ورشة توافُق (المتوافقين) ..! بقلم: هيثم الفضل
هيثم الفضل
31 January, 2023
31 January, 2023
haythamalfadl@gmail.com
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح
(وقد أكد القُنصل العام لجمهورية مصر العربية بالسودان المُستشار تامر منير، أن هناك توافقاً كبيراً بين القوى السياسية والمدنية على المشاركة في ورشة القاهرة ، مُشيراً إلى أن كافة القوى السياسية السودانية ستشارك فى الورشة عدا المجلس المركزي للحرية والتغيير الذي اعتذر عن المشاركة ، وقال: إن الورشة ستنطلق في الأول من فبراير وحتى الثامن منه بمشاركة أكثر من 70 شخصاً من مختلف القوى السياسية والمجتمعية).
الخبر السابق يُعد أصدق دليل على أن المبادرة أو الورشة المصرية للتوافق الوطني ، لا تستهدف سوى ( تعطيل) أو (نسف) الإتفاق الإطاري الذي بدت معالم نجاحه في ترتيب الخروج من المأزق الوطني واضحة ومُتسارعة ، إذ من غير المعقول أن لا تعلم الدبلوماسية المصرية مدى القصور الذي يمكن أن يُصيب حواراً للتوافق الوطني في السودان دون وجود لمركزية قوى الحرية والتغيير بإعتبارها طرفاً أصيلاً و(إستراتيجياً) في العملية التوافُقية ، هل تعلم مصر أنها بهكذا حضور لورشتها المزعومة تجمع (المتوافقين ليتوافقوا حول ما توافقوا عليه أصلاً)؟ ، بالتأكيد الإدارة المصرية تعلم ، وهي مُدركة للكثير من خفايا الصراع السياسي في السودان بالقدر الذي يجعلنا نتساءل : هل بالفعل تستهدف مصر التوافق السياسي بين أطراف الأزمة السودانية ، أم تستهدف الحصول على مزيد من (الفرص) لبقاء السودان وشعبه على حالة عدم الإستقرار التي ستوفِّر فرصاً أخرى موازية ومطلوبة ، وفي مقدمتها إنتاج سُبل ومُخطَّطات جديدة و(مُبتكرة) لبقاء العسكر في السُلطة؟.
فتجارب مصر العلائقية مع السودان في ظل الحكومات الديموقراطية على قلتها وقِصَر مداها الزمني ، كانت جميعها فاشلة وتجاوزت في أغلب الأحيان حد الفتور إلى المواجهات غير المُعلنة في كثيرِ من الملفات المُغلقة ، ومصر تحتاج بشدة في السودان لحكم شمولي و(جنرال) واحد فقط يُمسك بزمام كل ملفات الدولة السودانية ويُعالجها من منظور أسبقية المصالح المصرية على المصالح الوطنية ، وبقدرٍ يجعلها (آمنة) على مستوى الحراك الجماهيري الثوري الذي يتأثَّر بما يحدث حولهُ في دول الجوار ، ومن ناحية أخرى (ضمان) إستلامها شيك على بياض يتيح لها السيطرة على مجموعة التوجُّهات والعلاقات والتدابير التنموية والإستراتيجية التي تخدم مصالحها المرتبطة بالسودان.
لذلك لن تستسلم القيادة المصرية عن محاولاتها لإلهاء السودانيين عن المطالبة بنظام ديموقراطي حقيقي ، لأن ذلك وبكل تأكيد سيُشكِّل تهديداً مباشراً لحالة (الإستقرار الموقوت) التي ينعم بها النظام السياسي العسكري في مصر حالياً ، ومن وجهة نظري ما يقوم به النظام المصري من تفاعلات وإجراءات تجاه الأزمة السودانية (طبيعي) ومُتوافِق مع منطق الأشياء وما جبل الله عليه سُنة الكون ، لذا على الذين يتساءلون بإستغراب عن إصرار الجارة الشقيقة على إقامة وإدارة حوار بين كُتلتين سياسيتين متصارعتين ، رفضت إحداهما مبدأ الجلوس والحوار والمُشاركة ، أن يعلموا أن المُستهدف الحقيقي من كل ذلك ليس إيجاد حل للأزمة بقدر ما هو فتح أبواب وأسباب جديدة لإستمرارها وإستطالة مداها الزمني وتوسيع دائرة المختلفون حولها.
