وداعا شهيدة الشهداء

 


 

د. زهير السراج
19 November, 2022

 

manazzeer@yahoo.com

* توفت في الخامس عشر من شهر نوفمبر الجاري بدولة المكسيك التي قصدتها للعلاج من المرض الخبيث، المناضلة الاستاذة (منال عوض خوجلي) التي كانت حياتها القصيرة شعلة من النضال لا تنطفئ ولا تخبو، وظلت من اميز المدافعين عن حقوق الانسان السوداني والمظلومين، وحماية حقوق المرأة والطفل والنضال ضد الدكتاتورية والنظام السلطوي القمعي البائد وانقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، 2021، ونعتها العديد من الجهات والمنظمات الحقوقية والمدنية داخل وخارج السودان، والاحزاب السودانية ومنظمة اسر الشهداء ومحامو الطوارئ والتحالف الديمقراطي للمحامين السودانيين، والمائدة المستديرة للسودانيين في المملكة المتحدة التي كانت من المساهمين المؤثرين فيها بعملها الذي لا ينقطع ومبادراتها المتميزة الى ان وافاها الأجل المحتوم قبل بضعة أيام، وكانت وافاتها فاجعة للجميع، لها الرحمة والمغفرة واجزل الثواب.

* تخرَّجت الراحلة في كلية القانون في السودان وتحصَّلت على درجة الماجستير من جامعة وستمنستر في لندن، ووظفت حياتها المهنية للدفاع عن المعتقلين وسجناء الرأي والمحتجزين والمحتجزات في قضايا ملفَّقة من أجهزة السلطة الغاشمة في عهد الجبهة الإسلامية القومية مثل تهم التجمع غير المشروع والإزعاج العام والأضرار بالممتلكات العامة والخاصة، فضلا عن البحث عن المختفين قسريا وتقديم العون لاسرهم.

* وكانت من أوائل القانونيين الحاضرين للإطمئنان على سلامة الطلاب المعتقلين والعمل على إطلاق سراحهم والدفاع عنهم دون مقابل مادي، بل كانت تتكفل بنفقات المحاكمات، كما كانت حاضرة في كافة هيئات الدفاع عن الشخصيات العامة المعارضة لنظام الأخوان الدموي الدكتاتوري، حيث تولَّت مع زملائها القانونيين مسؤولية الدفاع عن ملفات عدد مقدر من السياسين والإعلاميين وقادة المجتمع المدني طيلة ال 30 عاماً من عُمر نظام الدمار الشامل الإخواني وصولاً لنظام إنقلاب 25 أكتوبر 2021م.

* حرصت الأستاذة منال عوض خوجلي، بمساندة زملائها في التحالف الديمقراطي للمحامين، على إستعادة نقابة المحامين السودانيين وعملت معهم على النأي بها عن التسييس وسيطرة المحامين الذين يساندون النظام الإنقلابي، وظلت طيلة حياتها تعمل من اجل وجود نقابة نزيهة وحماية الانتخابات من التزوير الرسمي وحث المحامين على المشاركة.

* تقدَّمت الراحلة الصفوف وإلتقطت زمام المبادرة من أجل الإصلاح العدلي والقانوني في السودان وإيقاف تغول السلطة التنفيذية علي المؤسسة العدلية حيث نظَّمت مع العديد من الأجسام القانونية المهنية الكثير من الوقفات الإحتجاجية وشاركت في كتابة المذكرات للجهات المختصة لإصلاح السلطة القضائية.

* وكان لها جهد متصل ومميز في العمل المدني وتأسيس المنظمات الحقوقية النسائية مثل (محاميات بلاحدود)، و(محامو السودان) و(المركز السوداني للطفولة في لندن) و(تجمع أسر شهداء 28 رمضان 1990)، كما كانت من أوائل المشاركات في (مبادرة لا لقهر النساء) و(مجموعة منسم)، وعضوية (المكتب السياسي للتحالف الديمقراطي للمحامين السودانيين) وعضوية اللجنة التنفيذية لنقابة المحامين السودانيين في لندن، وعملت بنشاط كبير في تعزيز حقوق المرأة وتمكينها والدفاع عنها.

* بعد ثورة ديسمبر 2018 المجيدة تقلَّدت رئاسة المكتب القانوني لتجمع المهنيين السودانيين وعضوية اللجنة القانونية لقوى الحرية والتغيير، وقامت مع زملائها بتأسيس محامي الطواريء كمنصة لتقديم العون القانوني والدفاع عن الحقوق والحريات العامة في السودان.

* منحت الأستاذة منال خوجلي ملف شهداء 28 رمضان1990م عناية خاصة من خلال المتابعة اللصيقة لهذه القضية والمطالبة بكشف قبور الشهداء ومعرفة وصاياهم ومقتنياتهم والطريقة التي تمت بها محاكماتهم ودعت لعمل نصب تذكاري لهم.

* و قامت بكتابة العديد من البحوث والأوراق في المجال القانوني منها علي سبيل المثال بحث نقدي عن قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، وتمَّ نشره في كتاب مع عدة بحوث قانونية أخرى أصدرته المنظمة السودانية لحقوق الإننسان (1995)، كما شاركت فى العديد من المؤتمرات و ورش العمل و الندوات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بداية من مؤتمر المرأة السودانية في 2000م وإنتهاءً بمنتدى النساء الإفريقيات في جوهانسبيرج في نوفمبر 2019م الذي تناولت فيه الراحلة دور المرأة السودانية في الثورة السودانية ودور القانونيات السودانيات في الدفاع عن حقوق المرأة، وفي ذات السياق تفاكرت الراحلة مع رصيفاتها القانونيات في الدول الأفريقية الأخرى حول الحد من العنف المنزلي والعنف في أماكن العمل.

* هذا غيض من فيض من سيرتها الذاتية المميزة اقتطفته من النعى المؤثر للمائدة المستديرة وللسودانيين بلندن، وقليل من كثير من مشوار كفاح ونضال الراحلة المقيمة المناضلة الاستاذة (منال عوض خوجلي)، لها الرحمة والمغفرة، وألهمنا وأسرتها وزملاءها وشعبها الصبر الجميل.

 

آراء