميرى . هذه المرة من اثيوبيا، وبموافقة حكومة اثيوبيا (حكومة الجنرال الشيوعي منقستو هيلى مريام).
ثانيا: يعتقد نميرى ان اثيوبيا كانت متورطة في المحاولة الاولى. وذلك لان الخطة كانت تشمل زحف انصار مسلحين (من حزب الامة) على الحدود بين السودان واثيوبيا الى الخرطوم، للاشتراك في المحاولة التي قادها محمد نور سعد.
ثالثا: حاول نميرى الوسائل الدبلوماسية لتحسين علاقته مع الدول المجاورة، بما في ذلك اثيوبيا. لكنه لم ينجح. ولم ينجح في كسب روسيا، بعد ان قضى على الشيوعيين السودانيين، بعد محاولة انقلاب سنة 1971. ويستمر يواجه تهديد الانصار (حزب الامة) المسلحين على الحدود مع اثيوبيا ...
في نفس الوقت، قالت سفارتنا في اثيوبيا ان المتحدث باسم وزارة الخارجية الاثيوبية اعلن استغرابه لقرار نميرى بسحب السفير السوداني في اثيوبيا. وقال المتحدث ان البلدين "يكسبان كثيرا اذا حافظا على علاقة صداقة وود ... "
----------------------
منقستو يهدد نميرى:

التاريخ: 2-2-1977
من: السفير، اديس ابابا
الى: الخارجية
الموضوع: خطاب تفرى بانتى
" ... القى الجنرال تفرى بانتى، رئيس المجلس العسكرى في اثيوبيا (حليف الجنرال منقستو هيلى مريام) خطابا ناريا، هاجم فيه ما سماهم "اعداء اثيوبيا في الخارج." ودعا الى توحيد ما سماها "القوة التقدمية والبطولية" في الداخل ...
وقال ان نميرى فتح الحدود السودانية مع اثيوبيا "لمصلحة القوى الانفصالية والمعادية للثورة."
ونفى قول نميرى ان اثيوبيا وروسيا وليبيا يخططون لاسقاط حكومته. وقال: "نعاهد الشعب السوداني الشقيق باننا لم، ولن، نخطط ما يؤذيه، وما يؤذى مصالحه."
ودعا نميرى ليلعب "دورا سلميا وايجابيا" لحل مشكلة اريتريا (كانت تقاتل لنيل الاستقلال من تحت سيطرة اثيوبيا).
وقال ان نميرى يريد "اجهاض ثورة اثيوبيا، وتدمير وحدة اثيوبيا، ووضع منطقة البحر الاحمر تحت سيطرة الدول الامبريالية والرجعية (امريكا، والسعودية) ..."
(تعليق:
في سنة 1969، جاء نميرى الى الحكم في السودان، في تحالف مع الشيوعيين، وبدعم من روسيا. وفي سنة 1971، بعد فشل الانقلاب الشيوعي ضده، عاداهم، وتحول نحو اميركا. وفي سنة 1974، جاء منقستو هيلى مريام الى الحكم في اثيوبيا، وكان شيوعيا، وبدعم من روسيا.
لهذا، كان لابد ان يصطدم نميري ومنقستو.
استولى منقستو على الحكم باسم حركة "دينق" (الجناح الشيوعي العسكرى الاثيوبي). واسقط حكومة الامبراطور هيلاسلاسي، سليلة حكومات عائلية تعود الى النبى الملك سليمان، وبلقيس ملكة سبأ. واعلن تاسيس "جمهورية اثيوبيا الديمقراطية الشعبية. وكانت اكثر يسارية من "جمهورية السودان الديمقراطية" التي اسسها نميرى.
تحالف منقستو هيلى مريام مع روسيا. وبدا حكما شيوعيا دمويا، سمى "الارهاب الاحمر"، وقتل، خلال 5 سنوات، نصف مليون شخص تقريبا.
لهذا، في سنة 1977، سنة هذه الوثيقة، وحسب ما جاء في خطاب الجنرال تفرى بانتى، حليف مانقستو، كان نميرى "عميلا للدول الامبريالية والرجعية" (الولايات المتحدة، والسعودية، الخ...)
لهذا، بعد 6 سنوات من القطيعة بين نميرى وروسيا، وتحول نميرى نحو امريكا، عادت روسيا من الباب الخلفى، من اثيوبيا. ايضا، عادت روسيا عن طريق تحالفها مع الرئيس الليبي معمر القذافي.
لهذا، رغم ان نميرى افشل محاولة انقلاب محمد نور سعد (الغزو الليبي)، استمر خائفا من محاولة اخرى يدعمها القذافي. او منقستو. او الاثنان معا).
====================
MohammadAliSalih@gmail.com
MohammadAliSalih.com
Facebook/Mohammad Ali Salih
Twitter@MellowMuslim

 

آراء