لا سبيل للمُستمسكين بمبدأ السودان الحُر الديموقراطي ، في هذا التوقيت الحرج من تاريخ الأمة والبلاد ، سوى الإعتماد على نُصرة رب العالمين لمسارات الحق وزهقه للباطل وهذا ما وعد الرحمن ، ثم عزيمة وإصرار شابات وشباب السودان الذين ما زالوا يُمهرون قضيتهم الثورية بالمزيد من التضحيات والصبر وقوة الشكيمة ، ثم خبرة وحنكة القيادات السياسية التي تعمل على إستعادة التحوُّل الديموقراطي سواء أن كانوا موقَّعين أو غير موقَّعين على الإتفاق الإطاري ، وقدرتهُم على إدارة هذه الأزمة السياسية المُعقَّدة في مستوياتها الداخلية والإقليمية والدولية ، أما المُجتمع الدولي ومُنظَّماته الأُممية والدولية المُتخصِّصة والمُستقلة وكذلك الدول الراعية للإنتقال الديموقراطي في السودان فقد أدت ما عليها من إلتزامات مُتعلِّقة بدعم ونُصرة التحوُّل الديموقراطي ، وذلك عبر الدعم بالتصريحات والتفاهمات والتسهيلات والإجراءت والضغوطات والإغراءات الرامية لإستعادة الفترة الإنتقالية وتقويض وتحجيم قُدارت وإمكانيات الإنقلابيين حتى إستسلموا وأصبحوا من أكثر (الحالمين) بعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 25 أكتوبر المشئوم.
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح
(وقد أكد القُنصل العام لجمهورية مصر العربية بالسودان المُستشار تامر منير، أن هناك توافقاً كبيراً بين القوى السياسية والمدنية على المشاركة في ورشة القاهرة ، مُشيراً إلى أن كافة القوى السياسية السودانية ستشارك فى الورشة عدا المجلس المركزي للحرية والتغيير الذي اعتذر عن المشاركة ، وقال: إن الورشة ستنطلق في الأول من فبراير وحتى الثامن منه بمشاركة أكثر من 70 شخصاً من مختلف القوى السياسية والمجتمعية).
الخبر السابق يُعد أصدق دليل على أن المبادرة أو الورشة المصرية للتوافق الوطني ، لا تستهدف سوى ( تعطيل) أو (نسف) الإتفاق الإطاري الذي بدت معالم نجاحه في ترتيب الخروج من المأزق الوطني واضحة ومُتسارعة ، إذ من غير المعقول أن لا تعلم الدبلوماسية المصرية مدى القصور الذي يمكن أن يُصيب حواراً للتوافق الوطني في السودان دون وجود لمركزية قوى الحرية والتغيير بإعتبارها طرفاً أصيلاً و(إستراتيجياً) في العملية التوافُقية ، هل تعلم مصر أنها بهكذا حضور لورشتها المزعومة تجمع (المتوافقين ليتوافقوا حول ما توافقوا عليه أصلاً)؟ ، بالتأكيد الإدارة المصرية تعلم ، وهي مُدركة للكثير من خفايا الصراع السياسي في السودان بالقدر الذي يجعلنا نتساءل : هل بالفعل تستهدف مصر التوافق السياسي بين أطراف الأزمة السودانية ، أم تستهدف الحصول على مزيد من (الفرص) لبقاء السودان وشعبه على حالة عدم الإستقرار التي ستوفِّر فرصاً أخرى موازية ومطلوبة ، وفي مقدمتها إنتاج سُبل ومُخطَّطات جديدة و(مُبتكرة) لبقاء العسكر في السُلطة؟.
