نودع الزميل المناضل يوسف حسين الذي رحل عن دنيانا صباح الخميس 4 يوليو 2019م بعد حياة حافلة ومفعمة بالنضال ونكران الذات من اجل الحزب والوطن ورفعة شعبنا. بمزيد من الحزن والأسى.
كرّس المناضل يوسف حياته بثبات وعزيمة لا تلين لها قناة، من اجل الحزب والوطن، وظل ثابتا وراسخا رغم العواصف وتقلبات الحالة عنيفها وناعمها. منذ طفولته اهتم بقضايا الكادحين، ولا غرو انه انحدر من اسرة عمالية، حيث كان والده يعمل عاملا في مصلحة الوابورات بالخرطوم بحري، التي ولد فيها عام 1938م، وتلقى تعليمه الابتدائي والاوسط بها بعدها التحق بمدرسة خورطقت الثانوية التي واصل فيها نضاله السياسي والنقابي وتم انتخابه في اتحاد الطلاب عام 1957م وقتها وكان نضال الحركة الجماهيرية مستعرا ضد حكومة السيدين، وضد المعونة الامريكية التي تفقد البلاد استقلالها. وقانون الطوارئ ..الخ. وكان اضراب طلاب خور طقت الشهير، والذي ادى لفصل لجنة الاتحاد من المدرسة ، بعد فصله واصل يوسف دراسته، والتحق بجامعة الخرطوم، حيث واصل نشاطه في الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، وساهم في النضال ضد الديكتاتورية العسكرية الأولى، وكان عضوا في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، وتعرض ايضا للفصل السياسي، حتى قيام ثورة اكتوبر 1964م. ورغم نشاطه السياسي الكثيف، الا انه كان مبرزا اكاديميا، مما دحض دعاية الادارة الاستعمارية بان النشاط السياسي يتعارض مع الدراسة والاهتمام بالاكاديميات. بعد تخرجه في كلية العلوم(جيولوجيا) عمل لفترة بسيطة بمصلحة المساحة وبعدها لم يتردد في التفرغ للحزب، وظل متفرغا حتى رحيله، عمل يوسف باخلاص وجدية في كل المسؤوليات التي اوكلت له مثل: العمل الاداري للجنة المركزية، مكتب طلاب الجامعات والمعاهد العليا، ومكتب التعليم الحزبي، ومناطق مثل: الجزيرة ، سنار، سنجة، الخرطوم..الخ. كان يوسف رمزا للثبات والدفاع عن وحدة الحزب والالتزام برأي الاغلبية والاحتفاظ برأيه والدفاع عنه باستقامة، وظل مع وحدة الحزب في كل المعارك والصراعات الداخلية التي خاضها الحزب، بعد ردة يوليو 1971م تم ضمه للجنة المركزية، بعد الانقسام واستشهاد قادة الحزب "عبدالخالق والشفيع، وقرنق) ،الضربة الكبيرة باستشهاد قادة انقلاب 19 يوليو وتشريد واعتقال الالاف من الشيوعيين والديمقراطيين، كان يوسف من الذين اختفوا وجمعوا الحزب بعد 22 يوليو 1971 وكان مسؤولا عن لجنة العمل التنظيمي"مكتب التنظيم المركزي حاليا" وتعرض للاعتقال لسنوات طويلة في سجون نظام الديكتاتور نميري حتى تم اسقاطه في انتفاضة ابريل 1985م وحررته الانتفاضة مع زملائه من المعتقل. بعد انتفاضة ابريل 1985م عمل سكرتيرا سياسيا لمديرية الخرطوم، اضافة لعمله في سكرتارية اللجنة المركزية وفي لجنة التقرير السياسي للتحضير للمؤتمر الخامس بعد قرار اللجنة المركزية في اكتوبر 1985م بالتحضير للمؤتمر الخامس وتم تكوين لجان المؤتمر ولجنة للعيد الاربعين للحزب ولكن انقلاب 30 يونيو قطع الطريق امام التحضير للمؤتمر. وبعد الانقلاب الدموي في 30 يونيو اختفى يوسف وساهم في تجميع الحزب واستمرار نشاطه وتعرض للسجن لسنوات طويلة وتعذيب وحشي في بيوت الاشباح التي لخص تجربتها في كتاب عن التعذيب، وكان رمزا للصمود والثبات. بل كان من الذين علموا الجبل الثبات، بعد المناقشة العامة التي فتحها الحزب حول متغيرات العصر في اوائل تسعينيات القرن الماضي، ساهم فيها يوسف بنشاط في الكتابة لمجلة "الشيوعي" حول تكتيكات الحزب (العدد 158) ومجلة قضايا سودانية التي كان يصدرها الحزب في الخارج وكان يكتب باسم "حسن تاج السر" وكان عضوا في لجنة تسيير المناقشة العامة التي كونها الحزب ضمن لجان التحضير للمؤتمر الخامس في دورة اللجنة المركزية في ديسمبر 1997م وساهم مع اللجنة في تلخيص حصيلة المناقشة التي استمرت 14 عاما في خمسة كتب صدرت لعضوية الحزب كما ساهم في لجنة التقرير السياسي "للمؤتمر الخامس" حتى تمت اجازته من اللجنة المركزية وناقشه المؤتمر الخامس واجازه بعد الملاحظات والاضافات وتم نشره مع البرنامج والدستور المجازان في المؤتمر الخامس في كتاب. كما عمل يوسف في لجنة الاتصالات السياسية وناطقا رسميا للحزب، وتم انتخابه عضوا في اللجنة المركزية للمؤتمر الخامس، وتمت اعادة انتخابه ايضا في المؤتمر السادس عضوا في اللجنة المركزية. اهتم يوسف بالعمل الفكري والنظري، رغم نشاطه العملي والسياسي الكثيف وكانت له كتابات راتبة في صحيفة "الميدان" العلنية والسرية وفي مجلة "الشيوعي" التي تصدرها اللجنة المركزية حيث عمل مسؤولا عن هيئة تحريرها قبل المؤتمر الخامس. وكانت له مؤلفات صدر منها ثورات الربيع العربي، ونظرية الحزب الشيوعي، ومؤلفات اخرى لم تنشر. متابعة أعماله ونشرها، كما اهتم يوسف بالشعر والادب الشعبي. رغم صرامة يوسف ومبدئيته فيما يعتقد انه الحق الا انه كان انسانا رقيقا، وصبورا، لا يعرف الشكوى واليأس، وكان انسانا بحق كما يقول الشاعر: هين تستخفه بسمة الطفل الغرير قويا يصارع الاجيالا حاسر الرأس عند كل جمال مستشف من كل شئ جمالا وكان حاضر الطرفة ويحب الاطفال حبا جما وكانت دائما جيوبه ملأى بالحلوى، يقدمها للاطفال الذين يلتقون به، كان قليل الكلام كثير الافعال، يتحدث فيما يعلم، وفي الموضوع المحدد، وكانت له القدرة على تلخيص عشرات الاوراق في سطور قليلة، لقد كان حقا ركيزة مهمة في الحزب الشيوعي وكما يقولون: الموت تعاد في كفه جواهر، يختار منها الجياد. رغم نشاطه الكثيف السياسي والحزبي الا انه كانت له علاقات اجتماعية واسعة في الحي وفي نادي الاتحاد، ومحافظا على الارتباط الاسري. رحم الله الاستاذ/ يوسف الذي ختم حياته بكل ما هو جميل وانساني، وظل متفرغا وعضوا باللجنة المركزية حتى رحيله العزاء لاسرته وابنته سيدة وزوجته، ولكل الشيوعيين والديمقراطيين، ولجماهير شعبنا في هذا الفقد الجلل، والذي قلّ ما يجود به الزمان، وستظل ذكراه خالدة وباقية، وسيرته النضالية العطرة تنير الطريق للمناضلين، ومواصلة النضال لاستكمال مهام ثورة ديسمبر 2018م حتى تحقيق اهدافها.