فتجارب مصر العلائقية مع السودان في ظل الحكومات الديموقراطية على قلتها وقِصَر مداها الزمني ، كانت جميعها فاشلة وتجاوزت في أغلب الأحيان حد الفتور إلى المواجهات غير المُعلنة في كثيرِ من الملفات المُغلقة ، ومصر تحتاج بشدة في السودان لحكم شمولي و(جنرال) واحد فقط يُمسك بزمام كل ملفات الدولة السودانية ويُعالجها من منظور أسبقية المصالح المصرية على المصالح الوطنية ، وبقدرٍ يجعلها (آمنة) على مستوى الحراك الجماهيري الثوري الذي يتأثَّر بما يحدث حولهُ في دول الجوار ، ومن ناحية أخرى (ضمان) إستلامها شيك على بياض يتيح لها السيطرة على مجموعة التوجُّهات والعلاقات والتدابير التنموية والإستراتيجية التي تخدم مصالحها المرتبطة بالسودان.
لذلك لن تستسلم القيادة المصرية عن محاولاتها لإلهاء السودانيين عن المطالبة بنظام ديموقراطي حقيقي ، لأن ذلك وبكل تأكيد سيُشكِّل تهديداً مباشراً لحالة (الإستقرار الموقوت) التي ينعم بها النظام السياسي العسكري في مصر حالياً ، ومن وجهة نظري ما يقوم به النظام المصري من تفاعلات وإجراءات تجاه الأزمة السودانية (طبيعي) ومُتوافِق مع منطق الأشياء وما جبل الله عليه سُنة الكون ، لذا على الذين يتساءلون بإستغراب عن إصرار الجارة الشقيقة على إقامة وإدارة حوار بين كُتلتين سياسيتين متصارعتين ، رفضت إحداهما مبدأ الجلوس والحوار والمُشاركة ، أن يعلموا أن المُستهدف الحقيقي من كل ذلك ليس إيجاد حل للأزمة بقدر ما هو فتح أبواب وأسباب جديدة لإستمرارها وإستطالة مداها الزمني وتوسيع دائرة المختلفون حولها.
لا سبيل للمُستمسكين بمبدأ السودان الحُر الديموقراطي ، في هذا التوقيت الحرج من تاريخ الأمة والبلاد ، سوى الإعتماد على نُصرة رب العالمين لمسارات الحق وزهقه للباطل وهذا ما وعد الرحمن ، ثم عزيمة وإصرار شابات وشباب السودان الذين ما زالوا يُمهرون قضيتهم الثورية بالمزيد من التضحيات والصبر وقوة الشكيمة ، ثم خبرة وحنكة القيادات السياسية التي تعمل على إستعادة التحوُّل الديموقراطي سواء أن كانوا موقَّعين أو غير موقَّعين على الإتفاق الإطاري ، وقدرتهُم على إدارة هذه الأزمة السياسية المُعقَّدة في مستوياتها الداخلية والإقليمية والدولية ، أما المُجتمع الدولي ومُنظَّماته الأُممية والدولية المُتخصِّصة والمُستقلة وكذلك الدول الراعية للإنتقال الديموقراطي في السودان فقد أدت ما عليها من إلتزامات مُتعلِّقة بدعم ونُصرة التحوُّل الديموقراطي ، وذلك عبر الدعم بالتصريحات والتفاهمات والتسهيلات والإجراءت والضغوطات والإغراءات الرامية لإستعادة الفترة الإنتقالية وتقويض وتحجيم قُدارت وإمكانيات الإنقلابيين حتى إستسلموا وأصبحوا من أكثر (الحالمين) بعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 25 أكتوبر المشئوم.